logo

logo

logo

logo

logo

الأخماج المنتقلة ب-الجنس

اخماج منتقله بجنس

sexually transmitted infections - infections sexuellement transmises



الأخماج المنتقلة بالجنس

معين الهزاع

الأخماج المنتقلة بالجنس عبر التاريخ  الأمراض القابلة للانتقال جنسيا
الأخماج المنتقلة بالجنس والأخماج القابلة للانتقال بالجنس التشخيص المخبري للخمج بالإيدز
الأمراض المنتقلة بالجنس
 

الأخماج المنتقلة بالجنس عبر التاريخ:

كانت الأخماج المنتقلة بالجنس  sexually transmitted infections (STIs ) ولعهدٍ قريب تدعى "الأمراض الزهرية venereal diseases". وقد استعمل هذا المصطلح للدلالة على الأخماج التي حُددت بقوانين وأنظمة بأنها أمراض تنتقل بالاتصال الجنسي حصراً؛ كالإفرنجي (السفلس) والسيلان البني، والقريح (القرح اللين) والحبيبوم اللمفي الزهري والحبيبوم الأربي. ثم استبدل بهذا المصطلح التاريخي مصطلح الأمراض المنتقلة بالجنس (STDs)، وأحدث من ذلك تسميتها الأخماج المنتقلة بالجنس، وهو يعكس بصورة أوضح إعادة التعريف والتمييز بين أمراض وأخماج سببها الاتصال الجنسي مع شخص مخموج، والأخماج المسببة بعوامل ممرضة قد لا يكون الاتصال الجنسي السبب الرئيس في انتقالها؛ كالإصابة بالخمائر والحمة المضخمة للخلايا والمليساء السارية والجرب والقمل، وتسمى هذه الأخماج: الأخماج القابلة للانتقال بالجنس sexually transmissible infections.

ورد ذكر السيلان البني gonorrhea في الأدب الصيني القديم وفي مصر القديمة والامبراطورية الرومانية إضافة إلى العهد القديم. وعلى مدى عدة قرون استعملت عدة أسماء للدلالة على الخمج بالنيسريات البنية "كالغريب" الذي استعمله أبو قراط، وclap المشتقة من منطقة البغاء Le clapier في باريس. أما كلمة السيلان فقد استخدمها جالينوس (130 بعد الميلاد) لوصف النضح الإحليلي الذي يتظاهر كتدفق البذور من الإحليل.

في عام 1879 اكتشف ألبرت نيسر Albert Neisser الحي المجهري المسبب للسيلان من مسحات ملونة مأخوذة من مفرزات الإحليل والمهبل والملتحمة.

وفي عام 1882 زرع ليستكو ولوفلر Leistikow & loffler النيسريات البنية. ثم طورت تقنية الزرع من قبل تاير ومارتن  Thayer & Martin- في عام 1964- اللذين طورا شروط الزرع الانتقائية على صحون آغار خاصة.

أما الإفرنجي (السفلس syphilis) فله أهمية تاريخية كبيرة، وقد كان له شأن كبير في الطب لأكثر من قرن مضى. وسمي بهذا الاسم بعد أن أصاب راعياً يدعى سيفيلوس Syphilus  وورد ذكره في شعر الطبيب الإيطالي فراكاستوريوس Fracastorius عام 1530. وأول من ذكر كلمة الإفرنجي من الأطباء العرب هو داود الأنطاكي المتوفى عام (1008هـ/1599م). تحت اسم الحب الإفرنجي في كتابه "تذكرة أولي الألباب"، لذا يعرف في المؤلفات العربية باسم الإفرنجي. وهو لم يعرف في أوربا قبل عام 1492م؛ مواقتاً لعودة كريستوف كولومبس Christopher Columbus وجماعته من أميركا؛ إذ أخذ بعدها ينتشر على شكل جائحة شاملاً مختلف الطبقات الاجتماعية، وقد أهب لهذا الانتشار تنقل جماعة المرتزقة وخاصة في أثناء الحرب بين فرنسا ونابولي.

وعولج المرضى في البدء بخلاصة خشب الكاياك، ثم بالزئبق بطريقة الدلك الموضعي حتى النصف الأول من القرن العشرين، أو على شكل شراب ثنائي يودور الزئبق، أو يودور البوتاسيوم. بعد ذلك استعملت طرق أخرى غير طريق الفم (الكالوميل، زرق الزيت الرمادي عضلياً، أو سيا نور الزئبق عن طريق الوريد)، مما سمح بإخفاء أعراض المرض السريرية وتظاهراته الجلدية والحشوية، لكن ذلك لم يحقق الشفاء.

وقد اكتشف شودان وهوفمان عام 1905 العامل المسبب للمرض (اللولبية الشاحبة). واستخدم واسرمان تفاعل تثبيت المتممة الذي اكتشفه بورديت وجينو، مما سمح بتشخيص المرض باكراً؛ وأمكن التوصل إلى الشفاء عام 1910 باستخدام عقارات أقل سمية (زرنيخ أرلش، الأرسينوبنزول 1900، ثم نوفاأرسينوبنزول 914)، وكان التداخل على الآفات القديمة - التي كانت لا تزال مقاومة للزئبق - حدثاً مهماً (المعالجة المعقمة المذيبة)، فقد أدخل الزرنيج منذ عام 1918 في المعالجة إلى جانب البزموت، وإلى جانب المشتقات الزئبقية القديمة (بزموت، زئبق)، وهذه المشاركة الثلاثية حققت الشفاء بيد أن العلاج كان يستمر أربع سنوات كما أنه لم يكن يخلو من خطورة، مما أدى إلى استبعاد الزرنيخ تدريجياً.

وتلا عصر المعادن عصر الصادات، ومنذ عام 1936 أمكن شفاء السيلان البني بالـ"سولفاميد" الذي حل مكان غسل الإحليل (الإجراء الطويل والممل)، وحدثت الثورة الكبرى في العلاج عام 1943 باستخدام البنسلين في معالجة الإفرنجي. وتم التوصل إلى الطريقة المثلى بالعلاج بالابتعاد تدريجياً عن المعالجة بالزئبق والبزموت والزرنيخ، ثم إيقافها نهائياً بحسب اختلاف المدارس. ثم استخدمت الصادات الأخرى التي بدأت تكتشف شيئاً فشيئاً، ولم يؤد ذلك إلى إخفاء الأخماج المنتقلة بالجنس، بيد أنه حد من انتشارها. ثم ظهرت في الـ 25 سنة الماضية زيادة في المقاومة لهذه الصادات بسبب زيادة فوعات العوامل الممرضة مما أدى إلى عناد هذه الأمراض على المعالجات، كما رصدت مقاومة تجاه الصادات الحديثة الأخرى مثل السيكلينات والكينولونات وأضحت هنالك مشكلة مهمة في المعالجة.

لقد كانت الأخماج المنتقلة بالجنس وإلى زمن قريب أمراضاً مخجلة، تدفع بالمريض إلى إخفاء مرضه وتبعده عن الطبيب، وقد حلت عوامل أخرى اليوم مكان هذه الظاهرة. ويعد الجهل والإهمال ونقص التوعية ونقص الثقافة الصحية من أهم عوامل انتشار هذه الأمراض، ويضاف إلى هذه العوامل صغر سن المصاب ونمط حياته وسهولة السفر والانتقال واستخدام مانعات الحمل التي حلت مكان الواقي الذكري المطاطي (الوسيلة التي كانت تحدّ من انتقال العدوى جنسياً). كذلك يُضاف إلى هذه العوامل الشذوذ الجنسي وتعدد الشركاء وإدمان المخدرات.

إن العناية يجب أن توجه إلى هذه العوامل المختلفة بمحاربة الجهل وتثقيف الناس بالأمور الأساسية حول الأخماج المنتقلة بالجنس، كما تقع التبعة على عاتق الطبيب المعالج الذي يجب أن يلم بالمعرفة التامة حول هذه الأمراض ووبائياتها وبالقوانين والأنظمة المتعلقة بها؛ من حيث الإعلام عن الأمراض السارية؛ وتحري الأشخاص الآخرين المصابين أو الذين هم بتماس مع المعرضين للإصابة بهذه الأمراض.

ويجب التنويه دائماً بأن الإفرنجي هو المقلد الأكبر، وأنه من المهم التفكير به دائماً، وقد قيل قديماً: إن الطبيب الذي يعرف كل شيء عن الإفرنجي يعرف الطب كله، وإن الوسائل التشخيصية والعلاجية المتاحة حالياً مكنت من جعله المرض الأكثر شفاءً من هذه الأمراض.

وإن ظهور مرض متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز) على لائحة الأخماج المنتقلة بالجنس؛ وإمكان مشاركته الإفرنجي أوجب إدراج هذا الاحتمال في كل مرحلة من مراحل الإيدز؛ حتى المرحلة التشخيصية المخبرية، وكذلك يجب إزاء كل حالة من هذه الحالات تقصي الأشخاص الذين هم بتماس المصاب ومعالجتهم.

ومع وجود الصادات الحديثة التي يمكن استخدامها بشكل مبكر وفعال؛ فإنه يجب التفكير بأن كل حالة أمكن علاجها وشفاؤها هي حالة كانت مصدراً لعدوى الآخرين.

الأخماج المنتقلة بالجنس والأخماج القابلة للانتقال بالجنس:

أولاً-الأمراض المنتقلة بالجنس  : العدوى فيها جنسية عادة، وهي:

1 ً- الإفرنجي.

2 ً-  السيلان البني.

3 ً- التهابات الإحليل اللابنية.

- القريح.

- الحبيبوم اللمفي الزهري.

- الحبيبوم الأربي.

- متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز).

ثانياً- الأمراض القابلة للانتقال جنسياَ: العدوى الجنسية ممكنة وقد تكون سبب الإصابة. ومنها الأمراض التالية (ويأتي تفصيلها في أبحاثها الخاصة):

1 ً- الحلأ التناسلي.

- المليساء المعدية.

- الثآليل التناسلية.

- الجرب.

- قمل العانة.

- الخمائر.

- التهاب الكبد الڤيروسي.

أولاً-الأمراض المنتقلة بالجنس:

- الإفرنجي (السفلس):

هو داء خمجي، جهازي، مزمن، تسببه جرثومة تدعى اللولبية الشاحبة Treponema pallidum، وهي عضية ملتوية من عائلة اللولبيات، غير قابلة للزرع على الأوساط الصنعية، وسيئة التلوين بملون غيمزا، وهذا هو سبب تسميتها بالشاحبة، ويمكن تحريها بوسمها بالفضة أو رؤيتها بوساطة المجهر ذي القعر المظلم (الساحة المظلمة) الذي يسمح بتمييز شكلها وأبعادها وحركتها. وهي تسبب الخمج لدى البشر وبعض الثدييات فقط. ومع صعوبة نمو هذه الجرثومة على أوساط الزرع الصنعية؛ لكنها عدوانية جداً على نحو قادرة على غزو أي عضو في الجسم، وهي مراوغة جداً بحيث تتمكن من تجنب دفاعات الجهاز المناعي حتى لدى الأشخاص الأصحاء؛ أو حتى حين استعمال جرعات عالية من الصادات.

يُكتسب الخمج بالتماس الجنسي المباشر مع آفة معدية في شخص مصاب في مرحلة الإفرنجي الأولي أو الثانوي، أو من دخول الجرثوم عبر السطوح المخاطية التناسلية أو عبر تفرق اتصال في الجلد خلال عدة ساعات، أو يكتسب الخمج على نحو أقل في الرحم عبر المشيمة حيث تنتقل اللولبيات من الأم إلى جنينها، أو عدوى الوليد السليم في أثناء خروجه من أم مصابة بالإفرنجي في الطريق التناسلي، ونادراً ما تتم العدوى عن طريق نقل الدم. كما تنتشر اللولبيات إلى العقد اللمفية في ناحية الإصابة وإلى الأعضاء الداخلية. وقد يحدث الانتقال عن طريق الجنس الفموي في نحو 13% من الحالات.

فترة الحضانة 3 أسابيع وسطياً من 10-90 يوماً، وبعدها يظهر القرح وهو علامة الإفرنجي الأولى. ويبدو بقرحة غير مؤلمة مكان دخول اللولبية (مكان الإلقاح)، يتوضع القرح على الأعضاء التناسلية غالباً، أو قد يتوضع خارج حدود الجهاز التناسلي، وفي هذه المرحلة تكون اللولبيات موجودة في الدم مما يسمح بنقلها في أثناء نقل الدم. ويمكن إجراء التشخيص المبكر في هذه المرحلة عن طريق معايرة أضداد الغلوبولين المناعي IGM.

التصنيف الحديث للإفرنجي حسب مراكز السيطرة على الأمراض (CDC ) في اطلنطا- أميركا- كما يلي:

أولاً- الإفرنجي المكتسب:

1- الإفرنجي الأولي (الدور الأول):

يظهر القرح chancre بعد 2-3 أسابيع من بدء العدوى، وهو العلامة السريرية الأولى الواسمة للإصابة بالإفرنجي. يبدأ القرح على شكل حطاطة ثم تتموت ثم تتقرح. ويبدو القرح مستديراً أو بيضوياً حدوده قاطعة ومرتفعة، ثابت باللمس، لونه وردي أو رمادي، رطب، يراوح قطره من بضعة ملمترات إلى 2سم. قاعدته نظيفة، ويكون عادة وحيداً ونادراً ما يكون متعدداً. وبعد أسبوع يصبح القرح قاسياً وصلباً، وتعد هذه الصلابة علامة مهمة حتى إن كثيراً من العلماء يسمون القرح الإفرنجي "القرح الصلب" (الشكل1).

الشكل (1) الإفرنجي الاولي (القرح الصلب )

يتوضع القرح على المناطق التناسلية الظاهرة، وقد يتوضع خارج المنطقة التناسلية ولاسيما على الشفة وجوف الفم عن طريق التقبيل أو طريق الجنس الفموي، وهو التوضع الثاني من حيث الشيوع بعد التوضع التناسلي.

يترافق القرح دائماً وضخامة عقد لمفية موافقة للناحية المصابة، وهذه العقد غير التهابية وغير مؤلمة ولا تتقيح. وتكون الحالة العامة للمصاب في هذا الدور حسنة ولا يبدو على العضوية أي تبدل يذكر ما لم يختلط القرح بخمج ثانوي.

يجب تفريق القرح الإفرنجي عن الآفات التقرحية التناسلية الأخرى كالقريح والحلأ التناسلي والقلاع التناسلي (داء بهجت).

الخمج الأولي اللاعرضي شائع بسبب التقرحات غير المميزة ولاسيما حين يتوضع القرح على عنق الرحم في النساء، أو حول الشرج أو في المستقيم. في هذه الحالات يشخص الإفرنجي على الأغلب خلال الدور الثاني

(الإفرنجي الثانوي).

يشفى القرح غير المعالج شفاءً تلقائياً خلال 3-6 أسابيع من دون معالجة، وهذا الشفاء قد يعزى إلى وجود مناعة موضع التلقيح.

يتطور المرض في 25% من المصابين غير المعالجين إلى إفرنجي ثانوي ويدخل 75% في طور الكمون latent stage.

 يقوم التشخيص على إثبات وجود اللولبيات الشاحبة بالفحص المباشر بالساحة المظلمة من مسحة مأخوذة من القرح، ومشاهدة حركة اللولبيات المميزة، وهذا هو الفحص الأكثر دقة وتأكيداً للإصابة.

تقسم التفاعلات المصلية الإيجابية للإفرنجي serologic tests in syphilis (STS(  التي تظهر بدءاً من الأسبوع الثالث أو الرابع بعد الإصابة أو بعد أسبوع من ظهور القرح، إلى نوعين:

أ- تفاعلات مصلية غير نوعية (لالولبية): وهي أضداد الليبيدات القلبية cardiolipin وأشهرها (VDRL) اختبار مخبر أبحاث الأمراض الزهرية، والـ (RPR) اختبار الراجنة البلازمية السريع، وتكون إيجابية في 88% من الأشخاص المخموجين بعد ظهور العلامات السريرية الأولى. وهي مهمة جداً ويعتمد عليها في التشخيص وفي متابعة المريض المعالج وتقدير الشفاء من المرض بطريق العيار الكمي (المشعر الكمي للـ VDRL).

ب- تفاعلات مصلية نوعية (لولبية): وهي تفاعلات تتحرى الأضداد النوعية للولبيات. تكون إيجابية في 91% من المرضى المصابين بالإفرنجي الأولي بعد 6 أسابيع من الإصابة، وأهمها اختبار تراص اللولبية الشاحبة الدموي (TPHA)، واختبار امتصاص الأضداد اللولبية التألقي (FTA-ABS). ويجب استخدام نوعي الاختبارات المصلية اللانوعية والنوعية معاً لإثبات التشخيص؛ لأن استخدام نوع واحد منها غير كافٍ للتشخيص. كما أن التفاعلات المصلية اللولبية (النوعية) الإيجابية قد تبقى إيجابية وبعيارات منخفضة مدى الحياة، لذا لا يعتمد عليها في تقدير الاستجابة للمعالجة مقارنة بالتفاعلات اللالولبية (غير النوعية) كالـ VDRL التي تصبح سلبية بعد سنة من المعالجة الكافية.

 
الشكل (2) الإفرانجي الثانوي : الطفحات الإفرانجية الحطاطية الوسفية على الجذع   الشكل (3) الإفرانجي الثانوي : اندفاعات حطاطية وسفية على الراحتين

2- الإفرنجي الثانوي (الدور الثاني):

يتطور القرح خلال 6-8 أسابيع نحو الشفاء التلقائي، ويتلوه اختفاء الارتشاح الموضعي للقرح وضخامة العقد اللمفية المرافقة في ناحية الإصابة؛ إذ يدخل هذا الإفرنجي المهمل في دور خطير يدعى الإفرنجي الثانوي أو دور التعمم والانتشار، وتظهر الآفات على الجلد والمخاطيات والأحشاء، وقد ترافقه أعراض عامة. تستمر الآفات بالظهور والتتالي مدة عامين مشيرة إلى تعمم الخمج بوساطة الدم واللمف.

تتظاهر الأعراض المنذرة بوهن عام وحرارة خفيفة وجفاف حلق وآلام عضلية وآلام مفصلية وضخامة كبد وطحال ونقص وزن، وأحياناً بصداع بسبب التخريش السحائي؛ واعتلال عقد لمفية معمم غير مؤلم لدى 50-80% من المصابين، وتشمل الأعراض الجلدية الثانوية التظاهرات التالية:

الشكل (4) إفرنجي ثانوي : اللقموم المنبسط
الشكل (5) إفرنجي ثانوي ، اللويحات المخاطية الفموية
الشكل (6) الإفرنجي الباكر الخبيث، اندفاعات تقرحية و نخرية

أ- الطفحات الإفرنجية البقعية (الوردية الإفرنجية): هي التظاهرة الأولى والأكثر شيوعاً في الإفرنجي الثانوي، ترى لدى 80% من المرضى. تظهر الاندفاعات على الجذع من دون أعراض شخصية ولا تلبث أن تختفي خلال ثمانية أيام من دون أن تترك أي أثر، وهي اندفاعات جلدية على شكل بقع حمر وردية مستديرة يراوح قطرها من بضعة ملمترات حتى سنتمر واحد، غير حاكة، غير مؤلمة، ولا يوجد عليها وسوف. وتترافق وإيجابية التفاعلات المصلية. وفي هذه المرحلة تظهر الضخامات العقدية، وتكون صغيرة قاسية ومتحركة وغير مؤلمة وقد يصل حجمها حتى 1-2سم. قد تكون شاملة وخاصة ناحية الرقبة والناحية المرفقية والإبط والمنطقة الأربية. يجب تفريق الوردية الإفرنجية عن الطفوح الدوائية والطفوح  الخمجية (الحصبة والحصبة الألمانية) والنخالية الوردية.

ب- الطفحات الإفرنجية الحطاطية والحطاطية الوسفية: هي أقل حدوثاً، وأشكالها كثيرة، تشبه سائر الاندفاعات الجلدية الحطاطية الأخرى ولا تفرق عنها إلا بارتشاحها وقوامها القاسي، كما أن لونها نحاسي أو أحمر بنفسجي. قد تكون الحطاطات عدسية صغيرة مرتشحة؛ ناتئة؛ تشبه حبات الخردق أو حبات العدس، وقد تكون بارزة على سطح الجلد؛ مستديرة؛ قاسية؛ تحيط بها قشرة رقيقة متوسفة على شكل طوق يسمى (طويق بييت collarette of Biet)، ترى بصورة خاصة على الخاصرتين (الشكل 2). تفرق هذه الاندفاعات عن الحزاز المسطح والنخالية الحزازانية المزمنة والصداف النقطي والنخالية الوردية الحطاطية.

وتكون الآفات على الراحتين والأخمصين حطاطية عدسية وسفية حمراء داكنة بشكل منغرز في الأدمة (الشكل 3). قد ترى الآفات الحطاطية على المناطق الدهنية من الوجه، ولاسيما الثنية الأنفية الشفوية، والمنطقة حول الفم (الصوارين)، أو على امتداد خط الشعر (إكليل ڤينوس). وقد تتقرح الآفات الحطاطية المتوضعة على فروة الرأس وتكتسي بجلب. قد تتوضع الطفحات الإفرنجية الحطاطية على الثنيات وخاصة الشفرين الكبيرين والصغيرين وحول الشرج وعلى القلفة.تتآكل هذه الحطاطات وتتعطن وتميل إلى التكاثر بسبب النز المستمر، وبالتالي حدوث نوابت واسعة (اللقموم المنبسط condylomata lata) كريهة الرائحة، وهي معدية للغاية ويجب تفريقها عن اللقمومات المؤنفة التي تسببها الڤيروسات (الشكل 4).

ج- اضطرابات الصباغ الجلدي: قد ترى اضطرابات اصطباغية على شكل بقع سمر وأخرى بيض متتالية منتظمة، مستديرة أو بيضوية، تتوضع على العنق خاصة (قلادة ڤينوس).

د- اضطرابات نمو الأشعار: قد يكون تساقط الشعر في الإفرنجي بقعياً، وتكون البقع على الفروة صغيرة أو كبيرة، منتشرة انتشاراً عشوائياً لها منظر الفرو المأكول بالعث، ولا تتساقط الأشعار تساقطاً كاملاً في بقعة واحدة أبداً. وقد يحدث تساقط أشعار الحاجبين ولاسيما في الثلث الوحشي.

هـ- الآفات المخاطية الفموية: تتظاهر على شكل لويحات تتوضع على الحنك واللثة واللسان في باطن الخد. وقد تكون بقعاً حمامية لماعة ونازة وغير مؤلمة، مغطاة أحياناً بمادة متسخة رمادية وهي تعج باللولبيات الشاحبة وتنشر العدوى عن طريق الفم (القبل خاصة)، وهي تشبه القلاع غير المؤلم، وقد تظهر تشققات على الصوارين، وعلى اللسان وتكون التشققات خطية، كما تظهر لويحات على شكل مجزوز (غياب النواتئ الحليمية)، أو لويحات بيض متسخة، وقد تبلغ الحبال الصوتية مسببة بحة الصوت (الشكل 5).

الإفرنجي الخبيث الباكر: نادر جداً، يتظاهر بآفات حطاطية لا تلبث أن تتقرح وتتنخر وتكتسي بجلب (الشكل 6)، يصيب الأشخاص المتخلفين عقلياً وذوي الأضداد (HIV+)، ويفسر العوز المناعي شدة المرض، وتكون التفاعلات المصلية سلبية مما يدل على نقص المقاومة الخاصة عند المريض ضد العامل الممرض.

تشخيص الإفرنجي الثانوي: يعتمد على كشف اللولبية الشاحبة من الآفات المتقرحة واللويحات المخاطية وإيجابية التفاعلات المصلية كالـVDRL والـ TPHA والـ FTA- ABS، وهي إيجابية بنسبة 99%.

وقد يظهر المصابون بالإيدز وذوو التفاعل الإيجابي (+HIV) تفاعلات مصلية شاذة وأحياناً سلبية.

3- الإفرنجي الكامن (باكر- آجل):

بعد مضي فترة 3-12 أسبوعاً على ظهور الأعراض الثانوية تختفي أعراض الإفرنجي الثانوي غير المعالج تلقائياً تاركاً المريض بحالة لاعرضية تدعى الإفرنجي الكامن، قد تمتد هذه المرحلة عدة سنوات، وقد تبقى مدى الحياة، ويغلب أن تكشف عرضاً في أثناء فحص الدم فحصاً منوالياً. يعتمد إثبات التشخيص على الفحوص المصلية الإيجابية؛ مع عدم وجود إثباتات سريرية على الخمج اللولبي. ويمر الإفرنجي الكامن بمرحلتين:

أ- مرحلة الإفرنجي الكامن الباكر: ويكون قد مضى على الإصابة فترة أقل من سنة واحدة، مع احتمال حدوث نكس المرض. ويحدث النكس في نحو 90% من المصابين بالإفرنجي الثانوي خلال 5 سنوات من الإصابة.

ب- مرحلة الإفرنجي الكامن الآجل: يكون قد مضى على الإصابة فترة أكثر من سنة،  والنكس بعد سنة نادر، وقد يستمر هذا الدور عدة أشهر أو سنوات. وتظهر في ثلث المرضى المصابين بهذا الدور بعد سنوات (2-20 سنة) أعراض الإفرنجي الثالثي، وفي الثلث الثاني يكون لديهم تفاعلVDRL  وRPR سلبياً (غير متفاعل)، ولكن الأضداد النوعية TPHA  وFTA-ABS إيجابية، ولا يوجد لديهم أي موجودات سريرية دالة على الإصابة بالإفرنجي. أما الثلث الأخير فتكون فيه RPR وVDRL إيجابية مع إيجابية TPHA وFTA-ABS ومن دون أعراض سريرية حتى نهاية حياتهم.

يسهل تشخيص الإفرنجي الكامن إذا كانت هنالك قصة قرح إفرنجي وصفي، أو تظاهرات سريرية جلدية وصفية تثبت الإصابة بالإفرنجي، ولكن التفريق بين الإفرنجي الكامن الباكر والإفرنجي الكامن الآجل غير ممكن في بعض الحالات. والمرأة الحامل المصابة بالإفرنجي الكامن قد تلد جنيناً مخموجاً مصاباً بإفرنجي ولادي، لذا فإن إيجابية التفاعلات المصلية المؤكدة بعدة اختبارات يجب أن ترفق بفحص عام بحثاً عن إصابة عصبية (بزل قطني)، أو قلبية وعائية (صورة صدر وقلب) لكشف الإصابة بالإفرنجي الثالثي.

4- الإفرنجي الثالثي (الآجل الدور الثالث):

يظهر بعد فترة زمنية تمتد إلى شهور وسنوات بعد الإصابة بالخمج الإفرنجي غير المعالج، وهو نادر جداً اليوم. طيف تظاهراته السريرية واسع ومختلف، ويتضمن إصابة الجلد والعظام والجملة العصبية المركزية والقلب والأوعية الدموية الكبيرة على نحو خاص. وتظهر في نصف المصابين تقريباً أعراض الإفرنجي الآجل السليم مع تطور الصموغ. وتظهر في ربعهم تظاهرات قلبية وعائية، وتظهر في الربع الأخير أعراض عصبية إضافة إلى تداخل التظاهرات المختلفة.

الشكل (7) الإفرنجي الثالثي الآجل السليم، الصمغ

أ- الإفرنجي الثالثي الآجل السليم late benign syphilis: الصورة السريرية الأكثر شيوعاً للإفرنجي الآجل هي الصموغ gumma، وهي آفات مخربة موضعياً في مكان الإصابة من الجلد والعظام والكبد وبعض الأجهزة الأخرى. تتظاهر الصموغ في الجلد على شكل عقيدات متقرحة موضعياً بشكل قوسي (الشكل 7)، تشبه الذئبة الدرنية، تبقى أسابيع أو عدة أشهر وتترك ندبة دائمة، وقد تظهر عقيدات جديدة. تتلاشى هذه الآفات في نهاية الأمر بالعلاج بشكل فوري وكامل. أما الصمغ المعزول الذي يتوضع تحت الجلد فيشبه الخراج البارد. وقد يتنخر بسبب تقرح الجلد أو الأغشية المخاطية المصابة به. غالباً ما تصاب به العظام، والصمغ يخرب العظم المصاب به، وتتضمن التظاهرات السريرية لإصابة العظام الألم والتورم وتحدد الحركة، وقد تصاب مواضع أخرى بالصموغ كالطرق التنفسية العليا واللسان وعضلة القلب والجهاز العصبي وغالباً الجملة العصبية المركزية.

ب- الإفرنجي العصبي: هو انعكاس للشكل المزمن من التهاب السحايا الإفرنجي، ونتيجة لإصابة سحائية أو متنية في الدماغ أو الحبل الشوكي. قد يتطور الإفرنجي العصبي اللاعرضي إلى إفرنجي عصبي عرضي، وقد تؤدي الإصابة بالإفرنجي الوعائي العصبي إلى خذل أو شلل شقي.

والتابس الظهري يصيب أكثر من ثلث المرضى المصابين بالإفرنجي العصبي بعد فترة كمون طويلة، ويتظاهر بعدد من الأعراض والعلامات السريرية تتضمن: الرؤية المزدوجة، والآلام الرامحة في الأطراف، ونقص في منعكسات الساقين، والهزع، والخلل الوظيفي في المصرة، والنوبات الحشوية (بطنية وشرجية وآلام في الحنجرة). يترقى التابس الظهري في بعض الحالات ويؤدي إلى الموت إذا لم يعالج.

ج- الإفرنجي القلبي الوعائي: يحدث بشكل متأخر لدى 25% من الأشخاص المصابين بالإفرنجي الآجل (الثالثي)؛ مع فترة كمون تراوح بين 15و30 سنة. وقد يثبت وجود اللولبيات في الأبهر الداني في المراحل الأولى من الإصابة.

التشخيص: يعتمد تشخيص الإفرنجي الآجل (الثالثي) على الأعراض السريرية السحائية والعصبية والوعائية. فالإفرنجي العصبي تكون فيه الاختبارات المصلية على الدم والسائل الدماغي الشوكي إيجابية دوماً؛ إضافة إلى ارتفاع ضغط السائل الدماغي الشوكي؛ وزيادة تركيز البروتين ومستوى الغلوبولين ووجود أضداد IgG؛ وأضداد خاصة ضد اللولبيات على نحو ثابت في السائل الدماغي الشوكي؛ علماً أن تحري اللولبيات بالساحة المظلمة يكون دائماً سلبياً.

ثانياً- الإفرنجي الولاديcongenital syphilis :

يعزى الإفرنجي الولادي إلى انتقال الإفرنجي إلى الجنين في أثناء الحمل. وقد أصبح نادراً اليوم بسبب الفحوص المنوالية التي تجرى للحامل ومعالجتها. تحدث إصابة الجنين في الشهر الرابع حين يصبح الحاجز المشيمي نفوذاً، وإذا لم تعالج الحامل في الخمج الشديد قد يحدث الإجهاض مع طرح جنين ميت تبدو عليه التشوهات.

الشكل (8) لإفرنجي ولادي باكر، اندفاعات حمامية حطاطية و فقاعية على الأخمصين

1- الإفرنجي الولادي الباكر: تظهر أعراضه بدءاً من الأيام أو الأسابيع الأولى من الحياة وتتضمن التهاب الصوارين العميق، وآفات حمامية حطاطية على الجذع والأليتين، وفقاعات راحية أخمصية وآفات مخاطية ونزلة قيحية شديدة وزكام وتآكلات فموية وآفات حشوية (ضخامة كبد وطحال ويرقان)، التهاب كلية والتهاب سحايا واختلاجات (شلل باروت الكاذب)، والتهاب العظم والغضروف والتهاب السمحاق (الشكل 8).

يشخص بالمعرفة المسبقة بإصابة الأم، وبالفحوص المصلية وأضداد الـ IgM.

2- الإفرنجي الولادي الآجل: يظهر بعد 4 سنوات من العمر، وتقسم الآفات فيه إلى نوعين:

أ- آفات فعالة قابلة للتراجع كأعراض الإفرنجي الثانوي المكتسب.

ب- آفات غير فعالة، ثابتة، لا تتراجع مهما عولجت (تشبه آفات الإفرنجي الثالثي). وتتضمن:

> انثقاب قبة الحنك أو تقببها.

> تشوه قصبتي الساق (نصلة السيف). (الشكل 9)

> الأنف السرجي والجبهة الأولمبية. (الشكل 10)

 
الشكل (9) اللإفرنجي الولادي: الطنبوب بشكل نصلة السيف   الشكل (10) الإفرنجي الولادي: الانف السرجي

> الإصابات المفصلية (انصباب مفصل الركبة ثنائي الجانب).

الشكل (11) الغفرنجي الولادي،أسنان هتشنسون

> الإصابات العصبية الباكرة: شلل عام أو تابس.

> التهاب القرنية الخلالي.

> الصمم.

> تشوه الأسنان (أسنان هتشنسون). (الشكل 11)

> ثلاثي هتشنسون Hutchinson’s triad (التهاب قرنية خلالي وصمم وأسنان هتشنسون).

تشخيص الإفرنجي الولادي مخبرياً:

يؤكد التشخيص بإثبات وجود أضداد نوعية عند الطفل ضد اللولبيات كاختبار FTA-ABS-19S-IGM الذي تبلغ حساسيته نسبة 90% المشابه لاختبار IgM-Capture Elisa.

ويبدو أنه أصبح من الممكن مؤخراً تحديد اللولبيات بوساطة PCR وتأكيد الإصابة بالإفرنجي الولادي عند المولودين حديثاً.

أما في الإفرنجي الولادي الآجل فيبنى التشخيص على الموجودات السريرية وترافقها والاختبارات المصلية المتفاعلة.

الإفرنجي والإيدز:

من المفترض أن يزيد الإفرنجي وبقية الأخماج المنتقلة بالجنس والتي تسبب تقرحات تناسلية من خطورة الإصابة بالإيدز، وتكون الإصابة غير وصفية عادة. والمصابون بالإيدز قد يصابون بالإفرنجي العصبي في مرحلة مبكرة. وقد يلاحظ زيادة تواتر الاندفاعات المتقرحة لدى المرضى المصابين بالإفرنجي الثانوي. كما لوحظ عناد الآفة على المعالجة بالبنسلين G.

يستوجب الأمر إجراء البزل القطني منوالياً، وحين غياب العلامات السريرية أو الحيوية للإفرنجي العصبي تبقى الخطة العلاجية التقليدية معمولاً بها ما دامت المراقبة السريرية والمخبرية ممكنة (VDRL الكمي).

المعالجة: لا يزال البنسلين G العلاج المنتخب لعلاج كل مراحل الإفرنجي ولا يوجد حتى الآن ميل إلى مقاومة اللولبيات للبنسلين، والمستخدم من المعالجات يقتصر على البنسلينات والسيكلينات والماكروليد.

التتراسكلين هو الخيار الثاني في حال وجود تحسس أو مضاد استطباب لإعطاء البنسلين وحين وجود إصابة مرافقة بالإيدز أحياناً.

المعالجة الموصى بها لعلاج الإفرنجي:

1- الإفرنجي الباكر (الأولي، الثانوي، والكامن الآجل المكتسب لأقل من سنة):

> البنزاتين بنسلين 2.4 مليون وحدة في العضل جرعة وحيدة.

> أو بروكائين بنسلين 1.2 مليون وحدة في العضل يومياً مدة 10 أيام.

الخيار البديل في حال تحسس المرضى للبنسلين:

٭ دوكسي سيكلين 200ملغ في اليوم، 100ملغ/فم/ مرتين يومياً مدة 14 يوماً.

٭ أو تتراسكلين 500ملغ/فم/ 4 مرات يومياً مدة 14 يوماً.

٭ أو سيفترياكسون 1غ بالعضل أو بالوريد يومياً مدة 8-10 أيام.

٭ أو أزيثرومايسين 2غ/فم جرعة وحيدة.

 2- الإفرنجي الكامن الآجل (المكتسب لأكثر من سنة أو غير محدد الفترة) والإفرنجي القلبي الوعائي، والصموغ الإفرنجية:

> بنزاتين بنسلين 2.4مليون وحدة بالعضل في الأسبوع لـ 3 أسابيع.

> أو بروكائين بنسلين 1.2 مليون وحدة بالعضل في اليوم مدة 20 يوماً.

 الخيار البديل في حال تحسس المرضى من البنسلين:

٭ دوكسي سيكلين 200 ملغ باليوم (100 ملغ/فم/مرتين يومياً مدة 28 يوماً.

٭ أو تتراسيكلين 500 ملغ/فم/ 4 مرات يومياً مدة 28 يوماً.

3- الإفرنجي العصبي والإفرنجي العيني:

> البنسلين المائي G 3-4 مليون وحدة بالوريد كل 4 ساعات (18-24مليون وحدة في اليوم) مدة 10-14 يوماً.

> أو بروكائين بنسلين 2.4 مليون وحدة بالعضل في اليوم، إضافة إلى 500 ملغ بروبنسيد/فم 4 مرات يومياً. كلاهما مدة 10-14 يوماً.

الخيار البديل في حال التحسس من البنسلين: سيفتريا كسون 2غ بالعضل أو بالوريد في اليوم مدة 10-14 يوماً.

المعالجة الموصى بها لعلاج الإفرنجي في بعض الحالات الخاصة:

1- المرأة الحامل:

> بنزاتين بنسلين 2.4 مليون وحدة بالعضل كل أسبوع (في الإفرنجي الباكر) مدة أسبوعين، أو مدة ثلاثة أسابيع في (الإفرنجي الآجل).

> بروكائين بنسلين 2.4 مليون وحدة بالعضل في اليوم، إضافة إلى 500ملغ بروبنسيد/فم 4مرات يومياً. كلاهما مدة 10-14 يوماً.

في حال التحسس من البنسلين: أزيثرومايسين 500ملغ في اليوم مدة عشرة أيام، أو سيفتر باكسون 1غ بالعضل أو بالوريد مدة 10-14 يوماً.

2- الولادي:

> علاج حديث الولادة الثابتة إصابته أو حين وجود احتمال كبير للإصابة، أو وليد لأم لديها إفرنجي باكر غير معالج:

> البنسلين المائي G 50.000وحدة/كغ بالوريد كل 12 ساعة للأيام السبعة الأولى من الحياة، ثم كل 8 ساعات مدة ثلاثة أيام أو (100.000-150.000) وحدة/كغ/يوم لمدة عشرة أيام.

> أو بروكائين بنسلين 50.000 وحدة/كغ بالعضل يومياً مدة عشرة أيام.

> علاج حديث الولادة من دون علامات دالة على المرض؛ أو وليد مصاب لأم معالجة من الإفرنجي: بنزاتين بنسلين 50.000 وحدة/كغ بالعضل جرعة وحيدة.

3- الإفرنجي مع خمج الإيدز:

> بنزاتين بنسلين 2.4 مليون وحدة بالعضل كل أسبوع مدة ثلاثة أسابيع.

> أو بنسلين مائي 3-4 مليون بالوريد كل 4 ساعات (18-24 مليون وحدة في اليوم) مدة 10-14 يوماً.

فحوص المتابعة  تتضمن VDRL  وTPHA، يوصى بإجرائها في الشهر الأول والثالث والسادس ثم الشهر الثاني عشر بعد المعالجة بالصاد المناسب في الإفرنجي الباكر، ثم كل 6 أشهر مدة سنتين تاليتين للمعالجة. ويوصى بتقييم الإفرنجي الآجل حتى ثلاث سنوات، فإن كانت هناك موجودات غير طبيعية في السائل الدماغي الشوكي؛ يوصى بإجراء فحوص على السائل الدماغي الشوكي بفواصل ستة أشهر حتى يصبح تعداد الكريات طبيعياً ويصبح الـ VDRL المجرى على السائل الدماغي الشوكي سلبياً، ويجب تقييم الشركاء الجنسيين وإعداد تقارير بشكل إلزامي في كثير من الدول.

الشكل (12) النيسريات البنّية سلبية الغرام

-السيلان البنّي gonorrhea :

من أكثر الأخماج المنتقلة بالجنس مصادفة وانتشاراً وإخباراً. وهو خمح جرثومي يصيب بصفة رئيسة الأغشية المخاطية البولية التناسلية عند الرجال والنساء، وتكون إصابة الأعضاء التناسلية خطرة لأنه قد يسبب التصاقات وندبات في البربخ أو أنابيب فالوب قد تؤدي إلى عقم دائم. وإصابة الأطفال نادرة وتكون عادة لا مباشرة (ثياب ملوثة) أو من الكهول الذين يشاطرونهم السرير.

سببه النيسريات البنية وهي مكورات مزدوجة سلبية الغرام (الشكل 12). تمتد فترة الحضانة من 2-5 أيام، وقد يتأخر ظهور العلامات الأولى بضعة أيام أحياناً. ينتقل غالباً عن طريق الممارسة الجنسية، ويصيب البشر الذين هم الثوي الوحيد للنيسريات البنية. ولم يثبت انتقال العدوى التجريبية إلى الحيوان، وقد تنتقل الإصابة من الأم إلى الوليد خلال الولادة، فيصاب الوليد بالتهاب ملتحمة أو ذات رئة أو حتى التهاب فرج ومهبل مع سيلانات قيحية واحمرار ووذمة في الفرج.

أولاً- السيلان الموضع:

1- السيلان البني في الرجال: يصيب الجهاز البولي بداية، ثم تنتقل الإصابة لاحقاً إلى الأعضاء التناسلية بشكل متأخر، لذا يجب تشخيص السيلان البني باكراً ما أمكن وعلاجه للوقاية من وصوله إلى الأعضاء التناسلية وبالتالي منعاً من حدوث عقم دائم. يتظاهر السيلان بالتهاب إحليل خارجي حاد مع عسرة تبول وسيلان قيحي مخضر يرافقه أحياناً أعراض شخصية خفيفة أو شديدة (عسرة تبول، حرقة، وخز) تزداد في أثناء التبول (البيلة الساخنة)، وإذا لم يعالج معالجة صحيحة أو أهمل علاجه فإن السيلان يدوم عدة أسابيع مع امتداد الإصابة إلى القسم الداخلي من مخاطية الإحليل، وقد تصيبه بأكمله (الشكل 13).

الشكل (13) التهاب الإحليل السيلاني البنّي الحاد
الشكل (14) التهاب غدد بارثولان بالسيلان البنّي تشكل خرّاج

يبقى 10% من الرجال المخموجين من دون أعراض سريرية وخمج لاعرضي، وتختفي الأعراض السريرية من دون علاج في أغلب المرضى بعد ستة أشهر.

تشمل الاختلاطات الموضعية للسيلان: التهاب غدد تيزون (أو تايسن) Tyson’s gland- وهي غدد زهمية حرة تتوضع عادة على اللجيم - وغدتي كوبر (أو الغدة البصلية الإحليلية)Cowper’s glands ، والتهاباً جلدياً بالمكورات البنية. قد يؤدي انتشار المكورات البنية إلى التهاب الخصية والبربخ؛ أو التهاب الموثة؛ أو التهاب الحويصلات المنوية، ويسرع من ظهورها تناول الكحول وممارسة الجنس.

2- السيلان البني في النساء: يكون الخمج لدى 50% من النساء المصابات لاعرضياً، وقد يبقى غير ملاحظ وصعب الإثبات بالفحص المباشر. ومن الثابت إصابة عنق الرحم مع أعراض سريرية مرافقة كالضائعات المهبلية القيحية وعسر التبول والنزف الطمثي وعسرة الطمث، ويبدي الفحص السريري ضائعات عنقية قيحية وافرة لا نموذجية وحمامى ووذمة ومسحة صفراء تشير إلى التهاب عنق الرحم بالمكورات البنية. أما التوضع الإحليلي الصرف فنادر ولا عرضي، ولا يمكن تأكيده إلا بضغط الإحليل على ارتفاق العانة.

ويكشف السيلان الحاد عند النساء في أثناء الفحص النسائي للتحري عن إصابة الشريك. والمضاعفة الموضعية الأكثر شيوعاً عند النساء هي: التهاب البوق، والتهاب المبيض والبوق، وهو معند على المعالجة وقد يؤدي إلى التهاب البريتوان الحوضي مع حرارة وألم، وحين يكون ثنائي الجانب قد يكون سبباً للعقم ويؤهب لحدوثه الطمث والحمل والكحول.

وتحدث في 10-20% من النساء المصابات اللواتي يستمر لديهن الخمج فترة طويلة إما إصابة غدة بارثولان وتكون عادة وحيدة الجانب، وتتظاهر بتورم حاد ومؤلم في الشفر الكبير وخروج مفرزات قيحية حين ضغط القناة (الشكل 14)، أو قد تؤدي الإصابة إلى داء كلوي التهابي ناجم عن صعود البنّيات.

3- من أشكال السيلان البني خارج المنطقة التناسلية:

أ- السيلان البني البلعومي: يصادف في الجنسين وسببه ممارسة الجنس الفموي، وهو عادة لا عرضي، ويشفى خلال عدة أسابيع شفاءً تلقائياً. ويرى عند أقل من 5% من الرجال مغايري الجنس وعند 10-25% من الرجال (الجنوسيين) مماثلي الجنس، وعند 20% من النساء مغايرات الجنس.

ب- السيلان البني المستقيمي: يتظاهر خاصة عند الرجال الجنوسيين والنساء مغايرات الجنس اللواتي يمارسن الجنس عن طريق الشرج، وهو لاعرضي بنسبة 50% من المرضى. وقد يتظاهر على شكل ضائعات مستقيمية وحكة شرجية مع نزف أو زحير وإمساك.

ج- السيلان البني العيني: غير شائع عند البالغين ولكنه لا يزال أحد أسباب العمى في الدول النامية. سببه الإلقاح الذاتي أو ممارسات جنسية غير طبيعية، يتظاهر بالتهاب ملتحمة قيحي، ويتطور بسرعة إذا أهمل علاجه إلى التهاب قرنية مخرب ثم إلى كثافة قرنية فالعمى.

ثانياً- السيلان البني المنتشر:

1- التهاب السحايا والتهاب العضلة القلبية السيلاني: كان يرى قبل عصر الصادات أما الآن فهو نادرالمشاهدة، وقد يكون التهاب العضلة القلبية السيلاني مع التهاب الدسام الأبهري سبباً للإصابة بقصور القلب الاحتقاني الحاد وقصور الدسام الأبهري.

وذكرت في الأدب الطبي حالات قليلة من التهاب السحايا بالمكورات البنية.

2- الإصابة العينية عند حديثي الولادة: تحدث بسبب التلقيح المباشر بالمكورات البنية في أثناء الولادة من قناة الأم المصابة بالخمج البني، مما يؤدي إلى الإصابة بالتهاب ملتحمة قيحي. يمكن الوقاية منه باستعمال قطرة نترات الفضة أو قطرة صادات أخرى بعد الولادة مباشرة.

3- التهاب ما حول الكبد السيلاني الحاد (متلازمة فيتز - هيو - كورتس  (Fitz-Hugh-Curtis): يحدث هذا الداء عند النساء بهجرة المكورات البنية من أنابيب فالوب إلى الجوف الصفاقي. وأعراضه: ألم في المراق الأيمن ينتشر إلى الكتف اليمنى ويزداد بالتنفس والسعال والحركة، وترفع حروري وصداع وغثيان، ويكون الكبد متضخماً بشدة ومؤلماً بالضغط.

4- متلازمة التهاب الجلد والتهاب المفصل الحاد بالبنيات: وهو التظاهر الأكثر شيوعاً للانسمام الدموي بالبنيات، ويشاهد في 0.5-1% من المرضى مع سيلان مخاطي من أغشية الإحليل المخاطية. ومن عوامل الخطورة لانتشار الخمج البني الطمث عند النساء اللواتي ينتشر لديهن الخمج في أثناء الطمث أو بعده، أو يكون لديهن نقص وراثي في مستويات المتممة C5-C9.

تتضمن المتلازمة المدرسية: حمى، وآلاماً مفصلية، واندفاعاً طفحياً، والتهاب غمد الوتر في المفاصل الكبيرة كالركبتين والمرفقين والمعصمين والكاحلين، وقد ترى أحياناً حمامى على الأوتار. أما الاندفاعات الجلدية فتتظاهر على شكل حطاطات نخرية مبعثرة ناجمة عن التهاب أوعية انسمامي بالصمامات، وتحدث غالباً على الأماكن القاصية من الأطراف.

التشخيص المخبري: يعتمد على إثبات وجود المكورات البنية وتكون على شكل مزدوجات؛ أي تجتمع كل مكورتين معا، وهي توجد داخل الخلية القيحية (كثيرة النوى) على شكل حبة البّن، سلبية الغرام، يمكن مشاهدتها حين مد المفرزات الإحليلية على صفيحة وتلوينها، وهي تثبت الخمج بنسبة 95-98% عند الرجال، ومن عنق الرحم بنسبة 50%. أما الزرع فيجرى على وسط خاص غني بثاني أكسيد الكربون وهو إجراء مهم لتشخيص الإصابة. وعزل المكورات البنية بالزرع إجراء ممتاز جداً عند المرأة والرجل لإثبات التشخيص، وإيجابيته نحو 95%، وحين يتعلق الأمر بتظاهرات خارج المنطقة التناسلية - وفي السيلان البني المنتشر (التهاب مفاصل، آفات جلدية)- فإن اختبار إليزا يكون مفيداً جداً. وإن التشخيص الواضح سريرياً لدى الذكور يجب أن يؤكد دوماً بعزل المزدوجات البنية، وعند الإناث يجب تحري المزدوجات البنية في الإحليل وفي فوهة عنق الرحم بعد تنظيفها وليس من المفرزات التناسلية.

هنالك طرق مخبرية أخرى حديثة لتحديد الدنا DNA أو الرنا RNA؛ أي البنية البيولوجية الجزيئية للمكورات البنية. وهي اختبارات تشخص السيلان بطرق لا زرعية كاختبار تهجين الدنا DNA غير المضخم non-amplified DNA hybridization وتقنيات تضخيم الحمض النووي nucleic acid amplification techniques الذي يستخدم في الإصابة بخمج الكلاميديا التناسلية والسيلان البني مثل الـ Cobas Amplicor )RPC (

التشخيص التفريقي: يجب التفكير بالأسباب الأخرى للضائعات الإحليلية والمهبلية عند الرجل والمرأة. ومن هذه الأخماج: المتدثرات الحثرية والمشعّرة المهبلية والخمائر والجراثيم اللاهوائية التي يجب أن يتضمنها التشخيص التفريقي المنوالي.

المعالجة: يعتمد اختيار الصاد المناسب على نتيجة الزرع والتحسس والمقاومة الجرثومية. كما يعتمد مكان أو أماكن الإصابة، والأعراض السريرية، والأعراض الجانبية للدواء.

ظهرت على مدى العقود الماضية طفرات مقاومة لمختلف الصادات مما بُدِّلت من أجله الأنظمة العلاجية المنتخبة لعلاج السيلان عدة مرات؛ إذ زادت المقاومة للسلفا وللبنسلين وكانا العلاجين المنتخبين لسنوات عديدة، ثم ظهرت مقاومة شديدة لها في السبعينيات ولاسيما تجاه النيسريات المنتجة للبنسليناز. وبعد سنوات عديدة وصفت حالات معندة على السيكلينات تبعتها مقاومة للماكروليدات والسبكتينومايسين، وأخيراً في عام 1996 وصفت حالات مقاومة للكينولونات في أمريكا، لذا تقلصت حالياً فعاليتها تجاه البنيات. هنالك اختلاف جغرافي واضح في المقاومة تجاه البنيات، وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض كان الدواء الموصى به عام 2007 هو الفلوروكينولونات fluoroquinolones، وحالياً يوصى بالجيل الثالث من السيفالوسبورينات cephalosporins كالسيفترياكسون ceftriaxone الذي أصبح العلاج المنتخب لعلاج الأخماج البنية، والجرعة الوحيدة هي المعتمدة لتجنب عدم مطاوعة المريض.

العلاجات الموصى بها حالياً لمعالجة الأخماج البنية:

 1- الأخماج البنية غير المختلطة: للإحليل، وعنق الرحم، والمستقيم:

> سيفكسيم cefixime   م400ملغ/فم جرعة وحيدة.

> أو سيفترياكسون ceftriaxone   ء125ملغ/ بالعضل جرعة وحيدة.

> أو سيبروفلوكساسين ciprofloxacin ء400ملغ/فم جرعة وحيدة.

> أو ليفوفلوكساسين ء250 ء levofloxacin ملغ/فم جرعة وحيدة.

البرامج البديلة:

> سبيكتينومايسين spectinomycin 2غ بالعضل جرعة وحيدة.

> برامج جرعة وحيدة من السيفالوسبورينات (كالسيفتيزوكسيم ceftizoxime  ء500ملغ بالعضل، سيفوكستين cefoxitin  ء2غ بالعضل إضافة إلى البرونيسيد 1غ بالفم، سيفوتاكسيم cefotaxime  ء500ملغ بالعضل).

> غيرها من برامج جرعة وحيدة من الكينولون.

2- الأخماج البنية غير المختلطة لإصابة البلعوم:

> سيفترياكسون ceftriaxone   ء125ملغ بالعضل جرعة وحيدة.

> أو سييروفلوكساسين 500 ملغ/فم جرعة وحيدة.

3- التهاب الملتحمة البني:

> سيفترياكسون 1غ بالعضل جرعة وحيدة.

يجب إجراء اختبارات المتدثرات (الكلاميديا) لكل المصابين بأخماج السيلان البني لاستبعاد الخمج الثانوي أو لإضافة علاج للمتدثرات الحثرية C. trachomatis.

4- حالات خاصة:

أ- الحوامل والمرضعات:

> سيفترياكسون 250ملغ جرعة وحيدة.

> أو غيرها من برامج الجرعة الوحيدة من السيفالوسبورين.

> أو سبكتينومايسين 2غ بالعضل جرعة وحيدة.

ب- الخمج البني المنتشر:

> سيفترياكسون 1غ بالعضل أو بالوريد خلال 24 ساعة.

أخيراً إنَّ إعادة التأكد من إثبات الشفاء، والمطاوعة مع العلاج، ورصد الشركاء واجب قانوني موصى به لعلاج السيلان البني وللوقاية منه في بعض الدول.

- التهابات الإحليل اللابنيّة non gonococcal urethritis:

يعزى 50% من التهابات الإحليل اللابنية - التالية للسيلان البني أو المحرضة بالاختلاطات البولية التناسلية - إلى الإصابة بالمتدثرات الحثرية clamydia trachomatis أو بشكل نادر إلى الميكوبلاسما mycoplasma (المفطورة).

وتعد هاتان الإصابتان أكثر الأشكال شيوعاً بين الأخماج المنتقلة بالجنس في الوقت الحاضر مع زيادة انتشارهما في الأوساط الاجتماعية الراقية.

1- التهاب الإحليل بالمتدثرات chlamydia urethritis :

تسبب المتدثرات الحثرية التهاب إحليل لا نوعي في 50% من الحالات، وهي جراثيم تسبب أخماجاً عرضية أو لاعرضية قابلة للانتقال بالجنس، وقد تكون السبب الأساسي لالتهاب الإحليل المزمن، أو قد تكون مرافقة لأخماج أخرى في الإحليل (ولاسيما السيلان البني). كما قد تصيب العين (الملتحمة) بسبب تلوثها بالمفرزات التناسلية.

عند الذكر: يحدث التهاب الإحليل الحاد ودور الحضانة فيه غير محدد، ترافقه مفرزات لا قيحية أو قليلة القيح وصعوبة في التبول، والحرقة سمة غالبة. ويحدث بشكل أكثر ندرة التهاب إحليل قيحي حاد مع التهاب مثانة، وبول قيحي لا جرثومي، والتهاب شرج، أو التهاب شرج ومستقيم، والتهاب بربخ. ومن مضاعفاته المعندة داء رايتر Reiter’s disease (تقرن الجلد السيلاني) - وهو التهاب إحليل لا بني - والتهاب ملتحمة، والتهاب مفصل.

وعند الأنثى: يتظاهر التهاب الإحليل بالمتدثرات غالباً بالتهاب فرج ومهبل تحت الحاد؛ وضائعات مهبلية بيض؛ والتهاب عنق الرحم.

التشخيص: يمكن كشف المتدثرات في اللطاخة المأخوذة من مفرزات الإحليل أو عنق الرحم بوساطة التألق المناعي الذي يكشف الأضداد وحيدة النسيلة، أو بتفاعل إليزا ويعتمد الإثبات النهائي على زرع المتدثرات في مخابر مختصة.

المعالجة: يعطى التتراسيكلين هيدروكلورايد بمقدار 500ملغ  4 مرات يومياً عن طريق الفم، أو الدوكسي سيكلين 100ملغ مرتين يومياً عن طريق الفم أيضاً، وهو العلاج الأمثل، وحين عدم تحمله أو عدم الاستجابة، أو كان هنالك مضاد استطباب لاستعماله يعطى الإريثرومايسين بمقدار 500ملغ أربع مرات يومياً. كل هذه المعالجات تعطى لمدة سبعة أيام إلى عشرة.

2- التهاب الإحليل بالمفطورات mycoplasma urethritis:

المفطورات أحياء مجهرية سلبية الغرام تنمو على أوساط زرعية خاصة، ويمكن بالزرع التمييز بين المفطورات المجزئة للبولة والمفطورات غير المجزئة للبولة.

يبدو أن مصورة البولة الحالة للبولة ureaplasma urealyticum والمفطورة الإنسانية والمفطورة التناسلية يتحد بعضها مع بعض مسببة التهاب الإحليل، مع أنها قد تشاهد في الإحليل غير الملتهب.

يكتسب التهاب الإحليل بالمفطورات أهمية خاصة حين يشكو المريض من مفرزات بيض مصلية تسمى البيلة البيضاء العقيمة. ويكون باهاء pH البول حامضاً. قد يشكو المريض من التهاب الإحليل والموثة؛ والتهاب الملحقات؛ وضخامة العقد الناحية؛ مع علامات عامة كارتفاع الحرارة وارتفاع سرعة التثفل وكثرة الكريات البيض.

التشخيص: يتم كشف المفطورات بطرق زرعية خاصة فقط؛ أو بتحديد الأضداد المصلية الخاصة (تثبيت المتممة، التراص الدموي اللامباشر، التألق المناعي، التحال الكهربائي). ولا يدل الاختبار السلبي على عدم وجود المفطورات. ويجب إعادة الاختبارات المصلية عدة مرات لتأكيد التشخيص.

العلاج: ينصح باستعمال التتراسكلين 500ملغ 4 مرات يومياً مدة أسبوعين، أو 100ملغ دوكسي سيكلين مرتين يومياً مدة أسبوعين، أو 100ملغ مينوسيكلين مرتين يومياً لأسبوعين. وفي الإصابة بمصورة البولة الحالة للبولة يعطى الإريثرومايسين 500ملغ 4 مرات يومياً لأسبوعين.

3- التهاب الإحليل بالمشّعراتtrichomonas urethritis :

تشاهد المشعرات المهبلية (من زمرة السوطيات) في المفرزات المهبلية. ينتقل العامل الممرض بالجماع ويسبب التهاب إحليل مزمن، وتكون الأعراض طفيفة مع نجيج مصلي. يمكن إظهار العامل الممرض في لطاخة طازجة من مفرزات الإحليل.

المعالجة: الميترونيرازول 250ملغ ثلاث مرات يومياً لأسبوع أو بجرعة علاجية وحيدة فموية بمقدار 2غ. ويجب معالجة الشريك دائماً.

4- التهابات الإحليل الأخرى:

هنالك عضيات أخرى قد تسبب التهابات الإحليل، فالمبيضات البيض Candida albicans تحرض بشكل نادر التهاب إحليل حاد مع سيلان قيحي غزير، وقد يترافق والتهاب حشفة وقلفة ولاسيما عند السكريين، وتعالج بالكيتوكونازول 200ملغ/فم أو الإيتروكونازول مدة 5-7 أيام.

وعدا ذلك فإن كلاً من المكورات (عنقوديات، عقديات) والعصيات والإشريكيات القولونية Escherichia coli والغاردنريلا المهبلية Gardnerella vaginalis، والڤيروسات (حلأ بسيط)، والڤيروس المضخم للخلايا CMV والحماق والحصبة؛ قد تسبب التهاب إحليل تحت حاد مع سيلان خفيف وأحياناً عسرة تبول أو حكة في الصماخ.

- القريح chancroid (القرح اللين):

الشكل (15) القيح (القرح اللين ) ، تقرحات متعددة

 داء ينجم عن خمج جرثومي بعصيات دوكري المستدمية (محبات الدم لدوكري Haemophilus ducreyi)، وهي جراثيم قصيرة عصوية سلبية الغرام، يمكن مشاهدتها بصعوبة بالفحص المباشر، وتكون أكثر وضوحاً حين تزرع على أوساط خاصة؛ إذ يشاهد بوضوح الاصطباغ ثنائي القطب والميل إلى تشكيل سلاسل. وهو داء نادر الحدوث يحدث في جميع أنحاء العالم وخاصة في المناطق المدارية وتحت المدارية، وينتقل غالباً بالطريق الجنسي، يتظاهر المرض - بعد فترة حضانة من 3 إلى 10 أيام- على شكل حطاطة على قاعدة حمامية يتحول بسرعة إلى بثرة ومن ثم إلى قرحة لينة مؤلمة مشرشرة الحواف. تكون الحواف في الحالات النموذجية مرتفعة وغير منتظمة مع محيط مزدوج؛ خارجي أحمر قانٍ ملتهب، وفي الداخل شريط متنخر ضيق ضارب إلى الصفرة. أما قاع القرحة فأصفر رمادي اللون ويكون تحتها نسيج وعائي حبيبي. تكون القرحة معدية بشدة، ونادراً ما تكون وحيدة وتترافق وضخامة عقد مؤلمة سرعان ما تصبح التهابية ولا تلبث أن تتنوسر (الشكل 15)، وإن قابلية العدوى الموضعية تجعل الناسور نقاط انطلاق لانتقالات مشوهة. وإلى جانب الشكل الشائع توصف أشكال تقرحات عملاقة أو صغيرة، ويكون التوضع الرئيس على القضيب والشرج ومحيطه وفي المنطقة العجانية.

قد يصاب المرضى المصابون بالقريح بأمراض أخرى منتقلة بالجنس مثل الإفرنجي ويسمى عندئذٍ القرح المختلط mixed chancre، ويكون ليناً خلال الأسبوع الأول من ظهوره ثم تتصلب قاعدته في الأسبوعين التاليين ويحتوي على مستدميات دوكري واللولبية الشاحبة معاً.

التشخيص: تشاهد عصيات دوكري في اللطاخة والزرع. ويجب تمييز القريح من القرحة الإفرنجية التي تكون عادة وحيدة وصلبة وغير مؤلمة، وترافقها عقد التهابية لاتتنوسر، ويشاهد فيها اللولبيات الشاحبة.

كما يجب تفريقه عن الحلأ التناسلي ولا سيما في الآفات المتقوئبة ثانوياً المؤدية إلى تآكلات مؤلمة مع حواف متعددة الحلقات، كذلك يجب التفكير بالحبيبوم الأربي والحبيبوم اللمفي الزهري.

يجب إجراء الاختبارات المصلية للإفرنجي والـHIV في نهاية المعالجة وبعد 6 أسابيع حتى لا يمر الخمج المرافق باللولبية الشاحبة والـHIV من دون ملاحظته وتشخيصه.

العلاج: يعطى الأزيترومايسين 1غ بالفم جرعة وحيدة، أو سيفترياكسون 250ملغ بالعضل جرعة وحيدة، أو سيبروفلوكساسين 500ملغ بالفم مرتين في اليوم مدة ثلاثة أيام، أو الإريترومايسين 500ملغ بالفم 4مرات يومياً مدة سبعة أيام، ويجب فحص الشركاء بالجنس ومعالجتهم.

- الحبيبوم اللمفي الزهري lymphogranuloma venereum:

الحبيبوم اللمفي الزهري ويسمى أيضاً الحبيبوم اللمفي المغبني أو داء نيكولا- فافر، تسببه المتدثرات الحثرية من النموذج L3, L2, L1 وتراوح حضانته بين 3-12 يوماً، وهو داء نادر يحدث بصفة رئيسة في المناطق المدارية وتحت المدارية، وينتقل غالباً عن طريق الاتصال الجنسي. يعتمد سير الداء على مناعة المريض. ويكون سليماً وذا سير قصير إذا تشكلت الأضداد بسرعة.

الشكل (16) الحبيبوم اللمفي الزهري، مع ضخامة عقدية وحيدة الجانب

التقرح الصغير الأولي يعبر خلسة من دون رؤيته وخاصة لدى الإناث، وهو تقرح صغير يتوضع داخل الإحليل أحياناً مما يسبب "التهاب إحليل عابر". وقد يتوضع في الشرج، وقد يكون ذا شكل قرحي واضح، وهناك حملة أصحاء ولاسيما بين النساء.

العرض الرئيس هو الضخامة العقدية وحيدة الجانب التي تلي ظهور القرح بعدة أسابيع، وتشمل عدة عقد مشكلة صفيحة محدبة (كتلة متحركة على العمق)، تصبح التهابية ثم تأخذ بالتنوسر (الشكل 16). والتطور بطيء يفضي أخيراً إلى التهاب الشرج والمستقيم، وإلى التضيقات، وتصلب العجان، والخراجات حول المستقيم، وآفات ناتئة (ورمية كاذبة) حول الشرج، وآفات فيلية تصيب الأعضاء التناسلية. وقد يحصل الخمج الدموي، وإصابات حشوية (ذات السحايا أو إصابات عينية أو تنفسية)، والإصابات العظمية المفصلية نادرة. كما تشاهد آفات مرافقة (حمامى عقدة، وحمامى عديدة الأشكال، واندفاعات شروية أو فرفرية الشكل).

التشخيص: يعتمد على تحديد الدنا DNA النوعي للمتدثرات على النسيج المصاب بوساطة الـ PCR أو أي طريقة أخرى تضخم الحمض النووي. وهذه الطريقة أكثر حساسية من عزل العامل الممرض بوساطة زرع النسيج.

وتجرى الفحوص المصلية كاختبار تثبيت المتممة أو طرق أخرى تحدد الأضداد النوعية تجاه المتدثرات الحثرية L1-3 التي تكون عالية. والتشخيص التفريقي يجب أن يشمل الأمراض التي تسبب اعتلال العقد اللمفية، والتقرحات، أو التآكلات في المنطقة التناسلية كالقريح، والإفرنجي، والحلأ التناسلي الناكس، والسل، واللمفوما.

المعالجة: العلاج المنتخب هو الدوكسي سيكلين 100ملغ بالفم مرتين يومياً مدة ثلاثة أسابيع، والعلاج البديل في حال الحمل الإريثرومايسين 500ملغ/الفم 4 مرات يومياً مدة ثلاثة أسابيع أيضاً. يكون شفاء العقد المتضخمة بطيئاً. كما يجب اللجوء إلى التدابير الجراحية الملطفة حين وجود العقد اللمفية الكبيرة وشقها وتفريغها بشكل متكرر لوقايتها من التنوسر.

يجب معالجة الشريك بعد التأكد من إصابته، والانتباه لحملة HIV الذين يتطلبون معالجة أطول.

-الحبيبوم الاربي granuloma inguinale (الداء الدونوفاني):

هو مرض حبيبومي قرحي مزمن، معتدل السراية، غالباً ما يصيب المناطق التناسلية في الرجال، ولا يبدي ميلاً إلى الشفاء التلقائي، يسببه جرثوم كاليمّاتو الحبيبي Calymmatobacterium granulomatis الذي ينتمي من الناحية الشكلية والمستضدية إلى أنواع الكلبسلّة klebsiella تدعى أجسام دونوفان، تتجمع في محافظ من دون أهداب أو بذور. يشاهد على نحو خاص في المناطق المدارية وتحت المدارية. وحضانتة الحقيقية غير واضحة تراوح بين يوم واحد إلى سنة. الفترة المتوسطة على الأغلب 17 يوماً. التوضع الرئيس للمرض في المناطق التناسلية، ولاسيما المنطقة الأربية. والآفة الأولية هي تقرح حطاطي، غير مؤلم في البدء، وغير قاسٍ، سطحه حبيبوبي متنبت قليلاً، وغير مترافق وضخامة عقدية، ولا يرافقه أخماج ثانوية. وحيد أو متعدد، يتوضع على القضيب أو الفرج وكذلك في الثنيات الأربية والعجان، ونادراً على عنق الرحم (مع ضخامة عقدية). وقد تمتد الآفات وتصبح تقرحية متبرعمة، ضخامية، متنخرة وباترة أحياناً، ينضح منها سائل مصلي مدمى ذو رائحة نتنة. قد يستمر السير لسنوات ولا تشفى تلقائياً من دون معالجة.

التشخيص: يعتمد على عزل أجسام دونوفان من النسج والمسحات من الآفات الفعالة وتلوينها بملون غمزا أو رايت أو ليشمان. لا يوجد فحوص مصلية متوافرة للتشخيص. ويجب نفي القرح الصلب (الإفرنجي) واللقموم المنبسط، والقريح، وأورام الجلد، وبعض التوضعات الجلدية لداء كرون، والفقاع التنبتي والحلأ التناسلي، والحبيبوم اللمفي الزهري.

العلاج: العلاج الموصى به هو الدوكسي سيكلين 100ملغ بالفم مرتين يومياً لأكثر من ثلاثة أسابيع. والعلاج البديل تري ميتو بريم- سلفا ميتوكسازول القوة المضاعفة (160ملغ-800ملغ/حب) بالفم مرتين يومياً، أو سيبرو فلوكساسين 750ملغ بالفم مرتين يومياً، أو اريثرومايسين 500ملغ بالفم 4 مرات أو أزيثرومايسين 1غ بالفم مرة في الأسبوع.

كل هذه الأنظمة العلاجية يجب أن تؤخذ حتى شفاء الآفات كاملاً (لأكثر من ثلاثة أسابيع).

يجب فحص الشريك الجنسي ومعالجته حين ظهور الأعراض والعلامات السريرية للداء الدونوفاني.

ثانياَ :الأمراض القابلة للانتقال جنسياَ:

أولاً- الحلأ التناسلي:

1- الحلأ التناسلي الأولي:

ينجم عن ڤيروس الحلأ البسيط النمط2، ويتظاهر بأعراض صاخبة خاصة.

أ- عند المرأة الشابة: يتظاهر على شكل التهاب فرج ومهبل حاد مؤلم بشدة، مع حمى ووهن عام. تظهر الحويصلات على مخاطية الفرج التي تكون وذمية (الشكل 17)، وتشاهد تسحجات مدورة تشاركها آفات حلئية في المهبل وعنق الرحم لا يمكن مشاهدتها لاستحالة الفحص النسائي بسبب الآلام المبرحة. ترافق الآفات ضخامة عقد لمفية مغبنية مؤلمة، ومن الشائع حدوث أسر بولي، ويكون التبول مؤلماً بشدة ومضنياً. يحتاج التندب التلقائي إلى فترة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ويمكن تسريعه بشكل ملحوظ بإعطاء الأسيكلوفير.

الداء

فترة الحضانة

الآفات السريرية

التشخيص

العامل المرض

الحلأ التناسلي 4-7 أيام حويصلات,تآكلات، قرحات، قصة خمج حلئي مؤلم تألق مناعي مباشر، لطاخة تزانك، زرع، PCR حمة الحلأ البسيط (النمط2)
الإفرنجي الأولي (القرح الصلب) 10 _ 90 يوما
المتوسط (3أسابيع)
قرحة وحيدة عادة غير متقيحة، صلبة، غير مؤلمة الفحص بالساحة المظلمة
، الفحوص المصلية
اللولبية الشاحبة
القريح (القرح اللين) 3-10 أيام تقرحات متعددة، متقيحة، حواف لينة وغير محددة، مؤلمة الزرع مستدمية دوكري
الحبيبوم اللمفي الزهري 3-12 يوماً قرحة صلبة عابرة، غير مؤلمة فحوص مصلية، زرع، PCR المتدثرات الحثرية L1-3
الحبيبوم الإربي (الداء الدونوفاني) 3-12 يوماً قرحة حمراء وذمية قاسية مزمنة لطاخة، دراسة نسجية كاليماتو باكتريوم الحبيبومية (الكلبسلة)

(جدول رقم1) الأخماج التي تسبب داء قرحي تناسلي

ب- عند الرجل: تكون الإصابة أقل حدة مما هي عليه في المرأة، وتلتبس غالباً مع الحلأ المعاود. هنالك أشكال خطيرة للخمج الحلئي التناسلي ولاسيما عند ضعيفي المناعة المصابين بمتلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز) (الشكل 18).

الشكل (17) حلأ تناسلي عند امراة (على المهبل ) الشكل (18) حلأتناسلي معاود (على القضيب)

2- الحلأ التناسلي المعاود:

شائع وجدير بالاهتمام، ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي. وقد خلق في أوربا وأمركا رهاباً حقيقياً بسبب زيادة اهتمام وسائل الإعلام به وبأخطاره. يؤثر في الحياة الجنسية والعاطفية للزوجين، فهو مزعج ومؤلم وغالباً ما يتفعل بالعلاقات الجنسية مشكلاً مصدراً للقلق لاحتمال العدوى وقلة فعالية العلاجات المتوافرة. كما أنه يزيد فرص العدوى بالأخماج المنتقلة بالجنس الأخرى. ويشكل الحلأ التناسلي تهديداً حقيقياً في أثناء الحمل وقد يسبب إجهاضاً مبكراً في الأسابيع العشرين الأولى من الحمل، أو بضع حالات من اعتلال الجنين والخداج، وخاصةً أن هناك خطر حدوث حلأ الوليد في أثناء الوضع. وبالمقابل قل الاهتمام في الوقت الراهن عما كان عليه قبل عدة سنوات بالبحث في قدرة ڤيروس الحلأ التناسلي المسرطنة، ويبدو أن شأنها ثانوي بالنسبة إلى شأن الڤيروس الحليمومي الإنساني HPV في نشوء سرطان عنق الرحم.

في حالات عوز المناعة المكتسب (الإيدز) تكون المعاودات أكثر شيوعاً ولا نموذجية وذات سير مديد (حلأ تناسلي مزمن)، ويتظاهر على شكل تقرحات ذات قعر نخري وحواف حويصلية بثرية أحياناً، وعندها يجب أخذ لطاخة لإجراء دراسة بالومضان المناعي والزرع.

التشخيص: تكفي القصة المرضية والسريريات لوضع التشخيص في معظم الحالات ولا تستطب الفحوص المخبرية التي تكون غير مجدية في معظم حالات الحلأ المعاود، إلا في حالات خاصة ولاسيما الخمج الحلئي الأولي، وحلأ الوليد، والتهاب الدماغ الحلئي، وفي الأشكال اللانموذجية (مثبطي المناعة). وفي حلأ الحامل يميل التشخيص الڤيروسي حالياً إلى تفضيل عزل الڤيروس المباشر والتشخيص المناعي الخلوي على معطيات الفحوص المصلية.

الفحوص المباشرة:

أ- فحص اللطاخة: يُرى فيه وذمة خلوية (تنكس نفاطي). وخلايا عديدة النوى واشتمالات داخل خلوية. هذه الطريقة سهلة وسريعة تجرى خلال 10 دقائق ولكنها لا تسمح بتمييز ڤيروس الحلأ البسيط من الڤيروسات الحلئية الأخرى.

ب- التألق المناعي: الذي يكشف مستضد ڤيروس مع أضداد وحيدة النسيلة، وهي طريقة نوعية تسمح بالتمييز بين الڤيروس نمط1 والڤيروس نمط2 وڤيروس الحماق وداء المنطقة.

ج- البحث عن الڤيروس بالمجهر الإلكتروني: وهذه الطريقة لا تميز بين ڤيروسات الحلأ البسيط وبقية الڤيروسات الحلئية.

د- عزل الڤيروس بوساطة الزرع والتنميط.

هـ- الفحوص المصلية: لا قيمة لها في الحلأ المعاود؛ إذ لا يختلف مقدار الأضداد المضادة للحلأ كثيراً في حالة الهجمات عنها في حالة الهجوع.

العلاج: الإسيكلوفير  acyclovirوالمستجدات في زمرته هي العلاج النوعي المضاد للحلأ، وهو يملك ولعاً انتقائياً بالتيميدين كيناز للڤيروس. ويفيد في معالجة الأشكال الشديدة للحلأ.

الشكل (19)
تآثيل تناسلية متعددة على القضيب (أصابت الحشفة و القلفة)

 ثانياَ: المليساء المعدية :

أو المليساء السارية molluscum contagiosum سببها ڤيروس كبير من زمرة الڤيروسات نظائر الجدرية ومنها ذريتان (MCVl,ll) تخمجان الخلايا البشروية. وهي من الأمراض القابلة للانتقال بالجنس، وقد يكون الاتصال الجنسي سبباً مباشراً للإصابة. تتظاهر سريرياً على شكل حطاطات لؤلؤية، أنصاف كروية، تقيس 1-2مم فيها تسرر مركزي، يخرج منها بالضغط مادة بيضاء مميزة. والمليساء السارية قد تتعمم ولاسيما في المرضى التأتبيين والمصابين بمتلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز). والمظهر السريري الواضح جداً في معظم الحالات يسمح بسهولة التشخيص.

ثالثاً- الثآليل التناسلية:

سببها الڤيروسات الحليمومية الإنسانية HPV. تنجم عن الاتصال الجنسي بنسبة 70% من الحالات، مما يستوجب معالجة الشركاء والبحث عن أمراض أخرى مشاركة تنتقل بالجنس. والتآليل الشرجية التناسلية أكثر شيوعاً عند الرجال وخاصة الجنوسيين، وهي لقمومات مؤنفة (تشبه قنزعة الديك) ناجمة عن تشكلات لحمية معنقة بلون زهري أو حمر قانية، مجتمعة على شكل كتلة رخوة، ضخمة أحياناً، تتوضع عند الرجال بشكل انتقائي على القلفة واللجام أو الثلم الحشفي القلفي والفوهة الإحليلية، وقد تصيب جسم القضيب والشرج (الشكل 19).

وعند النساء تصيب القسم الخلفي للدهليز المهبلي والأشفار، وقد تمتد إلى المهبل أو الإحليل أو العجان وعنق الرحم.

وصفت أشكال أخرى قد تكون مرافقة للأشكال السابقة، تتظاهر على شكل اندفاعات حطاطية لاطئة، متعددة، أو على شكل ثآليل من النمط الشائع، مصطبغة، أو متقرنة، تتوضع على جلد العجان والأعضاء التناسلية. يزداد انتشار الآفات بالحمل والعوازات المناعية، تتراجع عادة ولكنها تنكس غالباً وقد تستمر لسنوات.

رابعاً- الجرب:

مرض طفيلي ناجم عن حَلَمْ (هامة الجرب)، وهي طفيلي إنساني إجباري. يتم الانتقال في الغالبية العظمى بالتماس المباشر بين البشر، وتتطلب العدوى تماساً صميماً طويلاً ولاسيما الأشخاص الذين ينامون في السرير نفسه، وقد ينتقل عن طريق العلاقات الجنسية لذا يعد مرضاً قابلاً للانتقال بالجنس. العرض الرئيس هو الحكة المعممة التي تشتد ليلاً. والاندفاع الجربي له توضع انتقائي خاص يرافقه علامة وصفية يجب البحث عنها هي: (الثلم أو النفق الجربي) يتوافق وسير الحلم الأنثى في الطبقة المتقرنة للبشرة، ويتوضع بين أصابع اليدين والوجه الأمامي للمعصم. كما تتوضع آفات الجرب على الأوجه الأمامية للمعصمين والمرفقين ومنطقة السرة والأليتين وعلى الوجه الأنسي للفخذين، ولا يصاب الوجه ولا العنق عادة.

 قد يتظاهر الجرب على المنطقة التناسلية بعلامة أساسية هي القرح الجربي وهو آفات حطاطية متسحجة أحياناً، حاكة جداً، تتوضع على نحو خاص على القضيب أو الصفن. أما عند المرأة فتشاهد الآفات الجربية على حلمتي الثديين، مع آفات متسحجة أو جلبية وهي علامة موحية بالإصابة. يسير الداء إلى مالا نهاية من دون شفاء تلقائي، لذا يجب أن يعالج المريض والأشخاص المحيطون به والشريك خاصة، وتتضمن المعالجات البيرميثرين موضعياً أو الليندان، ومؤخراً استعمل إيفرميكتين ivermectin على شكل حبوب.

خامساً- قمل العانة:

قمل العانة مرض طفيلي خارجي ينجم عن القمل الأربي الذي يفضل التوضع على الأشفار والعانة (شعر المنطقة التناسلية). يبدو بالفحص على شكل كتلة صغيرة رمادية أو بنية على مستوى الفوهات الجرابية وتكون البيوض معلقة على ساق الشعرة. والتوضع العاني للإصابة يعطيها صفة المرض القابل للانتقال بالجنس. ولما كان الطفيلي البالغ كسولاً وقليل الحركة؛ فإنه يحتاج إلى تماس صميم لحدوث الانتشار إلى شخص آخر، بيد أن العدوى غير المباشرة بالمناشف وأغطية السرير ممكنة. والإصابة حاكة بشدة ولاسيما في الليل؛ مع تصبغات متسجحة في أمكنة اللدغ.

يجب فحص المحيط العائلي والمدرسي لاتخاذ التدابير الوقائية ومعالجة الشريك. يعالج  قمل العانة بالليندان أو د.د.ت تطبق مرتين بفاصل 24 ساعة. ثم يتكرر التطبيق مرة ثالثة بعد أسبوع.

- متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز) :acquired immunodeficiency syndrome (AIDS)

هو معقد أو خليط من الأخماج المكتسبة والأورام التي تصيب المرضى الذين لديهم مؤشرات دالة على وجود عوز الخلايا التائية، يترافق وڤيروس عوز المناعة الإنسانية  human immunodeficiency virus  (AIDS)

وهو وباء واسع الانتشار وما زال يطرح أكبر قضية تتحدى الصحة العامة على مستوى العالم. وهو لسوء الحظ ينتشر في الدول الفقيرة بالموارد الاقتصادية، ويصيب الأشخاص العاطلين عن العمل والأشخاص العاملين بالجنس مصدراً لرزقهم، ومتعاطي المخدرات الوريدية، والجنوسيين والذين يعيشون في بيئات فقيرة.

يتعايش حالياً نحو 40 مليون شخص في العالم مع خمج الـ (HIV)، وقد مات 25 مليون شخص بالإيدز منذ عام 1981. و13مليون طفل أصبحوا يتامى. في عام 2005 كانت نسبة حدوث الخمج كل يوم نحو 14.000حالة مع خمسة ملايين حالة جديدة تسجل كل سنة في العالم. ويعد الإيدز حالياً السبب الرئيس للموت في إفريقيا والمسبب الرابع للموت في العالم.

واستطاعت برامج الوقاية من الإيدز مؤخراً التخفيف من تفشي المرض في مجموعات سكانية محدودة يزداد فيها انتشار المرض، كما أن ثورة الأدوية المضادة للڤيروسات - ولا سيما الڤيروس المسبب للإيدز، وأهمها المعالجة العالية الفعالية المضادة للڤيروس الخلفي (القهقري) highly active antiretroviral therapy HAART() - لا تزال محدودة، ولو أنها في السنوات الأخيرة حسنت من وضع الإيدز في الدول الغنية كأوربا وأمريكا وأستراليا. أما على مستوى العالم كله فإن 95% من مرضى الإيدز لا يتلقون أي علاج. ولقد مات في عام 2005 أكثر من ثلاثة ملايين شخص بسبب إصابتهم بالإيدز في العالم أجمع، وأكثر من نصف مليون منهم كانوا أطفالاً.

تتطلب جهود الوقاية والعلاج من الإيدز قيادات فعالة وطنية وقومية ودولية على مستوى عالمي، كما أنها تحتاج إلى برامج وطنية ومؤسسات فعالة واعتمادات مالية ملائمة، إضافة إلى التوعية الاجتماعية.

سجلت أولى حالات الإيدز في أمريكا عام 1981 لدى جنوسيين مدمني الهيروئين، وبعد ذلك سجلت حالات لدى مرضى نقل لهم دم، ثم لدى أطفال ولدوا من أمهات مصابات بالإيدز، وأخيراً لدى شركاء جنسيين ذكوراً وإناثاً لمرضى مصابين.

عزل الڤيروس المسبب للمرض في وقت واحد تقريباً من قبل كل من مونتانييه L. Montagnier الفرنسي وغالوR. Gallo  الأمريكي في عام 1983، وأطلق عليه في البدء اسم الڤيروس المضخم للخلايا اللمفاوية (LAV)، ثم أطلق عليه اسم الڤيروس الإنساني المشوه للخلايا اللمفاوية التائية من النمط الثالث (HTLVIII)، ثم أخيراً ڤيروس عوز المناعة الإنسانية (HIV)، واعتمدت هذه التسمية من قبل المجلس العلمي الدولي عام 1986 ولا يزال معمولاً بها.

امتد ظهور المرض من البؤر الإفريقية والأمريكية إلى بقية الدول. وفي عام 1986 أمكن عزل ڤيروس جديد أطلق عليه اسم ڤيروس عوز المناعة الإنسانية النمط الثاني (HIVII) في بؤرة إفريقية (غينيا)، وهو مسؤول عن الأعراض نفسها التي يسببها ڤيروس (HIVI) المنتشر في أمريكا وأوربا. وكلا النمطين (HlVI,HlVII) هما تحت أنماط، وهما قريبان من ڤيروس (HTLVIII).

الإمراض:

ڤيروس عوز المناعة الإنسانية هو ڤيروس (خلفي، قهقري) retrovirus ينتمي إلى زمرة HTLV. مادته الوراثية هي الرنا RNA، خلافاً للدنا DNA الموجود في معظم الڤيروسات.

يدخل الڤيروس الخلية المضيفة - وكثيراً ما تكون خلية لمفاوية تائية مساعدة ذات النمط المناعي CD4- حيث يتم انتساخ الرنا إلى الدنا بوساطة إنزيم ڤيروس اسمه (إنزيم الانتساخ العكسي reverse transcriptase)، وبعدها يتم إدخال الدنا إلى مجين genome المضيف حيث يستطيع الڤيروس البدء بالتكاثر. يستهدف ڤيروس عوز المناعة الإنسانية الخلايا اللمفاوية CD4  على نحو أساسي، لكنه يغزو أيضاً وحيدات النوى والبالعات الكبيرة وخلايا الدبق العصبي وخلايا لانغرهانس، ويغزو عملياً أي خلية أخرى في جسم الإنسان. وقد يكون ضعف وظيفة خلايا لانغرهانس بسبب خمجها بالڤيروس؛ السبب في ظهور العديد من تظاهرات الإيدز الجلدية. لقد عزل الڤيروس من الخلايا وحيدة النوى في الدم المحيطي، ومن خلايا نقي العظام والعقد اللمفية، كما تم عزله من اللعاب والدمع والسائل المنوي ومفرزات عنق الرحم وأنسجة الدماغ والحليب الوالدي والجلد لدى الأشخاص المصابين بالإيدز. أما الأضداد المضادة للڤيروس فتوجد بنسبة 100% تقريباً في المرضى المصابين بمتلازمة الإيدز الكاملة التطور.

أصبحت طرق العدوى معروفة وهي العلاقة الجنسية مع الأشخاص المصابين، إضافة إلى التعرض للدم المخموج بالڤيروس ولاسيما عند متعاطي المخدرات الوريدية، كما ينتقل في الولادة من الأم إلى جنينها.

السـير والتصنيف:

يسير الإيدز على شكل سلسلة تترقى من الخمج الأولي إلى الموت، تتتالى فيها الأخماج والتنشؤات. يمر خمج الـHIV بدور حضانة (يمتد 3-6 أسابيع وقد تزيد على ذلك)، وبعدها يمّر بمرحلة أولية قصيرة حادة (تمتد 1-2 أسبوع) تعرف بمتلازمة الڤيروس الخلفي الحادة تطغى فيها الأعراض الخمجية العامة (تشبه أعراض الأنفلونزا) وقد لا تُعار الاهتمام الكافي، يعقب ذلك مرحلة كمون latency (تمتد شهوراً وسنوات) لا عرضية سوى اعتلال العقد اللمفية وأعراض محدودة مع إمكانية العدوى وانتقال الڤيروس لإصابة أشخاص آخرين. بعد ذلك تأتي مرحلة الأعراض الباكرة وتشاهد فيها أخماج مزمنة معاودة أو معندة على العلاج تليها مرحلة الأعراض المتأخرة تشتد فيها الأعراض العامة والأخماج الانتهازية والتنشؤات الورمية، وتسوء الحالة العامة لتدخل مرحلة أخيرة حرجة وخطرة، وتشكل المراحل الأخيرة متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز). وقد قدمت منظمة الصحة العالمية معايير جديدة من أجل التصنيف السريري للمرض عند الأطفال والمراهقين والبالغين المثبت إصابتهم بالمرض، يعتمد على مقدار خلايا CD4 كما هو مبين في الجدول رقم 2.

مرحلة المرض والأعراض السريرية

الفترة الزمنية

تعداد CD4

متلازمة الفيروس الخلفي (القهقري) - مرحلة البدء الحادة -

1-2 أسبوع

500-1000

لا أعراض (فقط ضخامة عقد لمفية) - مرحلة الكمون -

أكثر من 10سنوات

500-750

أعراض باكرة (لا أخماج مهددة للحياة، داء متقطع أو مزمن)

1- 5 سنوات

100-500

أعراض متأخرة (متلازمة نقص المناعة المكتسب، زيادة شدة الأعراض، أخماج مهددة للحياة، سرطانات)

1-3 سنوات

50-200

أعراض متقدمة (زيادة خطر الموت، أخماج انتهازية)

أشهراً إلى سنتين

0-50

الجدول (2)

تعرف متلازمة نقص المناعة المكتسب حالياً بوجود مؤشرات سريرية ومخبرية محددة، منها:

> إصابة المريء والرغامى والقصبات والرئتين بالمبيضات البيض (وليست مقتصرة على البلعوم الفموي وحده)، الإصابة بداء المستخفيات cryptococcosis (خارج رئوي) مع انتشار دموي للجلد، خمج بڤيروس الحلأ البسيط بسبب قرحة مخاطية جلدية تستمر فترة تزيد على شهر.

> غرن كابوزي عند مريض بعمر أقل من 60 سنة.

أما عند المرضى الذين لديهم إيجابية مصلية للڤيروس فإن الموجودات التالية محددة للإيدز:

الفطار الكرواني coccidiomycosis أو داء النوسجات histoplasmosis المنتشر عن طريق الدم إلى الجلد، سرطان عنق الرحم الغازي، غرن كابوزي في أي عمر.

التشخيص المخبري للخمج بالإيدز:

1- اختبارات الاستقصاءات المناعية الإنزيمية (طريقة المقايسة المناعية الخمائرية إليزا ELISA: تستعمل غالباً في المسح screening، وهي حساسة ونوعية وبها يمكن الكشف عن الأضداد IgM والـ IgG، وتظهر إيجابيتها بعد 3-6 أسابيع.

2- حصر المستضد P24 (بروتين ڤيروسي): تظهر إيجابيته بعد 2-3 أسابيع ويستخدم في الاستقصاء أيضاً.

3- اختبار (Western blot): يظهر بعد 3 أسابيع. وهو الاختبار التأكيدي المرجعي بمعنى أن كل المصول الإيجابية  في حالات المسح بوساطة الإليزا يجب تأكيد التشخيص فيها بوساطة "الوسترن بلوت".

4- الومضان المناعي (أضداد IgG): يظهر بعد 3 أسابيع وهو اختبار مؤكّد.

5- اختبار الحمض النووي لكشف الرنا RNA أو الدنا DNA الڤيروسي لڤيروس (HIV) حسب تقنية (PCR تفاعل سلسلة البوليميراز): يظهر بعد أسبوعين وهو اختبار مؤكدّ.

6- زرع الڤيروس من وحيدات نوى الدم المحيطي وليس من المصل وهو اختبار مؤكّد يستخدم في الأبحاث فقط.

الخمج الأولي بڤيروس عوز المناعة الإنسانية أو (متلازمة الڤيروس الخلفي الحادة):

تراوح فترة الحضانة منذ التعرض المفترض للڤيروس إلى تطور المرض الڤيروسي الحاد مدة 3-6 أسابيع، ويتعلق ذلك بطريقة دخول العامل الممرض وبكمية الڤيروسات الداخلة للمريض. ومن التظاهرات السريرية التي تسجل على نحو شائع: الحمى بنسبة 80-90% والتعب العام 70-90%، والطفح الحصبوي والحطاطي الوسفي والحويصلي على أعلى الجذع والراحتين والأخمصين 50-60%، والألم العضلي والمفصلي 50-70%، والتهاب البلعوم 50-70%، والتعرق الليلي 50%، والغثيان والقياء والإسهال 30-60%.

ومن التظاهرات الأقل شيوعاً: انخفاض عدد الكريات البيض والصفيحات لدى 40-50% من المرضى، وانخفاض الوزن 25%، والتهاب السحايا العقيم 24%، والقهم 21%، واضطراب وظائف الكبد 20%، والتقرحات التناسليه 5-15%.

تتضمن الأدوية المضادة لڤيروس (HIV)، والعلاجات الفعالة المضادة للإيدز ثلاث مجموعات أساسية هي:

1- مثبطات إنزيم  الانتساخ العكسي المضاهي (المشابه) للنيوكليوزيد .nucleoside analogue reverse transcriptase inhibitors.

2- مثبطات إنزيم الانتساخ العكسي غير النيوكليوزيديnon- nucleoside reverse transcriptase inhibitors .

3- مثبطات البروتياز ( protease inhibitors (PIS

هذه الأدوية تنقص أو تمنع تشكيل (الطبعات - النسخات - copies) واستنساخ الرنا RNA إلى الدنا DNA في الخلايا المخموجة.

ومن هذه الأدوية زيدوفيودين zidovudine، ديدانوزين didanosine، زالسيتابين zalcitabine، ستافودين stavudine لاميفودين lamivudine، أباكافير abacavir.

هنالك موجودات جلدية مخاطية تعد استطباباً من أجل التحري المصلي عن أضداد الـHIV، إضافة إلى وجود عوامل الخطر للخمج وهي: متلازمة طفح الطور الحاد للخمج الڤيروسي (متلازمة طفح الخمج الحاد لـ (HIV، acute retroviral syndrome، الخمج الفطري تحت الظفر الداني، التقرحات الحلئية المزمنة، الطلاوة البيضاء الشعرية الفموية، غرن كابوزي، التهاب الأجربة بالحمضات، المليساء السارية وخاصة المتعددة على الوجه عند البالغين.

وهنالك حالات مرتبطة بخطورة عالية للخمج بالـHIV، أي من الأخماج المنتقلة بالجنس: الحلأ النطاقي المنتشر أو النخري، علامات تعاطي المخدرات بالحقن الوريدية، الإصابة الفموية البلعومية أو الفرجية المهبلية المتكررة بالمبيضات البيض.

وهناك حالات قد تترافق والخمج بالـ :HIV كاعتلال العقد اللمفية المعمم، والتهاب الجلد المثي المنتشر والمعند على العلاج، والقرحات القلاعية الناكسة والمعندة على العلاج.

أولاً- التظاهرات الجلدية المشاهدة في متلازمة نقص المناعة المكتسب:

1- الحكة والاندفاعات الحاكة في متلازمة (الإيدز): تعد الحكة عرضاً شائعاً لدى المرضى في المراحل المتقدمة، وهي تشير إلى ترقي المرض، وفي معظم الحالات تنجم الحكة عن جلادات أولية أو ثانوية أكثر مما تنجم عن اضطراب الاستقلاب المرافق للمرض. ويتضمن التشخيص التفريقي: التهاب الأجربة بالحمضات والاندفاع الحطاطي الحاك للإيدز والاندفاعات الجلدية الدوائية والتهاب الجلد التأتبي وجفاف الجلد والكتوبية الجلدية والتهاب الجلد التماسي والحكاك العقيدي، وأقل من هذا شيوعاً اللمفومات والقصور الكلوي والتهاب الكبد الڤيروسيB  وC وأمراض الكبد الانسدادية. كما أن مثبطات البروتياز ولاسيما الإيندينافير قد يسبب جفاف جلد مع حكة.

2- التهاب الجريبات بالحمضات والطفح الحطاطي الحاك (في الإيدز): التهاب الجريبات بالحمضات eosinophilic folliculitis هو جلاد حاك مزمن، يحدث عند المرضى في المراحل المتقدمة من الإيدز. يتظاهر بحطاطات جريبية صغيرة متوذمة بلون أحمر إلى وردي ويتظاهر على نحو أقل ببثرات. تظهر متناظرة على الصدر والأجزاء الدانية من الأطراف والرأس والرقبة. وهناك الاندفاع الحطاطي الحاك في الإيدز ويقدر شيوعه بنسبة 12-46% من المرضى الأفارقة والهايتيين، لكن انتشاره قليل في أوربا وأمريكا الشمالية، وله قيمة توقعية إيجابية للخمج بالإيدز تقدر بنسبة 85% ما يجعله مشخصاً للإيدز ولاسيما في البلدان التي تكون فيها القدرة على تشخيص الإيدز مصلياً محدودة. يتظاهر على شكل حطاطات شروية صلبة أو بعض البثرات العقيمة، كما قد تشاهد حمامى متناظرة على الجذع والأطراف وبشكل أقل شيوعاً على الوجه.

3- التهاب الجلد المثي: هو الاضطراب الجلدي الأكثر شيوعاً لدى الأشخاص المخموجين بالـHIV بنسبة تصل حتى 85%، ويرى في كل مراحل الإيدز. يشبه بتظاهراته الشكل الشائع لالتهاب الجلد المثي. تتوضع الإصابة على الوجه خاصة، ومنتصف الصدر، والثنيات المغبنية، ويُعدّ الشكل الشديد من الإصابة أو الشكل الذي يحدث على نحو مفاجئ أو حاد سبباً مهماً لإجراء الفحوص المصلية للـHIV، وهو صعب الاستجابة على المعالجات المعتادة وناكس دوماً.

4- الصداف الشائع: يزداد شيوع الصداف والتهاب المفاصل الصدافي عند مرضى الإيدز، وقد تبدأ الآفات الصدافية بالظهور قبل الخمج بالإيدز أو بعده. كما أن ظهور الآفات الصدافية عند مريض لديه خطر الإصابة بالإيدز يُعدّ مؤشراً مهماً لضرورة التحري المصلي عن الإيدز لدى هذا المريض. ولوحظ أن الصداف التالي بعد الإصابة بخمج الـHIV يتحسن جيداً بالمعالجة بالـ HAART.

5- الأحمرية الجلدية: قد تحدث الأحمرية في سياق الإيدز وقد تكون بسبب فرط الحساسية الدوائية أو التهاب الجلد التأتبي أو الصداف الشائع أو التهاب الجلد الضيائي أو متلازمة فرط الحمضات أو اللمفومات الجلدية التائية، أو داء النوسجات.

6- اضطرابات التصبغ: يعد فرط التصبغ أو نقصه التالي للخمج الاضطراب الأكثر شيوعاً للمصابين بالإيدز، كما قد تحدث ندبات ضخامية أو ضمورية تالية للخمج بالحلأ النطاقي.

7- الحساسية الضيائية: قد تكون الشكوى الأساسية في المرض المتقدم. وقد تحدث بسبب المعالجة الدوائية، وإن استعمال الـ HAART يزيد من احتمال تطوير الحساسية الضيائية.

ثانياً- التظاهرات الجلدية للاضطرابات المجموعية بسبب الإصابة بالإيدز:

1- البورفيريا والبورفيريا الكاذبة: ترتبط البورفيريا الجلدية المتأخرة في مرضى الإيدز عادة بمشكلة كبدية كالتهاب كبد C أو B أو الكحولية، أما البورفيريا الكاذبة فغالباً ما تحدث بسبب تحريض دوائي.

2- التهاب الأوعية الجلدي والمجموعي: قد يحدث هذا الالتهاب بسبب فرط حساسية دوائية أو الخمج بالڤيروس المضخم للخلايا، كالتهاب ما حول الشريان العقد ومتلازمة كاوازاكي.

3- اضطرابات البلعوم الفموي: يعاني معظم مرضى الإيدز غير المعالجين اضطرابات في البلعوم الفموي خلال سير المرض، وقد تكون هذه الاضطرابات التظاهرة الأولى للإيدز في 10% من المرضى، ويجب حين وجودها تحري الإيدز مصلياً.

والتظاهرة الأكثر شيوعاً هي الإصابة بالمبيضات البيض بنسبة 90% من المرضى. أما الاضطرابات الأخرى التي تصيب الفم والبلعوم فهي القرحات الحلئية وجفاف الفم والتهاب الشفة التقشري والقرحات القلاعية وغرن كابوزي. والطلاوة البيضاء الفموية المشعرة آفة نوعية للإيدز سببها حمة إبشيتاين بار، وهي علامة على ترقي المرض (الشكل 20).

4- الأورام الانتهازية: يزداد شيوع الأورام الانتهازية في مرضى الإيدز وهي تتضمن: غرن كابوزي (الشكلان 12 و22) والأورام المحرضة بالـ HIV ولمفوما لاهودجكن ولمفوما الجهاز العصبي المركزي. كما يزداد حدوث الأورام التالية: سرطان الجلد اللاميلانيني ولمفوما هودجكن ولمفوما الخلايا التائية وسرطان الرئة والغرن العضلي الأملس الطفحي والسرطانة الشائكة الخلايا الغازية والموضعة في المنطقة العجانية.

الشكل (20) طلوان المسعّر فموي لدى مريض مصاب بالإيدز الشكل (21) غزن كابوزي لدى مريض مصاب بالإيدز الشكل (22) غرن كابوزي في الغشاء المخاطي الفموي

ثالثاً- التظاهرات الجلدية للأعراض الجانبية للأدوية المستخدمة في علاج الإيدز:

الشكل (23) متلازمة الحثل الشحمي لدى مريض مصاب بالإيدز يعالج بال HAART

يرتفع حدوث الاندفاعات الدوائية الجلدية الناجمة عن الأدوية المختلفة عند مرضى الإيدز غير المعالجين 10 مرات عن الأشخاص الأصحاء، ولاسيما تجاه مركبات السلفا والبنسلينات؛ إذ ترى بنسبة 75% من الحالات، والاندفاعات الحصبوية هي الشكل الأكثر شيوعاً للطفوح الدوائية الناجمة عن السلفا والبنسلينات، كما قد تتظاهر على شكل اندفاعات شروية أو على شكل حمامى عديدة الأشكال أو اندفاع دوائي ثابت. وقد ترى تفاعلات فرط الحساسية تجاه الأدوية المضادة لـ HIV.

ترتبط متلازمة الحثل الشحمي lipodystrophy syndrome والمتلازمة الاستقلابية مع العلاج بمثبطات البروتياز على الأغلب، وتتميز متلازمة الحثل الشحمي بتوزع الدهن توزعاً شاذاً؛ وسمنة مركزية؛ مع تطور حدبة الثور على الظهر وزيادة محيط الرقبة والبطن وضخامة الأثداء (الشكل 23). أما الاضطرابات الاستقلابية فتتضمن المقاومة للإنسولين وارتفاع سكر الدم والشحوم والكولستيرول. ويتظاهر الضمور الشحمي بما يسمى مظهر الرياضي الكاذب على الوجه والأطراف؛ إذ تبرز الأوردة والعضلات على نحو واضح .

رابعاً- الأخماج المرافقة للإصابة بالإيدز:

1- الأخماج الانتهازية:

 يمكن القول: إن معظم أخماج الجلد والأغشية المخاطية التي تحدت في سياق الإيدز هي فرط نمو النبيت المستوطن أصلاً في الجلد مثل المبيضات البيض، أو امتداد نمو بعض العضيات إلى غير أماكن وجودها كالفطارات الجلدية، أو عودة تنشيط أخماج كامنة كڤيروسات الحلأ والمليساء السارية والڤيروسات الحليمومية والأخماج الجرثومية. وتعد العنقوديات المذهبة السبب الأكثر شيوعاً لحدوث الأخماج الجهازية والجلدية عند مرضى الإيدز. وقد لوحظ شيوع حمل العنقوديات المذهبة في الأنف ومنطقة العجان بنسبة تقارب 50% مع زيادة تسجيل حالات من المقاومة للميتيسيللين عند مرضى الإيدز. ويمكن مشاهدة طيف واسع من التقيحات الجلدية وأخماج النسج الرخوة، وتزداد نسبة حدوث هذه الأخماج مع درجة العوز المناعي، أما الزائفة الزنجارية Pseudomonas aeruginosa فتسبب أخماجاً أولية كالتهاب النسيج الخلوي والإكثيمة المواتية، وأخماج في أماكن وضع القثاطر الوريدية. كما تسبب أخماجاً ثانوية لاضطرابات موجودة مسبقاً كغرن كابوزي، وقد يحدث تجرثم دم كاختلاط لخمج الجلد بالزوائف.

والسل أكثر الأخماج الانتهازية شيوعاً عند مرضى الإيدز في البلدان النامية، ولكن حدوث السل الجلدي على نحو عام غير شائع.

والورام العصوي bacillary angiomatosis والـ bacillary peliosis المسببة بالبارتونيلا هانسيلا والبارتونيلا كونيتانا أكثر شيوعاً في الحالات المتقدمة من نقص المناعة المحدث بالإيدز. وتتميز هذه الحالات بوجود آفات تكاثرية وعائية تشبه الوعاؤومات الكرزية أو الحبيبومات المقيحة وغرن كابوزي.

2- الأخماج الفطرية:

تحدث بكثرة في المصابين بالإيدز وتكون بشكل أخماج سطحية، أو أخماج جلدية غازية، أو أخماج جهازية مع انتشار وتعمم دموي جلدي. وقد تقلد الإصابة بالفطور الشعروية الحمراء غرن كابوزي، كما أنها تسبب خمجاً فطرياً للجزء الداني من الصفيحة الظفرية، ويعد تشخيص هذه الحالة استطباباً لتحري الإيدز مصلياً. ويُعدّ داء المبيضات الجلدي المخاطي الذي يصيب المناطق الرطبة، كالمنطقة الشرجية التناسلية وصوار الفم، أو استعمار البلعوم الفموي بالمبيضات البيض عند الأشخاص المصابين بالإيدز أمراً شائعاً وذلك مع غياب أي تظاهرات سريرية أخرى. ويمكن أن يكون هذا الاستعمار استطباباً لتحري الإيدز. وتعد إصابة البلعوم الفموي أحياناً مؤشراً على ترقي المرض وتقدمه. ويتظاهر إما على شكل سلاق؛ وإما على شكل حمامي؛ وإما على شكل مفرط التصنع، وإما على شكل التهاب الصوار أو الشفة الزاوي. تصاب النساء المصابات بالإيدز بالمبيضات المهبلية بنسبة 33% مع ميل الإصابة إلى النكس، أما الأخماج الفطرية الغازية فتحدث بسبب انتشار الأخماج الفطرية الجلدية أو المخاطية انتشاراً دموياً أو لمفياً، وتصيب هذه الفطور الأحشاء ولاسيما الرئة كما تفعل الأخماج الرئوية الكامنة كداء النوسجات والفطور الكروانية وداء الشعريات المبوغة وداء المستخفيات؛ إذ يعاد تنشيطها وتتعمم إلى أعضاء مختلفة بما فيها السحايا في الحالات المتقدمة من الإصابة بالإيدز.

3- الأخماج الڤيروسية:

تشاهد الإصابة بأخماج ڤيروس الحلأ البسيط نمط 1 و2 عند مضعفي المناعة في الحالات المتقدمة. تميل الآفات إلى الإزمان وتكون لا نموذجية. وكل إصابة تقرحية حلئية تدوم أكثر من شهر تدعو إلى التفكير بالإصابة بالإيدز، سواء كانت الإصابة فموية أم تناسلية.

أما الحلأ النطاقي (داء المنطقة) فتكثر مشاهدته لدى الحملة الإيجابين للـHIV، وقد يظهر في أي مرحلة من المراحل بيد أنه يغلب أن يرافق قصوراً مناعياً حاداً، ويظهر لدى 45% من المصابين بالإيدز. وقد تكون الإصابة نخرية ومنتشرة خارج حدود الانتشار العصبي المعتاد. كذلك لوحظت حالات حماق خطرة لدى المصابين بالإيدز والذين لم تسبق إصابتهم بڤيروس الحماق - النطاقي، وقد تؤدي إلى ذات رئة ڤيروسية قاتلة.

المليساء السارية: تكون في المصابين بالإيدز كبيرة الحجم (أكبر من 1سم) وقد تكون الآفات متلاصقة بعضها ببعض أو مبعثرة وغالباً معندة على المعالجات، والوجه هو المكان المفضل للإصابة ثم الرقبة والمناطق المذحية.

الأخماج الحليمومية الإنسانية HPV: يشيع حدوثها في الإصابة بالإيدز كالثآليل الشائعة الكبيرة الحجم والمتداخلة بعضها ببعض ولا تستجيب للمعالجة. والثآليل المسطحة المنتشرة التي تشبه عسر تصور البشرة الثؤلولي.

والثآليل التناسلية، قد تكون سابقة لسرطان شائك الخلايا وتتوضع حول الشرج وأحياناً على البلعوم الفموي وهي تشبه الثآليل المتوضعة على الناحية العجانية (اللقمومات المؤنفة). تتظاهر على شكل لويحات كبيرة متعددة وقد تتحول إلى سرطانة ثؤلولية الشكل وهي ناكسة غالباً وصعبة الاستجابة للمعالجة.

4- الأخماج المنتقلة بالجنس:

 قد تكون سبباً مهماً جداً للإصابة بالإيدز، إذ ينتقل ڤيروس الـ HIV بالجماع إلى المصابين بأحد الأخماج المنتقلة بالجنس كالإفرنجي، والسيلان والقريح، والمتدثرات، والمشعَّرات، وقد تكون التقرحات التناسلية أحد عوامل الخطورة العالية للإصابة بالإيدز.

فهنالك إذاً علاقة متداخلة ووطيدة بين تلك الأخماج والـ HIV.

 

التصنيف : أمراض الجلد
النوع : أمراض الجلد
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 90
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1085
الكل : 40595662
اليوم : 125477