logo

logo

logo

logo

logo

الأمراض الوراثية الناجمة عن الشذوذات الصبغية

امراض وراثيه ناجمه عن شذوذات صبغيه

-

الأمراض الوراثية الناجمة عن الشذوذات الصبغية

غالية أبو الشامات

 

  متلازمة كلاينفيلتر XXY  متلازمة داون Down syndrome أو تثلث الصبغي 21 trisomy21
متلازمات XXXY و XXXXY  تثلث الصبغي 18 (Trisomy 18) أو متلازمة إدوارد Edwards syndrome
 متلازمات XXX و XXXX رباعيات الصبغي X (تثلث الصبغي x)  متلازمة تثلث الصبغي 13 متلازمة باتو (13 Trisomy) Patau syndrome
متلازمة XXXXX (خماسية الصبغي X)  متلازمة خبن الذراع القصيرة للصبغي 5 (deletion 5p syndrome)
متلازمة تيرنرTurner syndrome (XO) 5متلازمة XYY
 

 

1- متلازمة داون Down syndrome أو تثلث الصبغي 21 trisomy21:

هي اضطراب صبغي يحدث بسبب وجود صبغي زائد (هو الصبغي رقم 21) لدى الفرد. يحدث في الإناث والذكور على حد سواء، ويُشار إلى الصيغة الصبغية للإناث (XX, 21)، وللذكور (XY, 21). تعود أسباب لاسوائية الصيغة الصبغية Aneuploidy على نحو عام إلى ظاهرة عدم الانفصال الصبغي Nondisjunction التي تحدث بسبب إخفاق أحد الزوجين الصبغيين 21 في الانفصال في أثناء الانقسام الخلوي المنصف الأول أو الثاني، فيهاجران معاً إلى قطب الخلية ويبقيان معاً ضمن إحدى الخليتين البنتين. والنتيجة احتواء الخلايا البنات عدداً غير سوي من الصبغيات (الشكل 1).

الشكل (1): شكل توضيحي يبيّن ظاهرة عدم الانفصال الصبغي

(للتبسيط وضع الزوج الصبغي 21 فقط).

أول من وصف هذه المتلازمة الطبيب الإنكليزي داون John Langdon Down عام 1866؛ لذلك سميت باسمه، إذ وصف النمط الظاهري لمجموعة من الأطفال الذين لديهم سمات مشتركة ويعانون التخلف العقلي، وأطلق عليهم اسم المنغوليين Mongoloids لأن هؤلاء الأطفال يشبهون أفراد الشعب المنغولي. وقد أبطلت هذه التسمية، ويشار الآن إلى متلازمة داون بتثلث الصبغي 21 (trisomy 21).

تُعد متلازمة داون من أكثر الشذوذات الصبغية والتثلثات الصبغية الجسدية القابلة للحياة شيوعاً، إذ تصادف في 1/ 400 - 1500 ولادة حيّة في المجتمعات المختلفة. وتجهض أكثر من نصف الحمول المصابة تلقائياً في المراحل المبكرة من الحمل. كما يلاحظ ارتفاع نسبة حدوث هذه المتلازمة مع تقدم الأمهات في العمر.

ترتبط متلازمة داون بسمات الوجه المميزة، ونقص مقوية العضلات hypotonia في سن الطفولة. كما يعاني أغلب المصابين مجموعة متنوعة من العيوب الخلقية، كالعيوب القلبية وتشوهات الجهاز الهضمي. وقد يزيد لديهم خطر الإصابة بالعديد من الحالات المرضية التي تشمل الجزر المعدي المريئي gastroesophageal reflux، وهو ارتداد محتويات المعدة الحامضة إلى المريء، والداء البطني disease celiac، إذ يُظهر المريض حساسية مفرطة تجاه بروتين الغلوتين. كما يعاني قرابة 15٪ من المصابين قصور الغدة الدرقية hypothyroidism. ويكون بينهم خطر حدوث مشاكل في السمع وفي الرؤية. وقد يصاب بعضهم بابيضاض الدم Leukemia (الشكل 2).

الشكل (2): رسم توضيحي لبعض السمات المميزة لمتلازمة داون . يرافق متلازمة داون نمط ظاهري مميز وسمات وجهية واضحة، إضافة إلى وجود بعض التشوهات الخلقية الداخلية.

يبدي معظم الأفراد الحاملين لمتلازمة داون تأخراً معرفيّاً أو تعويقاً ذهنياً تكون خفيفاً إلى معتدل. وغالباً ما يعانون تأخر النمو والكلام مع مشاكل سلوكية متعددة في الانتباه والتركيز، والهوس / السلوك القهري، والعناد أو نوبات الغضب. وقد يتم تشخيص ما يسمى اضطرابات طيف الذاتوية (التوحد) autism spectrum disorders في نسبة صغيرة من الأفراد، تؤثر في التواصل والتفاعل الاجتماعي. كما يزيد في المصابين بمتلازمة داون خطر الإصابة بمرض ألزهايمر Alzheimer disease.

تنجم معظم حالات متلازمة داون عن وجود تثلث للصبغي 21؛ مما يعني أن في كل خلية من خلايا جسم المصاب ثلاث نسخ كاملة من الصبغي 21 بدلاً من نسختين. وفي حالات أقل شيوعاً تحدث متلازمة داون من إزفاء روبرتسوني robertsonian translocation (الشكل 3). وهو يحدث في أثناء تشكل الأعراس لدى أحد الوالدين أو في وقت مبكر جداً من النمو الجنيني، ويكون لدى هؤلاء الأفراد نسختان حُرتان من الصبغي 21 إضافة إلى نسخة ثالثة من الذراع الطويلة من الصبغي 21 مرتبطة بأحد الصبغيات التالية: 13 أو 14 أو 15 أو 21 أو 22. ولأن هذا الانتقال الصبغي - وهو الذي يسمى الإزفاء translocation - قد يكون موروثاً فإنّ هذا النمط من الاضطراب يدعى أحياناً متلازمة داون العائلية familial down syndrome. وقد يزيد احتمال حدوث متلازمة داون في الحمول المستقبلية في الأُسر التي يحمل أحد والديها ازفاء صبغياً متوازناً. ويعتمد احتمال توريث هذا الإزفاء على جنس الوالد الحامل له؛ فإذا كان الأب هو الذي يحمله يكون الخطر قرابة 3%، في حين يزداد الخطر ليصل إلى 12% إذا كانت الأم هي التي تحمل هذا الإزفاء.

الشكل (3): رسم تخطيطي يبين الأنماط الظاهرية الناجمة عن حالة انتقال صبغي متوازن بين الصبغيين 14 و21

 يُلاحظ في حالات تصل إلى أقل من 2% لدى المصابين بمتلازمة داون نسخة إضافية من الصبغي 21 في بعض خلايا الجسم، في حين تحوي باقي خلاياهم نسختين فقط من الصبغي 21، وتدعى هذه الحالة الفسيفسائية أو التزيّق mosaic، وتنجم عن خلل الافتراق الصبغي في أثناء انقسام البيضة الملقحة الانقسام المتساوي. وتعتمد حدة النمط الظاهري على نسبة الخلايا الشاذة إلى الخلايا السوية (الشكل 4).

الشكل (4): رسم تخطيطي يوضح كيفية ظهور حالة التزيق بدءاً من البيضة الملقحة نتيجة لظاهرة عدم الانفصال الصبغي. تحدث هذه الظاهرة من عدم انفصال صبغيات البيضة الملقحة خلال المراحل الأولى من التشكل الجنيني، الأمر الذي يؤدي إلى تشكل خطوط خلوية يكون أحدها سوياً، أما الباقية فتمثل الحالات غير السوية من الاضطراب الصبغي. وللتبسيط رسم الزوج الصبغي 21 فقط المعني بحادثة عدم الانفصال الصبغي.

ومن الناحية الجزيئية ترجع أكثر الفرضيات قبولاً في إمراضية متلازمة داون إلى زيادة الجرعة الجينية مما يؤدي إلى وجود نسخة إضافية من الصبغي 21. ومع صعوبة تحديد جينات محددة مسؤولة عن النمط الظاهري لمتلازمة داون توحي الدراسات أن بعض الجينات الواقعة على الصبغي 21 قد يكون لها شأن في الأنماط الظاهرية لهذه المتلازمة، وأن بعضها أكثر حساسية لخلل الجرعة الجينية من غيرها (الشكل 5).

الشكل (5): مخطط توضيحي للصبغي 21 يوضح توضع بعض الجينات المرشحة لخلل الجرعة الجينيّة المسؤولة عن ظهور بعض سمات متلازمة داون.

 تتركز على الذراع الطويلة من الصبغي 21  مجموعة من الجينات تكون أكثر حساسية لخلل الجرعة الجينية من غيرها من الجينات، وتتضمن جينات مسؤولة عن التشكل morphogens, ومنظِّمات الانتساخ transcription regulators، كما يعتقد إن ثمة منطقة حرجة ضمن الذراع الطويلة من الصبغي 21 مسؤولة عن مجموعة من الأنماط الظاهرية الخاصة بمتلازمة داون، وتتضمن تشوهات قحفية وجهية craniofacial abnormalities، وعيوباً قلبية خلقية، وانحراف الإصبع الخامسة clinodactyly of the fifth finger فضلاً عن سمات أخرى عديدة.

 ويعد تحري متلازمة داون جزءاً مهماً من الرعاية الصحية المنوالية (الروتينية) في الحوامل، وتتضمن أكثر الفحوص شيوعاً عمر الأم المتقدم، وعدداً من الواسمات المصليّة، والفحص بالأمواج فوق الصوتية في الثلث الثاني من الحمل (الجدول 1).

 

https://lh4.googleusercontent.com/FprGdCGYWK_UgmRVD-OwXAT14Plu92tdONN5SfiSbP3-QytsDgeVgK3hwl3HMX3IpIUhVLf3uDv7oJReiZ0FaIZ24QIZ2kyjHxSxHn4GabAG0pI3UAPlU_RYOsuVdodJASqtee32dztl7N08Uw

الجدول 1: يوضح الجدول مجموعة من الاختبارات التي تعد واسمات لاختلال الصيغة الصبغية مع معدل الايجابية الكاذبة.

يعد التحري قبل الولادي prenatal screening أحد الابتكارات الحديثة في الرعاية الصحية؛ إذ يأتي بزل السائل السلوي amniocentesis بعد الأسبوع الخامس عشر من الحمل، وأخذ خزعة من الزغابات المشيمائية chorionic villus sampling ما بين الأسبوعين الحادي عشر والرابع عشر من الحمل من الاختبارات التي يمكن الاعتماد عليها والتي تسمح بالتشخيص المبكر. ولكن الخطر المحتمل من فقد الحمل الذي يصل إلى نسبة 0.5-1 % بسبب هذا الإجراء الراض دفع إلى البحث عن طرائق أخرى في التشخيص والفحص أكثر أمناً.  

يستخدم الـ DNA الجنيني الحر في دم الأم (cell-free fetal DNA, cfDNA) في التشخيص ما قبل الولادة منذ عام 2011 بوصفه أحدث الطرائق غير الراضة لمعرفة حالة الجنين الوراثية، بيد أن هذا الفحص ما يزال يفضي إلى نتائج إيجابية كاذبة أو سلبية كاذبة؛ لذلك غالباً ما يلجأ إلى اعتماد الطرائق الراضة كبزل السلى بعد النتائج الإيجابية باستخدام الـ DNA الجنيني الحر.

لا يوجد حتى الآن علاج طبي لمتلازمة داون، ولكن قد يستفيد الأطفال المصابون من الرعاية الصحية والدعم المبكرين، كعلاج النطق والعلاج الفيزيائي. ومن الملاحظ أن متوسط العمر المتوقع للأشخاص المصابين قد تحسن في العقود الأخيرة، ويسعى العلماء والباحثون إلى ايجاد نموذج إسكات جيني يحاكي نموذج تعطيل الصبغي X X inactivation لدى إناث الثدييات لحل مشكلة التعبير الجيني الإضافي القائم لدى الأفراد حاملي هذه المتلازمة.

2- تثلث الصبغي 18 (Trisomy 18) أو متلازمة إدوارد Edwards syndrome:

وصف الطبيب إدوارد وزملاؤه عام 1960 متلازمة تثلث الصبغي 18 أول مرة، وتعد هذه المتلازمة ثاني متلازمة قابلة للحياة تصيب الصبغيات الجسمية بعد متلازمة داون. وتعد اضطراباً مجينياً خطراً ناجماً عن وجود صبغي 18 زائد في جميع خلايا الجسم أو في بعضها، الأمر الذي يفضي إلى اضطراب نمو الجنين، نمواً سوياً وتهديد حياته. تجهض معظم الحمول المصابة بهذه المتلازمة أو أنها تولد ميتة، وغالباً ما تكون لدى الإناث فرصة أعلى من الذكور للبقاء حية. من السمات المميزة لمتلازمة إدوارد الاضطراب الحركي النفسي ونقص النمو، وصغر الرأس microcephaly (صَعَل) وصغر المقلة microphthalmia، وتشوه الأذنين، وصغر الفك والفم، وقبضة مشدودة مع أصابع متراكبة بشكل مميز، وغيرها من التشوهات الخلقية (الشكل 6).

الشكل (6): صور توضيحية لطفل يحمل متلازمة إدوارد (تثلث الصبغي 18): يبدو صغر الفم والفك وصغر المقلة وتشوه الأذنين وقص قصير، كما تلاحظ اليدان مشدودتين والأصابع مضمومة على نحو غير طبيعي (السبابة فوق الاصبع الوسطى والإصبع الخامسة فوق الإصبع الرابعة) وقدم مقوسة مع بروز في عظم العقب.

وبسبب العديد من المشاكل الطبية التي تهدد الحياة، يموت كثير من المصابين بالتثلث الصبغي 18 خلال الشهر الأول من العمر، ويعيش ما بين 5 إلى 10 في المئة فقط من الأطفال المصابين بهذه المتلازمة حتى نهاية عامهم الأول، وغالباً ما يكون لدى هؤلاء الأطفال تعويق عقلي شديد.

يقدر معدل حدوث متلازمة إدوارد بـ 1 لكل 5000 ولادة حية، تكون هذه النسبة غالباً أعلى في أثناء الحمول. وجدير بالذكر أن نسب حدوث التثلثات الصبغية الجسمية (21،18،13) على نحو عام ترتفع لتصل إلى معدل 10 أضعاف في الأمهات فوق سن الأربعين من العمر.

يعود سبب وجود الصبغي 18 الزائد إلى حدوث خطأ في أثناء الانقسام الخلوي (ظاهرة عدم الانفصال الصبغي) إما في أثناء تشكل الأعراس وإما في المراحل المبكرة من انقسام البيضة الملقحة. تُلاحظ ثلاثة أنماط مختلفة لمتلازمة إدوارد وهي:

1- الشكل الكامل: يؤلف 94% من الحالات وتكون جميع خلايا الجسم حاوية ثلاث نسخ كاملة من الصبغي 18 عوضاً عن نسختين اثنتين. ويموت معظم الأطفال حاملي هذا النمط غالباً قبل سن الطفولة.

 2- الشكل الفسيفسائي: يُلاحظ في نحو 5% من الأطفال حاملي هذه المتلازمة بعض الخلايا التي تملك ثلاث نسخ من الصبغي 18، في حين تملك باقي الخلايا نسختين اثنتين فقط.

3- تثلث الصبغي 18 الجزئي: وهي حالة نادرة، إذ قد يحدث انتقال جزء من الذراع الطويلة للصبغي 18- أو كامل الذراع- إلى أحد الصبغيات الأخرى في أثناء تشكل الأعراس أو في أثناء المراحل المبكرة من انقسام البيضة الملقحة، أو أنه يحدث نتيجة لتضاعفها (الشكل 7).

الشكل (7): يوضح أنماطاً صبغية لحالات تثلث الصبغي 18.

 أ: النمط الصبغي لذكر يحمل تثلث الصبغي 18 من الشكل الكامل؛ إذ يُلاحظ وجود 3 نسخ كاملة من الصبغي 18، وتكون الصيغة الصبغية كالآتي: 47,XY,+18.

ب: النمط الصبغي لمتلازمة إدوارد الناجمة عن تثلث الصبغي 18 الجزئي.

 

 وكما في متلازمة داون تشخص معظم حالات تثلث الصبغي 18 قبل الولادة بالفحوص المصلية للأم الحامل (الجدول1)، وكذلك إجراء النمط الصبغي للجنين karyotype  بأخذ عينة من السائل السلوي أو من الزغابات المشيمائية.  

3- متلازمة تثلث الصبغي 13 متلازمة باتو (13 Trisomy) Patau syndrome:

هي اضطراب صبغي ناجم عن اختلال الجرعة الصبغية في الصبغي 13حيث يكون في المصاب ثلاث نسخ منه، ويسبب تعويقاً ذهنياً شديداً وعيوباً جسديّة في أجزاء كثيرة من الجسم. وغالباً ما يكون لدى الأفراد عيوب في القلب والدماغ والجهاز البولي، كما تكون أعينهم صغيرة جداً  microphthalmiaأو ضعيفة التطور، ويكون الرأس صغيراً microcephaly، ولديهم أصابع إضافية في القدمين أو اليدين، وشفة مشقوقة cleft lip مع الحنك المشقوق cleft palate أو من دون ذلك، ويعانون ضعفاً عضلياً (نقص المقوية (التوتر) hypotonia) (الشكل 8).

الشكل (8): صور توضيحية تظهر المظاهر والسمات المميزة لمتلازمة باتو.

 أ: كثرة الأصابع (عنش) في اليدين. 

ب: كثرة الأصابع في القدمين (سمة أقل انتشاراً منها في اليدين).

 ج: نقص تنسج في أوسط القدم.

د: يلاحظ إلى اليمين أذنان منخفضتان وجبين مائل، ويُلاحظ إلى اليسار الرأس الصغير والشفة المشقوقة والحنك المشقوق وكذلك تشوه الأذنين.

  

 

يموت العديد من الرضع المصابين بالتثلث الصبغي 13 في الأيام أو الأسابيع الأولى من الحياة، في حين يكمل بين 5٪ و 10٪ منهم عامهم الأول. تقدر نسبة وقوع هذه المتلازمة بـ 1 إلى 16000 من المواليد الأحياء. وكما في تثلث الصبغي 18 يُلاحظ ثلاثة أشكال مميزة في تثلث الصبغي 13؛ الشكل الكامل والشكل الفسيفسائي والتثلث الجزئي. وترجع أسباب وجود نسخة إضافية من الصبغي 13 إلى ظاهرة عدم الانفصال الصبغي في أثناء الانقسام الخلوي أو في المراحل المبكرة من انقسام البييضة الملقحة.

يتم تقصي هذه المتلازمة لدى الأم الحامل ابتداءً من الأسبوع العاشر من الحمل ولغاية الأسبوع الرابع عشر، إذ تجرى مجموعة من الفحوص الدموية (الجدول 1)، وكذلك التصوير بالأمواج فوق الصوتية، وحين الشك في وجود هذه المتلازمة يلجأ إلى تحليل النمط الصبغي لخلايا الجنين التي نحصل عليها ببزل السائل السلوي أو أخذ خزعة من الزغابات المشيمائية.

4- متلازمة خبن الذراع القصيرة للصبغي 5 (deletion 5p syndrome):

وصف هذه المتلازمة أول مرة Lejeune  وزملاؤه عام 1963، وتدعى أيضاً متلازمة مواء الهرة cri du chat، وتنجم عن حدوث خَبْن (حذف) كل الذراع القصيرة من الصبغي رقم 5 أو جزء منه فقط (الشكل 9).

 

لشكل (9) : أ: النمط الصبغي لمتلازمة خبن الذراع القصيرة للصبغي 5. يظهر الشكل النمط الصبغي وفقاً لتقانة التعصيب التربسيني والتلوين بغيمزا وبالتكبير X 1500 لأنثى لديها حذف انتهائي في الذراع القصيرة من الصبغي 5. ويشير السهم إلى مكان الحذف. وتكتب الصيغة الصبغية كالآتي 46,XX,del(5)(p15).

ب: صورة باستخدام تقانة التهجين في الموضع التألقي FISH وباستخدام مسابير نوعية لمنطقة التيلومير من الصبغي 5 (أحمر: للذراع القصيرة وأخضر للذراع الطويلة). ويظهر الشكل عدم وجود إشارة حمراء دليلاً على وجود الحذف في الذراع القصيرة من الصبغي 5.

ا

وتتفاوت حدة الأعراض وشدتها تبعاً لحجم الجزء المحذوف؛ فكلما كبر هذا الجزء كان التعويق الذهني وتأخر النمو أشد.

تعد هذه المتلازمة من الاضطرابات الصبغية الجسدية النادرة، بيد أنها بالمقابل تعد واحدة من أكثر متلازمات الخبن شيوعاً لدى البشر، إذ يقدر معدل حدوثها بـِ 1 لكل 20.000 إلى 50.000 من الولدان الأحياء، وتحدث لدى الإناث أكثر من الذكور بنسبة 4/3.

ترجع الأعراض المميزة في هذه المتلازمة في الغالب إلى فقد مجموعة من الجينات التي تقع على الذراع القصيرة من الصبغي 5 ولا سيما الجين CTNND2 الذي يعتقد ارتباطه الوثيق بالتعويق الذهني الشديد، وكذلك الجين HTERT الذي يسهم في المحافظة على نهايات الصبغي سليمة، ويؤدي حذفه إلى أمراض عقلية.  

تتميز متلازمة خبن الذراع القصيرة للصبغي 5  بمجموعة من السمات هي انخفاض وزن الولادة وصغر الرأس والوجه المستدير وفرط تباعد  hypertelorism العينين وصغر الفك ووجود طيات فوق الموق وانخفاض الأذنين ونقص مقوية عضلي عام، فضلاً عن التخلف العقلي والنفسي الشديد، وتشوهات في العظام المحيطة بالسرج التركي sella turcica. ويولد بعض المصابين بعيوب كبيرة في أجهزة الجسم الأخرى سرعان ما تؤدي إلى الموت الذي يحدث في الغالب قبل إتمام الطفل عامه الأول. ويقدر معدل الوفيات الناجم عن هذه المتلازمة بـ 6-8%. يعد البكاء بصوت ونبرة تشبه مواء القطط أحد أهم الأعراض التشخيصية المميزة لهذه المتلازمة، وهو يختفي في السنوات الأولى من الحياة، ويعود السبب في ظهور هذا النمط من البكاء إلى عدم نمو الحنجرة نمواً سوياً.

يحدث الخبن غالباً في أثناء تشكل الأعراس أو في أثناء المراحل المبكرة من النمو الجنيني، ولا يوجد في المصابين أي قصة عائلية سابقة لهذه المتلازمة. ويكون سبب الخبن حدوث كسر بصورة تلقائية في الذراع القصيرة من الصبغي5 في أثناء الانقسام الخلوي.

تشخص متلازمة خَبن الذراع القصيرة للصبغي 5 بالاعتماد على المظاهر السريرية وبإجراء النمط الصبغي للمريض، وإذا أبدى النمط الصبغي نتائج طبيعية لا بد من اللجوء إلى الطرائق الخلوية الجزيئية مثل طريقة التهجين التألقي في الموضع (fluorescence in situ hybridization ,FISH) من أجل تأكيد التشخيص

(الشكل 10).

الشكل (10): أ: النمط النووي لمتلازمة خبن الذراع القصيرة للصبغي 5 . يظهر الشكل النمط النووي وفقاً لتقانة التعصيب التربسيني والتلوين بغيمزا وبالتكبير X 1500 لأنثى لديها حذف انتهائي في الذراع القصيرة من الصبغي 5، ويشير السهم إلى مكان الحذف، وتكتب الصيغة الصبغية كالآتي 46,XX,del(5)(p15).

 

جدير بالذكر أن الأفراد الذين يعانون متلازمة خَبن الذراع القصيرة للصبغي 5  لديهم صعوبة في اللغة، ويتعلم العديد منهم بعض المهارات اللفظية ويصبحون قادرين على التواصل، في حين يستطيع غيرهم أن يعبر عن نفسه بإيماءات أو بلغة الإشارة.

يوجَّه العلاج على الأخص نحو مشاكل الجهاز التنفسي والقلب. ويعالج التعويق الذهني والجسدي بنهج متعدد الجوانب يشمل العلاج الطبيعي والعلاج المهني وعلاج النطق. إذ يساعد علاج النطق ولغة الإشارة الطفل على التواصل على نحو أفضل، وتلاحظ العدوانية الشديدة في الأطفال الذين لا يستطيعون التواصل، كما  يساعد العلاج المهني الأطفال الذين يعانون التخلف العقلي على أن يصبحوا مكتفين ذاتياً، وتسهم المعالجة الفيزيائية في تطوير حركة العضلات على نحو أفضل.

5- متلازمة XYY:

كشف أفري ساندبرغ Avery Sandberg وزملاؤه أول حالة لمتلازمة ثنائي Y (فرط الذكورة)  عام 1961 اتفاقاً، وذلك لدى والد طفل يحمل متلازمة داون.

تظهر هذه المتلازمة بنسبة 1 في كل 1000 ذكر حي. يكون تطور نمو حديثي الولادة المصابين طبيعياً في البداية، لكن سرعان ما يتزايد مع  بداية  مرحلة الطفولة، فيزيد معدل الطول النهائي لديهم 7 سم على المعدل الطبيعي، وغالباً ما يكون معدل هرمون التستوستيرون أعلى من المعدل الطبيعي، وينخفض حاصل  الذكاء IQ  قليلاً عن المعدّل  العام، كما يتميز حاملو هذه المتلازمة بضخامة أسنانهم.

ترافق هذه المتلازمةَ اضطراباتٌ وظيفية، فقد أظهرت الدراسات أن الذكور ذوي الصيغة الصبغية XYY (الشكل 11) يميلون إلى ارتكاب جرائم العنف، كما أن هنالك ما يثبت وجود اضطرابات سلوكية صغرى، كفرط النشاط واضطرابات الانتباه وعدم التركيز وقصور التعلم. يتباين حملة هذه المتلازمة في درجة الخصوبة وأغلبهم مخصبون.

الشكل (11): النمط الصبغي لمريض  يحمل متلازمة ثنائي Y وفقاً لتقانة التعصيب التربسيني والتلوين بغيمزا (GTG). ويبدو بوضوح وجود صبغيين Y عوضاً عن صبغي واحد.

 

 

 

 يرجع اختلال الصيغة الصبغية لدى هؤلاء المرضى إلى حادثة عدم انفصال الصبغيات عند الأب حيث ينشأ الصبغي Y الإضافي نتيجة عدم انفصال الصبغيين YY في مرحلة الانقسام المنصف الثاني أو في أثناء انقسام البييضة المخصبة (الشكل 12)  و (الشكل 13).

 

الشكل (12):

 رسم تخطيطي يظهر كيفية حدوث عملية عدم انفصال الصبغيات ضمن غدة الأب التناسلية في مرحلة الانقسام المنصف الثاني واحتمالات الأعراس الناتجة، إذ يؤدي إخصاب النطفة الحاملة لصبغيينY إلى إنتاج فرد يحمل متلازمة ثنائي Y، في حين سيؤدي إخصاب النطفة الحاملة لصبغيين X إلى إنتاج أنثى تحمل متلازمة XXX، وفي حالة إخصاب النطفة التي لا تحمل أي صبغي جنسي والمشار إليها في الشكل بـ (0) فإن ذلك سيؤدي إلى إنتاج أنثى تحمل متلازمة تيرنر X0.

 

الشكل (13): يبين كيفية حصول النسج على عدد غير متوازن من الصبغيات، وبالتالي حدوث حالة الفسيفسائية أو التزيق، وذلك نتيجة عدم انفصال الصبغيات في أثناء عملية الانقسام الخيطي للبيضة المخصبة . فحين حدوث عدم انفصال بين كروماتيدي الصبغي Y ستنتج خلايا فيها صبغيان Y إضافة إلى الصبغي X وخلايا تحمل صبغي X واحداً. أما حين حدوث عدم انفصال  بين كروماتيدي chromatid الصبغي X فإنّ ذلك سيؤدي إلى حصول بعض الخلايا على صبغيين X، إضافة إلى الصبغي Y وخلايا تحمل صبغي Y واحداً، وهذه غالباً ما تلبث أن تتلاشى ليبقى الخط الخلوي XXY، وبالتالي تظهر على المريض أعراض متلازمة كلاينفيلتر.

 

  

 6- متلازمة كلاينفيلتر XXY:

وصف الطبيب هاري كلاينفيلتر Harry Klinefelter وزملاؤه عام 1942 هذه المتلازمة أول مرة، وسميت باسمه لاحقاً. وهي لا تظهر إلا في الذكور، وغالباً ما تلاحظ عند سن  البلوغ،  ولم يعرف النمط الصبغي لهذه المتلازمة إلا في عام 1959 حين تبين أنَّ خلايا حاملي هذه المتلازمة تحوي صبغياً جنسياً زائداً هو الصبغي  X، وبالتالي تصبح الصيغة الصبغية XXY (الشكل 14).

الشكل (14): النمط الصبغي المميز لأحد مرضى متلازمة كلاينفيلتر وفقاً لتقانة التعصيب التربسيني والتلوين بغيمزا (GTG-banding) حيث يلاحظ في هذا النمط الصبغي وجود صبغي X إضافي، ويكون العدد الكلي للصبغيات 47.

تعد متلازمة كلاينفيلتر من أكثر الاضطرابات الصبغية شيوعاً في المجتمع ولا سيما التي ترافق العقم؛ إذ تظهر بنسبة 1 في كل 500 إلى 1000 من حديثي الولادة الذكور في عموم السكان، وربما تصل إلى 1 من 20 مريضاً مراجعاً لعيادات العقم. تختلف الأعراض من حالة إلى أخرى، وربما لا تكون الحالة واضحة حتى البلوغ واكتشاف العقم ثم البحث عن السبب. ويوضع التشخيص قبل الولادة بإجراء النمط الصبغي للجنين بعد أخذ عينة من الزغابات المشيمائية أو الخلايا السلوية، أو في مرحلة الطفولة وسن البلوغ نتيجة ظهور بعض الأعراض التي تستدعي إجراء الدراسة الوراثية الخلوية، مثل التأخر اللغوي مع صعوبات في التعلم ومشاكل سلوكية، وتأخر ظهور الصفات الجنسية الثانوية، أو بعد الزواج من أجل تقصي سبب العقم. كما يمكن التشخيص بالاعتماد على الدراسات الوراثية الخلوية الجزيئية، مثل طريقة التهجين التألقي في الموضع fluorescence in-situ hybridization (FISH)، أو الاعتماد على طريقة الـمصفوفة الدقيقة microarray.  يتميز الذكور المصابون بهذه المتلازمة بصغر حجم الخصى (ثلث الحجم الطبيعي)، ونقص الهرمونات الذكورية (الأندروجينات) Androgenes، وعدم احتواء  السائل المنوي على النطاف، وتأخر ظهور بعض  الصفات الجنسية الثانوية أو عدم ظهورها أبداً (كنمو شعر اللحى والجسد، ورخامة الصوت..) مع ظهور بعض الصفات الجنسية الأنثوية كنمو الأثداء. يبدي حملة هذه المتلازمة عدم تناسق في طول الأطراف التي تكون أطول مما في الذكور الأسوياء بنحو  5-11 سنتيمتراً، ويكونون متوسطي الذكاء ويكون تأقلمهم ضمن المجتمع طبيعياً، كما قد يقضوا حياتهم كلها من دون ظهور أي أعراض سوى حالة العقم، ويبدي بعضهم تأخراً عقلياً بسيطاً مع اضطرابات عاطفية واجتماعية. ويظهر لدى نحو 80 % من حملة هذه المتلازمة انخفاض واضح في كمية هرمون التستسترون في المصل؛ لذلك فإن حملة هذه المتلازمة يخضعون لمعالجة هرمونية للتخفيف من أعراض العوز الهرموني، كما تكون نسبة الهرمونات FSH,LH أعلى من المعدل الطبيعي، وقد تكون مقادير هرمون الـ  FSH مرتفعة جداً. يبدي الفحص النسيجي تليفاً في الأنابيب المنوية مع ضمور واضح وفرط تنسج  Hyperplasia في خلايا ليديغ. ومع أن حملة هذه المتلازمة يتميزون بحالة انعدام النطاف Azoospermia ويعانون العقم تشير بعض المراجع إلى وجود بعض الحالات التي أنجب فيها هؤلاء المرضى على نحو طبيعي ومن دون الاستفادة من التقانات الطبية المساعدة على الإنجاب، ويدل هذا الأمر على احتمال وجود عدد قليل من النطاف ضمن خصى المصابين بهذه المتلازمة، ومع انتشار التقانات الطبية المساعدة على الإنجاب كتقانة ICSI  فإن ذلك يمنح الأمل من جديد لهذه الفئة من المرضى في الإنجاب.

يُعتقد أن الصبغي X الزائد يأتي من حادثة عدم انفصال الصبغيات عند أحد الأبوين، ويعتقد أن 67% من الحالات تحدث نتيجة عدم انفصال الصبغيين XX عند الأم، وأن 33% من الحالات عند الأب، وكما في متلازمة داون فإنه يبدو أن الصبغيات في البييضات الكهلة أكثر قابلية  لحادثة عدم الانفصال هذه، ولم يلاحظ تأثير واضح  لكبر عمر الأب في هذه المتلازمة (الأشكال 15 و 16 و 17).

الشكل (15): مخطط  يبين تشكل الصيغة XXY بفعل حادثة عدم الانفصال الصبغي خلال الانقسام المنصف الأول عند الأم.

الشكل (16): مخطط يظهر تشكل الصيغة XXY بفعل حادثة عدم الانفصال الصبغي في أثناء الانقسام المنصف الثاني عند الأم.

الشكل (17): مخطط يبين تشكل الصيغة XXY بفعل حادثة عدم الانفصال الصبغي في أثناء الانقسام المنصف الأول عند الأب.

 

قد تحدث الحالة الفسيفسائية 47,XXY/46,XY بسبب عدم انفصال الصبغيات الجنسية في التركيب XXY في مرحلة الانقسام الفتيلي mitosis في المراحل المبكرة من انقسام البيضة الملقحة، أو بسبب تلكؤ الصبغي X  في الهجرة وفقدانه في هيولى الخليّة  الأمر الذي يؤدي إلى تشكل خطين أو أكثر من الخطوط الخلويّة cell lines وهو ما يعرف بالتزيق (الفسيفسائية)، ويوضح الشكل (18) كيفيّة تشكل هذه الحالة.

الشكل (18): مخطط يوضح تشكل الخطين الخلويين XY/XXY  ينجم عنه فرد يحمل متلازمة كلاينفيلتر الحالة الفسيفسائية.

 

تؤكد الدراسات أن الصبغي الجنسي X الزائد يكون سبباً في اضطراب تمايز الخصية إضافة إلى أنَّ بعض جيناته (لأنه يُعدّ خاملاً وراثيّاً بحسب نظرية ليون) قد تكون فعّالة مما يُخل في التوازن الجيني بين الجينات الجنسية والجينات الجسدية، ويؤدي إلى حالة العقم غالباً. وقد قدّم العزل الجزيئي لعدد من الجينات الوظيفية من كلا الصبغيين  X و Y إثباتاً لهذه الفرضية استناداً إلى أن الجينات المتماثلة المحمولة على الصبغي X تبقى فعّالة ولا يصيبها الخمول كبقية الصبغي X،  وبالتالي فإن زيادة تعبيرها عند حملة هذه المتلازمة أمر متوقع. ومن الأمثلة على ذلك الجين SHOX، الذي يسبب على الأرجح طول القامة الظاهر غالباً لدى المصابين بهذه المتلازمة.

7- متلازمات XXXY و XXXXY:

يُلاحظ لدى بعض المصابين بمتلازمة كلاينفيلتر أن لديهم أكثر من صبغي جنسي إضافي في كل خلية (XXXY أو XXXXY)، تدعى هذه الحالات غالباً بمتفاوتات متلازمة كلاينفيلتر(variants of Klinefelter syndrome)، وتظهر فيها علامات وأعراض أكثر شدة من متلازمة كلاينفيلتر المدرسية (الكلاسيكية). إذ ترتبط متفاوتات متلازمة كلاينفيلتر بالتعويق الذهني ومشاكل شديدة في الكلام، كما تتسم بخلل في التطور الجنسي للذكور، مثل صغر الخصية microorchidism ونقص تنسج كيس الصفن hypoplasia of the scrotum، وسمات الوجه المميزة، كالأنف المسطح والطية فوق الموق epicanthus والرقبة القصيرة وعدم تناظر الوجه facial asymmetry، فضلاً عن تشوهات في الهيكل العظمي مثل تقوس العمود الفقري، والتحام العظمين الكعبري والزندي، وخلل تنسج المشاش، وانحراف الإصبع الخامسة في اليد، وورك روحاء coxa valg

 a، وضعف التنسيق. ويلاحظ على العموم أنه كلما زاد عدد الصبغيات الجنسية الإضافية زاد خطر المشاكل الصحية (الشكل 19).

الشكل (19): صور تضم بعض السمات الجسدية لدى الأفراد الحاملين لمتلازمات XXXY  و XXXXY:

A : انحراف الإصبع الخامسة.

ب: مرفق بارز مع فرط مرونة.

 ج: نقص الكتلة العضلية في كل من الساقين والفخذين، أقدام مسطحة.

 

ومع التقدم في السن قد تظهر مظاهر أخرى أيضاً، مثل اعتلال المفاصل والسمنة والمشاكل السلوكية، مثل فرط النشاط والتهيج والقلق وعدم النضج والسلبية والغضب ومشاكل في التواصل الاجتماعي. تحدث حالات 48.XXXY بنسبة 1 لكل 17.000 ولغاية  50.000 من الولدان الذكور، في حين تحدث حالات 49,XXXXY بنسبة أقل ويصل إلى 1 لكل 85.000 ولغاية 100.000 من الولدان الذكور. ويرجع حدوث متلازمات 48,XXXY و49,XXXXY إلى المصادفة (حوادث عشوائية) في أثناء تشكل الأعراس، إذ يؤدي حدوث عدم انفصال الصبغيات المتماثلة خلال الانقسام المنصف الأول أو عدم انفصال شقي الصبغي المتآخيين sister chromatids خلال الانقسام المنصف الثاني إلى تشكل أعراس تحمل عدداً غير سوي من الصبغيات. إذ يحدث عدم انفصال الصبغيات على نحو متعاقب في أثناء تشكل النطاف ويعطي أعراساً تحمل (XXY)، وبالتالي تعطي لدى الإخصاب فرداً يحمل الصيغة الصبغية  48,XXXY الشكل (20)

الشكل (20): رسم توضيحي يظهر آلية تشكل أعراس تحمل XXY . يؤدي حدوث عدم انفصال صبغي متعاقب في أثناء الانقسام المنصف الأول والثاني إلى تشكل أعراس تحمل صبغيين X، وصبغياً واحداً  Y، ولدى الإخصاب سيؤدي ذلك إلى تشكل فرد يحمل الصيغة الصبغية 48,XXXY.

 

ويؤدي حدوث عدم انفصال متعاقب للصبغيات X في أثناء الانقسام المنصف الأول والثاني للخلية البيضية إلى إعطاء خلايا تحمل (XXXX)، وبالتالي تعطي لدى الإخصاب فرداً يحمل الصيغة الصبغية 49، XXXXY (الشكل 21).

الشكل 21: رسم تخطيطي يوضح آلية تشكل أعراس تحمل XXXX. يؤدي تعاقب عدم انفصال الصبغيات X في أثناء الانقسام المنصف للخلية البيضية إلى تشكل أعراس تحمل أربعة صبغيات X، ولدى الإخصاب تنشأ أفراد تحمل الصيغة الصبغية 49.XXXXY.

 

 

تشخص المتلازمات 48.XXXY و49.XXXXY غالباً بإجراء فحص النمط الصبغي، أو بالاعتماد على الطرائق الجزيئية، مثل طريقة الـ (Chromosomal microarray (CMA التي تعتمد على تحديد زيادة الصبغيات أو نقصها عامة أو في أجزاء من الصبغيات. وتستخدم في هذه الطريقة رقائق دقيقة microchip تحوي مسابير موسومة خاصة ترتبط بمناطق محددة من الصبغي. يوضع التشخيص في أي وقت من قبل الولادة حتى سن البلوغ، وذلك تبعاً لشدة الأعراض.

يحتاج المرضى الذين يعانون من هذه المتلازمات إلى إشراف فريق طبي متعدد الاختصاصات، يشمل اختصاصيي القلب والعصبية والغدد الصم والطب النفسي.

8 – متلازمات XXX و XXXX رباعيات الصبغي X (تثلث الصبغي x):

ينجم تثلث الصبغي X عن وجود صبغي X إضافي لدى الإناث، إذ تكون الصيغة الصبغية لديهن 48.XXX. وهو من أكثر الاضطرابات الصبغية شيوعاً لدى الإناث، ويحدث في نحو 1 من كل 1000 أنثى حيّة.

وصفت هذه المتلازمة أول مرة عام 1959 عند امرأة تبلغ من العمر 35 عاماً لديها قدرات عقلية عادية وانقطاع الطمث الثانوي secondary amenorrhea في سن 19 من العمر. يتم تشخيص قرابة 10% فقط من حالات تثلث الصبغي X نظراً للأعراض الطفيفة التي تبديها المريضات، أو لعدم إبداء أي أعراض مميزة. تشمل السمات الواضحة والشائعة طول القامة؛ إذ تكون الفتيات في سن المراهقة أطول من قريناتهن، ولديهن طيات تعلو الموق ونقص مقوية عضلي، وانحناء الإصبع الخامسة clinodactyly. في معظم الحالات لا توجد مشاكل طبية مهمة وأكثرها شيوعاً حين وجودها تشوهات الجهاز البولي التناسلي كغياب الكلية وخلل التنسج الكلوي وتشوهات المبيض، وغالباً ما يكون لدى الطفلات المصابات بالتثلث الصبغي X معدلات أعلى من التأخر النفسي الحركي، مع زيادة خطر العجز المعرفي وعجز التعلم في سن المدرسة. وتكون السمات النفسية كضعف التركيز والانتباه واضطرابات المزاج كالقلق والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية أكثر شيوعاً بين حاملات هذه المتلازمة.

يكون النمو الجنسي وسن بدء البلوغ طبيعيين، ومع ذلك يعد قصور المبيض المبكر (Premature ovarian failure ,POF) أحد الأعراض التي قد تعانيها المصابات، إذ يضعف إنتاج المبيض للهرمونات والبيوض قبل السن النموذجية لانقطاع الطمث (الإياس menopause).

يعتقد أنّ الأعراض المرافقة لمتلازمة تثلث الصبغي X تنجم عن فرط تعبير بعض الجينات، ولعل أبرزها مجموعة من الجينات الواقعة قرب الأطراف الانتهائية من الصبغي X وكذلك الجين (SHOX) short stature homeobox التي تكون قادرة على التعبير عن نفسها في الصبغيات  X الثلاثة مؤدية إلى طول قامة الإناث المصابات.

ويعود سبب حدوث هذه المتلازمة إلى حادثة عدم الانفصال الصبغي في أثناء الانقسام المنصف المؤدي إلى تكون الأعراس الشكل (22)، أو في أثناء الانقسام الخيطي للبيضة الملقحة post-zygotic nondisjunction والتي تفضي إلى تشكل الحالة الفسيفسائية. وكما في معظم حالات التثلث الصبغي فإن تقدم عمر الأم يعد من أهم مسببات هذه الحالات.

الشكل (22): رسم توضيحي لآلية تشكل اختلال الصيغة الصبغية نتيجة عدم انفصال الصبغيات X في مبيضي الأم . إذ يؤدي عدم انفصال الصبغيين المتماثلين X في أثناء الانقسام المنصف الأول إلى تشكل أعراس تحمل صبغيين X، وبالتالي تؤدي لدى الإخصاب بنطفة تحمل الصبغي X إلى تشكل أنثى تحمل الصيغة الصبغية 47,XXX، في حين يؤدي إخصاب تلك الأعراس بنطفة تحمل الصبغي Y إلى تشكل فرد يحمل متلازمة كلاينفيلتر 47,XXY. أما الأعراس التي لا تحمل أي صبغيات جنسية فإن أخصبت بنطفة تحمل الصبغي X فستعطي أنثى تحمل متلازمة تورنر 45,XO  وإن أخصبت بنطفة تحمل الصبغي Y فإن البيضة المخصبة تكون غير قادرة على متابعة انقسامها و لاتكون هذه الحالة متوافقة مع الحياة ولذلك تضمحل وتتلاشى.

يعتمد في التشخيص على تحليل النمط الصبغي، ونظراً لتغير المظاهر الجسدية والنفسية لحاملات هذه المتلازمة فإنه عادة ما يجرى هذا التحليل لدى الإناث اللواتي يظهرن الاضطرابات التالية: تأخراً لغوياً و/ أو حركياً، ونقص المقوية العضلي العام وقامة طويلة، وقصور مبيض مبكراً،  أو قصور المبيض الأولي Primary Ovarian Insufficiency، وتعويقاً ذهنياً أو تعويقاً في التعلم، أو العجز في الانتباه والتركيز والقلق واضطرابات المزاج.

أما متلازمة XXXX أو ما تدعى رباعية الصبغي X فقد وصفت أول مرة عام 1960. وتعد هذه المتلازمة من المتلازمات النادرة؛ إذ وصف حتى الآن نحو 100 حالة فقط عالمياً، منها 60 حالة تم ذكرها في الأدب الطبي. وتكون الصيغة الصبغية للإناث الحاملات هذه المتلازمة 48, XXXX. تختلف الأعراض وتتنوع في المصابات، وتشابه متلازمة تثلث الصبغي X،  وتشمل صعوبات طفيفة أو معتدلة في النطق والتعلم، وتأخراً في النمو، ومعالم وجه مميزة كطيات تعلو الموق وجسر أنف مسطح وفم صغير وحنك مقوس أو مشقوق وتشوهات في الأسنان، وتشمل أيضاً نقص المقوية والمرونة أو ارتخاء المفاصل وتشوهات في مفصل الفخذ وعيوباً في القلب، وخللاً في وظيفة المبيض. كما يلاحظ أن حاملات هذه المتلازمة يكن في الغالب طويلات القامة. يبلغ نحو 50٪ من المريضات بلوغاً طبيعياً، في حين أن الـ 50٪ الأخرى لا يصلن إلى هذه المرحلة مطلقاً، أو يحدث لديهن بلوغ جزئي من دون ظهور المميزات الجنسية الثانوية، أو أنهن يصلن إلى البلوغ الكامل ولكن مع عدم انتظام الدورة الشهرية و / أو انقطاع الطمث في مرحلة مبكرة (فترة المراهقة). يغلب أن تعالج المصابات علاجاً هرمونياً بالإستروجين للحث على نمو الأثداء، وتحفيز تشكيل العظام ولمنع هشاشتها، ووفقاً للأعراض يمكن توجيه الدعم والعلاج المناسبين للحالة.  

الشكل (23): شكل تخطيطي يوضح آلية تشكل بعض الاختلالات في الصيغة الصبغية. فإذا حدث عدم انفصال متعاقب للصبغي X ضمن مبيضي الأم فإن ذلك سيؤدي إلى تشكل أعراس تحمل 3 صبغيات X، فإن أخصبت هذه البيوض بنطاف يحمل الصبغي X فإنها ستعطي إناثاً تحمل متلازمة رباعية ((48, XXXX، أما إذا أخصبت بنطاف يحمل الصبغي Y فإنها ستعطي ذكوراً يحملون متلازمة 48, XXXY. أما الأعراس التي تحمل صبغياً واحداً X فإنها ستعطي أفراداً سليمة (46,XY أو 46,XX).

 

تحدث متلازمة رباعي الصبغي X نتيجة خطأ في الانقسام المنصف وحدوث عدم انفصال متتابع في الصبغي X في أثناء عملية تشكل الأعراس، ويتأكد التشخيص بإجراء النمط الصبغي.

9- متلازمة XXXXX (خماسية الصبغي X):

تعرف بخماسية  X، وهي اضطراب صبغي نادر جداً تحمل فيه خلايا الإناث خمسة صبغيات  X عوضاً عن اثنين (الشكل24 ).

معدل تكرار هذه المتلازمة غير معروف على نحو عام، لكن يبدو أنها تظهر على أقل تقدير عند 1 من كل 100000 امرأة. من أكثر السمات المميزة للمصابات بهذه المتلازمة الإعاقة الذهنية وقصر القامة وشذوذ قحفي. وقد تشمل بعض العيوب الجسدية الأخرى، مثل: الرأس الصغير  وتشوهات الأذن والعينين مفرطتي التباعد والأنف العريض والرقبة القصيرة  وفرط بسط المرفقين والتشوهات في الأسنان والحنك المشقوق وانحراف الإصبع الخامسة وتشوهات في القدمين وعيوب في القلب.         

ويعتقد أن الخلل في الصيغة الصبغية ينجم عن أخطاء تحدث في أثناء الانقسام المنصف سواء لدى الأم أم لدى كل من الأم والأب.

 

الشكل (24): نمط صبغي وفقاً لتقانة التعصيب التربسيني والتلوين بغيمزا (GTG-banding) لفتاة مصابة بخماسية X. تظهر بوضوح خمسة صبغيات X لديها.

 

10- متلازمة تيرنرTurner syndrome (XO) :

اضطراب يصيب الإناث، ينجم عن فقد كامل الصبغي الجنسي X أو جزء منه، فتولد الفتاة ولديها صبغي  Xواحد.    

تموت 99% من المصابات قبل الولادة، وتظهر المتلازمة بنسبة 1 لكل 2500 أثنى حية. تبدو المصابات حين الولادة طبيعيات ولا يظهرن أي مظاهر مميزة سوى وذمات لمفية lymphedema واضحة في اليدين والقدمين. في مرحلة الطفولة تبدو الفتيات برقبة مجنحة وعريضة؛ تتمثل بوجود جلد زائد على الرقبة (الرقبة الوتراء webbed neck) (الشكل 25).

الشكل (25): صور توضح المظاهر السريرية لمتلازمة تيرنر. أ: تبدو الرقبة الوتراء المتمثلة بجلد زائد على الرقبة. ب و ج تبدو الوذمات اللمفية على القدمين واليدين.

 

 ويكون خط الشعر منخفضاً في الوجه الخلفي من الرقبة. يعاني نحو 50% من حملة هذه المتلازمة ضعفً السمع والتهابات متكررة في الأذنين. وفي سن البلوغ تظهر بعض الصفات الجنسية الثانوية، غير أن الرحم تكون صغيرة جداً، ويكون المبيض شريطياً، وتستنزف البيوض خلال مرحلة الطفولة مما يسبب العقم الذي يعد السمة المميزة لهذه المتلازمة. تبدو الفتيات قصيرات القامة على نحو واضح؛ ولذلك يمكن إعطاؤهن هرمون النمو للمساعدة على زيادة الطول. تعاني بعض الفتيات تشوهات في الهيكل العظمي وعيوباً في القلب، وارتفاع ضغط الدم ومشاكل في الكلى. أما مستوى الذكاء فطبيعي.

يُلاحظ تنوع الأسباب المؤدية إلى ظهور متلازمة تيرنر؛ إذ ينجم نحو 50% من الحالات عن خلل عددي يتمثل بفقد الصبغي X بالكامل، وتتوزع الـ 50% المتبقية على الحالة الفسيفسائية، أي وجود خطين خلويين؛ أحدهما سوي والآخر فاقد لأحد الصبغيين X (46,XX/ 45,X)، وعلى  حالات ناجمة عن خلل بنيوي في الصبغي X  ذاته، فمثلاً يحدث تضاعف الذراع الطويلة لأحد الصبغيين X  (46,X,iXq)  وهو ما يعرف بالصبغي المُتَساوِي الأذْرُع  isochromosome، أو يحدث خبن الذراع القصيرة لأحد الصبغيين X  46),X,delXp)، أو للذراع الطويلة منه (46,(X,delXq، أو يتشكل الصبغي X الحلقي                       46), X,r X) (الشكل 26).

لشكل (26): أمثلة عن الاضطرابات البنيوية التي تحدث للصبغي X والمؤدية إلى ظهور متلازمة تيرنر.

أ: الصبغي المتساوي الأذرع، ب: الصبغي الحلقي و واسمة mar1، ج: خبن في الذراع القصيرة، د: خبن في الذراع الطويلة.

ا

يرجع العديد من الأعراض والسمات في متلازمة تيرنر إلى فقد جينات محددة، إذ يؤدي فقد الجزء الانتهائي من الذراع الطويلة للصبغي X إلى قصر القامة وفشل المبيض الأولي أو الثانوي (primary or secondary ovarian failure)، أما فقد الذراع القصيرة (Xp) فيؤدي إلى ظهور معظم الأعراض المميزة للمتلازمة.

تشخص متلازمة تيرنر قبل الولادة بالاعتماد على التشخيص بالأمواج فوق الصوت، وبملاحظة الوذمات الجنينية، أو بإجراء النمط الجيني للجنين ولا سيما في حالات تقدم عمر الأم، كما يتم التشخيص أيضاً بفحص مصل الأم (المسح الثلاثي)؛ إذ تعد المستويات غير السوية من موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية  gonadotropin chorionic human (HCG)، والإستريول اللامقترن فضلاً عن البروتين الجنيني ألفا fetoprotein - alpha أحد المؤشرات على متلازمة تيرنر (الجدول 1). ويوضَّح التشخيص بعد الولادة بالاعتماد على إجراء النمط الصبغي وعلى المظاهر السريرية الموجودة. ومن المهم معرفة الجوانب السريرية والجينية التي تؤدي إلى الكشف عن الحالات في الوقت المناسب لوضع التدبير المناسب.

 

 

 

 


التصنيف : الأمراض الوراثية
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1100
الكل : 40610363
اليوم : 140178