logo

logo

logo

logo

logo

رضوض العين والحجاج

رضوض عين وحجاج

trauma of the eye and orbit - maladies traumatiques de l'oeil et de l'orbite



رضوض العين والحجاج

هاني مسعود

رضوض القسم الخلفي للعين مدخل إلى رضوض العين
رضوض المشيمية chorion chocoid رضوض القرنية
رضوض العين عند الأطفال رضوض القزحية iris
رضوض الحجاج رضوض العدسة

 

 

مدخل إلى رضوض العين:

قد تؤدي رضوض العين - إضافة إلى العيب التجميلي - إلى فقدان القدرة البصرية وإعاقة دائمة بالغة الأهمية، ومع الاحتياطات والقوانين الموضوعة لحماية الشباب والعاملين (نظارات وقائية - حزام أمان وغيرها)؛ تبقى للإصابات الرضية نتائج مهمة، وقد تُفقد أشخاصاً في ريعان شبابهم عملهم ومستقبلهم.

العين عضو نبيل، وهبها الله وسائل دفاع متعددة، فهي مغروسة ضمن تجويف عظمي يحيط بها لحمايتها من الرضوض من جميع الاتجاهات، إضافة إلى الوسادة الشحمية المحيطة بها والممتدة داخل جوف الحجاج. وللأجفان شأن مهم بسرعة حركتها وإغلاقها، عدا المنعكس العصبي السريع سواء من دوران الرأس أم من حركات الأجفان حين اقتراب أي جسم غريب من العين. ومع كل وسائل الدفاع والحماية قد يكون الرض شديد العنف إلى درجة لا تتمكن عظام الحجاج من تحمله، كما قد تكون الأجسام الأجنبية صغيرة الحجم وأصغر من الفرجة الجفنية، أو قد ينطلق الجسم الأجنبي بسرعة هائلة تفوق سرعة منعكس الأجفان لإغماض العين ولا مفر عندها من الإصابة.

والأطفال أكثر عُرضةَ لرضوض العين (سكين أو سيخ أو حجارة)، يليهم الشباب المعرضون لحوادث العمل أو حوادث السير أو الألعاب الرياضية.

الشكل (1): يؤدي انضغاط العين الأمامي الخلفي (السهم الأسود) إلى تمددها في منطقة الاستواء (الأسهم البيضاء) مما يحدث شداً على قاعدة الزجاجي قد يرافقه انقلاع قاعدة الزجاجي أو حدوث شقوق الشبكية المحيطية.

وتكون رضوض العين المغلقة عادة عنيفة ومباشرة ينجم عنها انضغاط المحور الأمامي الخلفي لكرة العين؛ مما يؤدي إلى تمطط محورها وتطاوله في منطقة الاستواء، ثم يحدث ما يدعى انعكاس الرض لتعود كرة العين إلى شكلها الأصلي (الشكل 1). وترافق الرضوض العنيفة عواقب كبيرة على عدة مستويات:

-1 تشقق غشاء ديسميه Descemet القرني.

-2 نزف الغرفة الأمامية.

-3 رض على مستوى زاوية الغرفة الأمامية وتراجع الزاوية.

-4 انخلاع العدسة إلى الأمام.

-5 خلع العدسة نحو الخلف.

-6 انفصال الزجاجي الخلفي.

-7 شقوق الشبكية المحيطية.

-8 رضوض الشبكية الخلفية مع ثقب اللطخة الصفراء.

-9 رضوض مشيمية (تمزقات مشيمية).

-10 رضوض القرص البصري.

-11 وذمة الشبكية.

مقاربة المصاب برض على العين:

يبدأ فحص العين بتقييم القدرة البصرية أولاً وكذلك الساحة البصرية، وقد تمنع شدة الرض أحياناً من مقاربة المريض بسبب وذمة الأجفان الشديدة. وحين الشـك بوجود تمزق في كرة العين يجب فحصها في غرفة العمليات تحت التخدير العام حصراً، ولا  يجوز أبداً إجراء التخدير خلف المقلة خوفاً من ارتفاع الضغط حول العين الذي قد يؤدي إلى خروج محتوياتها

ويجرى الفحص المنوالي لكامل طبقات العين كما يلي:

> فحص الأجفان والملحقات.

> فحص الملتحمة وفحص القرنية للتأكد من عدم وجود جرح ملتحمة أو قرنية قاطع، أو وجود جسم أجنبي.

> فحص الغرفة الأمامية لتحري وجود ارتكاس التهابي أو نزف دموي داخل الغرفة الأمامية، أو تغيرعمق الغرفة الأمامية.

> فحص القزحية للبحث عن وجود تمزق العضلة المقبضة للحدقة، أو تمزق ألياف القزحية (فوهة دخول جسم أجنبي مخترق للغرفة الأمامية)، أو انخلاع جذر القزحية. ومن المهم جداً دراسة منعكس الحدقة للنور المباشر وغير المباشر لنفي إصابة العصب البصري داخل القحف.

> فحص العدسة للتأكد من سلامة المحفظة الأمامية، وإظهار وجود ساد ناجم عن دخول جسم أجنبي واختراقه العدسة، أو خلع العدسة بسبب رض شديد.

> فحص قعر العين؛ إذ يرافق انخفاض الرؤية الشديد  غالباً رض المشيمية و الشبكية.

> فحص ضغط العين؛ إذ يصادف انخفاض ضغط العين الشديد حين تمزق كرة العين وخروج جزء من محتوياتها.

وأخيراً يجب تحري حركات العينين في الاتجاهات كافة للتأكد من عدم تحدد الحركة الذي قد يؤدي إلى الشفع في أثناء النظر إلى جهة التحدد.

* الفحوص الشعاعية:

إجراء الفحوص الشعاعية ضروري وإسعافي حين الشك بوجود جسم أجنبي داخل العين (وجود جرح ثاقب للعين) ولاسيما في حوادث العمل؛ لنفي وجود الجسم الأجنبي أو تأكيده أولاً، ولتحديد مكان وجوده (إن وجد) ثانياً.

تصوير الحجاج المقطعي المحوسب ذي المقاطع الرقيقة أساسي وضروري لتحديد مكان الجسم الأجنبي، ولا يجوز إجراء الرنين المغناطيسي أبداً، لاحتمال وجود جسم أجنبي حديدي قابل للتمغنط.

رضوض العين المغلقة:  

أ- الرض المغلق المباشر:

يؤدي على نحو رئيس إلى عواقب على مستوى الغرفة الأمامية تتلخص بحدوث نزف في الغرفة الأمامية في 80% من الحالات (الشكل 2)، وهو يرتشف تلقائياً في ثلثي الحالات من دون تأثيرات جانبية، أما إصابات زاوية الغرفة الأمامية وزيادة عمق الغرفة الأمامية وإصابات العدسة وتشكل الساد فنسبتها أقل بكثير.

الشكل (2) : (أ) نزف الغرفة الأمامية: يلاحظ تجمع الدم في القسم السفلي (أقل من ثلث الغرفة الأمامية)، (ب) نزف الغرفة الأمامية شامل مع اندخال الدم في لحمة القرنية.

وعلى مستوى القسم الخلفي للعين قد يؤدي الرض المباشر المغلق اعتماداً على شدته إلى نزف في الزجاجي أو أذيات شـبكية ومشـيمية (شق شبكي وانفصال شبكية رضي شقي، أو تمزق مشيمية).

ب- الرض المغلق غير المباشر:

قد تؤدي الرضوض المغلقة غير المباشرة على الرأس إلى نزف خلف المقلة أو اعتلال العصب البصري الرضي، أو تبدلات في التروية العينية وانسداد الشريان الشبكي المركزي وانعدام الرؤية، لذلك يجب فحص المريض المصاب برض على الرأس فحصاً دقيقاً خوفاً من وجود نزف خلف المقلة قد يؤدي إلى مضاعفات متأخرة ذات عواقب وخيمة جداً.

رضوض العين الثاقبة:

تؤلف رضوض العين الثاقبة نحو 40% من مجمل رضوض العين، ويحدث انثقاب العين غالباً بأداة حادة أو جسم أجنبي. إن الخطر الأول في هذه الرضوض هو الالتهاب الذي تزداد نسبته بوجود جسم أجنبي داخل العين، والفحص الشعاعي (التصوير المقطعي المحوسب) ضروري جداً في هذه الحالات.

والأجسام الأجنبية داخل العين أكثر شيوعاً في الشباب الذكور الذين تراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة بسبب إصابات العمل أو حوادث الصيد. ويزداد الإنذار سوءاً بوجود جسم أجنبي داخل العين، وتختلف درجة سوء الانذار اعتماداً على نوع الجسم الأجنبي وموضع فوهة دخوله. تصدأ الأجسام الأجنبية الحديدية داخل العين مما يزيد الأمر سوءاً، في حين تؤدي الأجسام النحاسية إلى حدوث تسمم شديد وسريع جداً. وتؤدي الأجسام الأجنبية العضوية (خشب - نباتات مثلاً) إلى حدوث الالتهابات الفطرية ذات الإنذار السيئ جداً.

أما المعادن الأخرى (خردق مثلاً) الكامدة فليست شديدة الخطورة، وقد تبقى سنوات داخل العين من دون مضاعفات.

أما فيما يتعلق بمكان فوهة الدخول فإن اختراق الجسم الأجنبي العين عبر القرنية والغرفة الأمامية يحد من سرعته ويجعله يستقر في الغرفة الأمامية على القزحية أو ضمن العدسة، أو يخفف من عواقبه حين مروره إلى القسم الخلفي للعين. في حين يؤدي اختراق الجسم الأجنبي العين عبر الصلبة بسرعة كبيرة إلى تمزق الشبكية عند فوهة الدخول وخروج الزجاجي منها وحدوث انفصال شبكية، واستقرار الجسم الأجنبي ضمن لحمة الشبكية والمشيمية في الجهة المقابلة لفوهة الدخول (إن لم تكن هناك فوهة خروج مقابلة) وذلك بحسب سرعة دخوله.

وتؤدي رضوض العين بالآلات الحادة كبيرة الحجم (سكين، مقص، آلة كبيرة الحجم أوغيرها) إلى تمزق العين، وخياطة الجروح الإسعافية هنا ضروري للحفاظ على حجم العين وشـكلها، على الرغم من أن إنقاذ الرؤية قد يكون مستحيلاً.

رضوض العين الشعاعية

تؤدي رؤية كسوف الشمس المباشرة إلى إصابات شبكية واسعة مركزية.

حروق العين: (يرجع إليها في آخر البحث).

علاج رضوض العين:

العلاج الدوائي: هدف العلاج الدوائي وقائي من الأخماج وتفاعلات الارتكاسات استجابات الالتهابية العقيمة والنزوف، ويجب التشديد على الوقاية من الكزاز في حالات الأجسام الأجنبية المعدنية. واستخدام الصادات الحيوية بالطريق العام والموضعي ضروري جداً حين وجود رض ثاقب للعين، وحين حدوث تفاعل التهابي في القسم الأمامي للعين يجب توسيع الحدقة بقطرة موسعة وشالّة للحدقة (أتروبين أو مشتقاته) لمنع حدوث التصاقات قزحية مع العدسة.

العلاج الجراحي: يجرى العلاج الجراحي إسعافياً في رضوض العين الثاقبة التي يرافقها خروج محتويات العين مع وجود جسم أجنبي أو من دون ذلك، تخاط جميع طبقات العين المتأذية بتأنٍ شديد لمحاولة تشكيل كرة العين من جديد ورفع ضغطها، وتكون الخياطة تحت التخديرالعام حصراً، ويفضل إبقاء المداخلات الأخرى المعقدة إلى مرحلة ثانية ريثما تهدأ العين.

وتتضمن المداخلات الأخرى استخراج الساد (يجب أن تكون المداخلة سريعة حين تمزق المحفظة الأمامية)، واستخراج الجسم الأجنبي الموجود في القسم الخلفي للعين بإجراء قطع الزجاجي الخلفي (وتكون المداخلة سريعة في حال وجود التهاب خلفي)، وعلاج انفصال الشبكية الرضي و التهاب باطن العين للتغلب على انخفاض الضغط الشديد ومنع ضمور كرة العين.

رضوض القرنية

القرنية :cornea لما كانت القرنية تشكل القسم الأمامي للطبقة الخارجية لجدار العين؛ فإنها أكثر تعرضاً للأذية في رضوض العين المباشرة من الأقسام الأخرى لكرة العين.

أولاً- رضوض القرنية المغلقة:

تتأذى القرنية في سياق رض كرة العين الشديد والمباشر بإحدى الطرق التالية:

-1 يؤدي ارتفاع ضغط العين مع النزف في الغرفة الأمامية إلى دخول الدم لحمة القرنية وتغيّمها، وقد يكون ذلك عابراً يزول خلال عدة أيام. ومراقبة ضغط العين ضرورية في هذه الحالات؛ لأن استمرار ارتفاعه فترة طويلة يؤدي إلى تغيم قرني لا عكوس.

يعتمد علاج حالات نزف الغرفة الأمامية بالدرجة الأولى على الراحة التامة والإكثار من شرب الماء وإعطاء المدرات (مانيتول). والتداخل الجراحي لغسل الغرفة الأمامية ضروري إذا استمر النزف أكثر من أسبوع؛ لأن اندخال الدم في طبقات القرنية قد يسبب عواقب وخيمة بعد هذه الفترة؛ إذ يستمر تغيم القرنية (وذمة) الشديد على الرغم من استقرار ضغط العين، وقد تحتاج عودة القرنية إلى شفافيتها الطبيعية إلى فترة طويلة قد تمتد حتى  السنة، وإذا استمر التغيم أكثر من ذلك يجرى العلاج الجراحي برأب القرنية. وتستطب الجراحة عند الأطفال قبل هذه الفترة خوفاً من حدوث الغمش amblyopia.

-2 قد تحدث وذمة قرنية بسبب تمزق غشاء ديسمية القليل المرونة في أثناء انخماص القرنية الشديد؛ إذ يتسرب الخلط المائي ضمن طبقات القرنية مسبباً وذمة وخطوطاً متعرجة عمودية في لحمة القرنية، وتزول هذه الوذمة غالباً ولاسيما في الشباب والأطفال، وقد تستخدم للمساعدة على ارتشاف الوذمة قطرات من محلول ملحي عالي التركيز 5% أو قطرات من الغليسيرين. أما عند كبار السن فقد تتطور الوذمة إلى تنكس في طبقات البطانة القرنية تبقى دائمة مما يستدعي العلاج الجراحي برأب القرنية.

ثانياً- جروح القرنية:

- 1الجروح السطحية:

هي سحجات تصيب طبقة الظهارة القرنية دون إصابة باقي طبقات القرنية، وقد تنجم عن رض بإصبع اليد (ظفر) أو قلم أو غصن نباتي أو جسم أجنبي

تبدو الأعراض بألم شديد ورهاب الضوء و دماع و تشوش رؤية. وفحص القرنية ضروري بعد وضع قطرة مخدر في العين ليتسنى للطبيب فحص طبقات القرنية والبحث عن أجسام أجنبية قد تكون مختبئة تحت الجفن العلوي.

تعالج باستخراج الجسم الأجنبي إن وجد، وتغطية العين بضماد لمنع احتكاك الجفن بسطح القرنية إلى أن يحدث الشفاء الذي يستغرق عادة 24 إلى 48 ساعة. والتغطية بالصادات الموضعية (قطرة + مرهم عيني) ضرورية خوفاً من وجود خمج ما يرافق الرض أو الجسم الأجنبي.

قد تنكس جروح القرنية السطحية تلقائياً ومن دون أي سبب أو رض خلال فترة تبلغ وسطياً نحو أربعة أشهر. ويتظاهر النكس بألم شديد جداً يحدث غالباً صباحاً حين الصحو من النوم يرافقه دماع ورهاب من الضوء، ويظهر بفحص العين في هذه الفترة انقلاع جزء من ظهارة القرنية غالباً ما يتم التئامه تلقائياً خلال عدة ساعات.

وللوقاية من حدوث جروح قرنية سطحية ناكسة يستخدم العلاج المذكور سابقاً فترة أسبوع على الأقل بعد النكس، ثم يستعمل مرهم مرطب لسطح القرنية قبل النوم عدة أشهر.

- 2الجروح العميقة:

يقصد بها جروح القرنية الأمامية التي تشمل طبقة غشاء بومان ولحمة القرنية (تشمل 2/3 -3/4 ثخن القرنية) مع بقاء غشاء ديسمية وطبقة البطانة القرنية سليمين. وتنجم هذه الجروح عادة عن الرض بآلة حادة (دبوس، مسمار، أشواك النباتات).

ويجب في هذه الجروح العلاج بالصادات الحيوية الموضعية للوقاية من حدوث الأخماج، وقد تستخدم عدسة لاصقة علاجية، وقد تخاط القرنية إذا كان الجزء المخترق كبيراً وذلك لرد طبقات القرنية إلى شكلها السليم.

- 3الجروح الثاقبة للقرنية:

الشكل (3): رد القزحية المتفتقة من الجرح القرني قبل خياطته بوساطة سباتيولا.
الشكل (4): خياطة الجرح القرني بقطب متفرقة.
الشكل (5): وضع قطرات من لاصق خاص للقرنية مكان الضياع المادي، ويتبع ذلك بحقن فقاعة هواء في الغرفة الأمامية بوساطة رأس إبرة.
الشكل (6): جسم أجنبي معدني على القرنية

يقصد بها الجروح الشاملة كامل ثخن القرنية وخروج الخلط المائي من العين، وقد يكون الجرح صغيراً جداً وقابلاً للالتئام التلقائي (أشواك نباتات - سلك)؛ أو كبيراً يرافقه خروج بعض محتويات العين إضافة إلى الخلط المائي (كانحشار القزحية أو كتل العدسة أو الجسم الزجاجي في الجرح).

قد يكون لهذه الجروح أثر بالغ في القدرة البصرية، عدا احتمال حدوث التهاب باطن العين وما يتبع ذلك من نتائج سيئة على العين وشكلها. ويجب في جروح القرنية الثاقبة الشك دائماً بوجود جسم أجنبي داخل العين وإجراء الاستقصاءات اللازمة لنفي وجوده .

حالات الجروح الثاقبة متنوعة وتعد كل حالة  تحدّياً جديداً ويدرس على حدة، ويجب معرفة آلية الإصابة ونوع الآلة الحادة أو الجسم الأجنبي المسبب لجرح القرنية، كما يجب فحص طبقات العين بكاملها ودراسة حالة القرنية، والعدسة (سلامة المحفظة الأمامية ، خروج محتويات العدسة، سلامة المحفظة الخلفية)، والزجاجي، والنزوف داخل العين والشبكية، وكذلك الطبقات المحيطة بالعين (الأجفان والأقنية الدمعية والوجه).

العلاج:

انثقاب القرنية حالة إسعافية جراحية تتطلب ترميم جرح القرنية بالسرعة الممكنة لتفادي حدوث التهاب باطن العين، ويتم العمل الجراحي تحت التخدير العام حصراً ومن دون أي ضغط عل كرة العين في أثناء التعقيم.

> يجرى ترميم طبقات العين وخياطتها والحفاظ عليها قدر الإمكان من قبل اختصاصي قادرعلى ترميم القرنية مع الانتباه لمحاولة الحفاظ على شفافيتها وإحداث أقل قدر ممكن من اللابؤرية، إضافة إلى إعادة تشكيل الغرفة الأمامية على نحو جيد (الشكل 3، 4). وحين وجود ضياع مادي في القرنية يمكن إغلاق الثقب بتقطير لاصقٍٍ glue قرني خاص في مكان الضياع (الشكل 5)؛ أو استعمال غشاء أمنيوسي وخياطته على القرنية.

> وتجدر الإشارة إلى أن التئام جرح القرنية المشرشر يستغرق وقتاً أطول، لذلك يجب مراقبة المريض فترة أطول وعدم فك القطب قبل مرور ما لا يقل عن ثلاثة أشهر على الرض.

> ويشمل العلاج الدوائي قطرات الصادات والستيروئيدات الموضعية، وموسعات الحدقة.

ثالثاً- الأجسام الأجنبية على سطح القرنية:

هي حالات إسعافية يومية تصادف اختصاصي العينية، وتنجم عن ممارسة الأعمال اليدوية من دون استخدام نظارات واقية، وتصادف غالباً عند الشباب العاملين.

يجب في كل حالة وجود جسم أجنبي على سطح القرنية الانتباه لما يلي:

-1 تحديد مكان الجسم الأجنبي على سطح القرنية (مركزي أو محيطي).

- 2تحديد عمق الجسم الأجنبي ضمن لحمة القرنية (اختراق غشاء بومان أم لا).

-3 تحديد نوع الجسم الأجنبي (حديد، نحاس، رصاص، بارود، نباتي "شوكة"، معدني غير حديدي).

وجود الجسم الأجنبي القرني مؤلم جداً على الرغم من صغر حجمه، ويجب أن يزال على المصباح الشقي بعد وضع قطرة مخدر موضعي داخل العين، وإذا كان الجسم الأجنبي عميقاً ومنغرساً في القرنيةً بشدة فقد يستدعي ذلك إزالته تحت التخدير العام في المستشفى.

يتميزالجسم المعدني الحديدي بأنه قابل للصدأ بسرعة (الشكل 6) ويجب عند إزالته تنضير مكان الجرح على نحو كامل واستئصال جميع الترسبات حول مكان توضعه (الصدأ المحيطي). أما الأجسام الأجنبية النباتية فقد تؤدي إلى التهاب فطري شديد.

بعد استئصال الجسم الأجنبي وتنضير الجرح يوضع مرهم صاد حيوي وتغطى العين مدة 24 ساعة لمنع حركة الجفن العلوي وتسهيل التئام الظهارة التئاماً كاملاً، ويعطى المصاب قطرة صاد حيوي وأحياناً صادات بالطريق العام حين الشك بأي اختراق كامل للعين أو خمج مرافق.

رضوض القزحية iris

أولاً- رضوض العين المغلقة:

- 1تمزق النسيج القزحي: ويتجلى بأحد الأشكال التالية:

أ- تمزق مصرة القزحية sphincter iridis الذي يؤدي إلى توسع حدقة رضي جزئي أو كامل (الشكل 7 أ).

ب- انخلاع جذر القزحية مكان اتصاله بالجسم الهدبي (الشكل 7 ب)، وقد يكون الانخلاع صغيراً جداً أو واسعاً فيؤدي إلى هبوط القزحية باتجاه الحدقة وتغطية جزء منها، ويندفع جزء القزحية المخلوع دائماً إلى الأمام باتجاه القرنية. وحين انخلاع جزء واسع من القزحية يجب التأكد من عدم انخلاع العدسة المرافق أو خروج الزجاجي نحو الغرفة الأمامية.

ج- ضمور جزء من القزحية والأصبغة منها.

الشكل (7): الاختلاطات القزحية لرضوض العين المغلقة: (أ) تمزقات في مصرة الحدقة، (ب) انخلاع جذر القزحية مكان اتصاله بالجسم الهدبي.

- 2تغيرات الحدقة وتشوهاتها:

تتمثل بتغيرات شكل الحدقة المدور أو توسع الحدقة الشديد، وتصادف كثيراً في رضوض العين المغلقة الشديدة، ويرافقها دائماً نزف أو عكر الغرفة الأمامية (تندلة) Tyndall، وقد ترافقها أيضاً إصابات في القسم الخلفي من العين؛ دائمة أو مؤقتة تتراجع تلقائياً.

-3 رض الزاوية القزحية القرنية:

الشكل (8): جرح صلبي نافذ مع تفتق القزحية والجسم الهدبي من خلاله

قد يؤدي الرض إلى تمزق وعائي على مستوى القزحية يسبب نزفاً في الغرفة الأمامية، وقد يكون منشأ هذا النزف من الجسم الهدبي. كما قد يؤدي الرض الشديد إلى توسع أوعية القزحية وازدياد نفوذيتها، ويرافق ذلك تفاعل في الغرفة الأمامية مع احتمال حدوث ارتفاع ضغط العين الشديد.

ثانياً- رضوض العين الثاقبة المفتوحة:

قد تؤدي الرضوض إلى انفقاع العين على مستوى الحوف limbus، ويختلف طول الجرح النافذ بحسب شدة الرض: من فوهة تقيس 1-2 مم تؤدي إلى خروج القزحية وانحشارها في هذه الفوهة (الشكل 8)، إلى فوهة قد تصل إلى أكثر من 6 مم تؤدي إلى خروج القزحية والعدسة والزجاجي.

وقد يكون تفتق القزحية إلى تحت الملتحمة فيبدو بشكل كتلة أو بقعة بنية مصطبغة تحت الملتحمة ترافقها حالة اللاقزحية الجزئية أو الكاملة ونزف الغرفة الأمامية وخروج محتويات العين.

وفي انثقاب العين الصلبي خلف مستوى الجسم الهدبي تكون تغيرات القزحية أقل ونزف الغرفة الأمامية نادراً؛ مع ازدياد عمق الغرفة الأمامية وانخفاض ضغط العين، وقد يرافق هذا الانثقاب تحت خلع العدسة.

العلاج:

المداخلة الجراحية ضرورية وإسعافية لإغلاق العين، وتكون بغسل الغرفة الأمامية ورد القزحية وإغلاق فوهة الدخول وأحياناً خياطة القزحية (نادراً ما تكون تشوهات القزحية كبيرة وبحاجة إلى علاج)، ويجب الإسراع بهذه المداخلة خوفاً من الخمج وتموت القزحية.

وحين يرافق رضَ العين الثاقب دخولُ جسم أجنبي داخل العين فقد يبقى هذا الجسم ضمن لحمة القزحية أو يثقبها ليخترق العدسة ويستقر في القسم الخلفي من العين؛ أو حتى قد يخترق العين من الخلف.

العقابيل:

يؤدي خروج القزحية iris من فوهة الجرح وتموتها أوانخلاعها وتمزقها إلى تشوهاتها وفقد أجزاء منها تبدأ بتشوهات الحدقة الجزئية حتى فقدان القُزحية التام (الشكل 9).

الشكل (9): (أ) جرح قرني مترافق مع تفتق القزحية عبره، (ب) جرح قرني مخاط مترافق مع ضياع قزحي وساد رضي.

الشكل (10): (أ) خياطة القزحية المتمزقة لإعادة تشكيل الحدقة، (ب) الإصلاح الجراحي لانخلاع جذر القزحية.

الشكل (11) عدسة لاصقة تجميلية مركزها شفاف موضوعة على القرنية لتعويض غياب القزحية

الشكل (12): (أ) اندخال الكريات الحمر بالقرنية، (ب) إزالة النزف من الغرفة الأمامية بالغسل، (ج) إزالة النزف من الغرفة الأمامية بقاطع الزجاجي.

ويهدف العلاج الجراحي إلى خياطة النسيج القزحي قدر المستطاع وتشكيل حدقة مدورة مركزية مقبضة لحماية العين من الانبهار الشديد بالضياء (الشكل10).

ويختلف العلاج حين وجود ساد مرافق للحالة أو وجود جرح قرني مركزي. وتتطلب خياطة القزحية دقة كبيرة، وقد تختلط بنزوف شديدة في الغرفة الأمامية والخلفية.

ويجب الانتباه لتصنيع الحدقة بشكل مدور ومركزي حين وجود تمزق كبير في لحمة القزحية، وحين وجود انخلاع جذر القزحية الجزئي أو الكامل تخاط القزحية على الصلبة (الشكل10). وتستخدم للخياطة خيوط 0/10 برولين.

أما في توسع الحدقة الرضي الشديد مع غياب التفاعل للنور والانبهار الشديد للنور؛ فتستخدم عدسة لاصقة ملونة خاصة تجميلية من دون اللجوء إلى الجراحة (الشكل 11)، ومن الممكن زرع قزحية ملونة في الحالات الرضية التي يرافقها تمزق القزحية الكامل مع  زرع عدسة داخل العين.

نزوف الغرفة الأمامية

قد تؤدي رضوض العين المباشرة من دون جرح ثاقب إلى نزف في الغرفة الأمامية، وهو دليل مهم على الرض المباشر على العين. وقد يخفي الدم الغزير جرحاً ثاقباً لذلك يجب الشك بوجود فوهة دخول أو جرح مفتوح في النزوف الغزيرة ولاسيما إذا رافقها انخفاض ضغط العين.

وينجم نزف الغرفة الأمامية عن مصدرين: القزحية أو الجسم الهدبي

> القزحية: يصادف النزف في تمزق القزحية أو انخلاع  جذر القزحية.

> الجسم الهدبي: هو المسؤول الأكبر عن النزف نتيجة تمزق الدائرة الشريانية الكبيرة للقزحية ويرافقه عادة تراجع زاوية الغرفة الأمامية نحو الخلف.

يرتشف الدم من الغرفة الأمامية عن طريق الترييق trabecula وقناة شليم، ويكون الارتشاف بحسب:

-1 شدة النزف الذي يصنف في ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: النزف أقل من ثلث الغرفة الأمامية.

الدرجة الثانية: يصل الدم إلى منتصف الحدقة تقريباً.

الدرجة الثالثة: يشمل النزف أكثر من نصف الغرفة الأمامية ويغطي الحدقة.

- 2عمر المريض.

- 3الإصابات الرضية المرافقة (قرنية، عدسة، قزحية).

- 4ارتفاع ضغط العين، وهو غالباً ما يكون عابراً.

تقييم نزف الغرفة الأمامية:

يرتشف النزف في 4 إلى 7 أيام في 80% من الحالات من دون أي عقابيل، وفحص العين الشامل ضروري لتحديد القدرة البصرية النهائية بعد أسبوع.

المضاعفات:

> النزف الثانوي بعد عدة أيام من الرض (غالباً بين اليومين الثاني والسادس)، ويكون شديداً جداً وقد يستدعي تداخلاً جراحياً لغسل الدم.

> ارتفاع ضغط العين المرافق لإصابات الزاوية وقد يستمر فترة طويلة، ويجب علاجه ومراقبته منذ اليوم الأول.

> الالتصاقات الأمامية القزحية.

> تبدلات العدسة.

> تبدلات القرنية.

العلاج ويتضمن ما يلي:

٭ الراحة التامة في السرير ضرورية جداً خوفاً من نزف ثانوي و لتوفير الراحة التامة للعين.

٭ القطرات المقبضة للحدقة مضاد استطباب خوفاً من احتمال إحداثها النزف الثانوي، ويفضل إبقاء الحدقة متسعة وغير متحركة باستخدام قطرة الأتروبين لمنع حدوث النزف الثانوي.

٭ الأدوية الخافضة لضغط العين ولا سيما الأسيتازولاميد والمانيتول لزيادة تصريف الخلط المائي وزيادة انحلال الكريات الحمر وتسهيل مرورها عبر التربيق، وكذلك زيادة عمق الغرفة الأمامية خوفاً من حدوث التصاقات.

٭ الأدوية المضادة للنزف بالطريق العام.

٭ العلاج الجراحي مستطب في حالات النزف الغزير أو المستمر، أو حين ظهور علامات دالة على بدء اندخال الكريات الحمر بالقرنية (الشكل 12).

٭ مراقبة المريض اليومية وقد يتطلب ذلك قبول المريض للإقامة في المستشفى.

رضوض العدسة

تدل إصابة العدسة على رض شديد جداً وتؤثر في القدرة البصرية، ومن الشائع مصادفة انخلاع العدسة (خلع كامل أو تحت خلع) في سياق الإصابات الرضية.

يتأخر ظهور الساد في الرضوض المغلقة، في حين يظهر خلال ساعات إلى أيام في جروح العين الثاقبة مع وجود جسم أجنبي أو من دون ذلك.

وتتطلب معظم الحالات علاجاً جراحياً لاستئصال الساد داخل المحفظة أو خارجها بحسب الحالة ومن المهم جداً محاولة زرع عدسة داخل العين؛ ولاسيما في الأطفال لمنع ظهور الغمش وحيد الجانب لديهم.

أولاً- السـاد الرضي:

- 1الساد نتيجة رض مغلق: قد يظهر خلال أسابيع إلى أشهر بعد الرض، والآلية غير معروفة تماماً، وفي غالب الأحيان يتكون ساد قطبي خلفي (كالزهرة)، وقد يتطور إلى ساد كامل (الشكل13 أ).

-2 الساد نتيجة رض ثاقب لمحفظة العدسة: يعتمد إنذاره على نوع الإصابة وشدتها. ويجب الشك دائماً بوجود جسم أجنبي داخل العين أو داخل العدسة وإجراء تصوير مقطعي محوسب لنفي وجود الجسم الأجنبي أو تحديد مكانه. إن خروج محتويات العدسة نحو الغرفة الأمامية أو نحو الغرفة الخلفية يؤدي إلى عكر شديد وارتفاع ضغط العين.

ويلاحظ أحياناً عند الأطفال دون سن العاشرة ارتشاف محتويات العدسة تلقائياً بمدة أسابيع ولا يبقى إلا المحفظة الشفافة، وهنا يجب التشديد على ضرورة استئصال الساد وزرع عدسة، والهدف من ذلك محاولة تجنب حدوث الغمش وحيد الجانب

-3 الساد نتيجة عوامل خارجية (فيزيائية): هي حالات نادرة جداً تنجم عن:

أ- تماس مع تيار كهربائي عالي التوتر: قد يكون الساد هنا وحيد الجانب أو ثنائي الجانب، ويظهر في مدة 2-4 أشهر بعد الإصابة، وترافقه أحياناً إصابات العصب البصري والشبكية.

ب- التعرض للأشعة فترة طويلة: (معالجة شعاعية لناحية الرأس والعنق) يؤدي إلى حدوث ساد وحيد الجانب أو ثنائي الجانب، وقد ترافقه إصابات عينية أخرى أيضاً.

ثانياً- تحت خلع العدسة:

تشخيصه مهم جداً فهو قد يؤدي إلى نقص رؤية أو تشوه المرئيات وأحياناً إلى شفع وحيد الجانب (الشكل 13ب). ويرافق الحالات الخفيفة من تحت الخلع خلل انكسار من نوع حسر البصر أو اللابؤرية، في حين يرافق الحالات الأشد مرور الزجاجي إلى الغرفة الأمامية؛ مما قد يؤدي إلى انفصال الشبكية، كما قد يرافق تحتَ الخلع الساد ارتفاع ضغط العين.

ثالثاً- خلع العدسة الكامل:

٭ نحو الغرفة الأمامية: يكون جزئياً أو كلياً وذلك عندما تنخلع العدسة بكاملها نحو الأمام وتتوضع أمام القزحية (الشكل 13ج)، والعلاج الجراحي إسعافي في هذه الحالة.

٭ نحو الغرفة الخلفية: هو الأكثر شيوعاً والأكثر تحملاً من قبل المريض (غير مؤلم)، وقد يرافقه تفاعل التهابي أو انفصال شبكي نتيجة حركة العدسة والشد على الزجاجي.

الشكل (13): أذيات العدسة في الرض المغلق: (أ) الساد بشكل الزهرة، (ب) تحت خلع العدسة باتجاه الأسفل، (ج) خلع العدسة الكامل للغرفة الأمامية.

العلاج:

علاج خلع العدسة جراحي، ويفضل أحياناً الانتظار عدة أيام إلى أسابيع ومراقبة المريض حتى هدوء العين قبل إضافة رض جراحي جديد (في حالات خلع العدسة نحو الأمام وارتفاع ضغط العين الشديد، أو في حالات تمزق المحفظة وخروج محتويات العدسة يجب أن يكون التداخل الجراحي إسعافياً). تستخرج العدسة المخلوعة بإجراء قطع زجاجي خلفي (الشكل14) مع زرع عدسة داخل العين في العمل الجراحي نفسه، أو في وقت لاحق قريب ولا سيما في الأطفال لمنع حدوث الغمش. وفي حالات خلع العدسة الكامل يفضل أن تكون العدسة المزروعة في العين إما عدسة غرفة أمامية معلقة على القزحية، وإما عدسة في الغرفة الخلفية تثبت بخياطتها مع الصلبة؛ لأن زرع عدسة غرفة خلفية في الثلم الهدبي غير ممكن لعدم وجود محفظة، وحين لا يمكن زرع عدسة يمكن الاستعاضة عنها بنظارة طبية أو بعدسة لاصقة.

والتداخل الجراحي لاستخراج الساد ليس إسعافياً في حالات الرض المغلق أو الرض الفيزيائي، وحين وجود انفصال شبكي لابد من إجراء قطع الزجاجي لردّ انفصال الشبكية مع استئصال العدسة المخلوعة.

رضوض القسم الخلفي للعين

من المهم جداً معرفة الخواص الكيميائية والتشريحية للجسم الزجاجي لفهم التبدلات التي ترافق رضوض القسم الخلفي للعين، ولاسيما في نزوف الشبكية والزجاجي التي تعد العلامة الأولى والأكثر وجوداً فيها إذ يمتلئ القسم الخلفي للعين بالدم.

يملأ الجسم الزجاجي corpus vitreum القسم الخلفي للعين على نحو كامل ملامساً العدسة والجسم الهدبي ومحيط الشبكية في الأمام؛ مع التصاقه الشديد بالشبكية في قاعدة الزجاجي (المنطقة المقابلة لمحيط الشبكية وعرضها 3-4 مم بدءاً من الحاشية المشرشرة) والتصاق آخر أقل شدة بحليمة العصب البصري واللطخة الصفراء وعلى مسار الأوعية الشبكية.

تصادف تبدلات الجسم الزجاجي وتميعه وتحوله إلى الشكل السائل أكثر من اللزج مع تقدم العمر، وفي حسر البصر الشديد، وبعد الحالات الالتهابية أو بعد إجراء جراحات عينية، كما تصادف هذه التبدلات حين تعرض العين لرض مغلق أو ثاقب.وترتبط نتائج رض القسم الخلفي للعين بالعوامل التالية:

-1 الحالة الأولية للزجاجي قبل الرض: إذ إن أغلب الرضوض تصيب الشباب الذين يكون الزجاجي لديهم ملتصقاً بجدار العين بشدة وغير متميع، ويكون ارتشاف النزف بطيئاً جداً، وكلما كان المصاب أصغر سناً كان الارتشاف أبطأ.

-2 شدة النزف وغزارته: يرتشف النزف البسيط - الذي يمكن رؤية معالم الشبكية من خلاله، ويكون عادةً مترسباً في القسم السفلي للجسم الزجاجي- ارتشافاً كاملاً، أما النزف الشديد فيتعضى ويكون ارتشافه التلقائي أمراً صعباً جداً.

-3 مكان النزف: قد يرافق نزفَ الزجاجي نزف مشيمي، ونزف ضمن الشبكية، ونزف أمام الشبكية خلف الوجه الخلفي للزجاجي.

وفيما يلي دراسة لـ:

الشكل ( 14): انضغاط المحور الأمامي الخلفي للعين في حال الرض المغلق المباشر.

- 1تبدلات القسم الخلفي للعين في رضوض العين المغلقة المباشرة.

-2 تبدلات القسم الخلفي للعين في رضوض العين المغلقة غير المباشرة.

-3 تبدلات القسم الخلفي للعين في رضوض العين الثاقبة التي يرافقها أو لا يرافقها اختراق جسم أجنبي للعين.

أولاً- تبدلات القسم الخلفي للعين في رضوض العين المغلقة المباشرة:

قد يؤدي تمطط محاور العين العمودية والأفقية نتيجة رض العين المباشر إلى:

-1 انفصال الزجاجي الخلفي السليم دون حدوث شقوق شبكية محيطية (الشكل14)، أو نزف زجاجي نتيجة الانفصال المفاجئ والشد على سطح التماس الشبكي الزجاجي، وفي هذه الأحوال لا داعي لأي علاج.

-2 انفصال الزجاجي الخلفي مع شد على الشبكية يرافقه حدوث شق شبكي يختلف حجمه بحسب سعة التصاق الزجاجي بالشبكية وشدته (الشكل 15)، وقد يحدث في الرضوض الشديدة شق شبكي عرطل وانفصال شبكية واسع جداً (الشكل 16)، يتطلب عملاً جراحياً  إسعافياً (قطع زجاجي خلفي مع التخثير الضوئي بالليزر في أثناء الجراحة وحقن زيت السيليكون).

الشكل (15): انفصال الزجاجي الخلفي مع تشكل شق شبكي محيطي نتيجة الشد على الشبكية وانفصال شبكي.
الشكل (16): انفصال الزجاجي الخلفي مع تشكل شق شبكي عرطل وانفصال شبكي.

ويكشف وجود الشق الشبكي بفحص محيط الشبكية فحصاً دقيقاً، ومن الضروري عند عدم ترافق الشق والانفصال الشبكي أن يجرى التخثير الضوئي للشبكية بالليزر حول الشق على نحو إسعافي لتفادي حصول انفصال الشبكية.

وقد لا تتضاعف الثقوب الشبكية مباشرة بانفصال الشبكية حين عدم ترافقها والانفصال الزجاجي الخلفي، ويسمح كشف وجود هذه الثقوب بمعالجتها بالليزر آرغون مباشرةً. وحين يرافق الرضَ المغلق نزف شبكي أو زجاجي يكون من الضروري مراقبة الشبكية مدة شهرين من الإصابة خوفاً من تشكل شق شبكي أو وجود ثقب أو شق غير مرئي بسبب النزف، ويشيع حدوث الشقوق عند حسيري البصر أكثر من حدوثه عند غيرهم؛ بسبب ارتفاع نسبة وجود تنكسات شبكية محيطية عندهم.

-3 وذمة شبكية شديدة في القطب الخلفي (وذمة برلين  (Berlin’s edema (الشكل 17أ) حيث تبدو الشبكية في اللطخة الصفراء بيضاء اللون عاجية بسبب الوذمة مع وجود بقعة حمراء كرزية في مركزهامقابلة لمنطقة النقرة (اللطخة الكرزية)، وقد ترافق وذمة برلين بعض النزوف ضمن الشبكية أو في الجسم الزجاجي، وأحياناً تترافق مع تمزق وشقوق مشيمية.

تتراجع الوذمة بعد عدة أيام مع تحسن القدرة البصرية، وقد تترك في بعض الأحيان أثراً في الظهارة الشبكية الصباغية يمنع تحسن الرؤية.

- 4ثقب لطخة صفراء رضي (الشكل 17ب) نتيجة شد الجسم الزجاجي على سطح الشبكية في منطقة اللطخة الصفراء مع حدوث وذمة مرافقة أو من دون ذلك؛ مع احتمال حدوث ثقب لطخة صفراء رضي واسع.

- 5تمزق وشقوق المشيمية (الشكل 17ج) (يرجع إليها لاحقاً في بحث رضوض المشيمية).

-6 نزف تحت الشبكية وتحت اللطخة الصفراء أو ضمن طبقات الشبكية.

الشكل (17): الاختلاطات المصادفة في قعر العين نتيجة الرض المغلق المباشر: (أ) وذمة برلين في القطب الخلفي، (ب) ثقب اللطخة الصفراء، (ج) الشق المشيمي المترافق مع نزف تحت الشبكية.

ثانياً- تبدلات القسم الخلفي للعين في رضوض العين المغلقة غير المباشرة:

الشكل (18): اعتلال شبكية رضي لـ .Purtscher
الشكل (19): اعتلال شبكية رضي لـ .Valsalva

-1 اعتلال الشبكية الرضي لـ :Purtscher ينجم عن رض شديد على الرأس أو الصدر بعد حوادث الطرقات، ويتجلى بنزوف شبكية سطحية حول القرص البصري مع نتحات شبكية طرية متعددة في القطب الخلفي قد تترك أثراً بالغاً في القدرة البصرية (الشكل 18)، ويجب التأكد من عدم وجود نزف مرافق خلف المقلة ضمن الحجاج قد يسبب انضغاط العصب البصري

-2 اعتلال الشبكية الرضي لـ Valsalva: ينجم عن ارتفاع الضغط المفاجئ الحاد ضمن الصدر أو البطن؛ إذ ينتقل ارتفاع الضغط الوريدي إلى أوردة الشبكية مباشرة مؤدياً إلى تمزق الشعريات حول النقرة وحدوث نزوف أمام اللطخة وحيدة الجانب أو ثنائية الجانب يرافقها تدني القدرة البصرية الشديد (الشكل 19)، ويعتقد أن هذه النزوف تتوضع تحت الغشاء المحدد الباطن.

ثالثاً- تبدلات القسم الخلفي للعين في رضوض العين الثاقبة:

من المهم جداً معرفة القصة السريرية حين تعرض العين لجرح ثاقب لتحديد زمن الإصابة ونوع الآلة الحادة (الشكل 21): هل تم الجرح الثاقب بأداة خارجية (سكين أو سيخ أو مقص) أو بجسم أجنبي اخترق العين واستقر داخلها (خردقة أو رصاص أو نثرة حديد أوغيرها). ويمكن تقدير ما يحتمل حدوثه كالالتهاب ونوع الالتهاب الذي قد يحدث للعين بالاعتماد على مسبب الرض (مثلاً يمكن توقع حدوث التهاب فطري حين حدوث الرض بقطعة خشب أو نبات). ويفيد تقدير سرعة دخول الجسم الأجنبي في توقع استقراره ضمن العين أو خارجها (رصاص أو خردق قد يخترق العين ثم يخرج منها من الخلف). وهكذا تفيد القصة السريرية بجميع تفصيلاتها في تحديد الإنذار والتداخل الجراحي.

الفحص السريري: يجب تحديد القدرة البصرية وخصوصاً وجود حس الضياء أو عدمه، وحتى حين عدم وجود حس الضياء لا يجوز أبداً عدم ترميم طبقات العين والحكم على العين بالاستئصال؛ إذ ذكرت حوادث قليلة عن استعادة بعض العيون - الفاقدة لحس الضياء بعد الحادث مباشرة - جزءاً من قدرتها البصرية فيما بعد، لذلك يجب إجراء المداخلة الفورية لإغلاق العين وخياطتها ثم مراقبتها.

ويكون فحص الأقسام الأمامية ممكناً في أغلب حالات الرضوض الشديدة؛ ولكن رؤية الشبكية قد تكون صعبة لوجود نزف زجاجي أو وذمة قرنية أو ساد ناضج، وهنا يجب الاستعانة بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية لتحديد حالة الشبكية ونزف الزجاجي، ويمكن كذلك الاستعانة بالتصوير الشعاعي البسيط أو بالتصوير المقطعي المحوسب CT scan لكشف وجود جسم أجنبي ومكان توضعه (الشكل 20).

 

الشكل (20): الكشف عن وجود جسم أجنبي داخل العين في رضوض العين النافذة وتحديد مكان توضعه: (أ) التصوير بالأمواج فوق الصوتية (يشير السهم الأسود الطويل للجسم الأجنبي وتشير الأسهم السوداء القصيرة للظلال خلف الجسم الأجنبي)، )ب) التصوير المقطعي المحوسب (يشير السهم الأبيض للجسم الأجنبي).

المضاعفات:

الشكل (21): آلية حدوث انفصال الشبكية في جروح العين النافذة، (أ) الشد الزجاجي الشبكي العلوي على مستوى قاعدة الزجاجي في الجهة المقابلة للجرح الصلبي السفلي النافذ( السهم الأسود)، (ب) الشد الزجاجي الشبكي الناجم عن التكاثر الخلوي والانكماش على مستوى قاعدة الزجاجي. نتيجة جرح خلفي نافذ (الأسهم السوداء).

المضاعفة الرئيسة هي حدوث التهاب باطن العين سواء بوجود جسم أجنبي أم بعدمه، ويستطب في هذه الحالة إجراء عملية قطع الجسم الزجاجي إسعافياً مع حقن الصادات داخل العين واستخراج الجسم الأجنبي إن وجد.

ومن المضاعفات المهمة أيضاً تشكل الصدأ إذا كان الجسم الأجنبي حديدياً أو نحاسياً، وكذلك انفصال الشبكية الرضي المرافق وجود جسم أجنبي، وانفصال الشبكية الرضي من دون وجود جسم أجنبي (الشكل 21)، وتشكل أغشية ليفية أمام الشبكية وخلفها، علماً أنه من الشائع عودة هذه الأغشية إلى التشكل بعد إزالتها جراحياً مما يؤدي إلى نكس الانفصال الشبكي

ولما كانت الرضوض الثاقبة قد تشمل جميع طبقات العين؛ فإن الجراحة يجب أن يجريها خبير بجراحة القرنية والغرفة الأمامية والساد وقطع الزجاجي الخلفي.

المداخلة الجراحية:

هناك جدل دائم حول طريقة المداخلة الجراحية لمعالجة جروح العين الثاقبة مع وجود جسم أجنبي أو من دون جسم أجنبي. هل يُفضل أن تجرى المداخلة المباشرة بمرحلة واحدة لخياطة العين وترميم الشبكية واستئصال الجسم الأجنبي؟ أو أن تخاط العين أولاً وينتظر حتى التئام الجرح عدة أيام أو أسابيع، ثم تجرى المداخلة الثانية لترميم الشبكية واستئصال الجسم الأجنبي.

في الحقيقة من الضروري إغلاق الجرح القرني أو الصلبي في أسرع وقت، وتعد هذه المرحلة إسعافية يجب أن تجرى مباشرة في أي مستشفى قريب مجهّز بمجهر عيني لإجراء جراحة عينية أمامية، ثم يعاد تقييم القسم الخلفي للعين من قبل اختصاصي جراحة الشبكية لإجراء جراحة الشبكية مباشرة إذا كانت شفافية الأوساط الكاسرة تسمح بذلك؛ أو الانتظار مدة قد تصل إلى أسبوعين لحدوث انفصال زجاجي خلفي تلقائي مع مراقبة وضع العين والنزف والتئام جرح القرنية. وهكذا يختلف تدبير كل حالة بحسب ظروفها؛ ولكن المتفق عليه هو إغلاق الجرح مباشرة وإسعافياً ومراقبة النقاط التالية:

أ- الحالة الالتهابية: إذا بدأ الالتهاب أو كان هناك شك في وجوده يجب إجراء قطع الزجاجي الخلفي وحقن الصادات داخل العين سريعاً واستخراج الجسم الأجنبي مباشرةً إن وجد، أما إذا كانت العين هادئة تماماً ولا يوجد التهاب فالمداخلة لاستئصال الجسم الأجنبي تكون أسهل بعد أسبوع إلى أسبوعين مع مراقبة دائمة طوال هذه الفترة.

ب- خطر النزف في أثناء العمل الجراحي: يزداد خطر النزف إذا أجريت المداخلة الجراحية في الاسبوع الأول من رض العين ولاسيما إذا كانت العين محتقنة مع احتمال نزف شبكي ومشيمي عالي الخطورة، لذا يفضل الانتظار أسبوعين إذا كانت الحالة الالتهابية تسمح بذلك.

نوع التداخل الجراحي في القسم الخلفي: يجب التمييز هنا بين جرح ثاقب القسم الخلفي للعين مع وجود جسم أجنبي أو من دون وجود جسم أجنبي:

أ- جروح القسم الخلفي من دون وجود جسم أجنبي: تؤدي جروح الصلبة بأداة حادة إلى خروج الزجاجي من فوهة الجرح؛ مما يحدث شداً على الشبكية (لأن الجسم الزجاجي يكون عند الشباب ملتصقاً بشدة مع الشبكية).

ومن الضروري في المرحلة الأولى خياطة جرح الصلبة وقص الزجاجي الخارج من فوهة الجرح. ثم تفحص الشبكية بعد ذلك، إذ قد يؤدي شد الزجاجي نحو الجرح إلى شد الشبكية وحدوث شق شبكي مقابل (الشكل 21) - يعالج إذا كشف بالليزر والراحة - أو إلى انفصال شبكية شدّي يحتاج إلى إجراء قطع زجاجي خلفي إسعافي مع إجراء التخثير الضوئي بالليزر في أثناء الجراحة قبل حدوث التليفات في الزجاجي والشبكية.

ب- جروح القسم الخلفي مع وجود جسم أجنبي: إضافة إلى الملاحظات المذكورة سابقاً يوصى بما يلي:

-1 في المرحلة الأولى تغلق فوهة الدخول إسعافياً مع التغطية بالصادات ومراقبة العين.

-2 حين وجود انفصال شبكية مرافق يجرى التداخل الجراحي الثاني مباشرة لإنقاذ العين قبل حدوث التهاب باطن العين أو تشكل ألياف على سطح الشبكية، ويستخرج الجسم الأجنبي.

-3 حين وجود فوهة خروج خلفية ثانية وانخفاض ضغط العين وملاحظة توضع الجسم الأجنبي - بالتصوير المقطعي المحوسب- خلف المقلة بعد اختراقها؛ يكون الانتظار ضرورياً قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الجراحة وذلك ريثما تنغلق فوهة الخروج تلقائياً نتيجة تعضِّي الزجاجي وتليف المشيمية والشبكية حولها خلال عدة أيام؛ لأن المداخلة السريعة ستؤدي إلى تدفق السوائل في أثناء العملية من فوهة الخروج وبالتالي القضاء على العين، ويجرى التداخل بعد ذلك بإجراء قطع زجاجي خلفي.

الشكل (22): جسم أجنبي على سطح الشبكية مع نزف أمام الشبكية حوله.

إن إنذار الاختراق المزدوج للعين - وجود فوهة دخول وفوهة خروج - سيئ جداً، يرافقه حدوث تليفات على سطح الشبكية تشد الشبكية مما يستوجب حقن زيت السيليكون في نهاية الجراحة.

-4 حين استقرار الجسم الأجنبي ضمن الزجاجي أو على سطح الشبكية من دون أن يرافقه تفاعل التهابي (الشكل22)؛ يكون التداخل بهدوء بإجراء قطع زجاجي خلفي واستخراج الجسم الأجنبي بوساطة ملقط خاص إذا لم يكن ممغنطاً، أو بوساطة مغنطيس داخل العين إذا كان قابلاً للتمغنط مع إجراء تخثير ضوئي بالليزر في أثناء الجراحة حول شق الشبكية.

أدى تطور الجراحة العينية السريع على نحو عام وتطور أجهزة قطع الزجاجي وأدوات العمل الجراحي على نحو خاص إلى زيادة الأمل في شفاء حالات رضوض العين والمحافظة عليها بعد أن كانت معظم هذه الرضوض قبل التسعينات تنتهي بضمور العين واستئصالها.

رضوض المشيمية chorion chocoid

ترافق رضوضَ العين المغلقة الشديدة تغيرات في كامل طبقات العين، وغالباً ما ينصب الاهتمام على الطبقات الأمامية وصولاً إلى الشبكية، وتهمل حالة المشيمية التي لها شأن مهم في الإنذار والعلاج وحالة الرؤية.

تقسم رضوض المشيمية إلى:

أولاً- رضوض المشيمية في رضوض العين المغلقة:

-1 نزوف مشيمية: تحدث نتيجة تمزق وعائي مشيمي أو توسع أوعية مشيمية شديد، تتظاهر هذه النزوف ببقع دموية مائلة إلى البني تتوضع في أماكن مختلفة في القطب الخلفي أو المحيط، وتختلف الأعراض والعلامات وتبدلات الرؤية بحسب قربها من اللطخة الصفراء أو بعدها عنها. ترتشف هذه النزوف تلقائياً ببطء من دون أن تترك أي أثر، وقد تترك ندبة مشيمية مصطبغة مكانها.

الشكل 23: شق مشيمي قديم مترافق بقدرة بصرية طبيعية

- 2تمزق المشيمية وتشققها: يشمل التمزق غشاء "بروك" والأوعية الشعرية المشيمية والظهارة الشبكية الصباغية، ويتوضع غالباً في القطب الخلفي لقعرالعين قرب حليمة العصب البصري، أوبين حليمة العصب البصري واللطخة الصفراء.

يكون الشق المشيمي في البداية محاطاً بنزوف متعددة (الشكل 17ج)، مما يؤخر تحديد وجود التمزق والانشقاق على نحو دقيق لما بعد ارتشاف النزف؛ حين تبدو ندبة المشيمية بلون أبيض وتكون حوافها مصطبغة قليلاً، ونادراً ما يظهر توعٍ مشيمي حديث حولها، وتتعلق القدرة البصرية بمكان الندبة وقربها من اللطخة الصفراء (الشكل 23).

وقد يفيد العلاج بالستيروئيدات منذ البداية في تخفيف الوذمة وتخفيف التندب، ولكن لا يوجد أي علاج فعال لتمزق المشيمية وندباتها.

ثانياً- رضوض المشيمية في رضوض العين الثاقبة:

قد تكون الرضوض الثاقبة سطحية شاملة الصلبة والمشيمية فقط ويرافقها نزف مشيمي أو تفتق مشيمية نحو الخارج (نادر جداً). أو تكون جروحاً تخترق كامل طبقات العين مع خروج الزجاجي وانثقاب المشيمية ونزفها. وقد تستقر الأجسام الأجنبية الثاقبة للعين والمخترقة الشبكية في لحمة المشيمية أو تخترقها أيضاً نحو الخارج، وقد مرت دراسة هذه الرضوض سابقاً.

ثالثاً- رضوض المشيمية في أثناء الجراحة العينية:

نادرة جداً (أقل من واحد بالألف) وتصادف غالباً في جراحة الساد (داخل المحفظة أو خارجها) حين إجراء شق قرني كبير، وقد تضاءلت النسبة كثيراً بعد تطور جراحة الساد  وانتشار استحلاب العدسة بالأمواج فوق الصوتية، كما تصادف أحياناً بعد جراحة الزرق أو جراحة رأب القرنية الثاقب، وتتلخص هذه الأعراض بـ:

> نزف مشيمي صاعق: يحدث نتيجة تمزق شريان هدبي بسبب انخفاض ضغط العين الشديد الفجائي، مما يؤدي إلى حدوث نزف شديد جداً داخل العين بكاملها تصعب السيطرة عليه وتصعب خياطة العين ومتابعة العمل الجراحي، وقد يؤدي ذلك فيما بعد إلى ضمورالعين.

> انفصال المشيمية الرضي الجراحي: ويحدث بعد عمليات الزرق غالباً ونسبته قليلة، ويكون مصلياً، ويتراجع تلقائياً مع ارتفاع ضغط العين، وقد تسرع المعالجة بالستيروئيدات بالطريق العام أو الموضعي من تراجعه.

رضوض العين عند الأطفال

تؤدي رضوض العين عند الأطفال إلى فقدان الرؤية بنسبة أعلى بكثير من البالغين على الرغم من التطور الهائل في الجراحة العينية، وتبقى القدرة البصرية الممكن إنقاذها أقل من واحد/عشرة في أكثر من 70% من هذه الحالات.

وتعود المشكلة الحقيقية إلى حدوث الغمش في العين المصابة، فكلما كانت الإصابة بعمر مبكر أكثر وكانت معاوضة الرؤية بالعدسات أو بالنظارات متأخرة أكثر؛ كلما كانت النتائج البصرية أسوأ. كما أن كثافات القرنية وجروح القرنية المركزية غير المنتظمة وفقدان العدسة وعدم إمكان زرع عدسة في بعض الحالات والاضطرار إلى الاعتماد على النظارات أو العدسات اللاصقة؛ يؤثر في تطور الرؤية تأثيراً سلبياً.

أما رضوض العين التي تؤدي إلى حدوث انفصال الشبكية عند الأطفال فتكون المداخلة الجراحية فيها أصعب بكثير -بسبب التصاق الزجاجي الشديد بالشبكية - ونتائج تحسن الرؤية أقل، وتكون معالجة الغمش في الأطفال صغار السن صعبة في الظروف الرضية ويفقد الطفل نتيجة لذلك الرؤية ثلاثية الأبعاد المجسمة غالباً.

الإنذار:

> عمر الطفل حين الإصابة مهم جداً لتقدير درجة الغمش التي قد يصاب بها مستقبلاً، إضافة إلى السرعة في إنقاذ العين وإمكانية استعادة الرؤية، وبداية تمارين التغطية للعين السليمة لإنقاذ العين المصابة.

> ولشدة الإصابة شأن مهم في تقدير الإنذار، فمثلاً تؤدي رضوض المشيمية والشبكية إلى غمش دائم وشديد.

> ولزمن المداخلة الجراحية  وبداية العلاج بتمارين معالجة الغمش شأن مهم كذلك في تحديد الإنذار؛ إذ إن إصابات القرنية المركزية الواسعة التي تحتاج إلى زرع قرنية قد تؤدي إلى الوصول إلى درجات من الغمش لا يمكن علاجها.

حــروق العــين

تشمل حروق العين العين نفسها أو الطبقات المحيطة بها أو كلتيهما، وتنجم الصعوبة في التدبير عن عدم وجود علاج يعوض النسيج الملتحمي والقرني، إضافة إلى تدهور القدرة البصرية.

وتقسم حروق العين إلى نوعين:

-1 حروق كيميائية (مواد حامضة أو مواد قلوية).

- 2حروق فيزيائية (كهرباء أو حرارة أو أشعة).

أولاً- الحروق الكيميائية:

 تصادف بين عمال المصانع والمختبرات والمنازل، وتتضمن حروقاً بالمواد الحمضية والمعدنية والقلوية التي تخترق كامل طبقات العين، وتؤدي إلى التصاقات وتندبات وضمورات في جميع طبقاتها. تختلف شدة الإصابة والعقابيل التي قد تتركها الحروق بالمواد الكيميائية باختلاف شدتها وكميتها وزمن التعرض لهذه المواد، والحروق القلوية هي الأسوأ إنذاراً.

يكون العلاج في المرحلة الأولى إسعافياً باتباع الخطوات التالية:

> غسل العين بالماء إسعافياً لمدة 30 دقيقة.

> تنظيف العين من جميع المواد الكيميائية الموجودة حولها أو في داخلها.

> استخدام قطرات توسيع الحدقة وخاصة "الأتروبين" مع قطرات صادات حيوية واسعة الطيف عدة مرات يومياً.    

> استخدام قطرات دمع اصطناعي عدة مرات يومياً لترطيب العين.

وبعد ذلك تتابع العين حتى تستقر، وتدرس إمكانية رأب القرنية إذا لزم الأمر. وعلى الرغم من تطور عمليات رأب القرنية لكن النتائج ما تزال مخيبة للآمال في حالات الحروق الكيميائية ولاسيما القلوية منها، وقد تحمل الدراسات الأخيرة حول الاستفادة من زرع الخلايا الجذعية الأمل لهذه الإصابات الشديدة.

ثانياً- الحروق الفيزيائية:

من أهمها الحروق الحرارية التي تصادف عند العاملين في الأفران مرتفعة الحرارة بشدة؛ أو التي تحدث نتيجة التعرض لجسم غريب عالي الحرارة (حديد أو زجاج أو فضة)، أو نتيجة للإصابات المنزلية (زيت ساخن أو ماء مغلي)، وقد تؤدي إلى انثقاب القرنية أو إصابةٍ قرنيةٍ شديدة العمق، تترك آثاراً بالغة وندبات قرنية دائمة.

يتبع في علاج هذه الحروق الخطوات نفسها المتبعة في الحروق الكيميائية، ويكون إنذارها عادة أفضل.

رضوض الحجاج

ترافق رضوضُ الحجاج غالباً رضوضاً أخرى في الوجه والعين، ومن الضروري فحص الوجه كاملاً مع صعوبة ذلك؛ لأن الكدمات والوذمات قد تخفي بعض العلامات عدة أيام وأسابيع.

تبدأ مقاربة المريض بتحديد حالة العين من حيث إصابتها برض مغلق أو جرح نافذ مع تحديد القدرة البصرية الأولية - إذا كان المصاب متجاوباً ولا يوجد إغماء أو فقد وعي- وتحري تفاعل الحدقة للنور، وتفحص حركات العينين لكشف تحدد الحركة إن وجد، وتحديد وجود شفع أفقي أوعمودي، ويجب الانتباه لوجود فرق في مستوى كرتي العينين (ارتفاع عين عن أخرى)، واختلاف العمق بين العينين (غؤورعين أو جحوظها مقارنة بالعين الأخرى)، وينتبه لحركة الأجفان ووضعيتها (وجود إطراق الجفن العلوي)، ويصعب في الساعات الأولى من ملاحظة التبدلات السابقة تحديد مستوى الإصابة؛ عضلية عينية أو عصبية دماغية.

وتفيد الفحوص الشعاعية في تحديد وجود كسور في الحجاج ترافق رضوض الرأس، وأهمها التصوير المقطعي المحوسب ثلاثي الأبعاد الذي يظهر كسور الحجاج وتبدلاته، أما الرنين المغنطيسي فيفيد لكشف نزوف داخل جوف الحجاج أو خارجه.

ومن الضروري أحياناً اشتراك إختصاصي الأمراض العصبية والعينية وجراحة الوجه والتجميل وتعاونهم لتأكيد التشخيص وإجراء العلاج اللازم، ولاسيما في حالات رضوض الوجه الواسعة (رضوض الحرب وحوادث السيارات). وفي كسور أرض الحجاج تهبط العين إلى الأسفل قليلاً مع انحشار شحم الحجاج - وأحياناً العضلة المستقيمة السفلية - في فوهة الكسر، وتتحدد حركة العين نحو الأعلى ويحدث الشفع (الشكل 24). ويجب كشف هذه الحالة باكراً وعلاجها جراحياً قبل تموت العضلة لانقطاع التروية عنها وذلك بالتعاون مع اختصاصي جراحة الوجه والتجميل.

 

الشكل (24): كسر أرض الحجاج الأيمن الرضي: (أ) كدمة وجرح سطحي في الجفن السفلي الأيمن، (ب) تحدد حركة العين اليمنى نحو الأعلى، (ج) غؤؤر العين اليمنى مقارنة باليسرى، (د) تصوير طبقي محوسب للمريض نفسه يظهر كسر أرض الحجاج الأيمن وتفتق محتوياته للجيب الفكي

نزوف الحجاج الرضية:

ليس من النادر حدوث النزف خلف المقلة ضمن الحجاج التالي لرض الحجاج أو الوجه بحوادث السير وغيرها، وقد يحدث أحياناً في أثناء الحقن خلف المقلة لتخدير العين الموضعي، ويؤدي النزف الشديد إلى دفع العين إلى الأمام وارتفاع ضغط العين وانضغاط العصب البصري؛ مما قد يرافق فقد الرؤية والعمى التام.

ولابد هنا من التداخل السريع وتفريغ الدم من حول العين بإجراء  خزع  اللحاظ، إضافة إلى خفض ضغط العين باستعمال المدرّات (مانيتول وريدي)، واستعمال الستيروئيدات لتخفيف وذمة العصب البصري.

وقد ترافق رضوضَ الحجاج جروح في الأجفان قاطعة للقنية الدمعية السفلية أو العلوية أو كلتيهما؛ مما يتطلب تصنيع مجرى الدمع في أثناء خياطة هذه الجروح.

 

 

 


التصنيف : عينية
النوع : عينية
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 344
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1091
الكل : 40581535
اليوم : 111350