logo

logo

logo

logo

logo

التهاب الجلد التأتبي والتهابات الجلد الأكزمائية

التهاب جلد تاتبي والتهابات جلد اكزماييه

atopic dermatitis and eczematous dermatitis - dermatite atopique et dermatites eczémateuses



التهاب الجلد التأتبي، والتهابات الجلد الأكزمائية

 

ليديا عوض

التهاب الجلد التأتبي
أمراض الجلد الأكزمائية

 

أولاًً- التهاب الجلد التأتبي:

يعرف التهاب الجلد التأتبي (  atopic dermatitis (ADيضاً بالأكزيمة التأتبية، وهو التهاب جلد حاك بشدة ينجم عن تفاعل معقد بين الاستعداد الوراثي المؤدي إلى اضطراب في الوظيفة الحاجزية للجلد، وعيب defect في الجهاز المناعي مؤدياً إلى ازدياد الاستجابة المناعية للمؤرجات مثل الأطعمة والمواد المستنشقة والمستضدات الجرثومية. وقد تبدو في العائلات المصابة بالأكزيمة التأتبية حوادث ربو، ورشح تحسسي. ومع أن الاستعداد للإصابة بالتهاب الجلد التأتبي يورث ولكن الوراثة لا تتبع فيه نمط مندل. وقد ازداد حدوث مرض التأتب منذ سنة 1960 وخاصة في المدن الصناعية مما يشير إلى شأن العوامل المحيطية البيئية في إظهار المرض.

تزداد شدّة الإصابة بالتأتب عند الطفل إذا كان أحد الأبوين مصاباً؛ إذ يصاب أكثر من ثلث الأطفال بالتهاب الجلد التأتبي لأم تأتبية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحياة في حين يصاب نصف الأطفال بأعراض أرجية بعمر السنتين وتزداد النسبة إلى 79% إذا كان الأبوان مصابين.

التصنيف والمظاهر السريرية:

يمر التهاب الجلد التأتبي بثلاث مراحل:

> التهاب الجلد التأتبي في الرضع: يحدث من الشهر الثاني حتى عمر السنتين.

> التهاب الجلد التأتبي في الأطفال: يحدث من عمر السنتين إلى عشر سنوات.

> التهاب الجلد التأتبي في الكهول.

ولا يوجد مظهر واحد مميز للـ AD ولا تحريات مخبرية مشخصة له؛ لذا يعتمد التشخيص على مجموعة من الموجودات التشخيصية التي وصفت من قبل حنيفين ورجكا Hanifin & Rajka.

مظاهر التهاب الجلد التأتبي:

1- المظاهر الرئيسة: بتطلب تشخيص AD أن يكون لدى المريض ثلاثة من المظاهر التالية:

> الحكة.

> الشكل والتوزع الوصفي للآفات: تحزز السطوح الانعطافية، وإصابة السطوح الانبساطية والوجه عند الرضع والأطفال.

> التهاب جلد مزمن وناكس.

> قصة مرضية شخصية أو عائلية للإصابة بالتأتب (الربو، التهاب الأنف التحسسي، التهاب الجلد التأتبي).

2- الموجودات الشائعة الأخرى: جفاف الجلد، وطيات دني - موركان Dennie - Morgan، والهالات السود حول العينين وشحوب الوجه والنخالية البيضاء القاصرة، والتقران الجرابي، والسماك الشائع وظهور خطوط ملحوظة في جلد الراحتين والأخمصين وكتوبية الجلد البيضاء، والتهاب الملتحمة، والقرنية المخروطية، والساد المحفظي الأمامي، وارتفاع الغلوبولين المناعي المصلي IgE، والارتكاس المباشر للاختبار الجلدي.

تناقص الوظيفة الحاجزية للجلد التأتبي decreased skin barrier function:

يرافق الـ AD نقص وظيفة الجلد الحاجزية التي تتجلى سريرياً بجفاف الجلد الذي ينال خاصة المناطق غير الالتهابية، كما يرافق هذا الجفاف تبدلات شكلية وفيزيائية وكيميائية حيوية. يتبدل التركيب الكيميائي للّيبيدات البشروية عند التأتبيين كماً وكيفاً. كما أن نقص هذه الوظيفة يرجع إلى تراجع الغلاف التقرني (فيلاغرين  filaggrin ولوريكرين  loricrin)، ونقص مستوى السيراميدات، وزيادة مستوى الإنزيمات الحالة للبروتيئين داخلية المنشأ وزيادة خسارة الماء عبر البشرة. يؤدي استعمال الصوابين والمنظفات الزائد إضافة إلى جفاف الجلد إلى ارتفاع pH الجلد ورفع فعالية البروتياز الداخلية المنشأ مؤدياً إلى نقص الوظيفة الحاجزية للجلد. كما قد تتخرب هذه الوظيفة بفعل التعرض للبروتياز خارجية المنشأ مثل غبار العتّ المنزلي والعنقوديات المذهبة. وتزداد هذه الحال سوءاً بسبب غياب بعض مثبطات البروتياز الداخلية في الجلد التأتبي. علماً أن هذه التبدلات البشروية تساعد على زيادة نفوذية المحسسات عبر الجلد وعلى سهولة الاستعمار الجرثومي.

التشريح المرضي لالتهاب الجلد التأتبي:

يبدي الجلد السليم سريرياً عند المصابين بالتهاب الجلد التأتبي فرط تنسّج بشروي ورشاحة خفيفة، وتتناثر الخلايا اللمفاوية التائية حول الأوعية.

تتصف الآفات الأكزيمائية الحادة بوذمة شديدة بين الخلايا البشروية (تسفنج). وتبدي الخلايا المقدمة للمستضد (خلايا لانغرهانس والبالعات الكبيرة) في الجلد المصاب، وبشكل أقل في الجلد السليم الجزيئات السطحية الرابطة للغلوبولين المناعي( E (IgE. كما تشاهد في البشرة رشاحة متناثرة وخفيفة من الخلايا التائية. أما في الأدمة فتتدفق الخلايا التائية مع وجود بعض البالعات ووحيدات النوى أحياناً. تحتوي هذه الرشاحة اللمفاوية الخلايا التائية مفعلة الذاكرة الحاملة لـ CD3 وCD4 وCD5RO مشيرة إلى التعرض السابق للمستضد. ومن النادر وجود الحمضات في التهاب الجلد التأتبي الحاد، أما الخلايا البدينة فتكون موجودة بأعدادها الطبيعية وفي جميع مراحل إفراغ حبيباتها degranulation.

تتصف الآفات المزمنة المتحززة بفرط تنسج البشرة وتطاول الاستطالات البشروية، وفرط تقرن شديد وتسفنج ضئيل (الشكل 1)، إضافة إلى زيادة خلايا لانغرهانس الحاملة للـ IgE في البشرة، كما تسيطر البالعات الكبيرة في الرشاحة الخلوية الأدمية. يزداد عدد الخلايا البدينة ولكنها تكون محببة. تغيب العدلات في الآفات الجلدية حتى مع حدوث خمج ثانوي بالعنقوديات المذهبة. وتشاهد زيادة عدد الحمضات في الآفات المزمنة. تنحل هذه الخلايا مع تحرر حبيباتها البروتينية في الأدمة العليا للجلد المصاب. يعتقد أن الحمضات تسهم في الالتهاب التحسسي بإفرازها السيتوكينات والوسائط التي تزيد الالتهاب التحسسي وتحرض على أذية النسج في التهاب الجلد التأتبي خلال إنتاج وسائط الأكسجين الارتكاسي reactive oxygen intermediates وتحرر حبيبات بروتينية سامة.

الشكل (1)
التبدلات النسيجية  للاشكال المزمنة من التهاب الجلد التاتبي

الإمراض المناعي immunopathology:

يزداد حدوث التهاب الجلد التأتبي لأسباب متعددة: فإضافة إلى العامل الوراثي القوي يبدو أن للعوامل البيئية شأناً في حدوثه أيضاً. كما يبدو أن الآفات تحدث نتيجة ارتكاسات مناعية لمستضدات مختلفة. ومع أن العامل المناعي هو الأساسي والأهم في حدوث الأعراض والعلامات يبقى لاضطراب الوظيفة الحاجزية للجلد وللارتكاسات الوعائية والعصبية شأن مهم أيضاً.

يحدث التهاب الجلد التأتبي نتيجة تحرر بعض السيتوكينات والكيموكينات موضعياً؛ إذ يتحد السيتوكين المتحرر مثل عامل التنخر الورمي ألفا (TNF-aα)، والأنترولكين1 (IL-1) من خلايا الجلد (الخلايا البشروية، الخلايا البدينة، الخلايا ذات التغصنات) ومستقبلات الخلايا البطانية للأوعية الدموية، منشطاً السبل التي تؤدي إلى تحريض جزيئات الالتصاق لتلك الخلايا؛ مما يؤدي إلى ارتباط الخلايا الالتهابية وتفعيلها والتصاقها بالخلايا البطانية ومن ثم خروجها إلى الجلد استجابة لمدروجات الانجذاب الكيميائي التي تشكلها الكيموكينات المنبثقة من أماكن الإصابة أو الخمج.

يرافق التهاب الجلد التأتبي الحاد إنتاج سيتوكينات الخلايا التائية المساعدة نمط 2 (Th2) بخاصة  IL-4 وIl-10 - IL-5- IL-13 التي تتواسط التحول النمطي للغلوبولين المناعي ( E (IgE وتنظم ظهور جزيئات الالتصاق على الخلايا البطانية. أما السيتوكين IL-5 فيتداخل في تطور الحمضات واستمرار حياتها ويغلب وجوده في التهاب الجلد التأتبي المزمن، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى IgE والحمضات في النسج والدم المحيطي. أما الأنترلوكين 10 فيثبط فرط الحساسية المتأخرة.

ذكر أن زيادة انتاج العامل المحرض لمستعمرة الخلايا الحبيبية البالعة granulocyte macrophage colony- stimulating factor في التهاب الجلد التأتبي يؤدي إلى تثبيط الموت الخلوي المبرمج لوحيدات النوى وبالتالي يؤدي إلى استمرار التهاب الجلد. كما يسهم في استمرارية التهاب الجلد إنتاج السيتوكينات IL-12 و IL-18 المشابهة لمنتج الخلايا التائية المساعدة  النمط  1 (Th1-Like)، وعدد كبير من السيتوكينات التي تتداخل في إعادة القولبة تشمل الأنترلوكين

11 (IL-11) وعامل النمو المحول 1bβ (Transforming growth factor-1bβ )

وتوجد أنواع أخرى من الخلايا لها شأن في التهاب الجلد التأتبي منها:

1- الخلايا المقدمة للمستضدantigen presenting cells : يحتوي جلد المصاب بالالتهاب التأتبي نوعين من الخلايا ذات التغصنات عالية الألفة الحاملة لمستقبلات الـIgE  :، هما خلايا لانغرهانس Langerhans cell (LC )  والخلايا ذات التغصنات البشروية الالتهابية. لخلايا لانغرهانس الحاملة للـ IgE شأن أساسي في تقديم المؤرجات الجلدية إلى الخلايا التائية المساعدة (TH2) المنتجة للأنترلوكين (IL4). كما تستطيع خلايا لانغرهانس الحاملة للـ IgE في الآفات الجلدية أن تقدم المحسسات الاستنشاقية إلى الخلايا التائية في حين لا تستطيع خلايا لانغرهانس غير الحاملة للـ IgE أن تقوم بهذا الدور؛ لذا فإن هذه النتائج توحي أن وجود مستقبلات الـ IgE على LC يسهل عملية التقاط المؤرجات وإدخالها إلى داخل هذه الخلايا قبل معالجتها وتقديم المستضد إلى الخلايا التائية. كما تقوم خلايا لانغرهانس التي التقطت المحسس بتفعيل خلايا TH2 الذاكرة في الجلد التأتبي لكنها قد تهاجر إلى العقد اللمفية لتحرض الخلايا التائية الساذجة TC naïve  مؤدية إلى زيادة عدد الخلايا التائية (TH2).

يحتوي الجلد المصاب بالالتهاب التأتبي عدداً قليلاً من الخلايا المصورية الشكل plasmacytoid  التي تسهم في مناعة الجسم ضد الأخماج الڤيروسية.

2- الخلايا التائية T cells: للجلد الحاوي على الخلايا التائية الذاكرة شأن مهم في الآلية الإمراضية لالتهاب الجلد التأتبي، وخاصة في المرحلة الحادة من المرض.

بينت عدة دراسات وجود الخلايا التائية المساعدة 2 المشابهة (TH2- like) في التهاب الجلد التأتبي الحاد التي تنتج السيتوكينات المسببة لالتهاب الجلد الأرجي. كما تحرض خلايا TH2 تفعيل الخلايا البشروية المبرمج وموتها.

أما في مرحلة الالتهاب المزمن فتحدث زيادة في الخلايا التائية المساعدة  المشابهة 1 (TH1- like) التي تنتج الـ gγ- IFN. وصف حديثاً نوع آخر من الخلايا التائية هي الخلايا التائية المنظمة (Treg) التي لها شأن مثبط مناعي وصيغ مختلفة من السيتوكينات. يمكن لخلايا (Treg) تثبيط الاستجابة لتشكيل TH1، وTH2. ومن المهم أن المستضدات الفوقية superantigens للجراثيم العنقودية تخرب وظيفة خلايا Treg الكابحة وبالتالي تزيد التهاب الجلد.

3- الخلايا القرنية keratinocytes: للخلايا القرنية شأن مهم في زيادة الالتهاب في الجلد التأتبي. تفرز هذه الخلايا صيغة خاصة من السيتوكينات والكيموكينات بعد تعرضها لسيتوكينات قبل الالتهابية pro- inflammatory، تشمل مستويات عالية من الـRANTES (regulatedon activation normal T-cell expressed and secreted)  بعد التحريض بالـ TNF-aα والـ INF-gγ. كما أنها منبع مهم للمّفوبويتين اللحمي التيموسي thymic stromal lymphopoietin التي تحرض الخلايا ذات الغصينات على إفراز الـ IL-4 وIL-13 من الخلايا التائية الساذجة naïve.

تؤدي الخلايا القرنية دوراً رئيساً في الاستجابة المناعية الفطرية (الخلقية) innate من خلال وجود: مستقبلات خاصة (مستقبلات شبيهة بحاجز الرسوم toll - like receptors)، وإنتاج سيتوكينات قبل الالتهابية، وإنتاج ببتيدات مضادة للجراثيم وذلك استجابة لرض الأنسجة أو للغزو الجرثومي.

بينت عدة دراسات أن الخلايا القرنية في الجلد التأتبي تنتج كمية قليلة من البيبتيدات المضادة للجراثيم وهذا ما يؤهبها للاستعمار الجرثومي والخمج بالعنقوديات المذهبة، والفيروسات والفطور. يكون هذا الخلل مكتسباً نتيجة تثبيط سيتوكينات الخلايا التائية المساعدة 2 (  TH2  (IL-13, IL-10, IL-4 لتشكيل الببتيدات المضادة للجراثيم المحرض بالإنترفيرون غاما IFN-gγ.

الوراثة: 

يورث الاستعداد للإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، ولعدة مورثات شأن في إحداث المرض. وللمورثات المسؤولة عن عمل الجلد بصفته حاجزاً (مورثات التمايز البشروي، مورثات الاستجابة المناعية، ومورثات دفاع الثوي) شأن أساسي في حدوث AD.

وعلى الرغم من وجود العديد من المورثات التي لها شأن في الإصابة بالـ AD فإن الاهتمام يتركز على المورثات المسؤولة عن الوظيفة الحاجزية والتمايز البشروي للجلد وعلى مورثات الاستجابة المناعية ودفاعات الثوي.

إن الطفرات التي تؤدي إلى فقد وظيفة البروتينات البشروية المسؤولة عن الوظيفة الحاجزية للجلد مثل الفيلاغرين filaggrin هي عامل مؤهب أساسي للإصابة بالـ AD وبالسماك الشائع المرافق للـ AD.

أظهرت الدراسات أيضاً شأن مورثة أخرى spinks تظهر في الطبقة العليا للبشرة حيث تعمل منتجاتها على تثبيط نوعين من البروتياز المصلي لهما دور في التوسف والالتهاب هما:

stratum corneum tryptic enzyme (SCT ) و (stratum corneum chymotryptic (SCCT، ويزداد وجود SCT enzyme في الـ AD مما يوحي أن حدوث عدم توازن بين البروتياز ومثبطات البروتياز له شأن في إحداث التهاب الجلد التأتبي، مما يدل على أهمية وظيفة الجلد الحاجزية في إمراضية التهاب الجلد التأتبي؛ لأن ضعف هذه الوظيفة يسمح بزيادة ضياع الماء عبر البشرة وزيادة نفوذية الجلد للمؤرجات والمستضدات والمواد الكيميائية من المحيط الخارجي مؤدية إلى استجابة التهابية في الجلد.

ومن المهم معرفة أن طفرات الفيلاغرين هذه وطفرات أخرى تصيب الوظيفة الحاجزية للجلد قد تحدث عند أشخاص سليمين غير مصابين، وعند المصابين بالسماك الشائع الذين لا يشكون من الـ AD، وأن غالبية مرضى الـ AD الفاقدين لهذه الوظيفة الحاجزية يصابون بالتهاب الجلد مما يدل على أن لمنتجات جينات أخرى شأناً في إمراضية الـ AD.

دور الحكة في التهاب الجلد التأتبي:

تعد الحكة من الأعراض الرئيسة في التهاب الجلد التأتبي AD. وتتجلى بفرط ارتكاس الجلد وحكة شديدة بعد التعرض للمواد المؤرجة، وتغير الرطوبة، وفرط التعرق وتراكيز ضئيلة من المخرشات. من المهم السيطرة على الحكة لأن الرض الميكانيكي من خدش الجلد يمكن أن يحرض تحرر سيتوكينات ما قبل الالتهابية والكيموكينات مؤدياً إلى حلقة مفرغة من الخدش والحكة ما يؤدي إلى استمرار الاندفاعات الجلدية في AD.

ان استجابة الحكة للمعالجة بالستيروئيدات القشرية ومثبطات الكالسينورين calcineurine  يوحي أن للخلايا الالتهابية شأناً مهماً في الحكة. ومن الجزيئات التي لها شأن في الحكة أيضاً السيتوكينات المشتقة من الخلايا التائية مثل IL-31، والببتيدات العصبية المحرضة بالشدة النفسية والبروتياز الفعال مثل البروتياز الذي يعمل على مستقبلات البروتياز المفعلة، والإيكوزانوئيد eicosanoids، والبروتينات المشتقة من الحمضات.

الموجودات السريرية:

يبدأ التهاب الجلد التأتبي على نحو وصفي في أثناء الطفولة الأولى. إذ يظهر المرض عند نحو 50% من المرضى في السنة الأولى من الحياة، وعند 30% بين السنة الأولى والخامسة. ويظهر لدى 50-80% منهم التهاب أنف تحسسي أو ربو.

1- الآفات الجلدية:

الشكل (2) أكزيمة الرضع (التأتبية) في الوجه
الشكل (3) التهاب جلد تأتبي متحزز في الحفرتين المئبضيتين
الشكل (4) طيات واضحة في الجفنين السفليين لدى طفل مصاب بالتهاب الجلد التأتبي
الشكل (5) كتوبية الجلد البيضاء في التهاب الجلد التأتبي

يختلف توزع الآفات الجلدية باختلاف عمر المريض وفعالية المرض.

أ- التهاب الجلد التأتبي في الرضَّع: يظهر التهاب الجلد التأتبي عند الرضع في 60% من الحالات في أثناء السنة الأولى، وتبدأ عادة بعد الشهر الثاني بحمامي وتوسف الخدين (الشكل2). قد ينتشر الالتهاب إلى الفروة والرقبة والجبين والمعصمين والسطوح الانبساطية للأطراف، وتعف الآفات عادة عن منطقة الحفاض. قد تكون الآفات حمامية حويصلية نازة كما تظهر علامات ثانوية ناجمة عن الحكة والخمج الثانوي مثل: الجلبات والبثرات والتحزز. يختفي التهاب الجلد بعد السنتين من العمر. يتفاقم التهاب الجلد التأتبي غالباً بعد التلقيح والأخماج الڤيروسية.

يتراجع الالتهاب جزئياً في فصل الصيف ويعاود في فصل الشتاء، وقد ينجم ذلك عن الفعل المعالج للأشعة فوق البنفسجية (UVB) والرطوبة. يتفاقم الالتهاب في فصل الشتاء بسبب الألبسة الصوفية وجفاف الجو. وشأن الأطعمة في التهاب الجلد التأتبي عند الأطفال والرضع موضع للجدل، يذكر منها الحليب والبيض والفول السوداني والجوز والبندق والسمك والصويا.

ب- التهاب الجلد التأتبي في الأطفال: يظهر التهاب الجلد التأتبي المزمن مع تحزز عند الأطفال الأكبر سناً وحين إزمان الالتهاب، تتوضع الآفات في السطوح الانعطافية للأطراف (الشكل 3). وتتراجع مع تقدم العمر.

ج- التهاب الجلد التأتبي في الكهول: يبقى الجلد مؤهباً عند البالغين للحكة والالتهاب حين تعرضه للمخرشات الخارجية. قد تكون أكزيمة اليدين أول تظاهرات التهاب الجلد التأتبي في الكهول.

من العلامات الجلدية الواسمة ظهور طية عرضية متسمكة تحت حافة الجفن السفلي معروفة بطية  دني- موركان (الشكل 4)، ولكن قد تشاهد هذه الطية مع أي التهاب جلد مزمن يصيب الأجفان. ومن الشائع مشاهدة زيادة الطيات الجلدية والهالات السود في الأجفان عند التأتبيين.

يكون الجلد غير المصاب عند التأتبيين جافاً وحمامياً قليلاً. وتزداد خسارة الماء عبر البشرة بسبب اضطراب الطبقة المتقرنة، كما تكون عتبة التخريش منخفضة.

تشكل النخالية القاصرة (البيضاء) أحد أشكال التهاب الجلد تحت السريري وذات منشأ تأتبي غالباً.

ومن الشائع ترافق التهاب الجلد التأتبي والتقران الجرابي للعضدين والساقين والخدين والأليتين، وهو لا يستجيب غالباً للمعالجة.

وتشاهد عند التأتبيين أحياناً علامة هيرتوف sign of Hertoghe وهي خفة الأشعار في النهاية الوحشية للحاجبين. كما تشاهد الرقبة المتسخة "dirty neck" الناجمة عن فرط التقرن مع فرط التصبغ.

2- السمات الوعائية:

يبدي التأتبيون شحوباً حول الفم وحول الأنف وحول الحجاج، وتظهر كتوبية الجلد البيضاء (الشكل 5) في مكان الرض بآلة غير حادة وذلك بإحداث خط أبيض عوضاً من ظهور الانتبار والوهيج الأحمر. والحقن بالهيستامين داخل الأدمة لا يعطي الانتبار والوهيج الأحمر، يكون لدى التأتبيين استعداد للإصابة بالشرى وبشرى التماس أيضاً.

3- الشذوذات العينية:

يحدث لدى 10% من التأتبيين ساد تحت المحفظة أمامي أو خلفي. ولايمكن تمييز الساد تحت المحفظة الخلفي من الساد الناجم عن الستيروئيدات. ومن النادر حدوث القرنية المخروطية إذ تحدث عند 1% من التأتبيين فقط.

التحريات المخبرية:

ليس من الضروري إجراء فحوص مخبرية في تقييم الحالات غير المختلطة من الـ AD ومعالجتها. يكون IgE المصل مرتفعاً في 70-80% من المرضى. ويرافق ارتفاع IgE تحسس للمؤرجات المستنشقة والمؤرجات الطعامية. وتكون  لدى 20-30% من نسبة IgE المصل طبيعية الـ AD، كما لا يبدي هذا النوع من التهاب الجلد التأتبي تحسساً للمؤرجات المستنشقة أو الأطعمة. ولكن قد يكون لدى بعضهم تحسس للـ IgE ضد المستضدات الجرثومية مثل العنقوديات المذهبة والمبيضات البيض والمالاسيزيا سيمبوديالس malassezia sympodialis.

التشخيص:

من المظاهر الرئيسة المهمة في التشخيص الحكة والتهاب الجلد الأكزيمائي المزمن والمتكرر بمظهره الوصفي وتوزعه النموذجي. إضافة إلى شمول المظاهر الأخرى للأرج الخارجي المنشأ أو ارتفاع IgE المصل التي لا تكون مرتفعة دوماً.

التشخيص التفريقي لالتهاب الجلد التأتبي:

ليس من الصعب تشخيص التهاب الجلد التأتبي بسبب تناظره وانتقائه للوجه والرقبة، والسطوح الانعطافية للمرفقين والمئبضين. تشمل الأمراض الجلدية التي تشبه التهاب الجلد التأتبي التهاب الجلد المثي (خاصة لدى الأطفال)، والتهاب الجلد التماسي الأرجي أو التخريشي، والتهاب الجلد المدنّر والجرب والصداف (وخاصة الراحي الأخمصي). قد تبدي بعض متلازمات نقص المناعة التهاب جلد شبيهاً بالتهاب الجلد التأتبي. كما يجب التفريق بينه وبين الأمراض الجلدية الالتهابية الأخرى مثل عوز المناعة والخباثات الجلدية والأدواء الوراثية والأمراض الخمجية والطفيلية التي تشارك بالأعراض والعلامات التهاب الجلد التأتبي. وحين يشاهد طفل ناقص النمو في السنة الأولى من العمر مع إسهال، وطفح حمامي وسفي معمم وخمج جلدي أو جهازي يجب تقييم الحالة بالبحث عن متلازمة عوز المناعة، كما أن متلازمة فيسكوت - ألدريش (داء يورث كصفة مقهورة مرتبطة بالجنس X-) تتصف بموجودات جلدية لا تفرق عن التهاب الجلد التأتبي.

وإن حدوث التهاب جلد أكزيمائي عند الكهل مع عدم وجود قصة مرضية للأكزيمة من الطفولة، وأرج تنفسي، أو قصة عائلية تأتبية، تشير إصابته إلى التهاب جلد أرجي تماسي.

الشكل (6) التعاب الأجفان وتسمكها مع فقدان أجزاء من الحاجب و الأهداب بسبب الحكة الشديدة في ال AD

 كما يجب نفي اللمفوما الجلدية التائية عند أي مريض كهل مصاب بالتهاب جلد مزمن لا يستجيب للمعالجة الموضعية بالستيروئيدات القشرية، وتمييز التهاب الجلد التأتبي من الصداف، والسماك والأكزيمة المثية.

المضاعفات:

1- الاضطرابات العينية: قد تؤدي المضاعفات العينية المرافقة لالتهاب الجلد التأتبي الشديد إلى مراضة مهمة. من الشائع ترافق التهاب جلد الأجفان (الشكل 6) والتهاب الملتحمة المزمن والتهاب القرنية على نحو شائع الـ AD، وقد يؤدي إلى نقص الرؤية بسبب تندب القرنية. وقد يرافق الـ AD الرمد الربيعي والقرنية المخروطية وأحياناً الساد الذي يعزى إلى المعالجة المديدة بالستيروئيدات القشرية الموضعية أو العامة.

2- الخمج: تحتوي أكثر من 90% من الآفات الأكزيمائية المزمنة على العنقوديات المذهبة، وبأعداد كبيرة غالباً. كما يكون الجلد السليم ظاهرياً مستعمراً بهذه الجراثيم؛ لذا تفيد الصادات في معالجة هجمة التهاب الجلد التأتبي. كما قد تشارك الجراثيم العقدية في الأخماج الشديدة.

قد يختلط الـ AD بخمج جلدي حموي ناكس يظهر وجود خلل موضعي بوظيفة الخلايا التائية. أهم هذه الأخماج الحموية الحلأ البسيط الذي قد يصيب جميع المرضى في جميع الأعمار مما يؤدي إلى حدوث طفح حماقي الشكل أو أكزيمة حلئية (الطفح الحماقي الشكل لكابوزي) حيث تظهر اندفاعات حويصلية بثرية متعددة حاكة متناثرة بعد فترة حضانة من 5-12 يوماً. تكون الاندفاعات الحويصلية مسرّرة وتميل للتجمع وغالباً ماتصبح نزفية وتتشكل عليها الجلبات. يحدث تسحج مؤلم بشدة، قد تتجمع هذه الآفات على مناطق واسعة معراة ونازفة قد تمتد لتشمل الجسم بأكمله لذا يمنع التطعيم ضد الجدري أو التعرض لأشخاص ملقحين حديثاً. تكون الإصابة بالخمج الفطري السطحي أكثر شيوعاً عند الأشخاص التأتبيين وقد يؤدي إلى تفاقم الـ AD. وتحدث زيادة الأضداد IgE ضد الملاسيزية في التهاب جلد الرأس والرقبة التأتبي في حين لا تحدث هذه الزيادة عند المصابين بالربو.

ونادراً ما يحدث خمج عميق بالعنقوديات المذهبة مما يدل على وجود متلازمة نقص مناعة مثل متلازمة فرط IgE.

3- التهاب جلد اليدين: يحدث غالباً عند التأتبيين التهاب جلد اليدين التخريشي اللانوعي الذي يتفاقم مع بلل اليدين وغسلهما على نحو متكرر بمواد منظفة ومطهرة قاسية.

4- التهاب الجلد التقشري: قد يبدي المرضى التأتبيون المصابون بالتهاب الجلد التأتبي المنتشر التهاب جلد تقشري يشاهد فيه حمامى منتشرة مع وسوف ونز وجُلب وانسمام مجموعي، وضخامة العقد اللمفاوية وترفع حروري، ورغم ندرة حدوث هذه المضاعفة فإنها تُعد مهددة للحياة.

يحدث هذا الالتهاب عادة بسبب خمج شديد تحدثه العنقوديات المذهبة المفرزة للسموم، أو الخمج بڤيروس العقبولة البسيطة، أو استمرار تخريش الجلد أوالمعالجة غير المناسبة أي إيقاف المعالجة بالستيروئيدات القشرية الجهازية في حالات التهاب الجلد التأتبي الشديد التي قد تكون من العوامل المسببة لاحمرار الجلد التقشري.

الإنذار (المآل) والسير السريري: 

من الصعب التنبؤ بسير التهاب الجلد التأتبي عند أي مريض، وعموماً يميل المرض إلى الاستمرارية والشدة عند الأطفال الصغار. كما تظهر فترات الهدأة على نحو متكرر.

ذكر حدوث تراجع تلقائي للـ AD عند 40-60% من المرضى بعد عمر 5 سنوات، كما قد تحدث رجعة للـAD  في عمر الكهولة عند 50% من المرضى المعالجين في سن المراهقة لالتهاب جلد خفيف.

من المهم الانتباه له من الناحية المهنية أن الأشخاص الكهول الذين عانوا في طفولتهم من التهاب الجلد التأتبي وهم في هدأة المرض قد يصابون بالتهاب جلد اليدين وخاصة إذا تطلب عملهم  اليومي غسيل اليدين المتكرر.

وتشير العوامل التالية في الـ AD إلى إنذار سيئ: الانتشار الواسع لالتهاب الجلد التأتبي في الطفولة، اشتراكه والتهاب الأنف الأرجي والربو، وقصة عائلية لالتهاب جلد تأتبي عند الأهل أو الإخوة، وحدوث المرض باكراً في الطفولة الأولى ومستوى IgE عالياً جداً في المصل.

المعالجة:  

معالجة الـ AD متعددة الاتجاهات، ولضمان نجاحها يجب أن تتوجه أولاً إلى ترطيب الجلد، والمعالجة الدوائية، ومعرفة العوامل المحرضة وإزالتها مثل المخرشات والمؤرجات والعوامل الخمجية والعوامل النفسية. لذا يجب أن يوضع مخطط معالجة لكل مريض على حدة اعتماداً على حدّة الاندفاعات والعوامل المثيرة التي تكون خاصة بكل مريض. كما يجب اللجوء إلى المعالجات المتناوبة بين مضادات الالتهاب والعوامل المعدلة للمناعة عند المرضى الذين لا يستجيبون للمعالجات التقليدية.

1- المعالجات الموضعية:

أ- ترطيب الجلد: تكون وظيفة الجلد الحاجزية ناقصة في المصابين بالتأتب إضافة إلى جفاف الجلد ممايؤدي إلى حدوث تشققات جلدية تشكل باباً لدخول العوامل الممرضة والمخرشة والمؤرجات، وتتفاقم الحالة المرضية في الشتاء الجاف وفي أجواء بعض الأعمال.

يفيد نقع الجسم في حمام ماء فاتر مدة عشرين دقيقة على الأقل يتبعه تطبيق مراهم كتيمة مطرية للحفاظ على رطوبة الجلد في تهدئة الأعراض عند كثير من المرضى، وتقوي وظيفة الجلد الحاجزية، وقد تنقص من الحاجة إلى الستيروئيدات الموضعية. تكون المرطبات بشكل دهون (لوسيون) أو رهيم (كريم) أو مرهم. لكن بعض الكريمات قد تكون مخرشة بسبب احتوائها على المواد الحافظة والحالة والعطور. قد يكون "اللوسيون" الحاوي على الماء مجففاً بسبب عمل التبخر. يمكن الحصول على المراهم المحبة للماء وبدرجات مختلفة اللزوجة بحسب حاجة المريض. وربما لا يتحمل بعض المرضى المراهم الكتيمة لأنها تتعارض مع وظيفة قنوات الغدد العرقية وقد تؤدي لالتهاب الأجربة الشعرية.

وتحسن المعالجات الموضعية لإعاضة المواد الدسمة البشروية رطوبة الجلد وتنقص من اضطراب وظيفة الجلد الحاجزية.                                                                                                           

يعزز الترطيب بالحمامات أو الضمادات الرطبة نفوذية الستيروئيدات القشرية الموضعية عبر البشرة. كما تفيد الضمادات بوصفها حاجزاً فعالاً ضد الحكة والتسحيج، وقد تؤدي إلى شفاء الآفات المتسحجة بسرعة إذا ما تبعها تطبيق مطريات موضعية، لكن كثرة استعمال الضمادات الرطبة قد يؤدي إلى تعطين الجلد وحدوث خمج ثانوي.

ب- المعالجة الموضعية بالستيروئيدات القشرية:  تعد الستيروئيدات القشرية الموضعية حجر الأساس في المعالجة المضادة للالتهاب في الآفات الجلدية الأكزيمائية. وبسبب احتمال حدوث الاختلاطات الجانبية يلجأ أكثر الأطباء إلى استعمالها للسيطرة على المرحلة الحادة المتفاقمة من الـ AD فحسب.

يجب تجنب استعمال الستيروئيدات المفلورة على الوجه والمناطق التناسلية والثنيات واستعمال المستحضرات الستيروئيدية المنخفضة الفعالية في هذه المناطق. كما يجب أن يطبق المريض الستيروئيدات الموضعية على الآفات الجلدية والمطريات على مناطق الجلد غير المصابة. وتحتوي المستحضرات الهلامية الستيروئيدية على البروبيلين غليكول كأساس؛ لذا قد تكون مخرشة للجلد وتؤدي إلى حدوث التجفاف الجلدي مما يوجب تحديد استعمالها على الفروة ومنطقة الذقن فقط.

ومن المحتمل تثبيط المحور المهادي - النخامي الكظري بعد تطبيق الستيروئيدات الموضعية القوية للرضع والأطفال. إلا أن استعمال كريم الفلوتيكازون بروبيونات Fluticasone propionate 0.03% المتوسط الفعالية آمن وفعال حتى إذا طبق على الوجه وعلى مناطق حساسة لمدة شهر ويمكن استعماله للرضع ابتداءً من عمر ثلاثة أشهر. أما "اللوسيون" فلا يستعمل إلا بعد عمر 12 شهراً أو أكثر. ويستعمل الموميتازون بشكل كريم أو مرهم عند الأطفال بعمر سنتين وأكبر.

وحين تتم السيطرة على الـ AD بالتطبيق الموضعي مرة واحدة يومياً يفضل الاستمرار بتطبيق الفلوتيكازون مرتين أسبوعياً معالجة داعمة لمدة طويلة.

جـ- مثبطات الكالسينورين الموضعية topical calcineurin inhibition: التاكروليموس tacrolimus والـ بيميكروليموس pimecrolimus الموضعية هي من معدلات المناعة غير الستيروئيدية. ويستعمل مرهم الـ tacrolimus 0.03% على نحو متقطع لمعالجة التهاب الجلد التأتبي المتوسط الشدة إلى الشديد عند الأطفال بعمر سنتين وأكبر. أما عند الكهول فيستعمل مرهم tacrolimus بعيار 0.1%. في حين أُقر استعمال كريم الـ pimecrolimus 1% لمعالجة الأطفال بعمر سنتين أو أكثر المصابين بالشكل الخفيف إلى المتوسط من AD. والمعالجة بهذه الأدوية فعالة وجيدة التحمل ولا تؤدي إلى مضاعفات بعد استعمالها مدة 4 سنوات (لمرهم التاكروليموس) وسنتين (لكريم البيميكروليموس). وأكثر ما يشاهد  بعد تطبيق المواد موضعياً حدوث حس حرق خفيف وعابر بالجلد؛ لذا يسمح باستعمالها على الوجه ومنطقة الثنيات.

2- معرفة العوامل المثيرة وإزالتها:

أ- الاعتبارات العامة: المرضى المصابون بالـ AD أكثر حساسية للمخرشات من الأشخاص العاديين لذا يجب تحديد العوامل المفاقمة للمرض التي تثير حلقة الحكة - الخدش (الهرش) itch- scratch cycle. تشمل هذه العوامل الصوابين أو المنظفات، والتماس مع المواد الكيميائية، والتدخين، والثياب الخشنة، والتعرض لدرجات حرارة عالية الرطوبة. لهذا يجب أن تكون الصوابين معتدلة وليس لها قدرة على إزالة الدهون من الجلد. كما يجب غسل الثياب الجديدة قبل ارتدائها لتخليصها من الفورمألدهايد والمواد الكيميائية الأخرى المضافة. ولأن بقايا المنظفات المستعملة في غسل الثياب مخرشة يجب استعمال المنظفات السائلة أكثر من المسحوق، كما يحسن أن تزاد دورة أخرى من فض الغسيل لإزالة المواد المنظفة.

وفضلاً عن هذا يجب تجنب الحرارة والرطوبة المفرطتين والتعرق الزائد. يجب ترك الأطفال يشاركون في النشاط العام فالرياضة مثل السباحة قد تكون أكثر تحملاً من الرياضات التي تسبب التعرق، ولكن يجب غسل الكلور مباشرة بعد السباحة وترطيب الجلد، ومع أن الأشعة فوق البنفسجية تفيد الأشخاص المصابين بالـ AD  يفضل استعمال الواقيات الشمسية وهي ضرورية لتجنب حدوث الحروق.

ب- المحسسات النوعية: تبين أن الأطعمة والمحسسات الهوائية مثل غبار العت والعفن، وغبار الطلع تفاقم التهاب الجلد التأتبي، ويمكن معرفة المحسسات الممكنة بأخذ قصة سريرية مفصلة وإجراء اختبارات الوخز أو IgE المصل. علماً أن وجود IgE المصل ضمن الحدود الطبيعية لا ينفي احتمال وجود IgE النوعي للمادة المحسسة. كما يجب تجنب التعرض لغبار العت الموجود في الفراش باستعمال الشراشف الخاصة التي تمنع وجود العت بالفراش وغسلها أسبوعياً، وإزالة السجاد من غرف النوم، وإنقاص شدة الرطوبة باستعمال المكيفات.

جـ- الشدة النفسية: الشدة النفسية لا تسبب الـ AD ولكنها تفاقمه. إذ تزداد الحكة والهرش بعد التعرض للشدة النفسية، كما أن الاستجابة للمعالجة تصبح ضعيفة.

د- العوامل الخمجية: تفيد الصادات المضادة للعنقوديات في معالجة المرضى المصابين بهذه الجراثيم مثل السيفالوسبورينات والبنيسيلّينات المقاومة للبينسيلّيناز (دي كلوكساسلّين، أوكساسلّين، أو كلوكساسلّين) التي تفيد في العنقوديات المذهبة غير مقاومة للبنسيلّين. إن الزمر المقاومة للأريترومايسين كثيرة .

الماكروليدات الجديدة: تفيد المعالجة بالـ mupirocin الموضعي في الآفات المتقوبئة. وفي الحالات الشديدة يجب أخذ هذا الشكل من الدواء داخلياً.

قد يحرض الحلأ (للهربس) البسيط حدوث التهاب جلد تأتبي ناكس، وقد يشخص كالتهاب بالعنقوديات؛ لذا يجب البحث عن الحلأ البسيط  في حال وجود تسحجات مخترمة punched- out لحويصلات وآفات جسمية لا تستجيب للمعالجة بالصادات الفموية.

هـ- الحكة: يجب أن توجه معالجة الحكة في الـ AD أولاً نحو الأسباب الحقيقية لها؛ لذا فإن تخفيف الالتهاب وجفاف الجلد باستعمال الستيروئيدات القشرية الموضعية وترطيب الجلد غالباً ما يزيل الحكة.

تعمل مضادات الهيستامين على تثبيط مستقبلات H1 وتفيد لذلك في الحكة الناجمة عن تحرر الهيستامين.

3- المستحضرات الحاوية على القطران:

قد يكون لهذه المستحضرات تأثير مضاد للحكة والالتهاب على الجلد ولكن دون تأثير الستيروئيدات الموضعية. تفيد هذه المركبات في إنقاص قوة الستيروئيدات الموضعية اللازمة في المعالجة المزمنة الداعمة للـ AD، كما يفيد الشامبو الحاوي على القطران في التهاب جلد الفروة إذ ينقص من كثافة الستيروئيدات المطبقة على الفروة وفعاليتها.

4- المعالجة الضوئية:

يفيد التعرض لأشعة الشمس الطبيعية في التهاب الجلد التأتبي، ولكن التعرض في الحر أو الرطوبة الشديدة قد يثير التعرق والحكة ويؤدي إلى أذية المريض. وقد تساعد المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية على علاج الـ AD. وأثبتت التحريات عن الآليات المناعية الضوئية المسؤولة عن نجاح العلاج بالـ UV ذلك أن خلايا لانغرهانس البشروية والحمضات قد تكونان الخلية الهدف للمعالجة بالأشعة فوق البنفسجية UVA مع بسورالين أو من دونه، في حين أن الأشعة فوق البنفسجية ب UVB تسبب تأثيراً مناعياً مثبطاً بحصرها لوظيفة خلايا لانغرهانس المقدمة للمستضد وتؤدي إلى اضطراب وظيفة إنتاج السيتوكينات من الخلايا القرنية. تستطب المعالجة الكيميائية الضوئية مع البسورالين (الـ PUVA) للمرضى المصابين بالتهاب جلد تأتبي شديد ومنتشر.

5- المعالجة المجموعية:

أ- الستيروئيدات القشرية المجموعية: من النادر اللجوء إلى المعالجة المجموعية بالستيروئيدات القشرية في معالجة التهاب الجلد التأتبي المزمن. ولكن قد يلجأ إليها لمعالجة هجمة حادة من الـ AD ولفترة قصيرة وبدء العناية بالجلد في أثناء الإيقاف التدريجي للستيروئيد.

ب- السيكلوسبورين: يفيد في معالجة التهاب الجلد التأتبي الشديد ولكن من النادر بقاء الاستجابة بعد إيقاف الدواء. وهو دواء مثبط للمناعة قوي الفعالية يعمل  على الخلايا التائية بتثبيطه إنتاج السيتوكينات. ومن التأثيرات الجانبية له ارتفاع كرياتين المصل والقصور الكلوي وارتفاع الضغط  الشرياني.

جـ- مضادات الاستقلاب: تفيد مثبطات المناعة ومضادات الانقسام مثل الازاتيوبرين azathioprine (Imuran ) والميكوفينولات موفيتيل mycophenolate mofetil والميثوتريكسات methotrexate في معالجة الأكزيمة المعندة على المعالجات الأخرى. أما معدلات المناعة مثل الغلوبولين المناعي الوريدي (IVIG) والإنترفيرون IFN، والثيموبانتين thymopentin فأبدت بعض الفعالية في معالجة AD ولكن من النادر استعمالها.

ثانياً- أمراض الجلد الأكزمائية:

تعد أمراض الجلد الأكزمائية eczematous dermatoses من أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً ومشاهدة في العيادات الشاملة، ومن الملاحظ  ازديادها وانتشارها مع تزايد المؤرجات والمخرشات الحديثة التي يتعرض لها الجلد في الأعمال المنزلية ومختلف الأعمال والصناعات المهنية.

وقد شاع في المؤلفات الجلدية مصطلح "الأكزيمة eczema" ويُعد مرادفاً لالتهاب الجلد dermatitis على نحو عام، إلا أن الأكزيمة بأشكالها تعد غير معدية ولا تنجم عن الأخماج وإنما قد تشاركها الأخماج ثانوياً وتزيد في تفاعلاتها ومظاهرها السريرية.

تأخذ المظاهر السريرية لآفات الجلد الأكزيمائية أشكالاً عديدة، صنفت تحت أسماء مختلفة، وفيما يلي شرح للشائع من هذه الأمراض:

1- التهاب الجلد بالتماس:

هو تفاعل التهابي ينجم عن تماس بعض المواد بالجلد. وهناك نموذجان من التهاب الجلد التماسي هما: التهاب الجلد التماسي التخريشي والتهاب الجلد التماسي الأرجي.

أ- التهاب الجلد التماسي التخريشي irritant contact dermatitis:

يقدر بـ(80%) من التهاب الجلد التماسي. وهناك عدة مواد تهيج الجلد وينجم عنها تفاعل التهابي لا أرجي، وقد يحدث هذا النموذج من التهابات الجلد عند أي شخص تعرض لتركيز عالٍ وكافٍ من المخرش، ولا يستلزم تعرضاً سابقاً له، ويبدو تأثيره على الأكثر خلال دقائق أو ساعات قليلة. ويتجلى بحمامى ووذمة خفيفة وتوسف. وتتبع شدة الالتهاب حالة الجلد قبل تعرضه لهذه المواد المخرشة، فمثلاً يكون الجلد أكثر تأثراً في مناطق الثنيات حيث تكون رطوبة الجلد زائدة، كذلك بعد تعرض الجلد للحرارة والماء والبرد والضغط أو الاحتكاك كما أن الجلد الثخين أقل ارتكاساً من الجلد الرقيق.

يشكو المريض من ألم وإحساس بالحرق وهو ما يميزه من التهاب الجلد التماسي الأرجي الذي يشكو فيه المريض من حس حكّة.

قد يؤدي التعرض المتكرر لبعض المواد المخرشة إلى تأثير مقسٍ hardening effect فيصبح الجلد أكثر مقاومة للتأثير المهيج لهذه المواد.

الإمراض: ينجم التهاب الجلد التماسي التخريشي عن أربعة تبدلات فيزيولوجية مرضية رئيسة كما في المخطط التالي:

(مخطط ) آلية اتهاب الجلد التماسي التخريشي  و الارجي
أ- التهاب جلد تماسي تخريشي (ICD ) : الحدث الأولي هو اعتلال بالوظيفة الحاجزية للجلد خاصة في الطبقة المتقرنة : يؤدي إلى زيادة خسارة الماء عبر البشرة . يؤدي هذا الالتهاب الناجم عن تحرر السيتوكينات إلى سهولة نفوذ المخرشات الذي يؤدي بالتاليإلى ظهور حاقة مفرغة
ب - التهاب  الجلد التماسي الأرجي (ACD ) : الحدث الأولي هو تحسن نوعي ناشب ذو وزن جزيئي منخفض . يحدث التحسس في العقد المفية الناحية : و إذا تعرض المريض مرة أخرى للناشبة نفسها تنجذب الخلايا التائية المتحسسة و تفرز السيتوكينات ممايسبب استجابة التهابية

> إزالة الليبيدات (الشحميات lipids) السطحية والمواد الحاملة للماء مما يؤدي إلى تخرب وظيفة الجلد الوقائية (بوصفها حاجزاً barrier function).

> تخرّب غشاء الخلايا القرنية.

> تخرّب طبقة القرنين (الكراتين).

> فعل خلوي سمّي مباشر يؤدي إلى تفاعل عدد من الخلايا التقرنية البشروية والخلايا المولّدة لليف والخلايا الأندوتيليالية والكريات البيض المختلفة الواقعة تحت سيطرة شبكة من السيتوكينات والوسائط الليبيدية. علماً بأن للخلايا التقرنية شأناً مهماً في بدء الارتكاس الالتهابي الجلدي واستمراره بتحرير السيتوكينات والاستجابة لها، وإن هذه الآلية لا تحتاج إلى تحسيس سابق.

كما يمكن لعدد من المحرضات المحيطية (مثل الأشعة فوق البنفسجية، المواد الكيميائية) أن تحث الخلايا التقرنية البشروية لتحرير سيتوكينات التهابية (الأنترلوكين1)، والعامل المنخر للورم أ، وسيتوكينات الانجذاب الكيميائي (الأنترلوكين 8، أنترلوكين 10)، والسيتوكينات المحرضة للنمو (الأنترلوكين 6، أنترلوكين 7، وانترلوكين 15)، والعامل المحرّض لزمر الخلايا الحبيبية البالعة، وعامل النمو المحوّل أ وسيتوكينات المنظمة للمناعة الخلطية والخلوية (الأنترلوكين 10، أنترلوكين 12، أنترلوكين 18). إن الجزيئة اللاصقة لما بين الخلايا تحض على ارتشاح البشرة بالكريات البيض في الارتكاسات الالتهابية الجلدية وفي التهاب الجلد التماسي التخريشي.

يزداد عدد الخلايا التقرنية خلال 48-96 ساعة بعد التعرض للمادة المخرشة، ويبقى الاستعداد للارتكاس التخريشي لتماس مادة ما - في منطقة من الجلد قد تعرف إليها سابقاً - موجوداً حتى بعد الأسبوع العاشر من التماس الأول.

وتحدث المخرشات جميعها مهما كان نوعها ارتشاحاً خلوياً في الأدمة تناسب شدته شدة الالتهاب. أما في البشرة فيوجد اختلاف ملحوظ في الارتشاح الخلوي بحسب اختلاف المادة.

الأسباب: التهاب الجلد التماسي التخريشي مرض متعدد الأسباب، ولعدة عوامل داخلية وخارجية شأن في إحداثه:

(1)- العوامل الداخلية: من العوامل الداخلية المؤثرة في الجلد:

> التهاب الجلد التأتبي: يكون الأشخاص المصابون بالتأتب أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الجلد التماسي التخريشي، إذ تكون عتبة التهيج لديهم منخفضة كما أن زمن الترمم لديهم طويل.

> نفوذية الجلد.

> الاستعداد الشخصي الوراثي.

> غياب القساوة.

> فرط حساسية الجلد الأولية أو الثانوية.

التهاب الجلد التماسي التخريشي أكثر شيوعاً عند النساء عما في الرجال، والسبب ناجم عن العوامل المحيطة بهنّ وليس عن العوامل الوراثية، إذ تصاب النساء مرتين أكثر بالتهاب جلد اليدين التماسي التخريشي بسبب عملهن في المنزل في التنظيف والاهتمام بالأطفال وإعداد الطعام وتصفيف الشعر، وقد يصاب الرجال أكثر من النساء في بعض المهن.

يحدث التهاب الجلد التخريشي في أي عمر. ويعد التهاب الجلد الحفاضي في كثير من الحالات كالتهاب جلد تخريشي ناجم عن تأثير المخرش لبعض المواد الموجودة في البول والبراز. أما عند الشيوخ فيكون الجلد أكثر جفافاً وأرق من جلد الشباب لذا فهم لا يتحملون الصابون والمحاليل المنظفة.

(2)- العوامل الخارجية: تتبع العوامل الخارجية المؤثرة في تخريش الجلد ما يلي:

> نمط المخرّش (pH والطبيعة الكيميائية).

> نفوذية العامل المخرّش في الجلد.

> حرارة الجسم.

> العوامل الميكانيكية (الضغط والاحتكاك والتسحيج).

> العوامل المحيطية (الحرارة، الرطوبة).

> عوامل أخرى: مدة التعرض، التعرض السابق والمترافق والعوامل المحيطية.

الشكل (7) التهاب جلد تماسي تخريشي غلى ظهر اليدين لدى عاملة تنظيفات
الشكل (8) التهاب جلد تماسي تخريشي على اليدين بسبب الزيوت لدى عامل (ميكانيكي )
الشكل (9) التهاب جلد تماسي تخريشي بين الأصابع لدى امرأة تعمل في مهنة رطبة
الشكل (10) حزاز مزمن بسيط
الشكل (11)
أ- التشريح المرضي للجلد السليم . ب - التشريح المرضي لالتهاب الجلد التماسي تحت الحاد .ج- التشريح المرضي لالتهاب الجلد التماسي المزمن .يوجد في البشة وسفاج في بعض المناطق

يذكر من المواد المخرشة التي يتماشى تأثيرها المخرش طرداً مع نسبة تركيزها ومدة تماسها مع الجلد:

٭ المنظفات والماء: وهي من المواد الشائعة المخرشة للجلد. ينجم التهاب الجلد التماسي التخريشي عند ربات البيوت عن التعرض المتكرر لكمية قليلة من المواد المخرشة ولاسيما الصابون والماء والمنظفات. كما يحدث التهاب جلد اليدين التخريشي من تغسيل اليدين المتكرر  لدى العاملين في وحدات العناية المشدّدة (الشكل 7).

٭ قد يؤدي التعرض المستمر للماء إلى تعطين الجلد أو تبخر الماء المتكرر من سطح الجلد مما يؤدي إلى تخريش الجلد بسبب تجفافه.

٭ المذيبات: من المواد الأساسية في إحداث تخريش الجلد لأنها تزيل الدهون والزيوت من الجلد مما يؤدي إلى زيادة خسارة الماء وهي تسبب 10% من التهاب الجلد التخريشي المهني.

٭ الهواء الجاف: يصبح الجلد أكثر تأثراً بالمخرشات حين تعرضه للهواء الجاف كما قد يسبب الهواء الجاف نفسه التهاب جلد تخريشياً، فأكثر الحكات الشتوية تحدث نتيجة جفاف الجلد الناجم عن التعرض للهواء البارد والجاف في فصل الشتاء.

٭ تبدلات الحرارة: إن ارتفاع حرارة الجو تزيد من التأثير المخرش للمواد.

٭ السوائل المعدنية: تسبب الزيوت المعدنية اندفاعات عديّة والتهاب أجربة شعرية. كما قد تسبب التهاب جلد تخريشياً تماسياً، أما السوائل المعدنية المائية فتسبب غالباً التهاب جلد تخريشياً تماسياً عند العمال المعرّضين لها بسبب احتوائها مواد فعّالة على السطح خافضة للتوتر السطحي surfactant (الشكل 8).

التهاب الجلد التخريشي التماسي التراكمي cumulative ICD: شائع في المهن التي يطلق عليها المهن الرطبة. فعمال الرعاية الصحية الذين يغسلون أيديهم 20-40 مرّة يومياً يصابون بهذا الالتهاب. كما يحدث هذا الالتهاب عند مصففي الشعر لأنهم يغسلون الشعر عدة مرّات، وعند ربات البيوت اللواتي يسبب تغسيل اليدين المتكرر عندهن تخريشاً إضافياً أو تآزرياً؛ لذا يفضل أطباء الجلد استعمال منظفات اليدين الكحولية بشكل هلامة لأنها أقل تخريشاً (الشكل 9).

٭ القفازات المطاطية: قد تسبب التهاباً جلدياً تخريشياً مباشراً، كما يشكو بعض العمال من التخريش بسبب المسحوق الذي يرش في القفازات لتسهيل استعمالها. والثقوب الموجودة في القفازات قد تسمح بدخول المادة المخرشة، كما أن الإغلاق يزيد تخرّب الجلد بسبب المادة المخرشة إذ يزيد من فعل العوامل الموضعية السيئة أو الجيدة.

٭ صوديوم لوريل سولفيت sodium lauryl sulfate: توجد هذه المادة في بعض الأدوية الموضعية ولاسيما أدوية العت، وهي من مخرشات الجلد التجريبية المدرسية (الكلاسيكية).

٭ حمض الهيدروفلويوريك :hydrofluoric acid الذي يسبب الحرق، يجب معالجته إسعافياً، قد يتأخر ظهور الأعراض السريرية بعد التعرض الحاد.

٭ القلويات: إن pH الجلد حامضي، وإن القلويات (مثل الصابون) تكون أكثر تخريشاً من حموض كثيرة. ذلك أن الغلاف الحامضي للطبقة المتقرنة مهم ليشكل حاجزاً يمنع نفوذية الجلد، كما يدافع عنه ضد الجراثيم.

٭ الزجاج الليفي (الفايبرغلاس) fiber glass : يسبب حكة تؤدي إلى تسحج وأذية للجلد. ومن المعلوم حدوث قساوة لدى غالبية عمال (الفايبرغلاس) قساوة يستطيعون معها تحمل التعرض التالي لهذه المواد.

٭ الرضوض الصغيرة microtrauma: تسبب بعض أوراق النباتات وسوقها التي تحتوي على أشواك دقيقة رضاً مباشراً للجلد.

السريريات:

يعتمد تشخيص التهاب الجلد التخريشي على قصة تعرض المناطق المصابة للمخرشات الجلدية.

(1)- الأعراض: قد تحدث الأعراض في دقائق وقد تمتد إلى ساعات من التعرض وذلك في الالتهاب الحاد البسيط. أما في التهاب الجلد التماسي التخريشي الحاد المتأخر فتظهر الأعراض بعد عدة ساعات أو أيام من التعرض، وتتميز بعض المخرشات مثل البنزاكوليوم كلورايد - وهي مادة حافظة ومطهرة - بإحداثها التهاب الجلد بعد 8-24 ساعة من التعرض. يشكو المريض من ألم وحس حرق ووخز وعدم ارتياح باكراً في بدء الإصابة بالتهاب الجلد بالتماس التخريشي، وقد يحدث الألم بسبب التشققات في الجلد المفرط التقرن.

ويجب تحري الأسباب الأخرى لالتهاب الجلد بالتماس (ولاسيما لالتهاب الجلد بالتماس الأرجي) بإجراء اختبارات التماس وبالقصة السريرية.

(2)- العلامات: يبدي الفحص السريري طيفاً واسعاً من المظاهر السريرية التي يمكن تقسيمها عدة فئات تبعاً للمادة المخرشة ونموذج التعرض. وتتبع هذه التظاهرات أيضاً العوامل الآلية والحرارية والمناخية والعوامل البنيوية إذ يختلف النمط السريري لهذا الالتهاب باختلاف العامل المخرش: تقرح (حموض أو قلويات قوية) أو التهاب أجربة (زيوت ودهون) أو دخنيات (المينيوم كلورايد) أوفرط تصبغ (معادن ثقيلة) أو نقص تصبغ (المركبات الفينولية). هذا وغالباً ما تُشاهد حمامى بقعية وفرط تقرن وتشقق، أكثر من مشاهدة التحوصل. تبدو البشرة لماعة رقيقة وحمامية، أما حدود الآفة فتكون واضحة ولا تبدي ميلاً للانتشار إلى المناطق البعيدة عن التخريش كما في التهاب الجلد بالتماس الأرجي.

وتوحي التبدلات الشكلية بتقدير كثافة المواد المؤثرة أو مدة التعرض لها إذ يحدث اختلاف كبير في تخرب الجلد.

 تبدأ عملية الشفاء مباشرة بعد إيقاف التعرض للعامل المسبب.

وقد يعتاد  بعض الأشخاص حك الجلد على نحو متكرر مكان الإصابة بالتهاب الجلد التماسي التخريشي مما قد يؤدي إلى حدوث التهاب الجلد أو الحزاز البسيط المزمن (تحزز) (الشكل10) الذي يعد من عقابيل الرض المهني.

(3)- التوضع: أكثر الأماكن عرضة للإصابة بالتهاب الجلد التماسي التخريشي هي جلد الوجه والرقبة والصفن واليدين بسبب ضعف وظيفة الجلد الحاجزية في هذه الأماكن، في حين يكون جلد الراحتين والأخمصين مفرط التقرن وأكثر مقاومة.

أنماط التهاب الجلد التماسي التخريشي:

وصفت عدة أنماط من التهاب الجلد التماسي التخريشي منها:

(1)- الارتكاس التخريشي: يظهر سريرياً ارتكاس وحيد الشكل يتألف من وسوف وحمامى خفيفة وتحوصل أو تسحج، ويتوضع عادة على ظهر اليدين عند الأشخاص المعرضين لعمل رطب. وقد يتراجع الارتكاس التخريشي أو يتطور إلى التهاب جلد تخريشي تراكمي؛ إذ إن حدوث التهاب الجلد التماسي التخريشي عند عدد من العمال في العمل الواحد يدل على التهاب جلد تخريشي لأن غالبية المواد المحسسة لا تصيب إلا عدداً قليلاً من الأشخاص المعرضين باستثناء بعض المحسسات القوية بالتماس كالموجودة في اللبلابpoison ivy   أو المحسسات التجريبية مثل diphencyprone أو ( DNCB) dinitrochlorobenzene

(2)- التهاب الجلد التماسي التخريشي الحاد: ينجم بعد تعرض وحيد لمخرش قوي أو مادة كيميائية كاوية مثل القلويات والحموض، أو نتيجة لتعرض قصير الأمد ومتكرر لعوامل كيميائية أو فيزيائية. ويتجلي بحس حرق وحكة أو وخز مباشرة بعد التعرض للمادة المخرشة. قد يراجع المريض بحمامى ووذمة وتحوصل ونتح، وتشكل فقاعي وتنخر في الحالات الشديدة. ويحدث الشفاء تدريجياً بعد إزالة المخرش.

هناك أشكال أخرى من التهاب الجلد التماسي التخريشي الحاد مثل:

> التهاب الجلد بالتماس الناجم عن عوامل محيطية منقولة بالهواء airborne مثل الأبخرة أو الغبار.

> التهاب الشفة من لعق الشفة أو استعمال بعض المزوقات أو الأدوية.

> التهاب الجلد الحفاضي والتهاب ما حول الشرج الناجمين عن التماس المديد أو المتكرر للبول والبراز.

> التهاب الجلد بسبب أزايد الصوديوم sodium azide الصادر عن تمزق كيس الهواء في السيارات airbag مسبباً حرقاً كيميائياً قلوياً، كما أن المسحوق الموجود بداخله يسهم في احداث الالتهاب.

(3)- التهاب الجلد التماسي التخريشي الحاد المتأخر: يكون الارتكاس التخريشي المتأخر حاداً ولكن  من دون علامات مرئية للالتهاب، وإنما تظهر بعد 8-24 ساعة أو أكثر من التعرض. ومن أكثر المواد التي تسبب هذا النوع من التخريش القطران والبنزوئيل بيروكسايد، والبنزوكوليوم كلورايد (حافظة ومطهرة)، والغاز المسيل للدموع الذي يحتوي على مادة الكلوروأسيتوفينون التي تحدث الالتهاب بعد 24-72 ساعة من التعرض لها، وتعالج بغسل المنطقة المعرضة وتطبيق محلول بيكربونات الصوديوم على الجلد وحمض البوريك في العينين.

(4)- التهاب الجلد التماسي التخريشي التراكمي: قد يتأخر ظهور الأعراض والعلامات أسابيع في التهاب الجلد التخريشي التراكمي، وهو يحدث نتيحة لتخرب تحت سريري متكرر في الجلد.

(5)- يكون لدى الأشخاص المتحسسين (مثل التأتبيين) انخفاض عتبة تحمل المخرشات أو ازدياد مدة ترميم الجلد لذا فإنهم أكثر تأثراً بالمخرشات.

التشخيص التفريقي: يجب التفريق بينه وبين الأكزيمة المثية، والتهاب الجلد الركودي، والأكزيمة التأتبية، وفطار الجلد، والأكزيمة الجافة، والعد الوردي. كما يجب نفي وجود التهاب الجلد بالتماس الأرجي، الصداف، داء بوفن، التهاب الجلد المفتعل، الاندفاعات الدوائية.

الدراسات المخبرية:

> زراعة الجراثيم: تزرع الجراثيم في الحالات المختلطة بالخمج الثانوي.

> الفحص المباشر بالـ KOH لتحري وجود الفطور السطحية.

> خزعة الجلد لنفي بعض الآفات الجلدية الأخرى.

الموجودات النسجية: درست الموجودات التشريحية المرضية لالتهاب الجلد التماسي التخريشي ICD الحاد أكثر من دراسة الالتهاب المزمن.

تختلف التبدلات الخلوية في الجلد تبعاً لطبيعة المادة الكيميائية المخرشة وكثافتها ومدة التعرض لها وشدة الارتكاس الناجم عنها وزمن أخذ الخزعة.

غالباً ما تبدي التبدلات النسجية وذمة بين الخلايا وسفاجاً في البشرة. علماً أن السفاج هنا يكون أقل وضوحاً من الذي يشاهد في التهاب الجلد التماسي الأرجي، كما يشاهد خطل تقرن في الـICD ، أما التشريح المرضي للـ ICD المزمن فيبدي فرط تقرن مع مناطق من خَطَل التقرن، فرط تصنع بشروي متوسط إلى شديد (شواك) وتطاول الاستطالات البشروية  (الشكل11).

المعالجة:

يشبه الارتكاس الحاد لالتهاب الجلد بالتماس بعد التعرض للمخرشات القوية (مثل المحاليل الحمضية أو القلوية) بالحرق الكيميائي، ويمكن توصيفه بدرجات مثل الحرق الحروري (درجة I وII وIII) وإجراء التدابير العرضية المناسبة. مآل هذه الحروق جيد وإذا لم تصب الأدمة بالأذية فلا يحدث تندب دائم.

يُذكر من المعالجات الدوائية:

(1)- الستيروئيدات الموضعية ومعدلات المناعة: لم تثبت فائدتها في معالجة التهاب الجلد التماسي التخريشي ICD. فالستيروئيدات الموضعية لا تنفع في المعالجة. والـ tacrolimus الموضعي مخرش قوي قد يحدث حس وخز وتخريشاً عند بعض الأشخاص وعند المصابين بالـ ICD.

(2)- أما الرهيمات التي تحتوي على السيراميدات فتساعد على إعادة وظيفة الحاجز البشروي للأشخاص المصابين بـ ICD والتهاب الجلد التأتبي.

(3)- وقد تساعد الرهيمات التي تحتوي على الديميثيكون dimethicone على إعادة وظيفة الحاجز  الحائلية التي تمنع عبور المواد الكيميائية عند الأشخاص المصابين بـ ICD الناجم عن العمل.

(4)- قد تكون غالبية الصوابين والمنظفات قلوية وتؤدي إلى زيادة pH الجلد مما يضعف الغطاء الحمضي الواقي للجلد فيزيولوجياً بإنقاص محتوى الدسم.

إن تخرب الطبقة المتقرنة وتبدل الـ pH الجلدي عاملان أساسيان في إحداث ICD، الذي يحدث بفعل الصابون، وتشتد هذه الحالات في الشتاء عند الأشخاص ذوي  الجلد الجاف والحساس. وقد ظهر جيل جديد من المنظفات فيها pH 5.5 تقريباً لا تبدل من pH الجلد (أطلق عليها اسم syndet).

(5)- ولتجنب تخريب الجلد والجفاف والتخريش عند العاملين في الرعاية الصحية الذين يكثرون من غسل أيديهم ومن استعمال المطهرات ينصح بتجفيف اليدين واستعمال المطريات.

متابعة المريض: متابعة الاعتناء بالمريض:

٭ تكثر الإصابة بالـ ICD في أصحاب المهن لذا يجب معرفة المواد المخرشة والعمل على تقليل التعرض للمخرشات الجلدية في العمل وفي المنزل.

٭ يجب نصح المرضى باستعمال المطريات بعد غسل اليدين بالصابون وقبل النوم، والتوصية باستعمال منظفات الجلد الخفيفة عوضاً من الصوابين في مناطق الجلد المصابة.

٭ ينصح المرضى بالتوقف عن استعمال المحاليل غير المناسبة مثل (غازولين)، والمسحجات مثل حجر الحمام لتنظيف الجلد لأنها ترض الجلد مباشرة وتزيل الدهون.

المضاعفات:

> تزيد الإصابة بالـ ICD خطر حدوث التحسس للأدوية الموضعية.

> قد تُستعمر الآفات الجلدية بالجراثيم ثانوياً، خاصة بالعنقوديات المذهبة.

> قد يحدث التهاب جلد وأعصاب ثانوي خاصة عند الأشخاص المصابين بـ ICD في مكان التعرض للمواد المخرشة في أثناء قيامهم بعملهم، أو الذين يعانون من قلق نفسي.

> قد يعتاد بعض الأشخاص حك الجلد على نحو متكرر مكان الإصابة مما قد يؤدي إلى تشكل التهاب جلد وأعصاب ثانوي أو تشكل الحزاز البسيط المزمن (تحزز) الذي يمكن أن يعد من عقابيل الرض المهني.

> قد يحدث فرط تصبغ تالٍ للالتهاب أو نقص تصبغ في المناطق المصابة.

الإنذار:

> التهاب الجلد بالتماس التخريشي هو أكثر أمراض الجلد المهنية مصادفة (40%).

> الإنذار جيد عند الأشخاص غير المصابين بالتأتب إذا ما شخص المرض وعولج مباشرة.

> يتعرض الأشخاص التأتبيون كثيراً للإصابة بالـ ICD ولذا يجدون صعوبة في ممارسة بعض المهن (مثل التمريض وحلاقة الشعر).

> تحدث ظاهرة التقسية hardening وهي نوعية لـ ICD لدى بعض الأشخاص لكنها لا تحدث عند جميع الأشخاص المعرضين للمخرش.

> يجب العمل على  زيادة السيراميدات الليبيدية في الطبقة المتقرنة إذ قد يكون لها شأن في الوقاية من التخريش.

> يجب الانتباه إلى إمكان حدوث التهاب الجلد بالتماس الأرجي الثانوي.

> تثقيف المرضى لتجنبهم المخرشات الجلدية فإن إصابتهم قد تتفاقم أو يصابون بها مجدداً إذا استمروا على استعمال المواد المسببة المخرشة.

ب- التهاب الجلد التماسي الأرجيallergic contact dermatitis (A C D ) :

يحدث التهاب الجلد التماسي الأرجي حين يتم تماس مادة مؤرجة لجلد محسس لها سابقاً، ولدى فرط حساسية مكتسبة من النمط الآجل تعرف بفرط الحساسية المتواسطة بالخلايا cell-mediated. وقد يتحرض التهاب الجلد التماسي الأرجي عند استعمال المريض المادة المحسسة التي تحسس لها سابقاً وذلك بتطبيقها موضعياً، يذكر مثلاً على ذلك تناول بعض الأدوية داخلاً وبعدها القيام بتطبيقها موضعياً، ويطلق على هذه الظاهرة التهاب الجلد التماسي الجهازي systemic    الذي قد يظهر أولاً في مكان التحسس الجلدي الأولي أو اختبار التحسس التماسي ولكن قد ينتشر ويصبح حصبوي الشكل أو أكزيمائي الشكل.

الفيزيولوجية المرضية: تتصف معظم المستأرجات allergens البيئية  بكونها جزيئات كيميائية بسيطة أُطلق عليها اسم "النواشب haptens" ينبغي لها أن ترتبط بالبروتينات لتُشكّل مستضدات antigens كاملة قادرة على إحداث التحسس sensitization. تتحد هذه النواشب ذات الجزيئات الكهربائية الصغيرة (< 500 KDa) مع حامل البروتينات عن طريق الرابطة التساهمية via covalent bond لاتحاد الذّرات.

يوجد ما يزيد على 3700 من المستأرجات البيئية متعارف عليها، إلاّ أنها ليست جميعها نواشب قابلة الارتباط بحوامل البروتينات، حيث إن عوامل عديدة تسهم في تحديد قابلية الاستضداد antigenicity في الجزيء الكيميائي، ومن هذه العوامل: طبيعة المحددات الاستضدادية، والشكل configuration النهائي ذو الأبعاد الثلاثية الذي يكون عليه الجزيء المقترن conjugate، وعوامل أخرى غير محددة بعد. ولا يمكن مع ذلك الاستهانة بمكانة تلك الجزيئات غير المستمنعة nonimmunogenic إذ إن وجودها مع محسسات التماس القوية يمكن أن يحدث حالة تحمل tolerance عوضاً من حالة تحسس.

يأخذ موقع ترابط مستأرجات التماس (بالحامل) مكانه في HLA-DR أو في الموقع الثاني cless II للمستضدات الموجودة على سطح خلايا لانغرهانس (في البشرة).

تؤدي السيتوكينات أيضاً دوراً مهماً في ACD لأنها تنظم جزيئات الالتصاق الإضافية accessory- adhesion molecules مثل جزيئات الالتصاق ما بين الخلايا 1 قد يكون الأنترلوكين 8 من السيتوكينات التي تشير إلى ACD وليس إلى ICD. يمكن لخلايا لانغرهانس أن تهاجر من البشرة إلى العقد اللمفاوية في الناحية. يحتاج حدوث التحسس إلى ممرات لمفاوية سليمة؛ لذا فإن التحسس الأولي يحتاج إلى 10-14 يوماً من التعرض الأولي للمادة المؤرجة بالتماس مثل سم اللبلاب. يحدث عند بعض الأشخاص تحسس نوعي للمستأرجات مثل (الكرومات في مادة الإسمنت) بعد سنوات من التعرض المزمن على نحو خفيف مترافق مع التهاب جلد بالتماس تخريشي بسبب الطبيعة القلوية للاسمنت. تبقى الخلايا التائية الذاكرة CD4 + CCR10 + في الأدمة بعد الشفاء السريري للـ ACD. لا يمكن كشف أضداد محسسة في المصل لأن للمؤرجات قدرة محدودة أو غير قادرة إطلاقاً على تأدية دور مستضد يحث على انتاج الأضداد.

عندما يحدث تحسس لمادة كيميائية يظهر الـ ACD خلال عدة ساعات إلى عدة أيام من التعرض.

يصيب الـ ACD النساء أكثر من الرجال؛ وذلك بسبب التحسس للنيكل الأكثر مشاهدة لدى النساء.

السريريات:

(1)- القصة السريرية: يجب أخذ القصة السريرية المفصلة للمرضى المصابين بالـ ACD قبل إجراء اختبار التحسس الرقعي وبعده وذلك لتقييم الـ ACD. كما يجب إجراء اختبار التحسس الرقعي للمواد التي يتعرض لها المريض والتي يمكن أن تكون سبب الآفة.

علماً بأن للقصة المرضية أهمية بعد إجراء اختبارات التحسس الرقعية وذلك لتحديد ما إذا كانت هذه المواد المؤرجة هي المسؤولة الوحيدة عن التهاب الجلد لدى المصاب. وتدل إيجابية الارتكاس الرقعي على حساسية المريض لهذه المادة، ولكنها لا تؤكد أن هذه المادة هي السبب في التهاب الجلد الأرجي. 

(2)- الأمراض الجلدية الموجودة سابقاً: قد يفيد البحث عن أمراض جلدية سابقة لمعرفة المادة المؤرجة المحتملة:

> إن المرضى المصابين بالتهاب جلد ركودي هم أكثر عرضة للإصابة بالـ ACD للمواد المطبقة في منطقة التهاب الجلد الركودي وقرحات الساق. فالنيومايسين هو سبب مهم في إحداث الـ ACD لأنه كثيراً ما يستعمل في معالجة قرحات الساق.

> والمصابون بالتهاب الأذن الخارجية يتحسسون للنيومايسين الموضعي والستيروئيدات الموضعية.

> والمصابون بحكة شرجية أو فرجية قد يتحسسون للبنزوكائين والأدوية الأخرى المطبقة سابقاً لمعالجة هذه الآفات الحاكة المزمنة.

> النساء المصابات بحزاز تصلبي ضموري قد يصبن بالـ ACD على نحو متكرر مضاعفة  لهذا الجلاد الفرجي المزمن الشديد.

> والأشخاص المصابون بالتهاب جلد تأتبي أكثر عرضة لحدوث التهاب جلد اليدين اللانوعي والتهاب جلد اليدين التخريشي.

> والأشخاص الذين في سوابقهم قصة مرضية لالتهاب جلد تأتبي ليسوا أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الجلد بالتماس الأرجي على الرغم من العدد الكبير من الأدوية المطبقة موضعياً والمطريات التي يستعملونها.

> والتأتبيون أقل عرضة للإصابة بالـ ACD لسم اللبلاب.

> وتشير بعض الدراسات الأوربية إلى حدوث نسبة أكبر من التهاب الجلد بالتماس الأرجي ACD للنيكل لدى التأتبيين.

(3)- الأعراض: يظهر التهاب الجلد خلال بضعة أيام من التعرض للمؤرج عند الأشخاص المصابين بالـ ACD في المناطق المعرضة مباشرة للمادة المؤرجة. وبعض المواد المؤرجة لا تدخل الجلد السليم بسهولة ولذا يتأخر ظهور الـ ACD لديهم.

يتطلب حدوث التحسس النوعي في الأشخاص الذين يتعرضون لمواد جديدة بالتماس عشرة أيام على الأقل.

يظهر التحسس لسمّ اللبلاب في الشخص الذي يتعرض له لأول مرة بعد أسبوعين من التعرض ويتجلى بالتهاب جلد خفيف، ويحدث التهاب جلد شديد خلال يوم أو يومين من التعرض الثاني والتعرضات التالية. وتصعب إزالة سم اللبلاب من الجلد، وإن لم يتمكن الشخص من غسل المنطقة المعرضة لهذا السم خلال 30 دقيقة يحدث ACD  ويتميز في هذه الحال بالشكل الخطي للآفات linear dermatitis lesions.

ومن المعلوم أن سبب التهاب الجلد الخطي أو المحدد يكون دائماً خارجي المنشأ. كما يوحي حدوث التهاب الجلد مباشرة بعد التعرض للمادة لأول مرة بالارتكاس التحسسي التصالبي أو تعرض سابق منسي، أو التهاب جلد تماس تخريشي لانوعي بسبب المادة المطبقة.

وقد عرفت حالات مرضية خاصة لالتهاب الجلد التماسي الأرجي منها التالية:

(1)- شرى التماس contact urticaria: عندما تتخرب وظيفة الحاجز للطبقة المتقرنة تتمكن الذرات الكبيرة مثل البروتينات من اختراق الجلد مسببة شرى التماس الناجم سواء عن ارتكاس مناعي نوعي (شرى التماس المناعي) الذي يمكن إثباته باختبارات الوخز، أم عن ارتكاس لانوعي (شرى التماس اللامناعي) الذي لا يمكن إثباته بالاختبارات التشخيصية وإنما يجب الاعتماد كلياً على القصة المرضية التي تكون نوعية.

يشكو الأشخاص المصابون بأكزيمة وشرى التماس الثانوي من حكة ووخز وحس حرق بعد ثوانٍ أو دقائق من تماس المواد المؤرجة مثل الفواكه والخضار واللحوم والأسماك النيئة والتين والفجل والبصل وبعض الأطعمة الأخرى ونبات القراص، كما أن أهم منشأ لشرى التماس الأرجي هو التحسس للاتكس latex الموجود في القفازات المطاطية. وأكثر المعرضين للإصابة به هم المصابون بالتهاب جلد اليدين العاملين في المستشفيات، والأطفال المصابون بالسنسنة المشقوقة spina bifida، والتأتبيون هم معرضون لللإصابة بشرى التماس للاتكس المطاطي.

وقد يسبب تقشير البطاطا شرى التماس مع حكة حول العينين والأنف عند نحو ثلث النساء المصابات بأكزيمة اليدين المزمنة.

ذكرت حوادث نادرة للارتكاسات التأقية المباشرة للصادات الموضعية مثل (الباسيتراسين bacitracin).

(2)- التهاب الجلد المهنيoccupational : التهاب الجلد التماسي المهني أكثر الأمراض الجلدية المهنية شيوعاً، ويعد واحداً من عشرة أمراض مهنية يمكن أن تعوق الشخص عن العمل.

تشير بعض الدراسات أن 83% من حالات التهاب الجلد المهني تتوضع على اليدين؛ إذ إنها أكثر الأماكن عرضة للمؤرجات بالتماس أو المخرشات في العمل وفي المنزل.

قد يتحسن التهاب الجلد التماسي الأرجي الناجم عن العمل في أثناء العطل. وإذا كانت الإصابة عند عدد من الأشخاص العاملين فإن تشخيص التهاب الجلد التخريشي التماسي هو التشخيص المرجح؛ إذ يندر أن يتحسس بالمؤرجات عدد كبير من الأشخاص.

أما الأسباب المؤدية إلى التهاب الجلد المهني الأرجي فهي:

> الهوايات hobbies : قد تكون الهوايات سبباً في حدوث الـ ACD مثل تحميض الأفلام باستعمال المواد الكيميائية المظهرة للألوان؛ إذ تسبب حزازاً مسطحاً بعد التعرض المباشر لها.

> الأدوية: قد تكون الأدوية الخارجية التي تطبق تلقائياً أو الموصوفة من قبل الطبيب سبباً مهماً للـ ACD. وسبب ظهوره عند بعض الأشخاص إما تحسس للمواد الحافظة وإما للسواغات وإما للمواد الفعالة في الأدوية الموضعية وخاصة النيومايسين والستيروئيدات الموضعية. ويجب إخضاع المرضى المصابين بالتهاب الجلد التماسي الأرجي - الذين لم يستجيبوا للمعالجة الموضعية بالستيروئيدات - للاختبارات الرقعية لسلسلة من الستيروئيدات وسواغاتها.

الفحص السريري:

يتصف التهاب الجلد التماسي الأرجي ACD الحاد بحطاطات حاكة وحويصلات على قاعدة حمامية. قد يتجلى ACD المزمن بلويحات متحززة حاكة أحياناً. وقد يصيب الجلد بأكمله (كما في الأحمرية والتهاب الجلد التقشري exfoliative ، وإن معرفة مكان الإصابة الأولية يدلنا غالباً على معرفة السبب المحتمل للـ ACD.

> اليدان: هما من الأماكن المهمة للإصابة بالـ ACD وخاصة الناجمة عن العمل، وتقدر بـ(80%) من جميع التهابات الجلد المهنية. ومن الأسباب الشائعة لهذا الالتهاب المواد الكيميائية في القفازات المطاطية وكل من بارا فيلين ديامين وغليسيريل مونوتيو غليكولات، وامونيوم بيرسلفات عند مصففي الشعر، ومادة الفورم ألدهيد الموجودة في بعض المنظفات وأوراق المرحاض، والدقيق والقلي المستعمل في صنع الحلويات عند الخبازين.

ويعد العمل الرطب والرطوبة المنخفضة من عوامل الخطورة في إحداث التهاب جلد اليدين، فنقص الرطوبة تخرب الوظيفة الحاجزية للجلد وبالتالي تزيد نفوذية المستأرجات والمخرشات كما تزيد عدد خلايا لانغرهانس البشروية، كما يكثر التهاب جلد اليدين بالتماس عند التأتبيين. لذا يجب نصح هؤلاء المرضى تجنب بعض المهن، مثل تصفيف الشعر والعمل في المطاعم وتصليح السيارت وأعمال المعادن.

> حول الشرج perianal: يتكرر حدوث الـ ACD في منطقة حول الشرج نتيجة استعمال أدوية محسسة مثل (البازوكائين الموضعي).

> التهاب الأذن الخارجية: الأدوية الموضعية من الأسباب المهمة في حدوث ACD في حالات التهاب الأذن الخارجية.

> التهاب الأجفان: يحدث الأرج للمواد الكيميائية الموجودة في المستحضرات العينية التهاب الجلد حول العينين. 

كما قد تحدث المواد الكيميائية المحمولة في الهواء التهاب الجلد التماسي الأرجي عادة على الأجفان.

> التهاب الجلد الركودي والقرحات الركودية: يبدي الأشخاص المصابون بالتهاب الجلد الركودي والقرحات الركودية استعداداً للإصابة بالـ ACD بسبب الأدوية الموضعية المطبقة على المنطقة المصابة ولاسيما تطبيق هذه الأدوية المغلق والمزمن.

وقد يظهر التهاب جلد تماسي أرجي منتشر بعد تطبيق أدوية موضعية على الآفة أو بسبب التصالب الدوائي الارتكاسي للأدوية المجموعية المعطاة وريدياً. فمثلاً قد يحدث لدى المريض الذي يبدي حساسية للنيومايسين التهاب جلد بالتماس منتشر مجموعي إذا عولج بالجانتامايسين وريدياً.

الشكل (12)
التهاب جلد تماسي أرجي لصبغة الشعر

> الحمامى عديدة الأشكال: وصفت حالات نادرة من الحمامى عديدة الأشكال حدثت بعد ACD ناجم عن التعرض لسم اللبلاب والنيكل وصبغة الشعر.

الأسباب:

تتنوع المؤرجات لدرجة كبيرة وقد تكون غير بروتينية الطبيعة، كما أن هناك عدة مواد ثبت أنها مؤرجة كالصبغات (الشكل 12) والمواد الوسيطة فيها والزيوت والراتنجيات ومشتقات قطران الفحم، والمواد الكيميائية المستعملة في صباغة النسيج والمطاط، ومواد التجميل، والمبيدات الحشرية وزيت وراتنج الخشب، ونواتج الجراثيم والفطور والطفيليات وموادها.

 وهناك 25 مادة كيميائية مسؤولة عن إحداث نصف حالات ACD.

> سم اللبلاب poison ivy: يتصف بإحداث التهاب جلد حاد خطي حين يتم التماس المباشر مع هذا النبات. ويحدث الالتهاب خلال 48 ساعة من التعرض للنبات عند شخص محسس سابقاً.

وهناك تصالب تام بالحساسية لسم اللبلاب مع زيت قشر جوز البلاذر cashew nut shell oil ومع قشر ثمرة المنغا ومع لب ثمر شجر الجنكاو ginkgo tree؛ إذ يحدث أكل هذه الثمرة التهاب ما حول الشرج، أما مادة الجينكو بيلوبا (التي تعطى عن طريق الفم لمعالجة الاضطرابات الدماغية والتي تنتج من مستخلص أوراق الشجر) فإنها لا تحدث أرجاً تماسياً مجموعياً عند  تناولها.

> النيكل:  هو أحد الأسباب الرئيسة في إحداث ACD في العالم. يتصف بحدوث التهاب جلد مكان تماس الحلي أو تماس زر بنطال الجينز المحتوي على النيكل مع الجلد. يمكن أن يعد النيكل من المؤرجات المهنية وهو ما يشاهد عند مصففي الشعر، وبائعي المفرق، وعمال النظافة والعاملين بالمعادن. وقد يظهر لدى بعض الأشخاص الذين لديهم تحسس للنيكل حويصلات على حواف الأصابع (أكزيمة عسر تعرق) من النيكل في الغذاء (الأشكال 31 و14 و15 و16).

 يزيد التعرق من شدة التهاب الجلد التماسي الأرجي للنيكل بسبب احتوائه على كلور الصوديوم الذي يتحد مع النيكل ليشكل كلور النيكل، وقد تساعد الوقاية على التعرق في تخفيف الإصابة.

> المواد الكيميائية في القفازات المطاطية: يشك بها حين حدوث ACD مزمن في أيدي الأشخاص الذين يستعملون هذه القفازات إلا إذا أثبتت الاختبارات الرقعية أسباباً أخرى، كما يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يصابوا بالتهاب جلد من التعرضات الأخرى لهذه المواد الكيميائية (تحت الحزام المطاطي مثلاً).

> التهاب الجلد بسبب الملابس: يظهر في الأشخاص المتحسسين للأصبغة النسيجية أو المواد الكيميائية المضافة إلى النسيج  التهاب جلد على الجذع خاصة على طرفي الجذع ويعف عن قمة الإبط. وحين الشك بحدوث هذا النوع من التهاب الجلد بالتماس الأرجي يجب إجراء الاختبارات التحسسية لمجموعة من المواد الكيميائية النسجية ولاسيما إذا أثبتت الاختبارات الرقعية المنوالية عدم وجود أرج لمادة الفورم ألدهيد. علماً أن الثياب الجديدة تسبب الـ ACD لأن معظم المحسسات تخف كثافتها في الثياب مع الغسل المتكرر.

الشكل (13) التهاب جلد تماسي أرجي بسبب قلادة  حاوية على النيكل الشكل (14) التهاب جلد تماسي أرجي بسبب مسمار معدني (نيكل) في الجينز
الشكل (15) التهاب  جلد تماسي أرجي بسبب زر مغدني (نيكل ) في الجينز الشكل (16)  التهاب جلد اندفاعي مطاطي حويصلي على جوانب الأصابع
عند امرأة متحسسة للنيكل . تحسن بعد حمية لا تحتوي على النيكل

 

الشكل (17)
أ- التهاب شديد في الراحتين .
ب - زوال الالتهاب بغد حمية خالية من المواد الحافظة

> المواد الحافظة المضافة لمواد التجميل والمطريات والأدوية الموضعية هي سبب رئيس في إحداث ACD. إن أكثر المواد الحافظة استعمالاً تشمل البارابين (الشكل 17)، وهي سبب غير شائع لحدوث ACD رغم استعمالها المنتشر. وأكثر ما يحدث الـ ACD هي مادة الفورم الألدهيد التي تتحرر من بعض المواد الحافظة الكيميائية المستعملة على نحو واسع في الشامبو واللوسيون، والمطريات الأخرى والمزوقات ( Quaternium-15   وimidazolidine وisothiozolines ) مما دعا إلى تسميتها محررات الفورم ألدهيد.

> العطور: يمكن أن يبدي بعض الأشخاص أرجاً للعطور الموجودة في (الكولونيا) ومستحضرات بعد الحلاقة ومزيلات الرائحة deodorants (الشكل  18) والصوابين وفي عدد كبير من المنتجات لتغطية بعض الروائح غير المستحبة. وتعد مزيلات الرائحة من أكثر أسباب الـ ACD الناجم عن العطور لأنها تطبق في مناطق مغلقة.

الشكل (18) التهاب جلد أرجي في الإبط بسبب مزيلات التعرق و الرائحة

> الستيروئيدات الموضعية: يحدث لدى عدد كبير من الأشخاص المصابين بالتهاب جلد مزمن أرج للستيروئيدات الموضعية.

> النيومايسين الموضعي: قد يحدث  للأشخاص الذين لديهم أرج لمادة النيومايسين المطبقة موضعياً، ويمكن أن يكون لديهم تحسس للأدوية المشابهة كيميائياً مثل الأمينوغلايكوزيد aminoglycoside كالـ (الجانتامايسين والتوبرامايسين).

> البنزوكائين الموضعي: يمكن للأشخاص المصابين بالأرج للبنزوكائين benzocaine استعمال xylocaine موضعياً أو مجموعياً؛ لأنه لا يتصالب مع البنزوكائين.

> الواقيات الشمسية: يبدي عدد كبير من الأشخاص ارتكاسات سيئة نحو الواقيات الشمسية، لكن أغلبهم ليس لديهم أرج نحو تلك المواد الواقية. وإنما ينجم تحسسهم عن  المواد الحافظة في هذه المستحضرات أو عن التهاب جلد تخريشي لانوعي من هذه المواد.

التهاب جلد تماسي أرجي ضيائي: قد يحدث عند بعض الأشخاص التهاب جلد تماسي أرجي ضيائي photo ACD. وقد يزداد الـ ACD بعد التعرض للأشعة فوق البنفسجية (UV)، كما أن بعض المرضى لا يبدون الـ ACD إلا إذا وجدت المادة المؤرجة على الجلد وتعرض الجلد بعدها مباشرة لكمية مناسبة وكافية من الأشعة فوق البنفسجية A.

التشخيص التفريقي:

يجب التفريق بين الـ ACD وبين السعفات الفطرية ولاسيما المتوضعة على اليدين والقدمين. وتوحي الاندفاعات غير المتناظرة على اليدين والقدمين بوجود الخمج الفطري.

٭ الارتكاس التحسسي الثانوي الذاتي Id reaction: هو اندفاع حويصلي متناظر حاك بشدة، متوضع على حواف الأصابع والراحتين والأخمصين. أما الاندفاعات السطحية فتتجلى بشكل وسوف صغيرة.

٭ الصداف: تكون الآفات محددة الحواف. يبدي الحك الوسوف الشمعية البيض الفضية المميزة للصداف. لا يمكن التفريق بين الصداف المتوضع في الراحتين وبين الأكزيمة المتقرنة إذا لم ترافق الآفات اندفاعات صدافية أخرى في باقي أنحاء الجلد أو الأظفار.

٭ الحزاز المسطح: يتصف بالاندفاعات البنفسجية اللماعة المغطاة بشبكة ويكهام. وقد تشاهد تلك الاندفاعات الحزازية على ظهر اليدين والأصابع وقد تكون حاكة بشدة. يكون التشخيص سهلاً بوجود توضعات أخرى للآفات في الجسم أو الأغشية المخاطية في باطن الخدين حيث تشاهد اندفاعات شبكية بيضاء.

٭ الذئبة الحمامية: تتظاهر الذئبة الحمامية الجلدية القريصية على اليدين ببقع محددة حمامية وسفية. أما آفات الذئبة الحمامية الجهازية فتتصف بحمامى ووذمة في الجلد وتبدلات شبيهة بالتهاب الأوعية. ومن العلامات الوصفية وجود توسعات شعرية حول الأظفار.

٭ التهاب الجلد والعضلات: يتصف بظهور حمامى مزرقة على جلد الوجه وظهر الأصابع ولاسيما على البراجم (عقيدات غوترون).

٭ تصلب الجلد المجموعي: يصبح الجلد ملتصقاً على النسج تحته وقد تظهر تقرحات على السلاميات القاصية.

كما يجب التفريق بين التهاب الجلد التماسي الأرجي وبين:

الأكزيمة الجافة والأكزيمة التأتبية والتهاب الجلد التماسي التخريشي واللمفوما الجلدية التائية، والتهاب ما حول الفم والتهاب الجلد الفرفري المصطبغ والأكال العقيدي والتهاب الجلد المهني، والتهاب الجلد الركودي والشرى. وفي التهاب جلد اليدين والقدمين يجري الفحص المباشر للتحري عن الفطور بالـ KOH والزرع لنفي وجود آفة فطرية.

الاختبارات الرقعية patch testing :

غالباً ما يكون الاختبار الرقعي مؤكداً ومشخصاً، ولكن ضمن إطار القصة والموجودات السريرية، يجب إجراء هذه الاختبارات الرقعية لمعرفة هوية المادة الكيميائية المؤرجة للشخص.

وللحصول على نتائج صحيحة حين إجراء الاختبارات الرقعية:

يجب أخذ قصة المريض السريرية مع التركيز على المهنة الحاضرة ومكان العمل والمواد التي تستعمل في العمل. والأعمال السابقة والمواد المستعملة سابقاً لها أهميتها لأنها قد تكون مسببة لأرج كامن. ويجب التحري عن الهوايات والمواد المعرض لها في أثناء ممارستها وأخيراً يجب معرفة الأدوية الكيميائية أو العشبية أو الشعبية التي يتناولها المريض. بعد ذلك يجب إجراء فحص شامل للجلد والأغشية المخاطية. وعندها وقبل إجراء الاختبارات الرقعية يجب التأكد من أن المريض غير مصاب بالتهاب جلد حاد ومنتشر، كما يجب نفي تناول المريض لأدوية قد تؤدي إلى إرتكاسات سلبية (ستيروئيدات ومثبطات)، إضافة إلى تأجيل الاختبارات الرقعية للحامل إلى ما بعد الولادة.

وهناك مجموعات معروفة ومتنوعة من المواد المؤرجة محضرة تجارياً لهذه الغاية، تتألف من مواد يشتبه بأنها مسببة لالتهاب الجلد التماسي وبتراكيز غير مخرشة، تطبق على الجلد السليم. وتقرأ النتيجة بعد 48 ساعة.

وقد يحدث التفاعل الإيجابي للاختبار الرقعي حكة ملحوظة وحمامى، أو حويصلات صغيرة، وقد يحدث تفاعلاً فقاعياً، وتدرج نتائج التفاعلات الرقعية بحسب الدرجات التالية:

(0) لا تفاعل، (+1) حمامى، (+2) حمامى وحطاطات، (+3) حمامى وحطاطات وحويصلات، (+4) وذمة ملحوظة وحويصلات.

هذا وتؤدي بعض المواد مثل النيومايسين إلى ارتكاس ايجابي متأخر للإختبار الرقعي بعد 4 أيام أو أكثر من التعرض الأولي. ويتأخر ظهور الارتكاس للاختبارات الرقعية في المسنين أكثر من الشباب.

وإضافة إلى الاختبارات الرقعية للمواد المؤرجة التقليدية التي تجري على المرضى هنالك سلسلة  الاختبارات الرقعية الإضافية التي يمكن أن تجرى إذ ما شك بإحداثها لـ ACD ومنها:

> الستيروئيدات خاصة tixocortol وbudesonide.

> المواد الموجودة في المزوقات.

> المواد المستعملة في طب الأسنان التي قد تسبب التهاب الأغشية المخاطية والشفة في مرضى الأسنان، أو قد تسبب التهاب جلد مزمناً في اليدين في طبيب الأسنان ومعاونيه.

> المواد المستعملة من قبل مصففي الشعر التي قد تسبب التهاب جلد الوجه والأذنين والرقبة عند الزبائن، والتهاب جلد مزمناً في اليدين أو الأجفان عند مصففي الشعر.

> العطور الموجودة في المزوقات.

> المؤرجات المهمة غير الموجودة في الاختبارات الرقعية التقليدية التي قد تكون من الأسباب الكثيرة المشاهدة في الـ ACD:

٭ الباسيتراسين bacitracin.

٭ الأكريلات المستعملة في طب الأسنان والأظفار الاصطناعية والطباعة.

٭ المواد الكيميائية المستعملة في الحبر.

٭ مبيدات الهوام pesticides.

٭ المواد الكيميائية المستعملة في الآلات مثل الزيوت المعدنية وسوائل زيوت القطع .cutting oil

٭ المواد الكيميائية المستعملة في التصوير والتحميض.

٭ النباتات غير نبات اللبلاب.

٭ المواد الكيميائية في البلاستيك واللصوق.

٭ المواد الكيميائية الموجودة في المطاط.

٭ المواد الواقية من الأشعة فوق البنفسجية الموجوة في الواقيات الشمسية.

٭ المواد الكيميائية الأخرى المسببة لالتهاب الجلد الأرجي الضوئي.

> الاختبار الرقعي الضوئي: ويجرى بتطبيق صف مزدوج من اختبار رقعي مضاعف على الظهر يعرض أحدهما للأشعة فوق البنفسجية (10j/ m2 /UVA) ويترك الآخر مستوراً وذلك للتفريق بين الـ ACD والـ ACD المتفاقم بالأشعة فوق البنفسجية وبين الـ Photo ACD. يقرأ المكانان بعد 48 ساعة من التطبيق وبعد 72 ساعة.

> الخزعة: تساعد الخزعة الجلدية على نفي وجود أمراض أخرى ولاسيما السعفات الفطرية، والصداف، واللمفوما الجلدية.

الموجودات النسجية:

الشكل (19) الموجودات النسيجية لالتهاب الجلد التماسي الارجي الحاد تبدي  تحوصلاَ سفاجياَ واضحاَ في البشرة

الموجودات النسجية للـ ACD مماثلة للموجودات في الأشكال الأخرى من الأكزيمة. فقد يشاهد التهاب جلد مزمن تحت حاد أو حاد.

في الالتهاب الحاد وتحت الحاد تحتوي الرشاحة الخلوية في التهاب الجلد التماسي الناجم عن الأدوية غالباً على اللمفاويات والخلايا وحيدات النوى. كما توجد وذمة بشروية (تسفنج وتشكل حويصلات دقيقة).

 أما في الالتهاب المزمن فيحدث تسمك في البشرة (أشواك) مع فرط تقرن وخطل تقرن.

وقد تظهر يسبب الـ ACD خلايا تائية شاذة مقلدة الفُطار الفطراني (الشكل 19).

المعالجة:

يجب تحديد سبب الـ ACD وتجنبه، وإلا فإن المريض معرض للإصابة بالتهاب جلد مزمن وناكس.

(أ)- المعالجة العرضية symptomatic treatment:

> يساعد تطبيق ضمادات باردة مبللة بمصل ملحي في التهاب الجلد الحويصلي الحاد.

> تفيد مضادات الهيستامين المهدئة داخلاً في تخفيف الحكة.

> يفيد استعمال المطريات عدة مرات يومياً ولاسيما على اليدين.

(ب)- المعالجة المضادة للالتهاب:

> الستيروئيدات corticosteroids: المعالجة الأساسية لـ ACD هي تطبيق الستيروئيدات الموضعية المناسبة مكان الإصابة. فلمعالجة الـ ACD الشديد على اليدين يطبق ستيروئيد نفوذ درجة I مدة ثلاثة أسابيع، في حين يطبق ستيروئيد درجة 6 أو 7 لالتهاب الجلد في الثنيات.

ويعالج الـ ACD الشديد بالستيروئيدات الجهازية مدة أسبوعين.

> معدلات المناعة الموضعية topical immune modulators: تستعمل لمعالجة التهاب الجلد التأتبي وتوصف أيضاً في الـ ACD لأن لها مزايا آمنة أكثر من الستيروئيدات الموضعية. ولا تسبب هذه المواد ضموراً في الجلد أو زَرَقاً أو ساداً إذا طبقت قرب العين. تطبق مادة elidel cream) pimecrolimus )موضعياً لمعالجة الـ ACD على الوجه، في حين تطبق مادة  ( tacrolimus( protopic،1% oint   لمعالجة الـ ACD على اليدين. ويجب ألا تطبق هذه المواد حين وجود خمج ثانوي مرافق للالتهاب بل يجب معالجة الخمج أولاً.

> البسورالين + الأشعة فوق البنفسجية  UVA psoralen plus : قد يستفيد الأشخاص المصابون بالـ ACD وغير المستجيبين للمعالجة بالستيروئيدات الموضعية من تطبيق البسورالينات مع الأشعة فوق البنفسجية.

> مثبطات المناعة: من النادر اللجوء إلى مثبطات المناعة الجهازية مثل الـ azathioprine أو cyclosporine في معالجة الحالات المعقدة والشديدة المزمنة والمنتشرة من ACD مثل الآفات المستمرة على الوجه ولاسيما التهاب الأجفان أو التهاب جلد اليدين الذي يحول دون العمل أو النشاطات الحياتية اليومية.

> الـ disulfiram: يستعمل في بعض الحالات النادرة في معالجة الأشخاص المصابين بالتهاب جلد اليدين الشديد الحويصلي نتيجة إصابتهم بأرج شديد للنيكل. يساعد فعل هذا الدواء المستخلب  chelating على إنقاص النيكل من الجسم.

وقد يحدث تناول الكحول اختلاطات شديدة عند الأشخاص المعالجين به.

> الحمية: قد توجد في الطعام بعض المواد الكيميائية المعروف بالاختبارات الرقعية أنها محسسة؛ لذا يجب معالجة المرضى الذين يشكون من التهاب جلد اليدين الحويصلي الشديد باتباع حمية تحتوي على كمية قليلة من المعادن والمواد الكيميائية التي يتحسس منها الشخص.

المتابعة:

٭ العناية اللاحقة في المستشفيات: إذا أصيب المريض بارتكاسات أرجية شديدة ناجمة عن استعمال مؤرجات في البيت أو في مكان العمل يجب إبعاده عن هذه الأجواء حتى معرفة سبب التهاب الجلد.

٭ العناية اللاحقة خارجياً: قد يحتاج الشخص الذي يبدي نكساًَ أو اشتداد التهاب الجلد الأرجي إلى أخذ قصة مرضية جديدة واختبارات رقعية إضافية.

٭ الوقاية: للوقاية من رجوع الـ ACD يزود المريض بمعلومات وافرة عن المؤرجات ونمط المستحضرات الحاوية على هذه المؤرجات. أما لتجنب المؤرجات الموجودة في الأدوية والمزوقات فيجب قراءة مكونات هذه المواد ولاسيما عند الأشخاص المصابين بالأرج للعطور fragrances، والحافظات preservatives والسواغات والأدوية.

المضاعفات:

> يتضاعف الـ ACD أحياناً بالتهاب جرثومي ثانوي يمكن معالجته بالصادات الجهازية المناسبة.

> وقد تظهر عند الأشخاص ذوي البشرة الغامقة مناطق من فرط التصبغ أو نقص التصبغ في مكان الـ ACD.

الإنذار:

> يستمر الـ ACD أو ينكس عند بعض الأشخاص ولاسيما إذا لم تعرف المواد المؤرجة، أو إذا استمروا في استعمال المواد المنظفة القاسية لغسل الجلد، أوعند عدم تطبيق  المطريات اللطيفة لحماية جلدهم.

> يعتقد أن الاستجابة للعلاج وتراجع الـ ACD بعد اكتشاف السبب وتجنبه تتبع مدة حدوث الـ ACD وشدته.

2- التهابات الجلد الأكزمائية الأخرى:

تضم هذه الالتهابات عدة حالات، تبدأ بالتهاب جلد سطحي قد يتطور تدريجياً حتى مرحلة التحزز، وتشمل أكزيمة عسر التعرق والأكزيمة النمية. تبدو المرحلة الحادة بشكل لويحة حمامية وذمية، تظهر عليها مجموعات حويصلية صغيرة. أما المرحلة تحت الحادة فتبدو بشكل لويحات حمامية وسفية قد تكون مستورة بالجلب، وفي مرحلة الإزمان تكون مستورة بوسوف جافة، قد تصبح متحززة.

نسيجياً: تتصف جميع الاندفاعات الأكزيمائية بحدوث نتحة مصلية بين خلايا البشرة (التسفنج) مع رشاحة لمفاوية حول الأوعية في الأدمة وتسربها إلى البشرة.

يكون السفاج شديداً في المراحل الحادة، ويرافقه شواك وفرط تقرن ضئيلان، في حين يبدي الالتهاب تحت الحاد سفاجاً بشروياً مع شواك وفرط تقرن. أما في الآفات المزمنة فيكون السفاج ضئيلاً، وتبدي الأكزيمة مهما كان السبب المحدث تبدلات نسيجية متشابهة إذا أزمنت. وتناسب مرحلة الإزمان سريرياً الحزار البسيط المزمن، وتبدي التبدلات النسيجية في هذه المرحلة فرط تقرن، شواكاً غير منتظم، وتثنياً في حزم الكولاجين في الأدمة الحليمية التي تبدو كأشرطة عمودية، أو تبدو الأدمة الحليمية متسعة غالباً مع تنسج ليفي وعائي.

الشكل (20) التهاب المثي في منطقة متوسفة من الأذن

تعد الحكة العرض البارز في غالبية الارتكاسات الأكزيمائية. وتخفض الشدة النفسية عتبة الحكة التي تكون شديدة قبل النوم، وتسبب الأرق غالباً، وقد تحرض الحرارة والتخريش الفيزيائي حدوثها.

الأكزيمة بحسب مناطق التوضع ومنها:

(1)- أكزيمة الأذن: أو التهاب الأذن الخارجية وتشمل صيوان الأذن، والثلم خلف الأذن والقناة السمعية الخارجية التي تعد من أكثر المناطق إصابة في التهاب الجلد المثي والتهاب الجلد التماسي الأرجي (الشكل 20).

(2)- أكزيمة الأجفان: تصاب الأجفان في التهاب الجلد التأتبي والتهاب الجلد التماسي الأرجي، وتسببها بعض المواد الطيارة، ورذاذ مبيدات الحشرات، كما تسببها في كثير من الحالات بعض المواد المنقولة من اليدين إلى الأجفان، حينما تحتوي بعض القطرات العينية على مواد مؤرجة يمرالمؤرج عبر القناة الدمعية الأنفية ويشاهد التهاب الجلد في منطقة المنخرين إلى جانب جلد الأجفان. يصيب التهاب الجلد الأرجي عادة الأجفان العلوية، أما التهاب الجلد التأتبي فيصيب الأجفان العلوية والسفلية (الشكلان 21 و22).

(3)- أكزيمة الثديين: قد تصيب الحلمتين واللعوتين، أو الجلد المحيط بهما. تكون أكزيمة الحلمتين عادة من النمط الرطب مع نتح وتشكل جلب، كما يشاهد أيضاً تشقق مؤلم ولاسيما عند المرضعات. يجب التفريق بينها وبين التهاب الجلد والأعصاب المحصور والتهاب الجلد المثي، والتهاب الجلد التأتبي، والتهاب الجلد التماسي، وإذا أزمنت هذه الأكزيمة أكثر من ثلاثة أشهر وكانت وحيدة الجانب يجب نفي داء باجت في الثدي بإجراء خزعة.

الشكل (21) أكزيمة تماس من النيومايسين لمرهم عيني الشكل (22) أكزيمة مئية على الجفن

(4)- أكزيمة الراحتين والأخمصين الحويصلية: هي التهاب جلد اليدين والقدمين، وتتصف سريرياً بظهور حويصلات صغيرة وكبيرة، ونسيجياً بحويصلات سفاجية، وقد تأخذ هذه الأكزيمة شكلاً حاداً أو مزمناً أو الاثنين معاً. تصاب اليدان على نحو شائع في التهاب الجلد التأتبي، والتهاب الجلد التماسي الأرجي، وقد يكون من المستحيل التفريق السريري بين هذه الأمراض، والخزعة ربما لا تفيد في التشخيص النهائي وما يساعد على التشخيص هو القصة المرضية المفصلة، وفحص جميع أنحاء الجسم فحصاً دقيقاً والاختبارات الرقعية التي يجب أن تشمل اختباراتها الرقعية طيفاً واسعاً من المؤرجات بحسب مكان العمل والأدوية الموضعية المطبقة والأطعمة.

تقسم الأكزيمة الحويصلية الراحية الأخمصية أربع فئات هي:

عسر التعرق، والتهاب الجلد الحويصلي الفقاعي المزمن الراحي الأخمصي والتهاب جلد اليدين المفرط التقرن، والارتكاسات الطفحية id reactions. ويمكن جمع هذه الأشكال الأربعة تحت زمرة التهاب جلد اليدين الداخلي المنشأ endogenous وذلك عكس التهاب الجلد الناجم عن عوامل خارجية مثل التهاب الجلد التماسي الأرجي والتهاب الجلد التماسي التخريشي.

الشكل (23) أكزيمة عسر التعرق ، اندفاعات حويصلية حاكة متناظرة في الراحتين و على جوانب الأصابع

(أ)- أكزيمة عسر التعرقpompholyx : هي أكزيمة حادة فقاعية حويصلية تظهر فجأة على الراحتين والأخمصين على الحواف الجانبية للأصابع، وتتميز بوجود حويصلات متوترة رائقة وعميقة وحاكة بشدة. يكون الطفح متناظراً وحاكاً، وتسبق الحكة عادة ظهور الاندفاع. ويؤدي تجمع بعض الحويصلات إلى تشكل فقاعات شديدة تعوق الحركة (الشكل 23).

تميل أكزيمة عسر التعرق للحدوث في الربيع والصيف، وقد ترافقها الشدة النفسية، ولا تعرف أسبابها الحقيقية. ولكن لوحظ اقتران هذا الداء مع الخمج الفطري في القدمين، وفرط التعرق في الأماكن المصابة والتوتر العصبي والتهاب الجلد التماسي الأرجي، وقد تتراجع الهجمة تلقائياً خلال 2-3 أسابيع وقد تتجمع الفقاعات وترتشف من دون انبثاق. يمكن تفجير الفقاعات الكبيرة ولكن يجب عدم إزالة سقفها. ويتبع المرحلة الحادة مرحلة توسف المنطقة المصابة، وقد يحدث خمج جرثومي ثانوي يؤدي إلى التهاب النسيج الخلوي في المنطقة المصابة، وقد يسبب أذية لمفاوية تؤدي إلى الوذمة اللمفاوية.

(ب)- التهاب جلد اليدين الحويصلي الفقاعي المزمن chronic vesiculobullous hand eczema : يصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة 3-1، وتتميز الاندفاعات بحويصلات صغيرة 1-2مم تحتوي سائلاً رائقاً وتتوضع على الحواف الجانبية للأصابع والراحتين والأخمصين كما في عسر التعرق. أما في الحالات المزمنة فتكون  الآفات حمامية مفرطة التقرن، وسفية، ومتشققة. وقد يشاهد شكل عسر التعرق dyshidrosiform في أثناء اشتداد المرض. وتصاب الأظفار بالحثل dystrophy في الحالات المزمنة الطويلة الأمد. ويكون توزع الآفات ثنائي الجانب ومتناظراً.

الشكل (24) الأكزيمة مفرطة التقرن على الراحتين

(ج)- التهاب جلد اليدين مفرط التقرن hyperkeratotic: يصيب الرجال الكهول أكثر من النساء بنسبة 2-1. يبدأ بشكل لويحات مزمنة مفرطة التقرن وحاكة تميل للتشقق ولاسيما في المنتصف والجزء القريب من الراحتين (الشكل 24).

قد تكون هذه الحال النتيجة النهائية لالتهاب الجلد التماسي الأرجي والتخريشي ولكن لا يمكن تحديد السبب على نحو عام. يصيب هذا الالتهاب الرجال متوسطي الأعمار والمسنين وهو  معند عادة على المعالجة. ولا تشاهد إصابة الأخمصين إلا عند عدد قليل من المرضى.

كما يجب التفريق بين هذا الالتهاب وبين الصداف الذي تكون الآفات فيه محددة جيداً ويرافقها تنقر الأظفار ووجود مجموعات من البثور أحياناً .

(د)- الارتكاسات الطفحية Id reactions: تشاهد حويصلات حمامية حاكة على حواف الأصابع والراحتين. يظهر الاندفاع الحويصلي فجأة ويحدث استجابة لالتهاب شديد، ولاسيما بخمج فطري في مكان آخر من الجسم. يعتقد أن هذا الارتكاس الثانوي هو ارتكاس أرجي للفطور أو لمستضد ما. لا يستجيب الارتكاس الثانوي الطفحي للمعالجة بالستيروئيدات القشرية ولكن يشفى حين تعالج بؤرة الخمج أو الاحتشار infestation الأساسية.

الموجودات المخبرية: لا يوجد دلائل مخبرية مميزة للأكزيمة الراحية والأخمصية، ولكن قد يكون مستوى الغلوبولين المناعي IgE) E ) مرتفعاً عند المرضى التأتبيين.

التشريح المرضي: تتبع الموجودات النسجية مراحل سير المرض. مجهرياً يبدو الحويصل الأولي على شكل حويصل سفاجي داخل البشرة، وتشاهد رشاحة لمفاوية في البشرة مع رشاحة مختلطة في الأدمة. وقد تبدي البشرة في الآفات المزمنة فرط تصنع، وفرط تقرن، وفرط تنسج بشروي صدافي الشكل. يمكن نفي الخمج الفطري بإجراء التلوين بملون حمض شيف فوق اليودي (periodic acid - Schiff (PAS.

التشخيص: يعتمد التشخيص على البدء السريري للمرض، والقصة المرضية، وأحياناً التشريح المرضي. وقد تساعد الاختبارات الرقعية على التفريق بين التهاب جلد اليدين الحويصلي الفقاعي وبين الأدواء الراحية الأخمصية الأخرى، أو على نفي وجود عوامل أخرى تزيد من فوعة المرض مثل التعرض للعوامل المخرشة والمؤرجة التماسية.

التشخيص التفريقي: هناك عدد من أمراض الجلد المتوضعة في اليدين والقدمين يصعب التفريق بينها وبين التهاب جلد اليدين الحويصلي الفقاعي. وقد ترافق هذه الأمراض الأكزيميائية الحويصلية الفقاعية على نحو يستطاع معه التفريق بين التهاب الجلد التماسي الأرجي سريرياً وبين أكزيمة اليدين، ويجب إجراء الاختبارات الرقعية عند المرضى الذين يشكون من التهاب جلد ناكس غير نموذجي ومستمر.

إن التهاب الجلد التماسي التخريشي هو أكثر التهابات اليدين شيوعاً وغالباً ما يتفاقم عند التعرض للمواد المؤرجة في أثناء العمل. أما التهاب جلد اليدين التأتبي فيشاركه عدد من العوامل: التهاب جلد اليدين قبل عمر 15 سنة وأكزيمة مستمرة على الجسم وجلد جاف وحاك عند الكهولة، والتهاب جلد تأتبي منتشر في الطفولة.

قد يقلد التهاب الجلد الخمجي وخاصة الفطري التهاب جلد اليدين الداخلي المنشأ. ففي الحالات التي تكون فيها الآفات غير متناظرة وغير نموذحية، أو في الحالات التي تتوضع فيها الحويصلات الصغيرة على القدمين قد يفيد الفحص المجهري بهيدروكسيد البوتاسيوم لنفي خمج فطري بدئي.  كما يمكن للخمج الفطري أو الجرثومي أن يحدث على نحو ثانوي على التهاب جلد اليدين المزمن وهنا تفيد المعالجة المضادة للخمج في تحسين الأعراض السريرية.

أما الصداف والتهاب جلد اليدين الصدافي الشكل فيتوضعان على نقاط الضغط. يمكن تمييز الصداف بلويحاته الوسفية المحددة، ووسوفه الشمعية ووجود الصداف في أماكن أخرى وبعدم حكته، وقد يحدث التهاب جلد اليدين الصدافي الشكل من دون قصة عائلية أو شخصية للصداف. لكن التشخيص يعتمد على المظهر السريري والتشريح المرضي.

كما يمكن التفريق بين الطفحات البثرية على الراحتين والأخمصين بسهولة وبين الاندفاعات الأولية الحويصلية والفقاعية المملوءة بسائل رائق والمشاهدة في التهاب جلد اليدين. فمثلاً تكون الحويصلات في الصداف البثري غيمية ومؤلمة.

التوسف الراحي البؤري الناكسrecurrent focal palmar peeling (keratolysis exfoliativa ) : هو توسف الراحتين والأخمصين المزمن، اللاعرضي، الالتهابي، يشاهد غالباً في فصل الصيف. يعتقد أنه يصيب الأشخاص الذين يشكون من فرط تعرق الراحتين والأخمصين.

تبدأ الوسوف بالظهور في نقطة أو نقطتين ثم تمتد للمحيط مشكلة مناطق حلقية متسعة. تكون هذه الحالة لاعرضية وتشفى تلقائياً وتحتاج إلى المطريات.

فرط تقرن النهايات المواكبة للأورام لبازكس لـ acrokeratosis paraneoplastica of Bazex، مرض نادر يتظاهر بالتهاب جلد اليدين الحاد والحمامي والوسفي والحويصلي الفقاعي مع حثل أظفار يرافقه خباثات، هي عادة كارسينوما شائكة متوضعة في الجهاز الهضمي العلوي والطرق التنفسية. وذكرت حالات فرط تقرن التهابات عند مرضى مصابين بسرطان القولون وأورام الجهاز البولي التناسلي.

قد تصيب بعض الأمراض الفقاعية مثل الفقاعاني والفقاع أو انحلال البشرة الفقاعي اليدين والقدمين، ولكن في سياق إصابة أمكنة أخرى من الجسم.

المضاعفات: قد يؤدي خمج الحويصلات الثانوي إلى التهاب النسيج الخلوي cellulitis والتهاب الأوعية اللمفية، وفي حالات نادرة إلى تجرثم دم.

الإنذار (المآل) والسير السريري: قد يحدث عسر التعرق بشكل هجمات فجائية شديدة ومتكررة ويصبح أقل حدوثاً في منتصف العمر. في حين يكون الشكل المزمن من الأكزيمة الحويصلية الفقاعية الراحية الأخمصية أطول استمراراً وأكثر مقاومة للعلاج وغالباً ما يحتاج إلى عدة معالجات مختلفة.

المعالجة:

تعتمد معالجة عسر التعرق على حدة المرض ووجود الفقاعات أو وجود تبدلات مزمنة، وعلى القصة السريرية التي قد تكشف وجود عوامل مساعدة ومحرضة للأكزيمة.

ومن المهم أن تكون المعالجة عملية تسمح للمريض بالحركة والعمل على نحو طبيعي إن أمكن.

(أ)- المعالجة الوقائية: يجب ارتداء قفازات الڤاينل vinyl في أثناء العمل الرطب، ولاسيما عند استعمال المنظفات. إن قفازات الڤاينل تقي من المواد الكيميائية، ولكنها لا تقي من التعرض للحرارة عبر القفازات أو فعل التعطين الذي ينجم عن فرط التعرق الذي يتراكم تحت القفازات.

ومن المفيد أيضاً استعمال القفازات القطنية تحت قفازات الڤاينل.

أما الأعمال الخشنة مثل الزراعة فيمكن حين القيام بها ارتداء الألبسة الواقية والقفازات الجلدية. وقد يمتص القطن بعض المؤرجات المحيطية لذا لا يفيد لبس القفازات القطنية خلال النهار للوقاية من المؤرجات.

(ب)- المعالجة الموضعية: تعد المطريات الجلدية من العناصر المهمة في معالجة التهاب جلد اليدين. لذا ينصح بتطبيق مراهم مرطبة واقية بعد غسل اليدين. ويجب استعمال المراهم المرطبة الكثيفة على اليدين بعد إجراء المغاطس المائية ليلاً. وإذا كان جلد الراحتين جافاً تطبق المطريات تحت ضماد كتيم لديني أو قفازات الفينيل.

ونظراً لبقاء الوذلين في الطبقة المتقرنة ودعمه الوظيفة الحاجزية للجلد، فإنه يعدّ من العوامل المهمة في معالجة التهاب جلد اليدين الجاف.

ويفيد تطبيق معدلات المناعة غير الستيروئيدية مثل التاكروليموس والبيمكروليموس في معالجة التهاب جلد اليدين المزمن الخفيف والمتوسط.

من الصعب معالجة أكزيمة الراحتين والأخمصين مفرطة التقرن. لكن المعالجة الموضعية بالريتينوئيدات والكالسيبوتريين قد تحسن الحالة لأنها تعمل على تنظيم نضج خلايا البشرة.

تعد المستحضرات الموضعية الحاوية على الستيروئيدات قوية الفعالية الخيار الأول في المعالجة الدوائية، كما تزداد فعاليتها بالتطبيق مع الإغلاق الكتيم.

وتوحي بعض الدراسات أن الصدمة الحرارية قد تفيد بعض المرضى لأنها تنقص عدد خلايا لانغرهانس. ويمكن إحداث هذه الصدمة الحرارية بتطبيق الشمع أو الماء الساخن الذي تراوح حرارته بين (48-50)C˚ مرتين إلى ثلاث مرات يومياً. ويجب الحذر من أن تؤدي هذه المعالجة إلى حروق فتزيد من التهاب الجلد.

كما تفيد العوامل المجففة مثل محلول برمنغانات البوتاسيوم بنسبة 1/10.000 في الحالات الحادة التي يغلب فيها وجود الحويصلات، ومغاطس محلول نترات الفضة بنسبة 1/1000.

وأخيراً قد تفيد المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية UVB و UVA مع البسورالين (PUVA) في الحالات الشديدة لالتهاب جلد اليدين الحويصلي المزمن.

(ج)- المعالجة المجموعية: تؤدي المعالجة بالستيروئيدات المجموعية إلى تحسن سريع لالتهاب الجلد بسرعة. ولكن الآفة تنكس سريعاً بعد إيقاف الدواء؛ لذا نلجأ إلى هذه المعالجة للسيطرة على الحالات الشديدة والاشتدادية الحادة ولفترة قصيرة، كما قد يلجأ إلى المعالجات المجموعية البديلة لإنقاص جرعة المعالجة بالستيروئيدات ومدتها فيستعمل السيكلوسبورين cyclosporin بجرعة تراوح بين 3ملغ/كغ يومياً و5ملغ/كغ يومياً (بجرعات مقسمة). وقد تبين أن هذه المعالجة تفيد في الحالات المزمنة الحويصلية المعندة على المعالجة بالستيروئيدات أو المعالجة الضوئية. كما يفيد الميتوتركسات methotrexate في معالجة عدد من الأمراض الجلدية ومنها التهاب جلد اليدين المزمن الحويصلي.

 وتفيد المعالجة بالـ alitretinoin و9- cis retinoic acid في أكزيمة اليدين المفرطة التقرن. واستعملت في الحالات المعندة على الستيروئيدات المعالجة الشعاعية، والتريتنيوئين، وايزوترتينوئين، والأسيترتين وكانت الاستجابة جيدة إلى جيدة جداً للـ alitretinoin.

(د)- المعالجات الأخرى: إضافة إلى ما تقدم يفيد كل من التشريد الكهربي iontophoresis، وخزع الودي، وحقن البوتوكس botox في معالجة فرط التعرق.

(5)- الأكزيمة النميّةnummular eczema :

تدعى التهاب الجلد المدنّر أوالمستدير، وهو مرض الكهول وغالباً ما يصيب الذكور أكثر من الإناث، وذروة حدوثه بعمر 50-65 سنة، وقد يصيب النساء بين عمر 15-25. وهو نادر عند الرضع والأطفال وذروة الحدوث لديهم بعمر 5 سنوات.

الشكل (25) الأكزيمة النميّة ( المدنرة )
الشكل (26 ) الأكزيمة الجافة ( المتصدعة )

يتظاهر بالتهاب جلد مزمن، تأخذ فيه الآفات الأكزيمائية شكل الدراهم. تبدأ على الأطراف السفلية وظهر اليدين أو السطوح الانبساطية للساعدين. تكون الآفة الأولية بشكل لويحات صغيرة مدورة الشكل حمامية، حويصلية، تسترها جلب بحجم 20-40مم. وقد تظهر الآفات بعد الرض (ظاهرة كوبنر Koebner). وفي حين تظهر آفات جديدة تتسع الآفات القديمة بظهور سواتل حطاطية حويصلية في المحيط تتحد مع اللويحات الأساسية، ليصبح سطحها في الحالات الشديدة بمساحة راحة اليد أو أكبر. تكون الحكة شديدة لا تقاوم وليلية. يلاحظ مجهرياً وجود الخلايا البدينة بجوار الأعصاب في الجلد المريض، كما يلاحظ زيادة في الببتيدات العصبية لمادة substance P) P ) والكالسيتونين.

نسيجياً: تتصف الأكزيمة المدنرة بالتهاب جلد سفاجي حاد أو تحت الحاد.

تعتمد المعالجة الأولية على المغاطس، وتطبيق كريمات أو مراهم ستيروئيدية موضعية. وقد يكون من الضروري تطبيق مراهم ستيروئيدية ذات فعالية قوية تحت ضماد كتيم. وإذا حدث خمح ثانوي بالعنقوديات عولج بالصادات الجهازية. تعطى مضادات الهيستامين المركنة قبل النوم لتساعد على تخفيف الحكة الليلية كما تفيد مثبطات الكالسينورين الموضعية. يلجأ إلى الستيروئيدات المجموعية والحقن ضمن الآفة إذا لم تستجب الآفات المعندة للمعالجات الموضعية (الشكل 25).

الأسباب والإمراض: لا تعرف الآلية الإمراضية للأكزيمة المدنّرة. وهي قد تشاهد في المصابين بالتهاب الجلد التأتبي. وقد ذكرت عدة عوامل مسببة، منها رطوبة الجلد التي قد تكون ناقصة عند هؤلاء المرضى، كما أن للأخماج الداخلية شأناً في إحداثها إذ وجد عند 28% من المرضى خمج أسنان أو التهاب الطرق التنفسية العليا، أو التهاب الطرق التنفسية السفلى. كما ذكر شأن المحسسات البيئية environmental allergens مثل عث غبرة المنازل، وذكرت المبيضات البيض، كما ذكر حدوث الأكزيمة في أثناء المعالجة بالـ isotretinoin وبالذهب. هذا وقد ترافق التهاب الكبد C المعالج بالإنترفيرون- interferon 2bgγ والريبافيرين ribavirin معاً وأكزيمة مدنرة منتشرة ومعممة.

(6)- الأكزيمة الجافة xerotic eczema:

تُعرف أيضاً بالحكة الشتوية، والأكزيمة المتصدعة eczema craquelé والأكزيمة منعدمة الزهم  asteatotic eczema. تبدو الأولية بشكل بقعة حمامية مستورة بوسوف ملتصقة. وعندما تمتد الآفة تحدث تشققاً وتهشماً ناعماً في البشرة (الشكل 26).

مناطق الإصابة الانتقائية لهذه الأكزيمة هي: الوجه الأمامي للساقين والسطوح الانبساطية للساعدين والخاصرتين. والشيوخ مؤهبون للإصابة بها، ويبدو أن التجفاف هو من أكثر أسباب الحكة شيوعاً عند الأشخاص المسنين. وتشاهد هذه الأكزيمة غالباً في أثناء الشتاء حين تكون الرطوبة منخفضة نسبياً. كما يسهم الاستحمام بالماء الساخن واستعمال الصوابين في إحداثها. وتكون الوظيفة الحاجزية البشروية ضعيفة مما يزيد من ضياع الماء من البشرة.

يفيد الاستحمام بماء فاتر ولفترة قصيرة واستعمال الصوابين المعتدلة، كما يجب تطبيق المطريات الحاوية على الوذلين أو اليوريا 10% أوحمض اللبن 5% مباشرة بعد الاستحمام. وتفيد المراهم الستيروئيدية الموضعية لمعالجة المناطق الملتهبة.

(7)- التهاب الجلد المثي seborrheic dermatitis  :

التهاب الجلد المثي أو الأكزيمة المثيّة مرض شائع يحدث في 2-5% من السكان. ويُعدّ أحد أنواع الأكزيمة داخلية المنشأ أو هو مرض التهابي، سطحي، مزمن يتوضع في الأماكن الانتقائية التالية: الفروة والحاجبين والأجفان والثلم الأنفي الشفوي والشفتين والأذنين والمنطقة القصية والإبطين والثنيات تحت الثديين والسرة والمغبنين والطية الأليوية. (الشكلان 27 و 28). يتصف المرض بالوسوف الدهنية المصفرة التي تتوضع على قاعدة حمامية. تمثل قشرة الرأس (نخالية الرأس الجافة) الشكل الخفيف من التهاب الجلد المثي.

الشكل ( 27) مخطط لمناطق التهاب الجلد المثي في الرأس الشكل (28) آفات حلقية على الصدر في التهاب الجلد المثي

وهناك أشكال أخرى من التهاب الجلد المثي يصيب الفروة وتشمل اللويحات النازة القشرية المقوسة الشكل، المتعددة الحلقات polycyclic وصدافية الشكل، وقد يمتد المرض خارج خط الشعر على الفروة إلى الجبين والأذنين وخلف الأذنين والرقبة. وتبدو حدود الآفات في هذه المناطق مقوسة بلون مائل إلى الصفرة أو الاحمرار المصفر. تدعى هذه الآفة عند الرضع قلنسوة المهد cradle cap، وتتجلى بآفات بنية مغطاة بجلب ملتصقة. وقد يصيب هذا الالتهاب كلاً من المقطب والثلم الأنفي الشفوي وجناحي الأنف والأذنين وخلفهما خاصة إصابة القناة السمعية، وقمة الإبطين والثنيات تحت الثدين والسرة والمنطقة القصّية التي تعد من المناطق الانتقائية للإصابة. ويشيع حدوث التهاب الجلد المثي في المغبن والثلم الأليوي حيث يكون له شكل السعفة الفخذية أو التهاب الجلد بالمبيضات البيض. ويتطابق المظهر السريري في هذه المنطقة مع مظهر الصداف المقلوب، وبالحقيقة يتداخل الصداف مع التهاب الجلد المثي ( seborrhiasisأو   (sebopsoriasis. قد تنتشر الآفات وتتطور إلى أحمرية وسفية متعممة وخاصة عند الرضع. ويبدي بعض هؤلاء الرضع دلائل واضحة على نقص المناعة. وترافق الآفات المعممة عند الكهول ضخامة عقد لمفاوية مؤدية إلى الالتباس مع الفطار الفطراني أو الأحمرية الصدافية. قد ترافق هذا الالتهاب أو يشتد مع عدد من الأمراض الداخلية مثل داء باركنسون Parkinson الذي يرافقه التهاب جلد مثي شديد ومعند يشمل الفروة والوجه مع وسوف شمعية شديدة. وأذية أعصاب الوجه وحيدة الجانب تؤدي إلى التهاب جلد مثي وحيد الجانب. تزداد نسبة حدوث التهاب الجلد المثي عند المرضى المصابين بنقص المناعة المكتسب (AIDS)، وعند الأشخاص ذوي الفحوص المصلية الإيجابية من دون علامات سريرية للمرض يحدث التهاب جلد مثي الشكل عند السكريين والبدينين والمصابين بأمراض سوء الامتصاص والصرع وتناول الأدوية المضادة للذهان مثل الهالوبيريدول haloperidol، وفي الارتكاس للمعالجة بالذهب والزرنيخ.

الأسباب والآلية الإمراضية: لا يعرف سبب التهاب الجلد المثي مثل بقية أنواع الأكزيمة الداخلية؛ ذلك أن أسباب هذا الداء معقدة، ويعتقد أن للوبيغاء البيضاوية Pityrosporun ovale دوراً أساسياً في حدوثه، وتتناسب شدة الالتهاب وكثافة الوبيغاء وينقص عددها مع الاستجابة للعلاج. وقد توجد الوبيغاء البيضاوية بغزارة على الفروة في مرضى لا يشكون من علامات سريرية للمرض، إلا أن الخميرة تكون ممرضة فقط عند الأشخاص المؤهبين.

التبدلات النسيجية: تبدي البشرة شواكاً منتظماً ودرجات مختلفة من السفاج والارتشاح باللمفاويات.لكن الموجودات الوصفية هي  قشرة وسفية بجانب فوهات الأجربة الشعرية.

التشخيص التفريقي: تشبه بعض حالات التهاب الجلد المثي سريرياً الصداف، وقد يتداخل المرضان، لكن الآفات الصدافية تبدي حمامى أشد ووسوفاً شمعية سميكة تتوسف بطبقات، وإزالة هذه الوسوف يؤدي إلى ظهور نقط نزفية (علامة Auspitz).

ترجح الحكة الشديدة التهاب الجلد المثي. وإن وجود آفات صدافية في مناطق أخرى يؤكد تشخيص الصداف. يمكن التباس التهاب الجلد المثي بالقوباء على الفروة ولاسيما المترافقة بالقمال. يمكن أن تلتبس الجلبات الجربية على الفروة في الرضّع بالتهاب الجلد المثي.

المعالجة: تشمل المعالجات المطبقة على الجلد الأجرد الستيروئيدات القشرية الموضعية بشكل رهيم أو هُلامة أو رذاذ أو رغوة ولكن قد تحدث الستيروئيدات - حتى المتوسطة الشدة - وردية سيتروئيدية، ويفضل لذلك استعمال المضادات الفطرية ومثبطات الكالسينورين. يفيد الكيتوكونازول. وإذا رافق الالتهاب خمج جرثومي ثانوي تطبق الصادات موضعياً أو عن طريق الفم، كما يفيد مرهم اللثيوم سوكسينات lithium succinate على آفات الوجه عند المرضى المصابين بالـ (HIV). وتفيد المستحضرات الحاوية على السلفاسيتاميد مع  الكبريت أو من دونه في الحالات المعندة على المعالجات الأخرى.

أما لمعالجة آفات الفروة فتفيد كل من الشامبوات الحاوية على السيلينيوم سولفايد، والكيتوكونازول والقطران وبيريثيون الزنك والفليوسينولون، والريزورسين. كما تفيد القطرات الأذنية الحاوية على الكورتيسبورين cortisporin في التهاب الجلد المثي في الأذن إضافة إلى فائدة اللوسيون الأذني الحاوي على desonide. تفيد القطرات أو المراهم العينية الحاوية على سلفاسيتاميد الصوديوم لمعالجة التهاب حواف الأجفان المثي. والمعالجة بالتتراسكلينات الفموية مفيدة لأنها تنقص من كثافة العضيات الدقيقة microorganisms في الأجربة المصابة. أما المستحضرات الستيروئيدية فيجب تطبيقها فترة قصيرة لأنها قد تحدث زرقاً وساداً. ويمكن إشراك المعالجة الموضعية في الصادات الفموية أو مضادات الفطور الفموية في الحالات الشديدة .

 

التصنيف : أمراض الجلد
النوع : أمراض الجلد
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 143
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1094
الكل : 40523782
اليوم : 53597