logo

logo

logo

logo

logo

قواعد عامة في مقاربة المصاب ب-مرض رثوي (روماتيزمي)

قواعد عامه في مقاربه مصاب بمرض رثوي (روماتيزمي)

approximate general rules of rheumatic disease - règles générales approximatives des atteints de maladie rhumatismale

قواعد عامة في مقاربة المصاب بمرض رثوي (روماتيزمي)

 

سلوى الشيخ

الإصابات الأحادية المفصل
التهاب المفاصل المتعدد
ألم الرقبة وأسفل الظهر
آلام مفاصل الطرف العلوي
آلام مفاصل الطرف السفلي
   

أولاً- الاستجواب والفحص السريري في الإصابات الروماتيزمية:

يتطلب استجواب المريض المصاب بآفة في المفصل معرفة أعراضه المفصلية وخارج المفصلية، وتطور مرضه، وتأثير المعالجات السابقة والتزامه بها، وحالته الاجتماعية والنفسية، وقصته العائلية (إصابات مفصلية، سكري، أمراض الدرقية).

الأعراض المفصلية الرئيسية:

الألم: هو العرض الرئيس في هذه الأمراض، يُسأل المريض عن مكان الألم (مفصلي، أم عضلي، أم عظمي، أم في الأنسجة الرخوة المجاورة)، وانتشاره، ونمطه (حارق كما في الآفات العصبية، أم ممض كما في الآفات المفصلية)، وعلاقته بالجهد (يزداد الألم بالجهد في الإصابات الآلية (الميكانيكية) في حين قد يتحسن الألم الالتهابي)، وظهوره بعد الراحة (الإصابات الالتهابية). وهل الإصابة متناظرة، حادة أم مزمنة، مترددة أم ثابتة ومترقية. كما يجب تحري الأعراض الالتهابية الأخرى (التورم، الحرارة الموضعية، الاحمرار)، وعن اليبوسة الصباحية، إذ تميز اليبوسة الصباحية أكثر من ساعة الآفات المفصلية الالتهابية، في حين لا تتجاوز اليبوسة عدة دقائق في الآفات التنكسية. 

إضافة إلى ما سبق تتطلب مقاربة الإصابات العضلية التركيز على بعض النقاط مثل صعوبة النهوض من وضعية الجلوس، وصعوبة صعود الدرج، أو السقوط المتكرر (ضعف الحزام الحوضي). وصعوبة إجراء الحركات التي تتطلب رفع الذراعين مثل تمشيط الشعر (ضعف الحزام الكتفي)، وضعف عضلات الرقبة. أما عسر البلع، وقلس السوائل الأنفي، والاستنشاق الرئوي، فقد تكون دلالة على إصابة العضلات البلعومية المخططة. ويفيد كثيراً في التشخيص التفريقي ملاحظة اشتراك الضعف والألم خفيف هو أم شديد (النخر العضلي الحاد) أو غير موجود (التهاب العضلات)، كما أن تناظر الإصابة ونوع العضلات المصابة (دانية كما في التهاب العضلات، أم قاصية كما في الإصابات العصبية) مهم أيضاً.

ولما كانت معظم الآفات الروماتيزمية آفات جهازية وجب التركيز في الاستجواب على وجود الأعراض غير الطبيعية في الأجهزة كافة، مع الانتباه لبعض الأعراض ذات الأهمية الخاصة ومنها:

1- الأعراض العامة: كالحمى، وانخفاض الوزن، والتعب، والتي قد تشير إلى متلازمة جهازية التهابية، أو إلى مرض آخر له مظاهر مفصلية.

2- الجلد والأغشية المخاطية: كالقلاع aphte (داء بهجت، داء رايتر، أمراض الأمعاء الالتهابية)، وسقوط أشعار وطفح الفراشة على الأنف والوجنتين (الذئبة الحمامية الجهازية)، والهالة البنفسجية حول العين (التهاب العضلات والجلد)، والصدفية على الجلد أو الشعر أو الأظفار، والحمامى العقدة (العدوى بالعقديات، الساركوئيد)، والفرفريات والتقرحات (التهاب الأوعية).

3- العين: كالتهاب الملتحمة (رايتر)، وإصابة الصلبة (الروماتوئيد الكهلي، وداء واغنر الحبيبومي)، والتهاب العنبة ( داء بهجت، الروماتوئيد اليفعي).

4- جهاز التنفس: كقرحات الأنف (داء واغنر)، والسعال وضيق التنفس (التليف الرئوي المرافق للروماتوئيد وصلابة الجلد)، والآلام الصدرية الجنبية المترددة (حمى البحر المتوسط).

5- السبيل المعدي المعوي: كعسر البلع (صلابة الجلد)، وضعف عضلات البلع (التهاب العضلات)، والإسهالات والآلام البطنية (أمراض الأمعاء الالتهابية). كما أن معظم الأدوية المستعملة في هذه الإصابات ذات تأثير سيئ في الجهاز الهضمي، وقد تقود إلى التهاب معدة أو قرحات هضمية (مضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية).

6- السبيل البولي التناسلي: كالضائعات الإحليلية أو المهبلية (تشير حين يرافقها التهاب مفاصل لا متناظر في الأطراف السفلية إلى احتمال وجود التهاب مفاصل ارتكاسي)، والقرحات التناسلية (داء بهجت).

7- الجهاز القلبي الوعائي: كأعراض انصباب التأمور، والتهاب العضلة القلبية (الذئبة الحمامية الجهازية، الداء الروماتوئيدي)، وإصابة الأوعية الإكليلية (التهاب الأوعية).

وفي نهاية الاستجواب يجب التدقيق في تأثير الإصابة في قدرة المريض الوظيفية، وقدرته على القيام بالأعمال السهلة والصعبة المطلوبة منه، لما لذلك من أثر في حالة المريض النفسية والاجتماعية، ولضرورة تخطيط المعالجة.

الفحص السريري:

يتطلب فحص المريض المصاب بداء مفصلي؛ فحص الأجهزة كافة فحصاً دقيقاً (العلامات الحيوية، والجلد، والنسيج الخلوي تحت الجلد، الأغشية المخاطية، العين، القلب، جهاز الدوران، جهاز التنفس، الكبد، الطحال، العقد اللمفاوية، الجهاز البولي التناسلي). مع التركيز على فحص المفاصل، والأنسجة الرخوة والعظام حولها، والعضلات، والجملة العصبية.

أما الفحص المفصلي خاصة؛ فيبدأ بملاحظة مشية المريض (مشية ألمية)، ووضعيته (جنف، حدب)، ثم يبدأ فحص المفاصل على نحو منهجي بالتأمل والجس وقياس المدى الحركي.

 يُظهر التأمل وجود تورم أو احمرار فوق المفصل أو الأنسجة المجاورة، أو تشوه المفصل، ويدل الجس على صلابة الجلد، أو رخاوته، وعلى وجود ارتفاع حرارة موضعية (يمكن المقارنة بظهر اليد)، وعلى وجود نقاط ألمية، كما يحدد سبب التورم (ضخامة عظمية، زليلية، انصباب مفصلي، أو تورم الأنسجة الرخوة حول المفصل: الأجربة bursa أو اللفافة الشحمية المجاورة للمفصل). وتجس الفرقعة الناجمة عن احتكاك السطوح المفصلية الخشنة (تكون الفرقعة خشنة في الآفات الاستحالية، وناعمة في الآفات الالتهابية)، وتحدد العقد تحت الجلد (قاسية عادة ولا تلتصق بالجلد حول المفاصل في الداء الروماتوئيدي).

أما حركة المفاصل فتقدر بالاعتماد على خبرة سابقة بالمدى الحركي السوي، أو بالمقارنة بالطرف الآخر. ويفضل فحص المفاصل بطريقة منفعلة وفاعلة معاً.

الوضعية / الفعالية

الموجودات السوية

المشية

الوقفة ، التناظر، سهولة المشية والدوران

المعاينة من الخلف

 

استقامة العمود الفقري، تناظر العضلات المجاورة للفقرات، تناظر الكتفين والاليتين، ومستوى الشوكين الحرقفيين، الحفرة المئبضية، تشوهات القدم الخلفية.

المعاينة من الجانب

سلامة القعس lordosis الرقبي، والقطني، والحدب الظهري.

لمس أصابع القدمين.

سلامة عطف العمود الفقري، والوركين.

المعاينة من الأمام:

الأطراف العلوية:

- لمس الراحتين فوق الرأس.

 

- وضع اليدين على الجانبين مع استقامة المرفقين.

- مد الذراعين والراحتين إلى الأسفل.

- مد الذراعين والراحتين إلى الأعلى.

- إجراء قبضة.

- لمس رأس الإبهام برؤوس الأصابع الأخرى.

 

 

- سلامة الكتفين، والمفاصل القصية الترقوية، والترقوية الأخرمية.

- بسط المرفقين.

 

- معاينة الأصابع والرسغين.

- سلامة الراحتين، والكب، والبسط.

- قوة المسكة.

- قوة القرص، والحركات الدقيقة.

الأطراف السفلية:

ملاحظة حجم مربعات الرؤوس الفخذية وتناظرها، تورم الركبتين أو تشوهها، مقدم و منتصف القدمين، سلامة وضع الساقين.

العمود الفقري:

وضع الأذن على الكتف .

 

سلامة الانحناء الرقبي الجانبي.

(جدول رقم 1) المعالم الرئيسية في منهجية GALS

 

 

تتحدد الحركة بسبب الألم، أو التشنج العضلي، أو التهاب المفصل، أو وجود انصباب ضمنه، أو القسط المفصلي، أو إصابة الأنسجة حول المفصل. ويُدَّون المدى الحركي بالدرجات. كما تدون التشوهات الملاحظة، وثبات المفصل، ووجود أي ضمور، أو ضعف في العضلات. ينصح الطبيب الممارس باستعمال منهجية  GALS(G=gait مشية ، A=arms الأطراف العلوية، L=legs الأطراف السفلية، S=spine العمود الفقري) حين فحص الجهاز الحركي فحصاً سريرياً سريعاً، وحين وجود أي إشارة إلى مرض في الأجزاء المفحوصة سابقاً يُلجأ إلى فحص المنطقة المصابة فحصاً أكثر دقة وسعة. 

الشكل (1)
الشكل (2)
الشكل (3)

وفيما يلي ملاحظات في فحص بعض المناطق المهمة:

1- مفاصل اليد والرسغ: لليد أهمية خاصة بسبب تميز بعض الأمراض المفصلية بطريقة إصابتها اليد. تفحص اليدان والمريض جالس ويداه ممدودتان، والراحة متجهة إلى الأسفل. تلاحظ وضعية الأصابع، ووجود تجاويف بين الأمشاط (ضمور العضلات الداخلية لليدين)، كما تلاحظ الأظفار (انفكاك الأظفار أو التوهد pitting في الصدفية (الشكل1))، وقد يلاحظ الاحمرار والتوسعات الوعائية في شعريات ثنية الظفر (الشكل 2) (الذئبة الحمامية الجهازية، التصلب المجموعي، التهاب العضلات والجلد، وتصلب جلد الأصابع وقرحات نقص التروية (التصلب المجموعي). 

يبدأ فحص مفاصل اليدين بفحص المفاصل بين السلامى القاصية Distal interphalangeal (DIP)، وذلك باستعمال إبهام وسبابة إحدى اليدين للضغط أفقياً وإبهام وسبابة اليد الأخرى للضغط عمودياً (الشكل 3) بحثاً عن مضض أو تورم. ينجم التورم عن نوابت عظمية (عقد هيبردن في الفصال العظمي)، أو عن ضخامة زليلية، أو عن انصباب المفاصل.

كما تجس المفاصل بين السلامى الدانية Proximal interphalangeal (PIP) بالطريقة نفسها بحثاً عن نوابت عظمية (عقد بوشار في الفصال العظمي)، أو التهاب زليل، أو انصباب فيها. أما إذا كانت الأصبع كلها متورمة dactylitis فيجب التفكير بأحد أشكال اعتلال الفقار مثل التهاب المفاصل في الصدفية أو التهاب المفاصل الارتكاسي.

يشير امتلاء الفجوات بين البراجم knuckles (رؤوس الأمشاط) إلى تورم المفاصل المشطية السلامية  metacarpophalangeal (MCP). تجس هذه المفاصل باستعمال الإبهام والسبابة للضغط عمودياً. وهي تصاب عادة مع المفاصل بين السلامى الدانية في الداء الروماتوئيدي الذي يقود أحياناً إلى الانحراف الزندي، وخلع الأوتار الباسطة خلعاً جزئياً.

كثيراً ما يحدث التهاب أغماد باسطات الرسغ، ولتفريق تورم هذه الأوتار عن تورم مفصل الرسغ نفسه يطلب من المريض تحريك أصابعه بلطف، ويشير تحرك التورم إلى إصابة باسطات الرسغ. تفحص عضلات الرانفة  thenar (المثنية والمقربة إلى إبهام اليد) التي قد تضمر في متلازمة نفق الرسغ، وعضلات الضرة hypothemnr، وذلك بفحص الراحتين، كما تقيّم وظيفة اليد الشاملة بأن يطلب إلى المريض قبض أصابعه ثم بسطها على نحو كامل مع تبعيدها؛ وتقدر قوة القبضة بعصر المريض إصبعي الفاحص.

يفحص الرسغ بوضع الإبهام على الناحية الظهرية والسبابة على الناحية الراحية (الشكل 4)؛ مع التركيز على المنطقة أسفل النتوء الزندي إذ تجس عاطفات الأصابع الزندية وباسطاتها بحثاً عن ضخامة زليلية synovial (إصابة  شائعة في الداء الروماتوئيدي). أما إن كان المضض (الإيلام) مقتصراً على الناحية الكعبرية من الرسغ؛ فإن السبب غالباً إصابة المفصل الرسغي السنعي metacarpal الأول بالفصال العظمي، أو التهاب أغماد الأوتار De Quervain disease.

2- مفصل المرفق: يفحص المرفق والمريض جالس وذراعه مثنية بزاوية 90؛ يجس المثلث الواقع بين الزج olecranon واللقيمة epicondylus الجانبية ورأس الكعبرة، حيث تجس الضخامة الزليلية، وحيث تتورم المنطقة بوجود انصباب في المرفق. تجس منطقة اللقيمة الوحشية فإن كانت ممضة- ولا سيما في أثناء إجهاد باسطات الرسغ- دلَّ ذلك على التهابها (مرفق التنس) (الشكل 5). أما التهاب اللقيمة الإنسية فيدعى مرفق الغولف (الشكل 6)؛ تفحص حركات المرفق (البسط extension، العطف، الكبpronation  والاستلقاء (أو البسط) supination)، تتحدد هذه الحركات ولا سيما العطف بوجود التهاب في المفصل ذاته.

3- مفصل الكتف: يفحص الكتف مكشوفاً من الأمام والخلف؛ ويشمل فحص الكتف فحص المفصل الكتفي العضدي، إضافة إلى المفصل القصي الترقوي، والمفصل الترقوي الأخرمي، وتمفصل الكتف مع الصدر.

يشير عدم تناظر الكتفين إلى إصابة إحدى المناطق المذكورة سابقاً؛ فمثلاً يميل المصاب بتمزق في الكُفّة المدورة  rotator cuff إلى رفع الكتف المصابة.

ويشير ضمور العضلات المجاورة للكتف إلى إصابة في المفصل الكتفي العضدي، أما الانصباب والضخامة الزليلية فيلاحظ بشكل تورم إنسي ارتكاز العضلة ذات الرأسين، وفي الانصبابات الكبيرة قد يلاحظ التورم جانبياً تحت الأخرم acromion.

يفحص تبعيد الكتف بأن يطلب إلى المريض وضع راحتيه معاً فوق رأسه، أو برفع الذراع المبسوطة (الشكلان 7 و8) والتقريب بمد يده عبر صدره (الشكل 9).  ويقيّم العطف بدفع الذراع المبسوطة إلى الأمام، ويقيّم البسط بدفعها إلى الخلف. أما تقييم الدوران الإنسي فيتم بأن يطلب إلى المريض محاولة لمس المنطقة بين لوحي الكتف (الشكل 10)، ويقيّم الدوران الوحشي كما في الشكل (11).

يبدأ الجس من المفصل القصي الترقوي، ثم على مسير الترقوة حتى المفصل الأخرمي الترقوي، بحثاً عن مضض أو تورم، يجس الناتئ الغرابي coracoid process تحت المفصل الأخرمي الترقوي تماماً حيث يرتكز الرأس القصير للعضلة ذات الرأسين، وإلى الناحية الوحشية منه الرأس الطويل للعضلة. ويمكن جس ضخامة الزليل أو الانصباب المفصلي بين الناتئ الغرابي والرأس الطويل لوتر ذات الرأسين.

الشكل (6) الشكل (5) الشكل (4)
الشكل (9) الشكل (8) الشكل (7)
الشكل (12) الشكل (11) الشكل (10)

يُستكمل الفحص بإجراء الحركات المنفعلة باليد اليمنى؛ في حين تثبت اليد اليسرى لوح الكتف، كما يفضل إجراء الدوران الإنسي والوحشي والذراع على جانب الجذع وتعاد والذراع بوضعية التبعيد 90.

هناك بعض الحركات الإضافية التي قد تشير إلى إصابة محددة في الكتف، فبسط الرسغ القسري والمرفق في حالة عطف 90 يسبب ألماً في منطقة وتر ذات الرأسين إذا كان الوتر ملتهباً، كما يشير ألم الكتف في أثناء العطف القسري والدوران الوحشي القسري مع عطف المرفق لـ 90 درجة؛ إلى متلازمة انحشار الجراب تحت الأخرم أو وتر العضلة فوق الشوك supraspinous muscle (الشكل 12). يشخص التهاب العضلة فوق الشوك بوجود ألم في أثناء دوران الكتف الإنسي وهو بوضعية التبعيد 90 (الإبهام باتجاه الأرض) (الشكل 13). وكذلك الألم في أثناء تطبيق مقاومة لمحاولة المريض إعادة الذراع من الوضعية السابقة إلى جانب الجذع .

4- المفصل العجزي الحرقفي: يجس المفصل العجزي الحرقفي والمريض مستلق على بطنه، في المنطقة الواقعة تحت الانخفاض الموجود في المنطقة الحوضية الخلفية؛ كما يمكن إثارة الألم في المفصل العجزي الحرقفي الملتهب بضغط العجز.

5- العمود الفقري: يفحص العمود الفقري في أثناء الوقوف لملاحظة القعس lordosis الرقبي والقطني، والحدب الظهري. كما يفحص في أثناء الانحناء لكشف الجنف الحقيقي الذي يجب تمييزه من الجنف الناجم عن فرق الطول بين الطرفين السفليّين الذي لا يظهر بوضوح في أثناء الانحناء.

تقدر حركة العمود القطني بأن يطلب إلى المريض لمس أصابع قدميه ثم الانتصاب؛ وتفحص الحركة الجانبية بأن يطلب إلى المريض لمس جانب الساق وهو منتصب، وتقدر الحركة الدورانية بأن يطلب إلى المريض الدوران بجذعه؛ في حين يثبت الفاحص الحوض (حركة العمود القطني والظهري معاً). تقيس علامة شوبر Schober عطف العمود القطني، وتجرى والمريض واقف؛ تحدد منطقة متوسطة على الخط الواصل بين الوهدتين (الانخفاض) العجزيّتين، وتحدد نقطة فوقها بـ 10سم على مسير العمود الفقري، وتقاس هذه المسافة مرة أخرى والمريض منحنٍ يحاول لمس أصابعه من دون عطف الركبتين. يكون الاختبار إيجابياً، إذا كانت الزيادة بين القياسين (المريض واقف والمريض منحنٍ) أقل من 5 سم، مما يدل على تحدد في عطف العمود القطني. ويمكن متابعة هذا التحدد بإعادة القياس في أثناء متابعة المريض المصاب باعتلال الفقار (الشكل 14).

الشكل (14) الشكل (13)

أما المريض الذي يشكو آلاماً جذرية قطنية (خدر، انتشار الألم إلى الساق)، فيجب أن يفحص فحصاً عصبياً مفصلاً، إضافة إلى الحركات التي تمطط الجذور العصبية مثل علامة رفع الساق  straight leg raising (SLR) التي ترفع فيها الساق والركبة مبسوطة والمريض مستلق على ظهره  وتكون هذه العلامة إيجابية إذا ظهر الألم والخدر وانتشر إلى القدم  مع زواله حين عطف الركبة.

تفحص الحركة الجانبية للعمود الرقبي بأن يطلب إلى المريض محاولة لمس كتفه بأذنه، ويفحص الدوران الجانبي بمحاولة لمس الكتف بالذقن، أما العطف فيفحص بمحاولة لمس الصدر بالذقن والبسط بمحاولة لمس الظهر بالقفا (الشكل 15)؛ كما يجب جس السناسن الفقرية والعضلات جانب الفقرية.

الشكل (15)

6- مفصل الورك: تؤدي إصابة مفصل الورك إلى ألم في الألية أو المغبن، وقد ينتشر الألم إنسي الفخذ حتى الركبة، أما الألم الموضع فوق المدور فيشير غالباً إلى التهاب الجراب bursa المدوري.

ولما كان مفصل الورك عميقاً فإن كشف الانصباب أو الضخامة الزليلية فيه صعبة. تكون المشية في إصابة الورك ألمية، وتضمر عضلات الألية وأحياناً عضلات الفخذ في الإصابات المزمنة، وقد تظهر علامة تراند لنبورغ في الحالات الشديدة، وتجرى بالطلب إلى المريض الوقوف على الطرف المصاب وملاحظة هبوط الطرف الآخر.

تفحص الحركات المنفعلة والمريض مستلق على ظهره، يُبدأ بدحرجة الطرف والساق ممدودة، ثم تعطف الساق عطفاً تاماً لتحديد العطف. أما الدوران الإنسي والوحشي فيجرى والركبة والورك بحال عطف 90 (الشكل 16)، والتقريب واتبعيد والركبة مبسوطة (الشكل 17)، وغالباً ما يشير الألم وتحدد الحركة في أثناء الدوران الإنسي إلى إصابة في المفصل نفسه، أما فقد القدرة على البسط التام (تشوه بالانعطاف) فتظهر في الحالات المزمنة من إصابات الورك الشديدة.

الشكل (17) الشكل (16)
الشكل (19) الشكل (18)

 

7- مفصل الركبة: يكشف التأمل تورم الركبة، واحمرارها، وضمور العضلات المجاورة لها، ووجود كيسات في الحفرة المأبضية. وكذلك وجود الفحج (تباعد الركبتين) varus (الشكل 18) أو الروح (تقارب الركبتين) valgus (الشكل 19). أما الجس فيقيم الحرارة الموضعية، وسبب التورم (عظمي، زليلي، انصباب). يكشف الانصباب بنهز الداغصة ويجرى والركبة مبسوطة. تدفع راحة اليد اليسرى الجيب فوق الداغصة؛ في حين تضغط اليد الأخرى الداغصة باتجاه اللقمة الفخذية (الشكل 20).

تعطف الركبة قليلاً وتجس الشقوق المفصلية بحثاً عن ألم أو عن ضخامة زليلية.

الشكل (22-أ) الشكل (21) الشكل (20)
الشكل (24) الشكل (23) الشكل (22-ب)

 

ثم تسند قدم المريض إلى  ثنية المرفق، ويحاول الفاحص تفحيج الركبة وترويحها لتأكيد سلامة الأربطة الجانبية (الشكل 21). أما الرباطان المتصالبان الأمامي والخلفي فيفحصان بإجراء اختبار الدرج drawer test ويجرى والركبة معطوفة والقدم مستندة إلى الطاولة الفاحصة، ثم يحاول الفاحص تطبيق قوة أمامية خلفية على أعلى الظنبوب، يتحرك الظنبوب إلى الأمام والخلف في عدم ثبات هذه الأربطة (الشكل 22 - أ).

الدرجة 0

لا يوجد حركة أو تقلصات

الدرجة 1

لا يوجد حركة ولكن يمكن جس التقلصات

الدرجة 2

حركة مع الجاذبية with gravity

الدرجة 3

حركة ضد الجاذبية against gravity

الدرجة 4

التغلب على مقاومة متوسطة

الدرجة 5

التغلب على مقاومة شديدة

الجدول رقم (2)

8- مفاصل الكاحل والقدم: يُتأمل الكاحل والقدم ويجسان من الأمام وحول الكعبين (المضض وزوال الحدود بوجود انصباب أو ضخامة زليلية)، ومن الخلف (وتر أشيل والكاحل ankle = talus ومؤخرة القدم). كما يجس العقب calcaneum بحثاً عن إيلام (التهاب الصفاق الأخمصي  بفرط الاستخدام، واعتلال الفقار). يدل الألم في أثناء العطف الظهري والراحي للكاحل على التهاب المفصل الكاحلي الظنبوبي talotibial، في حين يدل الألم الناجم عن تحريك الكعب على إصابة في المفصل تحت الكاحل subtarsal، ويدل الألم الناجم عن تحريك منتصف القدم والكاحل مثبت على إصابة المفصل الكاحلي الزورقي.

أما القسم الأمامي للقدم فيفضل فحصه والمريض واقف؛ إذ يكشف هذا الفحص وجود القدم المسطحة pes planus (الشكل 22 - ب) أو القدم الخمصية (عالية القوس) pes cavus (الشكل 23)، وإبهام القدم الأروح  hallux valgus (الشكل 24). يقود تورم المفاصل المشطية السلامية إلى تباعد أصابع القدم، ويؤكد ذلك بالإيلام المحدث بضغط هذه المفاصل؛ في حين يؤدي الخلع الجزئي في هذه المفاصل الملاحظ في الداء الروماتوئيدي إلى تشكل الإصبع المطرقية hammer toe. تصاب المفاصل بين السلامى لأصابع القدم في اعتلالات الفقار، وقد يلاحظ تورمٌ في كامل الإصبع (الإصبع النقانقية) في الصدفية أو التهاب المفاصل الارتكاسي. كما يجب ملاحظة وجود الأثفان على أخمص القدم لأنها مع عدم خطورتها قد تسبب آلاماً مزعجة وتعوق لبس الأحذية.

تفحص العضلات بالتأمل (ضمور، تقفعات contractures، نفضان twitching، ارتجاف حُزمي fasciculation)، وبالجس (تقلصات contractions) وتقدر القوة يدوياً على سلم من خمس درجات (الجدول 2).

ولما كان هذا الفحص تقريبياً ويصعب تطبيقه لمتابعة سير المرض فقد يكون من المفيد إجراء تقييم وظيفي للعضلات مثل تقدير زمن نهوض المريض عن الكرسي عشر مرات متتالية، أو زمن المشي عشرة أمتار، أو قدرته على النهوض من القرفصاء، أو المشي على رؤوس الأصابع والعقبين وإعادة تقييم هذه القدرات في أثناء سير المرض.

ثانياً- الإصابات الأحادية المفصل Monoarticular joint diseases:

أسباب الإصابات الأحادية المفصل عديدة التهابية أو لا التهابية (ميكانيكية، ارتشاحية).

أهم الإصابات الالتهابية:

1- التهاب المفصل العدوائي (بجراثيم، أو فطور، أو متفطرات mycobacteria، أو فيروسات، أو ملتويات Leptospira).

2- التهاب المفصل المحرض بالبلّورات (يورات الصوديوم، أو بيروفوسفات الكلسيوم، أو هيدروكسي أباتيت، أو أوكسالات الكلسيوم).

 قد تتظاهر الأمراض الجهازية بإصابة أحادية المفصل أحياناً (صدفية، أو التهاب المفاصل الارتكاسي reactive، أو الروماتوئيد، أو الذئبة الحمامية الجهازية).

أما أهم الإصابات اللاالتهابية فهي:

1- الفصال العظمي osteoarthritis.

2- الكسور.

3- تدمي المفصل hemarthrosis.

4- النخر العظمي (العقيم) osteonecrosis.

5- إصابات الغضاريف والأربطة.

6- الأورام المفصلية السليمة والخبيثة.

وإن لتاريخ المرض والفحص السريري وتحليل السائل المفصلي شأناً كبيراً في كشف السبب الحقيقي لهذه الإصابات.

1- تاريخ المريض:

 لبدء المرض وسيره أهمية كبيرة في التشخيص؛ فالبدء الحاد وعدم التحسن من دون معالجة؛ من صفات العدوى الجرثومية، كما أن ظهور إصابة التهابية أحادية في سياق داء روماتوئيدي في حال هدأة يستدعي نفي العدوى الجرثومية بسرعة، وكذلك التهاب المفصل الذي أجريت عليه جراحة أو المفصل الصنعي، خاصة إذا رافقت الشكوى المفصلية حمى أو عرواء؛ في حين يكون البدء تحت الحاد والسير المديد من صفات العدوى بالفطور والتدرن. تشفى الإصابات الفيروسية تلقائياً، أما الإصابات التنكسية فتظهر مع إجهاد المفصل وتزول بالراحة. ووجود قصة إصابات ناكسة قد يرجح الإصابة بالبلورات، وغالباً ما تكون المظاهر خارج المفصلية مفتاح التشخيص في الإصابات الجهازية (إسهال: أمراض الأمعاء الالتهابية، التهاب الإحليل: داء رايتر).

2- الفحص السريري:

يحدد الفحص السريري موضع الإصابة في المفصل (تحدد حركات المفصل المنفعلة كلها)، أو في الأنسجة المجاورة (أوتار، أجربة، عظام: بتحدد حركات معينة). كما يتم البحث عن العلامات العامة كالحمى، والطفح الجلدي، وإصابات الأجهزة الأخرى.

3- تحليل السائل المفصلي:

يجرى تحليل السائل المفصلي في كل الإصابات الأحادية المفصل تقريباً، يشخص هذا الفحص العدوى الجرثومية، والتهاب المفصل المحرض بالبلورات، وتدمي المفصل (تجمع الدم في جوف المفصل). ويساعد فحص السائل الأولي على البدء بالمعالجة بانتظار نتائج الزرع والفحوص المتممة الأخرى.

ثالثاً- التهاب المفاصل المتعدد Polyarticular joint diseases:

للإصابات متعددة المفاصل -أكثر من خمسة مفاصل- أسباب عديدة (التهابية، ولا التهابية)، وأهم هذه الإصابات:

1- التهاب المفاصل الخمجي infectious (فيروسات: الفيروسة الصغيرة parvovirus، فيروس التهاب الكبد B، C، فيروس الحميراء (الحصبة الألمانية) rubella، فيروس العوز المناعي المكتسب HIV، وفيروس إيبشتاين - بار EBV).

2- التهاب المفاصل الارتكاسي (حمى الروماتيزم rheumatic fever، والتهاب المفاصل التالي للعقديات، التهاب المفاصل التالي للعدوى البولية التناسلية).

3- الروماتيزم الراجع (المعاود) palindromic rheumatism.

4- الداء الروماتوئيدي الكهلي واليفعي juvenile.

5- التهاب المفاصل في الصدفية.

6- التهاب المفاصل في سياق أمراض النسيج الضام (الذئبة الحمامية الجهازية، ومتلازمة شوغرن، والتصلب المجموعي، والتهاب الجلد والعضلات، وداء النسيج الضام المختلط، التهاب الأوعية، وألم العضلات الروماتيزمي polymyalgia rheumatica).

7- التهاب الفقار مع إصابة مفصلية محيطية (التهاب الفقار المقسط، واعتلال المفاصل المرافق لإصابات الأمعاء الالتهابية، والتهاب المفاصل الارتكاسي، وداء ويبل).

8- إصابات أخرى: الداء البطني (الزلاقي)، الساركوئيد، الابيضاض.

ويعتمد التشخيص على التاريخ المرضي والفحص الجسمي إضافة إلى الفحوص المخبرية والشعاعية والنسيجية الداعمة.

الاستجواب والفحص السريري:

يسأل عن المفاصل المصابة، وهل هي مفاصل صغيرة (الروماتوئيد)، أو كبيرة (اعتلال الفقار). وهل الإصابة في المفاصل بين السلامى الدانية (داء روماتوئيدي، الذئبة الحمامية الجهازية) أو في المفاصل بين السلامى القاصية (التهاب المفاصل في الصدفية، أو التهاب المفاصل التنكسي الأولي المنتشر). وهل المفاصل المصابة متناظرة، وهل ترافق الألم علامات التهابية، وهل هناك هجمات تليها فترات من الهجوع التام (الروماتيزم الراجع، والتهاب المفاصل بالبلورات، حمى البحر المتوسط)، أو إن الإصابة مترقية (الداء الروماتوئيدي). كما يسأل عن العلامات خارج المفصلية (حمى، طفح، داء رينو، التهاب المصليات، قرحات الفم، إصابة الرئتين، الكلية، الكبد). وكذلك طريقة بدء الإصابة (حاد أم متدرج)، وهل إصابة المفاصل متنقلة من مفصل إلى آخر بعد شفاء الأول (حمى روماتيزمية) أو تضيف مفصلاً إلى آخر (داء روماتوئيدي، أو إصابة جهازية أخرى). ويشك في داء ترسب الأصبغة الدموية hemochromatosis وداء بلورات بيروفوسفات الكلسيوم بوجود التهاب متعدد المفاصل غير التهابي يصيب المفاصل المشطية والسنعية، والرسغين، والكتفين، والكاحلين.

يطلق تعبير الإصابات القليلة المفاصل oligoarthritis حين يكون عدد المفاصل المصابة أقل من خمسة، وأكثر أسباب الإصابات القليلة المفاصل -غير المتناظرة واللا التهابية شيوعاً- هو الفصال العظمي. كما يلاحظ في اعتلال الفقار (التهاب الفقار المقسط، داء رايتر والتهاب المفاصل الارتكاسي، التهاب المفاصل في الصدفية، والتهاب المفاصل المرافق لإصابات الأمعاء الالتهابية)، تكون هذه الإصابة غير متناظرة، وتصيب المفاصل الكبيرة في الأطراف السفلية في سياق التهاب الفقار، وقد تسبق الإصابة المحيطية ألم الظهر. أما إن أصابت المفاصل الدانية والقاصية في اليدين فالتهاب المفاصل في الصدفية هو الاحتمال الأكبر. وحين يرافق التهاب المفاصل الصغيرة التهاب الأغماد sheath والأربطة المجاورة معطياً منظر الإصبع النقانقية sausage فإن التهاب المفاصل الارتكاسي هو السبب غالباً. ويذكر أن الأمراض المتعددة المفاصل قد تكون إصابتها في البدء قليلة المفاصل.

إن عمر المريض (حمى روماتيزمية في الأطفال، أو الداء التنكسي في الكهول)، وقصته العائلية (الاستعداد العائلي في التهاب الفقار المقسط)؛ عاملان مهمان في وضع التشخيص أيضاً. يجب أن يشمل الفحص كل المفاصل (التهاب زليل) وما حولها، والظهر والأجهزة الأخرى؛ إذ غالباً ما تكون المظاهر خارج المفصلية مفتاح التشخيص (إصابة الكلية الباكرة ترجح الذئبة الحمامية على الداء الروماتوئيدي، والتهاب عصب وحيد متعدد في غياب السكري يرجح التهاب الأوعية).

 أسباب ميكانيكية:

أسباب عدوائية (خمجية):

الإجهاد العضلي

التهاب العظم والنقي الفقاري

فتق النواة اللبية

التهاب القرص diskitis

التهاب المفصل العجزي الحرقفي الجرثومي

الفصال العظمي

أسباب ورمية / ارتشاحية:

انزلاق الفقار

الجنف scoliosis

المصْع Whiplash

أورام الفقرات السليمة (ورم عظمي عظماني osteoid osteoma، ورم بانيات العظم، ورم الخلايا العملاقة، الكيسات العظمية أمدمية الشكل، الأورام الوعائية، الورم الحبيبي اليوزيني).

 

أورام الفقرات الخبيثة (ورم نقي متعدد، انتقالات، ساركومة، لمفومة، أورام النخاع).

أسباب روماتيزمية:

ألم رجيع:

- اعتلالات المفاصل الفقارية

- وعائي.

- فرط التعظم الهيكلي المنتشر

- هضمي.

أسباب استقلابية:

- بولي تناسلي.

- تخلخل العظام osteoporosis

- كلوي.

- تلين العظام osteomalacia

 

- فرط نشاط الدريقات

 

- تمغر العظام ochronosis

 

- داء باجيت

 

- تليف خلف الصفاق

 

(الجدول رقم 3) أكثر أسباب ألم الظهر شيوعاً

 

إن الوصول إلى التشخيص النهائي، وتحديد الإنذار، واختيار العلاج، وتخطيط المتابعة في هذه الإصابات غالباً ما يتطلب الكثير من الفحوص المتممة (مخبرية، شعاعية، نسيجية)، كما يتطلب تعاون الزملاء من اختصاصات عديدة للوصول بالمريض إلى بر الأمان.

رابعاً- ألم الرقبة وأسفل الظهر Neck and back :

آلام الرقبة وأسفل الظهر من أكثر الشكاوى شيوعاً، وتقدر نسبة الإصابة السنوية بها بنحو 10-20% من الناس، ولهذه الشكوى أسباب عديدة: منها ميكانيكية وهي الأكثر شيوعاً، ومنها جهازية.

1- ألم أسفل الظهر:

الأمراض الجهازية التي تسبب آلاماً في أسفل الظهر متنوعة؛ إذ قد تكون عدوائية (خمجية)  infectious أو التهابية inflammatory أو ارتشاحية infiltrative، وقد يكون الألم رجيعاً referred من أحد الأحشاء التي تشارك الهيكل العظمي في التعصيب القطعي.

أما الأسباب الميكانيكية لألم أسفل الظهر فكثيرة، ومنها فرط الاستعمال أو إجهاد العضل strain، والرض وإصابة البنى التشريحية مثل فتق النواة اللبية. تتفاقم الآلام الميكانيكية بالجهد وتتحسن بالراحة، وتزول الإصابة بمدة أسبوع في 50% من المرضى، وخلال 8 أسابيع في 90% منهم. إلا أن النكس شائع (ينكس 75% من المصابين بمدة سنة)، ويستمر الألم سنة أو أكثر في 10% من المرضى فقط.

ويبين الجدول 3 الأسباب الأكثر شيوعاً لألم الظهر:

المقاربة الأولية: الخطوة الأولى في مقاربة الألم الفقري هي تحديد الإصابة ميكانيكية هي أو التهابية. ويتم ذلك بالاستجواب والفحص السريري الدقيقين، مع التأكيد على البحث عن الأعراض والعلامات الالتهابية، وعن إصابة الأجهزة الأخرى. يجس العمود الفقري والعضلات المجاورة له، وتحدد استقامته وتفحص الحركة. كما يُجرى فحص عصبي دقيق لنفي إصابة ذيل الفرس cauda equina أو النخاع أو إصابة الجذور العصبية، أو الأعصاب المحيطية. لا يحتاج معظم المرضى إلى دراسة مخبرية وشعاعية (الآلام الحادة في صغار السن). وتجرى الصور الشعاعية وسرعة التثفل لمن تجاوز الخمسين سنة أو أشار استجوابه وفحصه إلى احتمال وجود إصابة التهابية أو عدوائية أو ارتشاحية.

إن إصابة ذيل الفرس، وكذلك انضغاط  النخاع (ضعف تشنجي في الطرفين السفليّين، أو عرق النسا sciatica ثنائي الجانب، أو اشتداد منعكسات مع رَمَع clonus، أو علامة بابنسكي، أو نقص حس سرجي، أو اضطراب مصرات)؛ حالات نادرة لكنها إسعافية تحدث في سياق فتوق النواة اللبية المركزية أو الأورام أو الخراجات فوق الجافية وتتطلب تقييماً شعاعياً إسعافياً بالرنين المغنطيسي لأن نتائج إزالة الضغط جراحياً تكون أفضل إذا تم ذلك في الساعات الثماني والأربعين الأولى.

الإصابات الجهازية: تشخص الإصابات الجهازية بوجود بعض الأعراض والعلامات التالية أو كلها:

الحمى وفقد الوزن (الالتهابات)، والألم الليلي (الأورام)، والألم الموضع فوق فقرة أو قرص disk فقري مصاب (عدوى أو ورم)، واليبوسة الصباحية المديدة، وإصابة المفصلين العجزيّين الحرقفيّين (اعتلالات الفقار).

أما الألم الرجيع من القلب والأوعية، والسبيل الهضمي، والبولي التناسلي؛ فيشير إليه ترافقه وأعراض خاصة بالجهاز المصاب.

الإصابات الميكانيكية: الأسباب الميكانيكية لألم أسفل الظهر هي الأكثر شيوعاً، وتشمل إجهاد العضل strain وفتوق النواة اللبية  disk herniation وتنكس الفَقَار  spondylosis (الفصال العظمي) وتضيق القناة الفقرية spinal stenosis وانزلاق الفَقَار spondylolisthesis والجنف scoliosis.

يحدث إجهاد العضل فجأة بعد جهد شديد، ولا ينتشر الألم إلى الفخذ، كما يبدي الفحص تشنجاً في العضلات جانب الفقرية من دون علامات عصبية. يتحسن إجهاد العضل بالراحة، ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية ومرخيات العضلات.

أما فتوق النواة اللبية فتسبب عرق النسا الذي يزداد بالسعال والعطاس والانحناء مع إيجابية علامة رفع الساق. وقد تسبب ضعفاً حركياً أو اضطراباً حسياً، وقد تضعف المنعكسات الوترية. إن الرنين المغنطيسي هو المقاربة الشعاعية الأفضل في هذه الحالة، مع تأكيد أن الموجودات الشعاعية لا تكون ذات قيمة إلا إذا كانت مناسبة للانطباع السريري والعلامات الفيزيائية.

إن تنكس الفقار spondylosis شائع، ومع تنكس القرص الفقري فإن اقتراب أجسام الفقرات بعضها من بعض وعدم الثبات بين القطع؛ يعرض مفاصل النواتئ الفقرية لضغط غير معتاد، فيقود إلى تنكسها محدثاً ألماً يزداد بالجهد، وقد يقود إلى تضيق القناة الفقرية وانضغاط العناصر العصبية.

الشكل (25)
الشكل (26)

تتضيق القناة الفقرية بوجود بوارز عظمية كبيرة أو فتق نواة لبية خلفي أو بترهل الرباط الأصفر ligamentum flavum، وتحدث ألماً ينتشر إلى الوجه الخلفي للفخذين، ويزداد ببسط الظهر، وإذا كان التضيق مركزياً فإنه يسبب عرجاً متقطعاً، يجب أن يفرق عن العرج المتقطع الوعائي؛ وذلك بتغير مسافة المشي المحدثة لألم الساق التالي للمشي من يوم إلى آخر، وخفة هذا الألم بالجلوس أو الانحناء إلى الأمام. أما إذا كان التضيق جانبياً فالألم يكون عند الوقوف فقط، وإن أصاب التضيق الثُّقْبَة بَينَ الفِقْرَات يصبح الألم مستمراً في كل الوضعيات. قد يكون الفحص السريري سوياً، وقد يبدي ضعفاً حركياً أو تبدلاً في المنعكسات الوترية. تبدي الصور الشعاعية البسيطة تبدلات استحالية في القرص الفقري ومفاصل النواتئ، وتكون هذه التبدلات واضحة على التصوير المقطعي المحوسب أيضاً، كما يمكن فيه تقدير قطر القناة الفقرية، ويحدد الرنين المغنطيسي مكان الانضغاط العصبي. تعالج معظم الحالات بمضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية وتثقيف المريض حول ميكانيكية العمود الفقري، وفي الحالات المعندة تحقن السيتروئيدات حول الجافية أو في مفاصل النواتئ الفقرية وتترك الجراحة للحالات الشديدة حين وجود علامات انضغاط العناصر العصبية.

أما انزلاق الفقار spondylolisthesis (اندفاع الفقرة إلى الأمام مقارنة بالفقرة أسفلها) (الشكل 25) فقد يكون تشوهاً نمائياً developmental مع افتراق الجزء بين المفصلي pars interarticularis (انحلال الفقار spondylolysis)، أو مكتسبا بسبب استحالة القرص بين الفقرات، وإعادة توجه سطح حركة مفاصل النواتئ الفقرية. يشكو المريض ألماً في الظهر في أثناء الوقوف يتحسن بالراحة وينتشر إلى الساق أحياناً. يبدي الفحص السريري زيادةً في القعس القطني؛ وتظهر الصور الشعاعية البسيطة انحلال الفقار أو الإنزلاق بوضوح، ويبدي الرنين المغنطيسي انحصار العناصر العصبية المصابة.

يعالج انزلاق الفقار بتقوية عاطفات الظهر، والمشدات ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وتثبت الفقرات في الإصابات الشديدة المترافقة وعلامات انضغاط عصبي.

يبدأ الجنف (انحناء جانبي أكثر من 10 درجات) (الشكل 26) في سن المراهقة ولاسيما في الإناث، وتترقى الحالات الشديدة (انحناء قطني أكثر من 40) تدريجياً. يسبب الجنف ألماً ظهرياً يتحسن بالإستلقاء، وتمكن الصور البسيطة من تشخيص الجنف وتحديد درجته.

يعالج الجنف الخفيف بالمشدات ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية والتمارين، وقد يثبت العمود الفقري في الجنف الذي يرافقه انضغاط عصبي أو مضاعفات رئوية في مفاصل النواتئ الفقرية في تضيق القناة الفقرية (ضعف حركي واضطراب حسي وضعف المنعكسات الوترية أو غيابها).

2- الإصابات الميكانيكية الرقبية:

هذه الإصابات أقل شيوعاً من إصابات العمود القطني وأهمها الإجهاد العضلي strain، ينتشر الألم إلى القفا والرأس مع مضض في العضلات. تحدث فتوق النواة اللبية ألماً جذرياً يمتد إلى الذراع واليد، يمكن تكراره بضغط العمود الفقري مع بسطه وتدويره (علامة Spurling).

يقود تنكس أقراص الفقرات  spondylosis إلى تضيق المسافة بين الفقرات وعدم ثباتها، وتشكل البوارز العظمية، والتهاب الزليل في مفاصل النواتئ الفقرية. تسبب هذه التبدلات ألماً في الرقبة والكتفين ومنطقة لوحي الكتف وأعلى الصدر. ويلاحظ هنا التباين بين شدة الأعراض وشدة التبدلات الشعاعية.

المضاعفة الأخطر لتنكس الفقار المذكور هي اعتلال النخاع myelopathy، وهو انضغاط النخاع بالبوارز العظمية أو بالأقراص الفقرية (الديسك) أو بالرباط الأصفر. يقود هذا الاعتلال إلى اضطراب الإحساس باليدين وضعف حركي أو ضعف التناسق، وتصبح المشية تشنجية. وقد تفقد السيطرة على المصرات، تُنشط المنعكسات الوترية ويظهر الرمع clonus وعلامة بابنسكي.

يحتاج معظم المرضى إلى صورة شعاعية بسيطة لتحديد سبب ألم الرقبة، وحين وجود علامات ضغط النخاع أو الجذور العصبية يفضل الرنين المغنطيسي.

 المعالجة في معظم الحالات بالراحة والمسكنات ومرخيات العضلات ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية وأحياناً بحقن مفاصل النواتئ أو المناطق العضلية المؤلمة بالسيتروئيدات، وأحياناً بالعلاج الفيزيائي. ويلجأ، إلى الجراحة في اعتلال النخاع المزمن لإيقاف سير المرض، ويفضل إجراؤها قبل حدوث تبدلات عصبية غير عكوسة.

خامساً- آلام مفاصل الطرف العلوي: وتشمل:

1- ألم منطقة الكتف Shoulder region:

- أكثر أسباب ألم منطقة الكتف شيوعاً هي: التهاب أوتار الكفة المدورة rotator cuff Tendinitos، ومتلازمة الانحشار impingement (انحشار الكفة المدورة بين الثلث الأمامي للأخرم acromion والرباط الغرابي العضدي coraco ligament  humeral  في الأعلى ورأس العضد في الأسفل).

- يحدث التهاب الأوتار بصورة حادة ومزمنة، وقد يرافقه (الشكل 4) تكلس في منطقة الوتر أو لا يرافقه. تسبب هذه الإصابة ألماً بتبعيد الكتف الفاعل، ولا سيما بين 60-120، وفي الحالات الشديدة والحادة قد لا يتمكن المريض من رفع ذراعه إطلاقاً، ويرافق التهاب الوتر التهاب الجراب تحت الأخرم subacromial bursitis حين تتمزق الترسبات الكلسية داخل الجراب.

يكون الألم أقل حدة في الحالات المزمنة، وقد يحدث ليلاً، وينتشر إلى جانب الذراع، ويعوق المريض عن القيام بوظائفه اليومية. يفحص التبعيد الفاعل والمنفعل، كما يفحص التبعيد الفاعل ضد مقاومة الفاحص، يدل ضعف التبعيد الفاعل وبقاء التبعيد المنفعل سوياً على تمزق الوتر، وكذلك هبوط الذراع المبعدة drop-arm sign. أما تشخيص الانحشار فيتم بعطف الكتف القسري؛ في حين تمنع اليد الأخرى دوران لوح الكتف، ويعد الفحص إيجابياً إذا حدث الألم قبل 180. كما أن حقن 2% ليدوكائين في الجراب تحت الأخرم يزيل ألم التبعيد في متلازمة الانحشار. يحدث التهاب الأوتار بالاستعمال المفرط؛ ولا سيما في النشاطات التي تتطلب العمل والذراعان مرفوعان. وقد يكون لنقص التروية واستحالة الألياف الوترية مع تقدم العمر شأن في الإمراضية، كما أن التهاب الأوتار قد يرافق الأمراض الالتهابية مثل الداء الروماتوئيدي. ويتمزق الوتر في الرضوض، أو من دون رض (استحالي)، ويشخص التمزق بالتصوير بالأمواج فوق الصوتية أو بالرنين المغنطيسي أو على نحو أفضل بتصوير المفصل مع حقن مادة ظليلة.

- تعالج الإصابة بالراحة والكمادات الساخنة أو الباردة ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية، وقد يلجأ إلى حقن الجراب تحت الأخرم بالسيتروئيدات؛ وتعالج التمزقات الكبيرة بالجراحة، ولا سيما في صغار السن.

أ- التهاب وتر ذات الرأسين bicipital tendinitis: يحدث التهاب وتر ذات الرأسين الطويل بسبب انحشاره في الأخرم مما يؤدي إلى التهابه واهترائه وتليفه.

قد تكون الإصابة حادة أو مزمنة، وتتظاهر بألم على الوجه الأمامي للكتف مع مضض بجس الوتر (مقارنة بالطرف السليم)، يتفاقم الألم ببسط الكتف، أو عطفه ضد مقاومة (علامة سبيد Speed) وكذلك باستلقاء الذراع ضد مقاومة (علامة بركاسون)، تعالج الإصابة بالراحة والكمادات الساخنة وتجرى التمارين الفاعلة والمنفعلة بعد تحسن الألم. قد تفيد مضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية وأحياناً حقن غمد الوتر بالسيتروئيدات. أما في تمزق الوتر الكامل فتظهر العضلة بشكل بصلي مميز، والمعالجة محافظة.

ب- التهاب محفظة الكتف اللاصق adhesive capsulitis: تدعى أيضاً الكتف المتجمدة  shoulder frozen. تثخن المحفظة وتلتصق بالعنق التشريحي، فتحدد الحركات الفاعلة والمنفعلة في كل الاتجاهات. قد تكون الإصابة أولية أو تلي إصابة أخرى في الكتف. يؤكد التشخيص بتصوير المفصل الظليل؛ والمعالجة بمضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية، وحقن المفصل والجراب تحت الأخرمي بالسيتروئيدات والمعالجة الفيزيائية. وفي حالات نادرة يمكن تحريك المفصل تحت التخدير.

ج- متلازمة مخرج الصدر thoracic outlet syndrome: تنجم متلازمة مخرج الصدر عن انضغاط الضفيرة العضدية والشريان والوريد تحت الترقوة عند مخرجهما تحت عظم الترقوة والعضلة تحت الترقوة، يحد الضفيرة الوعائية العصبية من الأسفل الضلع الأولى، ومن الأمام العضلة الأخمعية الأمامية anterior scalenus، ومن الخلف الأخمعية المتوسطة.

تعتمد الأعراض على الجزء المضغوط من الضفيرة؛ وغالباً ما يشكو المرضى ألماً وخدراً يمتد من الرقبة حتى أصابع اليد (الرابعة والخامسة عادة)، يزداد الألم باستعمال الذراع. قد ترافق الأعراض العصبية علامات وعائية مثل تبدل لون الجلد وحرارته، أو ظاهرة رينو في الطرف المصاب، ومع تقدم الإصابة يظهر ضعف في عضلات اليد الداخلية intrinsic muscles وضمورها.

يبدي الفحص السريري ضعف النبض في الطرف في وضعيات محددة؛ مثل دوران الرأس إلى جهة الذراع المفحوصة في أثناء بسط الرقبة، وأخذ نفس عميق (اختبار أديسون)، أو في أثناء رفع الذراع فوق الرأس وتبعيدها.

تجرى صورة شعاعية لاستبعاد وجود ضلع رقبية أو كسر أو عرن عظمي، ويساعد تخطيط العصب وتصوير الأوعية على تأكيد التشخيص. المعالجة محافظة، وفي الحالات المعندة تستأصل الضلع الرقبية أو العضلة الأخمعية.

قد يلاحظ ضعف تبعيد الكتف ودورانها الوحشي يرافقه أحياناً ضمور العضلات فوق وتحت الشوك في إصابة العصب تحت الكتف، كما تلاحظ الكتف المجنحة winged scapula في إصابة العصب الصدري الطويل، وقد يحدث ألم كتف حاد يزداد بالتبعيد، مع ضعف الحزام الكتفي في سياق اعتلال الضفيرة العضدية، وتساعد دراسة أعصاب المنطقة الكهربائية على تمييز هذه الإصابات من الإصابات العضلية والمفصلية الأولية. 

2- ألم منطقة المرفق elbow region :

أ- التهاب الجراب الزُجّي olecranon bursitis: يلتهب الجراب الزجي بالرض، أو في سياق بعض الأمراض المفصلية الجهازية، أو في المرضى المعالجين بالديال الدموي. يتظاهر هذا الالتهاب بتورم ومضض حول الزج من دون تحدد في الحركة. تشفى معظم الحالات الرضية باستبعاد الرضوض، ورشف السائل ونادراً ما تتطلب حقن السيتروئيدات ضمن الجراب. أما الأمراض الجهازية التي تصيب هذه المنطقة فهي النقرس، والداء الروماتوئيدي، وداء ترسب بلورات بيروفوسفات الكلسيوم.

يحدث أحياناً التهاب جراب زجي خمجي يكون الألم فيه شديداً، مع حمامى حول الزج وحرارة موضعية؛ ويعالج برشف السائل والمضادات الحيوية المناسبة، ونادراً ما يلجأ إلى الجراحة.

ب- التهاب لقيمة العضد الوحشية lateral epicondylitis: تدعى هذه الإصابة أيضاً مرفق التنس، وهي شكوى شائعة ترافق إجهاد الذراع بالعمل، ونادراً بلعب التنس وغيره من النشاطات الرياضية، تشخص بكشف الإيلام الموضع على اللقيمة الوحشية (موضع غرز وتر العضلة الباسطة المشتركة  المصاب بالاستحالة).  يتفاقم الألم برفع الأثقال وحتى بالمصافحة أحياناً، وبمقاومة العطف الظهري للرسغ. تعالج الإصابة بتجنب فرط استعمال العضلة المذكورة، وكمادات الثلج، ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية، أو بحقن السيتروئيدات الموضعي أحياناً. ويتبع ذلك بالتمارين إسوية القياس isometric. وفي الحالات المزمنة يفضل إجراء صورة شعاعية للمنطقة لنفي وجود تكلسات، أو عرن exostosis، كما يجب استبعاد ضغط العصب الكعبري  radial tunnel syndrome الذي يرافقه ضعف بسط الإصبع الوسطى. كما أن الألم يتفاقم في أثناء مقاومة الفاحص لاستلقاء الذراع resisted arm supination في هذه الحالة.

ج- التهاب لقيمة العضد الإنسية medial epicondylitis: تدعى هذه الإصابة أيضاً مرفق الغولف، وهي أقل شيوعاً من مرفق التنس؛ ترافق إجهاد الذراع بالعمل أو الرياضة مثل لعب الغولف أو رمي الكرة. تشخص الإصابة بوجود الإيلام في منطقة اللقيمة الإنسية (موضع ارتباط عاطفة الرسغ الكعبرية radial wrist flexor) ويتفاقم الألم في أثناء مقاومة عطف الرسغ. تعالج الإصابة بتجنب الجهود المسببة ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وفي الحالات المعندة بحقن السيتروئيدات الموضعي.

الشكل (27)
الشكل (28)

د- اعتلال النهاية البعيدة لوتر ذات الرأسين وتمزقها bicipital tendinopathy: يُحدث اعتلال النهاية القاصية لوتر ذات الرأسين ألماً في منطقة الحفرة أمام المرفق antecubital fossa مع مضض بجس الوتر، يتفاقم هذا الألم بمحاولة الفاحص مقاومة عطف المرفق واستلقائه. تعالج الإصابة بالحرارة الموضعية ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية، وأحياناً بحقن السيتروئيدات الموضعي.

أما تمزق نهاية وتر ذات الرأسين القاصية تمزقاً كاملاً فيحدث ببسط الذراع القسري في أثناء تقلص هذه العضلة. الإصابة غير شائعة، تحدث في منتصف العمر، وتتظاهر بألم وضعف في عطف الذراع واستلقائها، مع كدمة وتورم بصلي الشكل في المنطقة (الشكل 27)، وقد يجس فراغ على مسير الوتر. يُؤكَّد التشخيص بالرنين المغنطيسي؛ ويعالج جراحياً. أما إذا كان التمزق جزئياً فيكون الألم والضعف أقل مما يشاهد في التمزق الكامل، كما تغيب الكدمة والتورم البصلي. العلاج في هذه الحالة محافظ، ونادراً ما يجرى الإصلاح الجراحي.

ه- التهاب الجراب المرفقي cubital bursitis: هو التهاب جراب الكعبرة وذات الرأسين biceptoradial، يتظاهر بألم وتورم في الحفرة أمام المرفق، وألم في أثناء الكب pronation. تحدث هذه الإصابة بالإجهاد أو في سياق الداء الروماتوئيدي والإصابات الالتهابية الأخرى. يؤكد التشخيص بالتصوير بالصدى أو بالرنين المغطيسي؛ والمعالجة محافظة.

و- التهاب وتر العضلة ثلاثية الرؤوس وتمزقها: يسبب التهاب وتر العضلة ثلاثية الرؤوس ألماً خلف المرفق يزداد بالبسط ومقاومة البسط، تكون الإصابة رضية أو بإجهاد المرفق باستعمال المطرقة مثلاً أو رمي الكرة؛ المعالجة محافظة.

قد يتمزق وتر العضلة ثلاثية الرؤوس في مكان غرزه في الزج بالرض، أو في أثناء حقن السيتروئيدات في الحفرة الزجية، أو باستعمال السيتروئيدات البانية، يكون الألم مفاجئاً ويرافقه ضعف ببسط الذراع؛ المعالجة جراحية.

ز- انحصار (انفخاخ) العصب الزندي ulnar nerve entrapment: يحدث انحصار العصب الزندي في المرفق ألماً على الوجه الإنسي للذراع، مع خدر في الإصبع الخامسة وما يقابله من الإصبع الرابعة، يزداد الخدر بوضع اليد على الرأس مدة دقيقة، وقد يظهر ضعف في تبعيد الإصبع الخامسة وعطفها، ويحدث الضمور في الحالات المزمنة. ينجم انحصار العصب الزندي عن أسباب عدة، مثل انضغاط المنطقة في أثناء العمل، أو في أثناء التخدير أو الاضطجاع المديد، أو في سياق الإصابات المفصلية الالتهابية. يؤكد التشخيص بتخطيط العصب ويلجأ إلى الجراحة حين إخفاق المعالجة المحافظة.

3- ألم منطقة الرسغ واليد wrist and hand region:

أ- العقدة ganglion: العقدة هي تورم كيسي غالباً على الوجه الظهري للرسغ، ينشأ من المفصل أو غمد الوتر، بطانته غشاء زليل ويملؤه سائل لزج. الأسباب غير معروفة وقد يكون للرض أو بسط الرسغ المديد أثر في الإصابة. العقدة غير مؤلمة وقد يحدث ألم بسيط في أثناء بسط الرسغ؛ تعالج برشف السائل، واستعمال جبيرة، ونادراً ما تحقن السيتروئيدات، أو تستأصل العقدة جراحياً.

ب- التهاب زليل أوتار الرسغ wrist tenosynovitis: قد يصيب التهاب زليل الوتر أياً من عضلات الرسغ الباسطة والعاطفة في سياق الرض والتهاب المفاصل، وهناك بعض الحالات الشائعة يُشار إليها فيما يلي:

- التهاب زليل الوتر نموذج De Quervain: هو التهاب غمد مبعدة الإبهام الطويلة abductor pollicis longus ، وباسطة الإبهام القصيرة extensor pollicis brevis، في مكان غرزها في النتوء الإبري الكعبري radial styloid (الشكل 28).

تشخص الإصابة بوجود ألم ومضض وأحياناً تورم حول النتوء الكعبري. تنجم عن الأعمال التي تتطلب تكرار استعمال الإبهام للإمساك مع تحرك الرسغ، وكثيراً ما تتلو الولادة غالباً بسبب تغيير ثياب الطفل ورفعه المتكررين. تعالج الحالة بالجبائر ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية، والحقن بالسيتروئيدات، ونادراً ما يلجأ إلى استئصال زليل الوتر.

قد يصعب أحياناً تفريق متلازمة De Quervain عن متلازمة التقاطع intersection التي تسبب ألماً في الناحية الكعبرية للرسغ، يتفاقم بالحركات الدورانية، مع مضض في المنطقة، التهاب زليل الوتر في هذه المتلازمة يحدث في مكان تقاطع باسطة الرسغ الطويلة والقصيرة مع مبعدة الإبهام الطويلة وباسطته القصيرة. وقد يُحتاج إلى الرنين المغنطيسي لتفريق هاتين الحالتين قبل التدخل الجراحي.

- الإصبع القافزة rigger finger أو التهاب زليل الوتر العاطف (المُثني) الراحي volar flexor tenosynovitis: التهاب أغماد عاطفات (مثنيات) الأصابع الراحية السطحية والعميقة شائع جداً. تسبب الإصابة ألماً في أثناء عطف الإصبع، ويبدي الفحص مضضاً مع وجود تورم قاس (عقدة) على مسير الوتر، تمنع هذه العقدة الليفية انزلاق الوتر السلس فتحدث الإصبع القافزة. الأسباب عدة مثل الأعمال المجهدة للأوتار أو الإصابات المفصلية الجهازية مثل الروماتوئيد والصدفية وترسب بلّورات الأباتيت أو العدوى بالجراثيم أو بالعصيات السلية.

المعالجة بتجنب الإجهاد المسبب، ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، أو حقن غمد الوتر بالستيروئيدات، ويمكن اللجوء إلى الجراحة في الحالات المعندة على المعالجة المحافظة.

- تقفع دوبيتران Dupuytren’s contracture: هو إصابة ناجمة عن ثخن اللِّفافة الراحية volar fascia وقصرها، إذ تصبح اللفافة الراحية السطحية ثخينة كالحبل، وتتثبت الأدمة في العمق على اللفافة مما يعوق بسط الأصابع على نحو سلس وكامل. يبدي الفحص عقداً ممضة على مسير اللفافة في الحالات الباكرة؛ تفرق هذه الشكوى عن التهاب زليل الوتر الراحي بترافقها وتبدلات جلدية مثل تجعد الجلد puckering وترصعه (تنقره) dimpling، لا تلاحظ في التهاب الوتر.

يكون السير متفاوتاً وتترقى بعض الحالات إلى تقفع انعطافي في إصبع أو أكثر.

الأسباب مجهولة ويزداد حدوثها مع تقدم العمر، ولاسيما في الذكور البيض، وقد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة، وقد ترافق الصرع والسكري والكحولية.

تعتمد المعالجة على شدة الإصابة، وقد تفيد الحرارة الموضعية، وتمارين التمطيط، والأمواج فوق الصوتية، والحقن الموضعي بالسيتروئيدات في الحالات الباكرة؛ وفي الحالات المزمنة قد يفيد قطع اللفافة الجراحي.

هناك بعض الإصابات العصبية التي تسبب آلاماً في اليد والرسغ يصعب تفريقها عن الآلام الروماتيزمية، كما أنها قد ترافق بعض الإصابات الروماتيزمية، من هذه الإصابات الشائعة:

- متلازمة نفق الرسغ carpal tunnel syndrome: يمر العصب المتوسط مع الأوتار العاطفة في نفق رسغي تتكون جوانبه ووجهه الظهري من عظام الرسغ؛ في حين يشكل الرباط الرسغي المعترض جداره الراحي، وكلّما ضاق هذا النفق سبّب ضغطَ العصب المتوسط الذي يعصب عضلات الرانفة thenar muscles (العضلات المبعدة، المقابلة والعاطفة للإبهام)، والخراطينيات الكعبرية radial lumbricales، وجلد الراحة الكعبري، والإبهام، والأصابع الثانية والثالثة والجزء الكعبري من الإصبع الرابعة.

تتظاهر متلازمة الرسغ سريرياً بألم حارق ونخز tingling في السبابة والإصبع المتوسطة والوجه الكعبري للإصبع الرابعة وأحياناً الإبهام، وقد ينتشر الألم إلى الذراع. تزداد الأعراض ليلاً وتتحسن بهز اليدين وتحريكهما.

يبدي الفحص السريري ايجابية علامة Phalen (الشكل 29)، وتعد إيجابية إذا حدث الخدر بعد وضع الرسغين في حالة عطف 90 درجة مدة دقيقة واحدة؛ أما علامة Tinel (الشكل 30) فيحدث فيها الألم والخدر حين إجراء طرقات متكررة على منتصف الوجه الراحي للرسغ. وفي الحالات المزمنة يظهر الضعف والضمور في عضلات الرانفة. تحدث متلازمة نفق الرسغ بوجود وذمة (في سياق الرض، أو الحمل، أو قصور الدرق) أو التهاب زليل الوتر في سياق العدوى أو الإصابات المفصلية الالتهابية. أو في سياق الداء النشواني (قد تكون المظهر الأول)، وقد تكون الإصابة مجهولة السبب. يُؤكّد التشخيص بتخطيط الأعصاب وتعالج الحالات الخفيفة بالراحة والجبائر، أو بالحقن الموضعي بالسيتروئيدات؛ وفي الحالات المعندة يزال الضغط جراحياً.

الشكل (30) الشكل (29)

قد يحدث انضغاط العصب المتوسط في مستوى العضلة الكابة المدورة pronator teres بسبب وجود ضخامة في العضلة أو شريط ليفي في تلك المنطقة، ويفرق عن متلازمة نفق الرسغ السابقة بغياب الألم الليلي والخدر الصباحي، وبوجود إيلام بضغط النهاية البعيدة للعضلة الكابة المدورة يتفاقم بمقاومة كب الذراع.

قد ينضغط العصب الأمامي بين عظمي الساعد anterior interosseous عند تفرعه من العصب المتوسط مما يقود إلى ضعف في مثنية الإبهام الطويلة ومثنية الأصابع العميقة والعضلة الكابة المربعة pronator quadratus، وبذلك  يعجز المريض عن تكوين حرف O بين الإبهام والسبابة من دون أي تبدلات حسية. أما إن أصاب الانضغاط العصب الخلفي بين عظمي الساعد posterior interosseous (وهو فرع من العصب الكعبري) بالرض المتكرر أو في سياق الداء الروماتوئيدي فيفقد المريض قدرته على بسط الأصابع في مستوى المفاصل المشطية السلامية MCPS، يُؤكّد التشخيص بتخطيط العضلات الكهربائي، ويعالج بتجنب الجهد والمسكنات، ونادراً ما يلجأ في الحالات المعندة إلى قطع الشرائط الليفية  fibrous bands أو الزليل المتضخم.

سادساً- آلام مفاصل الطرف السفلي: ويشمل:

1- ألم منطقة الورك hip region:

أ- التهاب الجراب المدوري trochanteric bursitis: يتظاهر التهاب الجراب المدوري (منطقة انغراز العضلة الأليوية gluteus الصغيرة والمتوسطة) بألم في منطقة المدور وجانب الفخذ، يزداد بالمشي وبالاضطجاع على الجانب المصاب. يبدي الفحص ألماً موضعاً بجس المدور، يزداد بالدوران الوحشي وتبعيد الورك ضد المقاومة. قد تكون الإصابة حادة أو مزمنة، تحدث في متوسط العمر وهي أكثر شيوعاً في النساء.

سبب الإصابة الرض أو وجود أمراض مرافقة تحدث جهداً على الأوتار المعنية، مثل وجود تنكس في العمود القطني، أو الورك، أو فرق في طول الطرفين السفليَّين. المعالجة بالراحة وتمارين تقوية العضلات الأليوية وتمطيطها، ومضادات الالتهاب اللاسيتروئيدية أو بحقن الستيروئيدات الموضعي.

ب- التهاب جراب العضلة القطنية iliopsoas bursitis (العضلة الحرقفية العانية (iliopectineal  يحدث التهاب العضلة الحرقفية القطنية ألماً في المنطقة الأربية والناحية الأمامية لأعلى الفخذ، يزداد بفرط بسط الفخذ، مع مضض موضع في المنطقة، وكثيراً ما يُبقي المريض وركه في حالة عطف. يُؤكّد التشخيص بحقن الجراب بمادة ظليلة أو بالتصوير المقطعي المحوسب أو بالرنين المغنطيسي. الأسباب والمعالجة تماثل ما ورد في التهاب الجراب المدوري، وفي الحالات المعندة يستأصل الجراب.

قد يسبب الجلوس المديد التهاب الجراب الإسكي ischial bursitis وهو جراب العضلة الأليوية الكبيرة ischiogluteal . يشكو المريض ألماً في الألية في أثناء الجلوس مع مضض موضع على الأحدوبة الإسكية ischial tuberosity، أما إذا أصاب الالتهاب جراب العضلة الكمثرية piriformis bursitis  فيكون الألم في الألية، لكنه يزداد بعطف الورك وتقريبه ودورانه الوحشي، كما يثار ألم هذه العضلة بالجس الشرجي أو المهبلي. المعالجة بحقن السيتروئيدات في الجراب (الموجه بالإيكو).

ج- الألم العصعصي coccydynia: ألم العصعص شكوى أكثر شيوعاً في النساء، يسوء بالجلوس، ويرافقه مضض محدد في العصعص. قد يكون مجهول السبب، وقد يتلو الرض أو الجلوس المديد على سطح قاس. يفضل إجراء صورة شعاعية بسيطة لنفي كسر العصعص أو خلعه. يعالج الألم العصعصي بالمسكنات ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو بالحقن الموضعي بالستيروئيدات مع استعمال وسائد طرية تحت العصعص في أثناء الجلوس.

 كثيراً ما يراجع المصاب بألم الفخذ المذلي meralgia paresthetica طبيب المفاصل؛ يشكو المرضى ألماً حارقاً مع نقص حس على الوجه الأمامي الجانبي للفخذ، يزداد الألم بالوقوف والمشي وبسط الورك وتبعيده، ويتحسن بالراحة. يبدي الفحص مضضاً بضغط الرباط الأربي إنسي الشوك الحرقفي الأمامي العلوي. تنجم هذه المتلازمة عن انضغاط العصب الفخذي الجلدي الجانبي بالمشدات أو في سياق البدانة أو الحمل أو السكري، يُؤكّد التشخيص بتخطيط العصب. المعالجة بتخفيف الوزن أو الحقن الموضعي بالستيروئيدات.

2- ألم منطقة الركبة knee region:

أ- الكيسات المأبضية popliteal cysts: يشكو المصاب بكيسة مأبضية تورماً في المنطقة المأبضية مع ألم خفيف يزداد بعطف الركبة، وينتج من تسرب السائل المفصلي إلى جراب عضلة الساق في سياق داء روماتوئيدي أو تنكسي، وحين تتمزق الكيسة أو تتسلخ إلى عضلة الساق؛ يظهر ألم وتورم في الربلة يستدعي نفي التهاب الوريد الخثاري. ويمكن تأكيد التشخيص بالتصوير بالصدى، أو بحقن مادة ظليلة في الركبة. قد يكون ألم المنطقة المأبضية ناجماً عن التهاب الوتر المأبضي، ولاسيما بعد فترة طويلة من الهبوط من المرتفعات. المعالجة بمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو بالحقن الموضعي بالستيروئيدات أو بالجراحة.

ب- التهاب الجراب الوزي anserine bursitis: يحدث التهاب الجراب الوزي ألماً في الناحية الإنسية للركبة، يتفاقم بصعود السلالم، ولاسيما في النساء البدينات والمصابات بالفصال العظمي. ويبدي الفحص السريري مضضاً شديداً في المنطقة المذكورة. يشكل الجراب الوزي المغرز المشترك لأوتار العضلات الخياطية sartrius  والناحلة gracilis والوترية النصفية semitendinosus. وتعالج الإصابة بالراحة ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية والحقن الموضعي بالستيروئيدات.

ج- التهاب الجراب أمام الداغصة prepatellar bursitis: تتظاهر هذه الإصابة بتورم أمام الداغصة من دون ألم تلقائي، وتحدث بسبب الضغط (الأعمال التي تتطلب ضغط الركبتين على الأرض على نحو متكرر ومديد)، وعندما ترافق الأعراض حرارة موضعية واحمرار يفضل بزل السائل وفحصه لنفي الإصابة العدوائية (الخمجية).

قد يحدث التهاب الوتر الداغصي بممارسة النشاطات الفيزيائية التي تتطلب قفزاً وجرياً وركلاً متكرراً مما يسبب ألماً في ناحية الركبة مع وجود مضض موضع على الوتر الداغصي، يُؤكَّد التشخيص بالتصوير بالصدى، والمعالجة بالراحة ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية. مع تجنب حقن الوتر بالستيروئيدات منعاً لتمزقه، ويجب الشك في تمزق هذا الوتر إذا فقدت القدرة على بسط الركبة.

د- متلازمة الألم الفخذي الداغصي femoral patello pain syndrome: يطلق هذا الاسم على المتلازمة المسببة للألم والفرقعة crepitation في منطقة الرضفة، يرافق الألم يبوسة بعد الراحة المديدة ويتفاقم بصعود السلالم، يبدي الفحص السريري ألماً بضغط الرضفة أو بدفعها جانبياً. الإصابة ثنائية الجانب وتصيب الشباب على نحو خاص. المعالجة بتجنب الإجهاد ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية والتمارين المقوية لمربعة الرؤوس الفخذية.

هناك أسباب أخرى أقل شيوعاً للألم في منطقة الركبة مثل متلازمة الثَّنية الإنسية medial plica (طية زليلية) التي تسبب ألماً في منطقة الرضفة مع فرقعة مفصلية. تشخص بتنظير المفصل الذي تبدو فيه الطية الزليلية الإنسية متسمكة ملتهبة وأحياناً متليفة، المعالجة جراحية. كما يسبب تكلس الرباط الجانبي الإنسي ألماً في الركبة مع تحدد الحركة، يصيب الرجال، ويشخص برؤية التكلس المتطاول عديم الشكل في ناحية الرباط على الأشعة؛ تشفى الإصابة تلقائياً خلال أشهر. 

3- ألم منطقة الكاحل ankle region:

أ- التهاب وتر أشيل tendinitis Achilles: يحدث التهاب وتر أشيل ألماً وتورماً ومضضاً في منطقة الوتر يزداد ببسط القدم، أسبابه عديدة كالرض، أو النشاط الفيزيائي الشديد، أو الأحذية غير المناسبة، كما يحدث في سياق اعتلالات الفقار وداء توضع بلّورات الكلسيوم بيروفوسفات، أو باستعمال الكينولونات. يساعد التصوير بالصدى (الإيكو) على تأكيد التشخيص. المعالجة بالراحة ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وتمارين التمطيط. أما الحقن بالستيروئيدات فقد يعرض الوتر للتمزق مما يعوق الوقوف على رؤوس الأصابع. قد تؤلم منطقة وتر اشيل وتتورم بوجود التهاب في جراب وتر أشيل تحت الجلد subcutaneous Achilles bursitis، وتنجم هذه الحالة غالباً عن استعمال أحذية غير مناسبة، ووجود التهاب الجراب خلف العقبي retrocalcaneal bursitis الذي قد يرافق الرض أو النقرس أو التهاب الفقار. تعالج هذه الحالات بالراحة، ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية فموياً أو بالحقن الموضعي ضمن الجراب.

ب- التهاب اللفافة الأخمصية plantar fasciitis: يتظاهر التهاب اللفافة الأخمصية بألم في الوجه الأخمصي لمنطقة العقب، يكون الألم على أشده في الخطوات الأولى للمشي بعد الراحة المديدة، تلاحظ هذه الإصابة في عمر 40-60 سنة، وسببها الإجهاد أو استعمال الأحذية غير المناسبة؛ وقد تحدث في عمر أصغر في سياق التهاب المفاصل الفقارية. يبدي الفحص السريري مضضاً موضعاً على اللفافة الأخمصية في منطقة الحدبة الأخمصية الإنسية. المعالجة بالراحة واستعمال وسادة أخمصية- مع تمارين تمطيط اللفافة- وأحياناً بالحقن الموضعي بالستيروئيدات.

ج- التهاب الوتر الظنبوبي الخلفي posterior tibial tendonitis والتهاب الوتر الشظوي peroneal tendonitis: يسبب التهاب الوتر الظنبوبي الخلفي ألماً موضعاً خلف الكعب الإنسي يزداد بالانقلاب الداخلي والخارجي للكاحل؛ في حين يكون الألم في التهاب الوتر الشظوي حول الكعب الوحشي. السبب الرئيسي هو الإجهاد، وتلاحظ هذه الإصابة أحياناً في سياق الروماتوئيد أو التهاب المفاصل الفقارية. العلاج بالراحة ومضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو الحقن الموضعي بالستيروئيدات؛ قد يتمزق هذا الوتر مما يحدث تسطحاً مترقياً في القدم.

د- إبهام القدم الأروح hallux valgus: هو تشوه تنحرف فيه الإصبع الأولى في القدم إلى الوحشي في حين ينحرف المفصل المشطي الأول إلى الإنسي، وقد تظهر وكعة (تورم ثفني) bunion فوق هذا الأخير مسببة ألماً ومضضاً وتورماً. الإصابة أكثر شيوعاً في النساء، وقد يكون لها قاعدة وراثية، وقد ترافق الداء الروماتوئيدي أو الفصال العظمي، أو استعمال الأحذية المدببة. تعالج الإصابة باستعمال أحذية مناسبة، ووسادة مسطحة وقد يلجأ إلى الجراحة.

قد يصيب التورم الثفني رأس المشط الخامس ويدعى وُكَيعة bunionette، أو وكيعة الخياط.

هـ - إصبع القدم المطرقية hammer toe: تتميز الإصبع المطرقية بوجود انعطاف في المفصل بين السلامى الدانية مع اتجاه مقدم الإصبع إلى الأسفل. تصيب إصبع القدم الثانية ويرافقها ثفن callus في مناطق احتكاك ظهر المفصل المشطي السلامي بالحذاء، وقد تكون الإصابة ولادية، أو بسبب الأحذية غير المناسبة، أو مرافقة لإبهام القدم الأروح، وحين يرافق الإصابة فرطُ بسط في مستوى المفصل المشطي السلامي (في الداء الروماتوئيدي) تدعى الأصابع المردودة إلى الأعلى cocked-up.

و - القدم المسطحة pes planus والقدم الخمصية (عالية القوس) pes cavus: في القدم المسطحة تزول القوس الطولانية الإنسية، ويبدو رأس الكاحل talus والعظم الزورقي navicular بارزين؛ في حين يتجه عظم العقب إلى الخارج.

أما في القدم  الخمصية (المخلبية clawfoot) فتكون القوس الطولانية الإنسية عالية، مما يجعل القدم أقصر، وكذلك اللفافة الأخمصية والأربطة الباسطة؛ مما يسبب انثناءً ظهرياً في المفاصل بين السلامى الدانية PIP وانثناءً أخمصياً في المفاصل بين السلامى القاصية DIP.

ترتبط تشوهات القدم هذه بالاستعداد الوراثي وترافق القدم المسطحة متلازمات فرط الحركية في حين ترافق القدم المخلبية الإصابات العصبية.

قد تكون تشوهات القدم غير عرضية إلا أنها قد تسبب صعوبة في المشي البعيد بسبب ألم عضلات القدم، مع تكون الخمج في أماكن الضغط. المعالجة بالأحذية المناسبة، واستعمال الوسائد الداعمة لرؤوس الأمشاط مع تمطيط عضلات القدم وتقويتها.

قد تحدث بعض الإصابات العصبية الموضعية ألماً في القدم مثل ورم مورتون العصبي morton neuroma، وهي متلازمة يسببها انحصار العصب بين الأصابع ولاسيما بين إصبعي القدم الثالثة والرابعة بالرباط المشطي المعترض أو بالجراب أو بكيسة زليلية في هذه المنطقة. تعالج الإصابة باستعمال وسادة مشطية أو بحقن الستيروئيدات الموضعي أو بالاستئصال الجراحي. وقد يحدث انضغاط العصب الظنبوبي الخلفي قرب قيد المثنيات flexor retinaculum (خلف الكعب الإنسي وأسفله) محدثاً متلازمة النفق الرصغي tarsal tunnel، مسبباً ألماً حارقاً وخدراً ومذلاً في أخمص القدم والأصابع، يمتد حتى الكعب الإنسي، يزداد ليلاً، ويتحسن بالحركة. يعالج بالحذاء المصحح أو حقن الستيروئيدات أو بالجراحة.

 

   

 

 

 

 


التصنيف : الأمراض الرثوية
النوع : الأمراض الرثوية
المجلد: المجلد الثالث عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 9
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1078
الكل : 40614122
اليوم : 143937