logo

logo

logo

logo

logo

الإسهال الخمجي

اسهال خمجي

infectious diarrhea - diarrhée infectieuse



الإسهال الخمجي

حسان زيزفون

أسباب الإسهالات الخمجية

الأسباب الجرثومية للإسهالات الخمجية

الأسباب الفيروسية للإسهالات الخمجية

الأسباب الطفيلية للإسهالات الخمجية

 

 

يقوم التعريف السريري للإسهال على ثلاثة عوامل هي: كمية البراز، قوامه، وعدد مرات التغوط في اليوم. ويمكن القول بوجود الإسهال عند كل شخص يطرح كمية من البراز تزيد على 300 غرام يومياً، أو عند وجود كمية وافرة من الماء في البراز تجعل قوامه رخواً أو سائلاً، أو عندما يزيد عدد مرات التغوط على ثلاث مرات يومياً.

ينجم الإسهال الخمجي infectious diarrhea عن إصابة الأمعاء الدقيقة أو الأمعاء الغليظة «القولونات» بعوامل ممرضة مختلفة قد تكون جرثومية أو فيروسية أو طفيلية. ويمكن أن يكون حاداً أو مزمناً. يستمر الإسهال الحاد من يوم واحد إلى أسبوعين، أما المزمن فيستمر أكثر من أسبوعين.

يُقتصر في هذا الفصل على دراسة الإسهال الخمجي الحاد لأن الإسهالات المزمنة بأسبابها المختلفة ستدرس في فصل آخر من الموسوعة.

إن أغلب حالات الإسهال الحاد هي من النوع الخمجي ومع ذلك يجب تفريقها عن الإسهالات الدوائية وعن الإسهالات الحلولية الناجمة عن وجود مادة ذات قدرة أسمولية (تناضحية) عالية في لمعة الأمعاء.

يمكن للإسهال أن يرافق أعراضاً أخرى كالغثيان والقياء والألم البطني الماغص وارتفاع الحرارة والزحير tenesmus. كما قد يرافق أعراضاً جهازية تالية للتجفاف.

الإسهال الخمجي الحاد مشكلة صحية مهمة، وسبب عالمي واسع الانتشار للمراضة والوفيات، فهو لايزال يحتل السبب الثاني في العالم للمراضة. وتشير التقديرات الإحصائية الوبائية خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين إلى وجود أكثر من 750 مليون حالة سنوياً في العالم.

تؤثر عوامل بيئية عدة في معدل حدوث الإسهال الخمجي الحاد تتضمن: نوعية مياه الشرب، أسلوب جمع النفايات وترحيلها، مستوى الوعي الصحي، وأخيراً طريقة إعداد الطعام وتخزينه وتقديمه إذ يمكن من خلالها انتقال العديد من العوامل الممرضة.

إن حدوث الإسهال الخمجي يتطلب وجود ضعف في وسائط دفاع العضوية أو وجود عامل ممرض ذي فوعة مرضية شديدة. وبطبيعة الحال فإن درجة الخلل بين وسائط الدفاع والفوعة المرضية هي التي تحدد إمكانية حدوث الإسهال الخمجي وشدته وتظاهراته السريرية.

تشمل وسائط الدفاع الأساسية للعضوية: درجة حموضة المعدة، إفراز طبقة المخاط التي تبطن الظهارة (الإبتيليوم) السطحية للأنبوب الهضمي، حركية الأمعاء، نوعية النبيت (الفلورا) المعوي، إضافة إلى الآليات المناعية النوعية بالغشاء المخاطي المعوي. وبالمقابل فإن شدة الفوعة المرضية ترتبط بعوامل عدة منها: قدرة العامل الممرض على الالتصاق على الظهارة السطحية للأمعاء وقدرته على إنتاج الذيفان المعوي، وإمكانية إطلاقه للذيفان السام للخلايا (السيتوتوكسين)، وأخيراً إمكانية غزوه أو اختراقه للجدار المعوي.

الآليات الإمراضية

تحدث الإسهالات الخمجية بثلاث آليات أساسية هي:

- آلية إفرازية: مثالها الإسهالات الحادة الناجمة عن جراثيم مفرزة للذيفان المعوي (هيضة، أنماط الإشريكيات المفرزة للذيفان، عنقوديات) حيث يبقى الجرثوم خارج الخلايا المعوية ويتكاثر على سطحها ويطلق الذيفان الذي يؤدي إلى زيادة الإفراز المعوي مع تثبيط الامتصاص أو من دونه. ويتم ذلك بتفعيل الأدنيل سيكلاز الحلقي cAMP وتحريك شوارد الكلسيوم داخل خلايا الأمعاء الدقيقة أو القولونات مما يؤدي إلى خسارة كبيرة للماء والشوارد، ويستمر التأثير التراكمي للذيفان عادة 48-72 ساعة بعد التخلص من الجرثوم.

- آلية غزو الخلايا المعوية: وفيها يدخل العامل الممرض «جرثوم أو طفيلي» الخلايا المعوية ويخربها مما يسبب إسهالات نتحية مخاطية مدماة تحتوي على البروتين والكريات البيض. ومثال ذلك (الشيغلات، العطيفات، أنماط الإشريكيات الغازية للجدار، الأميبات الحالة للنسج).

- الآلية الإمراضية الفيروسية: تخرب الفيروسات المعوية الحافة الفرجونية للخلايا المعوية وتؤدي إلى اضطراب في وظيفتها الامتصاصية.

أسباب الإسهالات الخمجية

أولاً- الأسباب الجرثومية للإسهالات الخمجية:

تقسم الجراثيم التي يمكن أن تسبب الإسهالات الخمجية إلى مجموعتين:

1- جراثيم تغزو الجدار المعوي:

تدخل العوامل الممرضة الجرثومية الخلايا المعوية وتتكاثر فيها مؤدية إلى تبدلات نسيجية، وهي تصيب عادة القولون أكثر مما تصيب الأمعاء الدقيقة مما يفقده قدرته على امتصاص الماء وتحدث إسهالات نتحية وإفرازية. وتضم:

أ- (الشـيغلات) Shigella: عصيات هوائية سلبية الغرام عديمة الحركة لا تخمر اللاكتوز. وهي العامل المسبب للزحار العصوي تتصف بفوعة شديدة إذ تكفي كمية قليلة منها (10 جراثيم) لإحداث الزحار. وقد صنفت الشيغلات إلى الأنواع التالية: الزحارية dysenteriae، فلكسنري flexneri، بويدي boydii، وسوني sonnei. تتم العدوى من إنسان إلى آخر عن طريق (شرج - فم) بالأيدي والأطعمة والأشياء الملوثة ببراز المصاب.

تبدأ الأعراض خلال 72 ساعة من العدوى وهي عادة ثنائية الطور. تنجم أعراض المرحلة الأولى عن زيادة تركيز الشيغلات في الأمعاء الدقيقة في حين ترتبط أعراض المرحلة الثانية بالغزو الجرثومي لمخاطية القولون. ففي اليوم الأول والثاني تتضمن اللوحة السريرية الحرارة، والألم البطني الماغص، والإسهال المائي الذي يتحول بعدها إلى إسهال مخاطي مدمى عند نصف المرضى مع زحير متكرر ناجم عن امتداد الإصابة الجرثومية من الأمعاء الدقيقة إلى القولون. يستمر التهاب القولون عادة من 4-7 أيام ويمكن له في حالات نادرة أن يستمر مدة شهر. ويمكن للشيغلات أن تترافق بتظاهرات سريرية غير هضمية عند الأطفال كنوب الصرع الكبير والمتلازمة الانحلالية اليوريمية، أما عند البالغين فيمكن مشاهدة التهاب المفاصل غير القيحي الذي يصيب المفاصل الكبيرة كالركبة والكاحل.

من الناحية التنظيرية تتوضع إصابة الشيغلات في المستقيم والسين ويمكن أن تمتد نحو الأعلى، والتبدلات المشاهدة غير نوعية تشمل الوذمة والاحتقان والتقرحات بأشكالها وأحجامها المختلفة.

يتم التشخيص باستفراد الشيغلة بالزرع الجرثومي للبراز.

تتضمن المعالجة في الحالات الشديدة إماهة المريض فموياً أو وريدياً ومعالجة الأعراض وإعطاء الصادات. وقائمة الصادات المستعملة بنجاح هي: الـ ciprofloxacin وtrimethoprim-sulfamethoxazole وampicillin وtetracycline وجميعها تعطي نسبة من الشفاء تصل إلى 90%.

 أما في الحالات البسيطة المحددة لنفسها فربما لا تكون الإماهة ضرورية ومع ذلك ينصح باستعمال الصادات النوعية لأنها تقصر مدة المرض وتقلل الفترة التي تطرح فيها الشيغلة في البراز كما أنها تقلل النكس.

ب- (السـلمونيلات): عصيات هوائية متحركة سلبية الغرام لا تخمر اللاكتوز، وهي تتكون من ثلاثة أنواع وتضم عدداً كبيراً من الأنماط المصلية المختلفة، والأنواع الثلاثة للسلمونيلة هي: S.typhi التيفية، S.choleraesuis الهيضية - الخنزيرية، S.enteritidis الملهبة للأمعاء وللنوع الأخير عشرة أنماط مصلية واسعة الانتشار في العالم.

تنتقل السلمونيلة إلى الإنسان عن طريق الفم بالطعام أو الشراب الملوثين وتدخل سريعاً في مخاطية اللفائفي الانتهائي والقولون حيث تتكاثر وتستولي على مخاطية الأمعاء وتنتقل بعدها إلى الأوعية والعقد اللمفاوية وكذلك إلى الدوران الجهازي والجهاز الشبكي البطاني.

تفرز السلمونيلة ذيفاناً ساماً للخلايا كما تستطيع بعض ذراريها إفراز ذيفان يشابه ذيفان الكوليرا.

يمكن لأخماج السلمونيلات أن تتظاهر بخمس متلازمات سريرية هي:

- التهاب معدة وأمعاء حاد: وهو أكثر هذه التظاهرات مشاهدة، تسببه السلمونيلة الملهبة للأمعاء، تبدأ الأعراض بعد 8-48 ساعة من التعرض للسلمونيلة بمغص بطني مؤلم وإسهال مائي قد يتحول لمخاطي مدمى، ويكثر حدوث الغثيان والقياء كما ترتفع الحرارة، وقد يشكو بعض المرضى من الصداع والسعال. يستمر الإسهال عادة يوماً واحداً أو يومين وأحياناً مدة أسبوع.

من الناحية التنظيرية: تتوضع إصابة السلمونيلة من الجزء الأخير للفائفي أو في القولونات حيث تكون موضعة في القولون الصاعد أو ممتدة على مسير القولونات. تتفاوت شدة الموجودات التنظيرية وفقاً لشدة الإصابة. تتضمن هذه الموجودات الوذمة التي تمنع رؤية الأوعية مع الهشاشة وسهولة النزف والتقرحات بمختلف درجاتها وأشكالها، وهذه الموجودات التنظيرية ليست نوعية للسلمونيلة.

- الحمى التيفية أو المعوية: تسببها السلمونيلة التيفية ويمكن أن تسببها أنواع أخرى وتدعى عندها بالحمى نظيرة التيفية. تقدر فترة الحضانة بعشرة أيام وهي تمتد بين عدة أيام وعدة أسابيع. ولعل السبب الأهم لاختلاف فترة الحضانة هو اختلاف كمية الجراثيم. تكون البداية مخاتلة بالصداع والفتور والقهم وترتفع الحرارة ارتفاعاً تدريجياً خلال عدة أيام ثم تصبح ثابتة. يشكو المريض من ألم بطني بشكل حس الثقل والتطبل مع إمساك يتحول لاحقاً لإسهال صريح عند أغلب المرضى. وتظهر الحمامى أو البقع الوردية على جلد البطن والصدر وكذلك اليرقان. يكون النبض بطيئاً ولا يتماشى مع ارتفاع الحرارة - يتضخم الطحال والكبد - ويمكن أن تتضاعف الحمى التيفية بالنزف أو بالانثقاب بمستوى لويحات باير Peyer في اللفائفي النهائي.

- تجرثم دم مع إسهال أو من دونه.

- أخماج موضعة خارج الأنبوب الهضمي: وهي تالية لتجرثم الدم تأخذ شكل التهاب زائدة دودية أو التهاب مرارة حاد أو ذات عظم ونقي أو التهاب تأمور أو التهاب سحايا أو التهاب طرق بولية.

- حملة لاعرضيون: هنا تتوضع السلمونيلات في المرارة والأوعية الصفراوية وتطرح مع البراز.

إن أغلب حالات التهاب الأمعاء بالسلمونيلات محددة لذاتها، ولذلك فإن العلاج الأساسي هو دعم المريض بالإماهة الفموية الجيدة أو الوريدية عند اللزوم. إن استعمال الصادات المختلفة في علاج التهاب المعدة والأمعاء الحاد بالسلمونيلات لا يقصر فترة المرض بل على النقيض من ذلك قد يطيل فترة طرح السلمونيلات في البراز؛ ولذلك يجب الاقتصار في استعمال الصادات على الحالات التي تكون فيها الأعراض شديدة أو عند الأشخاص المنهكين بمرض آخر وعند المثبطين مناعياً وأيضاً عند الحوامل والمسنين. ومشتقات (الكينولون) هي العلاج المفضل في هذه الحالات.

تعالج الحمى التيفية والتوضعات خارج المعوية للسلمونيلة بنجاح (بالكلورمفينكول والامبيسلين والأموكسيسلين وتري متوبريم - سلفاميتاكسازول) لفترة 10-14يوماً. وقد ذكرت في السنوات الأخيرة حالات متزايدة لعناد السلمونيلة على هذه الأدوية، وتؤكد العديد من الدراسات فعالية العلاج بمركبات (الكينولون) والجيل الثالث من (السيفالوسبورينات) مع نسبة أقل من النكس عند علاج الحمى التيفية.

ج- العطيفات Campylobacter: عصيات سلبية الغرام ملتوية أو منحنية، اعتقد في البدء لصعوبة زرعها واستفرادها أنها ليست سبباً مهماً للإسهال الخمجي، ولكن مع تحسن  تقنيات الزرع الجرثومي وتطوره صارت تستفرد بنسبة أكبر من السلمونيلة والشيغلة.

يعرف منها اليوم على الأقل تسعة أنواع ممرضة للإنسان، والعطيفة الصائمية Campylobacter jejuni هي أكثر الأنواع مشاهدة في زرع البراز للمصابين بالإسهال الخمجي وقد تتفوق عليها العطيفات الجنينية fetus عند المضعفين مناعياً.

إن عدداً قليلاً نسبياً من الجراثيم «400 - 800 جرثومة» تكفي لإحداث الخمج وتنتقل العدوى بالطعام أو الماء الملوث. وأهم الأطعمة التي ذكرت للنقل هي: الحليب الملوث والبيض والدجاج. إن الانتقال المباشر من شخص إلى آخر غير مألوف في العطيفة الصائمية ويبدو أكثر مشاهدة في الأنواع الأخرى.

تحدث الحمى والإسهال خلال 2-4 أيام من التعرض وفي طور بادري يسبق الإسهال يمكن أن يشتكي بعض المرضى من: حمى، ونقص شهية، وصداع وآلام عضلية وشعور مبهم بعدم الارتياح البطني. يكون الإسهال شديداً عادة. وهو كما في حالة الشيغلات يبدأ بإسهال مائي ويتحول عند نحو 60% من المرضى إلى إسهال مخاطي مدمى؛ ربما لأن الإصابة الباكرة تتوضع في الصائم ثم تمتد لتشمل لاحقاً اللفائفي والقولون. تستمر الأعراض من 2-9 أيام ويمكن في بعض الأحيان أن تمتد عدة أسابيع.

يتم التشخيص بالزرع الجرثومي للبراز واستفراد العطيفات.

إن تجرثم الدم نادر المصادفة في النوع الصائمي للعطيفات ولكنه أكثر مشاهدة في النوع الجنيني. ومع أن أخماج العطيفات محددة لذاتها فقد ذكرت لها عقابيل مهمة مثل: التهاب العقد المساريقية، والتهاب الزائدة، وتوسع القولون السمي، والتهاب القولون الغشائي الكاذب، ونزف هضمي كتلي. ومن العقابيل خارج المعوية يذكر: التهاب المرارة الحاد والتهاب المفاصل الارتكاسي والتهاب السحايا.

التبدلات التنظيرية هي كما في حالات التهاب القولون الحاد المحدد لنفسه ليست نوعية، وللخزع النسيجية دور في نفي الأسباب الأخرى كالتهابات القولون النوعية.

غالباً ما تتراجع الأعراض قبل ظهور نتائج الزرع الجرثومي للبراز. ويتم خلال هذه الفترة تدبير المريض بالإماهة الجيدة. في بعض الحالات الشديدة أو عند استمرار الأعراض فترة طويلة أو بوجود مضاعفات جهازية يستطب علاج العطيفات الصائمية بالـ erythromycin 250مغ 4 مرات يومياً فهو يقصر فترة الأعراض ويقلل أيضاً فترة طرح الجراثيم في البراز. أما العطيفات الجنينية فهي تعالج وريدياً بالـ gentamycin أو  ampicillin.

د- الإشريكيات القولونية Escherichia coli: عصيات سلبية الغرام يمكن أن تكون ساكنة أو متحركة سهلة الزرع، يمكن تعرفها مخبرياً بسهولة، ويتم تحديد أنماطها المصلية استناداً للمستضدات H, K, O التي تمثل على التوالي جدار الإشريكيات ومحفظتها وسوطها.

تشكل العصيات القولونية جزءاً مهماً يصل حتى 80% من النبيت المعوي الهوائي عند البالغين ومع ذلك يمكن لأنماط مصلية معينة منها أن تؤدي إلى حدوث الإسهالات الحادة. ويمكن تصنيف هذه الأنماط في 3 مجموعات وفقاً لآلية عملها:

- الإشريكيات المفرزة للذيفان المعوي التي تسبب عادة إسهالات المسافرين.

- الإشريكيات الممرضة للأمعاء التي تسبب أوبئة عند حديثي الولادة.

- الإشريكيات التي تغزو جدار الأمعاء وهي تشبه الشيغلات التي سبق تعرفها.

كما يمكن تصنيفها وفقاً لتوضع الإصابة؛ فبعضها يصيب الأمعاء الدقيقة كالإشريكيات القولونية المفرزة للذيفان المعوي، والممرضة للأمعاء، والملتصقة على الأمعاء وستدرس مع مجموعة الجراثيم المفرزة للذيفان، وبعضها يصيب القولون ويؤدي إلى إسهال مخاطي مدمى مع وجود الكريات البيض بكثرة في البراز وهي تشمل:

- الإشريكيات الغازية للأمعاء: تنتقل العدوى بالطعام الملوث ويشترط لحدوث الإصابة وجود كمية كبيرة من الجراثيم 810 جرثومة حيث تظهر الأعراض خلال 24 ساعة بإسهال مائي في البداية ويتحول لاحقاً إلى إسهال مخاطي قيحي نادراً ما يكون مدمى. وكما في الشيغلات يترافق الإسهال مع الحرارة والعرواءات والزحير والألم البطني الماغص والآلام العضلية. ويشار إلى أن تجرثم الدم نادر المشاهدة، كما أن الموجودات التنظيرية ليست نوعية وهي تشبه ما يصادف في الشيغلات.

إن زرع هذه الإشريكيات صعب وهو ما دعا إلى الاعتقاد بأنها قليلة المصادفة. ينصح بالعلاج (بالامبيسلين) 2غ/يوم عضلياً مدة 3 أيام.

- الإشريكيات القولونية المنزفة: تتضمن عدة أنماط مصلية أكثرها مصادفة 0157:H7، وهي ليست غازية لمخاطية القولون ولكنها تلتصق بها وتطلق نوعين من الذيفان الخلوي المشابه لذيفان الشيغلة. وقد أعطي لهما الرقم 1و2 وهما يؤديان إلى الموت الخلوي الذي ينجم عنه إسهال مدمى بشدة.

تنتقل العدوى بالطعام الملوث: اللحوم «خاصة الهمبرغر» والحليب والماء. تستمر فترة الحضانة عدة أيام وتعد الإسهالات الدموية أبرز مكونات اللوحة السريرية حيث يطرح المريض برازاً مدمى بعدد كبير من المرات يراوح بين 3-30 مرة باليوم وفقاً لشدة الإصابة، وليست الحمى من الأعراض الثابتة، ويستمر الإسهال 7-9 أيام.

ليست الموجودات التنظيرية وصفية ولانوعية وهي تشبه بقية الموجودات في حالات التهاب القولون الحاد المحدد لذاته: «وذمة مخاطية - هشاشة وعائية - تقرحات - دم صريح».

أهم المضاعفات المرافقة للقولونية المعوية النزفية 0157:H7 هي المتلازمة الانحلالية اليوريمية التي تصادف عند 10% من المرضى. وكذلك فرفرية نقص الصفيحات الأساسية.

لاتوجد دراسات تؤكد فعالية العلاج بالصادات بل على النقيض من ذلك هناك دراسة واحدة على الأقل تنصح بعدم استعمال الصادات لأنها مؤذية للمريض.

تقترح دراسة حديثة فعالية (الغلوبلين) المناعي البشري الذي يحتوي على أضداد للذيفان المشابه للشيغلة في علاج المتلازمة الانحلالية اليوريمية.

هـ- (اليرسينيات) Yersinias: جراثيم سلبية الغرام يمكن أن تأخذ شكل مكورات أو عصيات، ولها ثلاثة أنواع تصيب الإنسان هي: اليرسينية المعوية - القولونية والسلية والطاعونية، والأخيرة هذه هي المسؤولة عن الطاعون البشري في حين تؤدي الإصابة باليرسينية المعوية - القولونية والسلية لحدوث التهاب معدة وأمعاء.

تتم العدوى بتناول الطعام الملوث خاصة مشتقات الحليب وبدرجة أقل اللحوم والسمك والخضروات، كما أن الانتقال من شخص إلى آخر ممكن.

تتوضع اليرسينية في اللفائفي النهائي والقولون الداني حيث تتكاثر وتغزو الجدار بكامل طبقاته وتؤدي إلى التهاب شامل للجدار المعوي وتقلد بذلك داء كرون.

وهناك معطيات تشير إلى أن اليرسينية المعوية تطلق ذيفاناً معوياً صامداً للحرارة مما يفسر الإسهال المائي الذي يصادف في بعض الحالات.

يمكن لليرسينية أن تتظاهر بخمسة أشكال سريرية هي:

- إسهال حاد: تظهر متلازمة حادة تشبه الإصابة بالشيغلة وتتضمن إسهالاً مخاطياً مدمى مع الحمى والقياء والألم البطني، وقد تحدث مع طفح جلدي والتهاب بلعوم. يستمر الإسهال حتى أسبوعين وقد يستمر ستة أسابيع.

- إسهال مزمن: يستمر أكثر من شهر يصادف خاصة عند الأطفال ويترافق بسوء تغذية ويعطي صورة سريرية تشبه داء كرون إلا أنه يتراجع بالصادات.

- ألم يقلد التهاب الزائدة الدودية: يتوضع في الربع السفلي الأيمن للبطن ويترافق مع الحمى وارتفاع الكريات البيض في الدم مع إسهال خفيف أو غائب.

- تجرثم الدم.

- تقيحات موضعة.

يضاف إلى التظاهرات الهضمية تظاهرات أخرى خارج معوية لليرسينية أهمها: التهاب مفاصل غير قيحي عند حاملي HLA B-27، والحمامى العقدة، والحمامى عديدة الأشكال، والتهاب الدرق المناعي.

تنظيرياً: يصيب اللفائفي النهائي والدسام اللفائفي الأعوري والأعور والقولون الصاعد ويمكن أن يمتد في حالات عديدة ليصيب كامل القولونات. والموجودات التنظيرية تقلد داء كرون وتسمح الدراسة النسيجية للخزع بتأكيد التشخيص.

تعنو اليرسينية جيداً للمعالجة بالـ tetracycline وtrimethoprim-sulfamethoxazole و(الأمينوغليكوزيدات) والـ ciprofloxacin.

2- الجراثيم المفرزة للذيفان المعوي:

تلتصق هذه الجراثيم على جدار الخلية المعوية وتتكاثر على سطحها من دون أن تخترق هذا الجدار وتفرز ذيفاناً معوياً يؤدي إلى إسهالات مائية شاردية. وهي تضم:

أ- الهيضة: العامل الممرض عصيات سلبية الغرام منحنية بشكل الفاصلة قابلة للحركة بسهولة، ولها نوعان: ضمات الهيضة المسؤولة عن الهيضة الآسيوية والثاني ضمات الطور (نسبة إلى سيناء) تشبه الأولى ولكنها أكثر مقاومة منها وتعيش فترة أطول خارج المستودع البشري حتى في المياه المالحة. يمكن بدراسة المستضدات الجرثومية المختلفة تمييز أكثر من 60 مجموعة مصلية مختلفة.

الهيضة مرض يصيب البشر فقط وينتقل من شخص إلى آخر بوساطة الماء والطعام الملوث بمخلفات المرض، كما إن الانتقال ممكن أيضاً بالتماس مع المريض المصاب وملابسه وحاجاته الخاصة.

من الناحية السريرية يمكن للإصابة أن تتظاهر بـ 3 أشكال سريرية مختلفة هي:

- الهيضة التقليدية: وقد أصبحت اليوم نادرة فبعد حضانة 2-3 أيام تبدأ الأعراض فجأة بإسهال مائي غير برازي، غزير «كماء الرز» غير مؤلم. تزداد شدة الإسهال سريعاً ليأخذ شكل سيلان عفوي من الشرج الواهن، يعقب الإسهالَ إقياءاتٌ متكررة وتكون الحرارة طبيعية أو منخفضة. تؤدي الإسهالات الغزيرة إلى خسارة عدة لترات خلال ساعات وحدوث تجفاف سريع وخطير وتصبح حالة المريض حرجة مع سحنة خاصة، ووجه غائر وجلد مغطى بتعرق بارد، ونبض خيطي أو غير مجسوس، وضغط منخفض مع انقطاع تام أو شح في البول. وتحدث تقلصات عضلية شديدة الألم في عضلات الأطراف وجدار البطن. إن التعويض الوريدي السريع والفعال للسوائل والشوارد هو الأمل الوحيد في إبقاء المريض على قيد الحياة. وتؤدي الإماهة الإسعافية الباكرة إلى تحسن سريري مدهش بالرغم من أن القصور الكلوي الحاد قد يستمر.

- الهيضة الجافة: تتجمع كمية كبيرة من السوائل خلال فترة زمنية بسيطة في لمعة الأمعاء، ويموت المريض بوهط دوراني وصدمة حادة قبل حدوث الإسهال. وبتشريح الجثة تكون عرى الأمعاء الدقيقة متوسعة وممتلئة بالسوائل.

- الهيضة السليمة: وهي الأكثر مصادفة هذه الأيام. تتظاهر بإسهال حاد قد يصل إلى 15 مرة باليوم من دون تجفاف خطير وإقياء وحمى. يؤدي عدم التفكير بالهيضة في هذه الحالات إلى انتشار واسع للمرض.

التشخيص:

يجب أن يكون التشخيص سريرياً في المناطق الموبوءة فكل إسهال مائي مفاجئ من غير حمى مع إقياءات وتجفاف شديد عند مريض مقيم أو عائد من تلك المناطق يعد مصاباً بالهيضة ويعالج على هذا الأساس. يتأكد التشخيص بالفحص الجرثومي المباشر للبراز الطازج أو مسحات الشرج ورؤية الضمات المتحركة. ويمكن استفراد الضمات وزرعها على أوساط خاصة. ليس هناك أهمية عملية للمعايرات المصلية والدراسة المستضدية لأن نتائجها متأخرة.

من الناحية الوبائية: على الرغم من أن الهيضة أصبحت جزءاً من تاريخ الطب في البلاد الغربية فالهيضة الآسيوية تستوطن حتى اليوم دلتا نهر الغانج.

المعالجة:

تتضمن المعالجة الإماهة أو تعويض السوائل واستعمال الصادات الحيوية. يجب أن يتم تعويض السوائل بحماسة وسرعة فائقة عبر استخدام عدة أوردة محيطية أو قثطرة وريدية مركزية. هناك عدة أنواع من السوائل الجاهزة للحقن مباشرةً والتي ينسجم تركيبها مع الخسائر المفترضة. وعموماً يحتوي اللتر الواحد منها على 130ميلي مكافئ من الصوديوم و4ميلي مكافئ من البوتاسيوم و109ميلي مكافئ من الكلور و28ميلي مكافئ من بيكربونات الصوديوم.

تتطلب حالات التجفاف وارداً سريعاً من السوائل بمعدل 50-100مل/بالدقيقة حتى يعود النبض الكعبري ممتلئاً أي ما يعادل 5-6 لترات في الساعات الأولى. وعندما يستقر وضع المريض تستكمل الإماهة بالطريق الفموي الذي يمكن اللجوء إليه من البداية في حالات التجفاف البسيط والتي لا تترافق بالقياء، مع ضرورة الانتباه لوجود الغلوكوز جزءاً من تركيب سوائل الإماهة الفموية لأنه يسهل امتصاص الصوديوم.

استعمال الصادات: تمتلك الصادات تأثيرين، فهي تقلل حجم الإسهال لأكثر من النصف وتسرع إطراح ضمات الهيضة. (التتراسيكلين) هو العلاج المعياري يعطي 500ملغ أربع مرات يومياً مدة ثلاثة أيام. ويملك (الدوكسيسكلين) فعالية مشابهة. ومن البدائل: (الفلوروكينولونات) (ciprofloxacin, norfloxacin) و(الماكروليد) (azithromycin, erythromycin).

الوقاية:

تعتمد على مجموعة من الإجراءات كعزل المرضى ومعالجتهم ومراقبة المسافرين إلى المناطق الموبوءة، وتوصي اليوم منظمة الصحة العالمية بالتتراسيكلين علاجاً وقائياً شخصياً.

تتوافر اليوم ثلاثة أنواع من اللقاحات:   

- لقاح جدار الضمات المعطلة يعطى حقناً وبجرعتين متتاليتين بفاصل عدة أسابيع وهو يضمن وقاية بنسبة نحو 50% ولمدة تراوح بين 3-6 أشهر.

- لقاح فموي يتضمن جدار ضمات الهيضة المعطلة مع الجزء B للذيفان: وهو ما توصي به منظمة الصحة العالمية منذ 1999 لسكان المناطق العالية الخطورة.

- لقاح فموي حي مضعف يتضمن الجزء السام من الذيفان :A تضمن جرعة وحيدة منه درجة عالية من الوقاية.

ومع أنه تم الترخيص باستعمال اللقاح الثاني والثالث في أوربا فإنه لم يرخص باستعمالهما في الولايات المتحدة الأمريكية حتى 2006.

ب- العنقوديات Staphylococcus: العنقوديات مكورات إيجابية الغرام، ليس لها محفظة، ساكنة تتجمع بشكل عناقيد. وهي سهلة الزرع على الأوساط العادية. تفرز بعض مستعمراتها صباغاً أصفر يميز العنقوديات البيضاء غير الممرضة عادة من العنقوديات الذهبية الممرضة عادة، على أن السمة الأساسية التي تميز بين العنقوديات الممرضة وغير الممرضة هي إمكانية تخمير (المانيتول) وإنتاج مواد مخثرة. يمكن تعرف 6 ذرارٍ من العنقوديات تستطيع إفراز ذيفان معوي. ويمكن تمييز نوعين لهذا الذيفان هما A وB.

يمكن للإسهالات الناجمة عن العنقوديات أن تأخذ شكلين مختلفين:

- الانسمام الغذائي بالعنقوديات: يتصف بفترة حضانة قصيرة جداً، فخلال نصف ساعة حتى 3 أو 4 ساعات من تناول الوجبة تبدأ الأعراض بغثيان وقياء متكرر مع آلام بطنية شديدة وبعدها يظهر الإسهال وهو عادة إسهال غزير. وخلافاً للمفاهيم الكلاسيكية »إسهال مؤلم غير مدمى ومن دون حرارة« فإن حرارة أعلى من 83ْ ليست نادرة كما إن الإسهال قد يكون مدمى. تتلون اللوحة السريرية عادةً ببعض العلامات الانسمامية العامة المقلقة كالشحوب والتعرق وتسرع القلب وهبوط الضغط وشح البول.

بفحص المريض: يكون البطن مؤلماً من دون وجود علامات جراحية لتخريش الصفاق (البريتوان) كما تجس وتسمع قرقرة الأمعاء. الإنذار جيد ففي الغالبية العظمى من الحالات تزول الأعراض وتعود الأمور كما كانت عليه خلال 12ساعة. ويمكن مشاهدة بعض الحالات الخطيرة خاصة عند تناول كمية كبيرة من الطعام الملوث أو عند المسنين والأطفال.

ينجم الانسمام الغذائي عن تناول الطعام الملوث بالعنقوديات الذهبية أو الجلدية، ويتم التلوث عن طريق العاملين في إعداد الطعام أو تخزينه أو تقديمه ويحملون العنقوديات في الأيدي أو البلعوم.

الأطعمة البروتينية الحاوية على عدد قليل من الجراثيم المنافسة هي الوسط المثالي لنمو العنقوديات خاصة بوجود السكر «كاتو، بوظة، مرتديلا…» تستطيع الجراثيم الموجودة في درجة حرارة بين 3-06ْ وخلال 3-4 ساعات أن تفرز ذيفاناً معوياً لايتأثر بالعصارات الهضمية ولا يتخرب بالحرارة فإعادة تسخين الطعام تقتل الجراثيم ولا تخرب الذيفان. ويشترط وجود مليون جرثومة لإفراز كمية كافية من الذيفان لإحداث الأعراض. يقوم الذيفان بتعطيل امتصاص الصوديوم والبوتاسيوم في الأمعاء من دون أية تبدلات نسيجية.

التشخيص الأساسي سريري فالتظاهرات السريرية والقصة المرضية واسمة للتشخيص. وليس هناك أهمية لاستفراد العنقوديات من البراز فوجودها لايؤكد التشخيص وغيابها لا ينفيه. وعلى النقيض من ذلك فإن لوجودها بالفحص المجهري المباشر في الطعام المتهم قيمة تشخيصية أكيدة. إن الكشف عن وجود الذيفان في الطعام ممكن ولكنه ليس من الاستقصاءات الروتينية.

المعالجة عرضية بتعويض السوائل والشوارد ومعالجة الأعراض، وليست الصادات ضرورية إلا في حالات خاصة.

- التهاب الأمعاء والقولون بالعنقوديات: هو مضاعفة خطيرة لاستعمال الصادات من زمرة السيكلينات واللينكوماسين وهو لحسن الحظ نادر المصادفة، يصيب الأطفال والمتقدمين بالسن والمرضى المضعفين مناعياً.

يتظاهر بعد عدة أيام من بدء العلاج بالصادات بإسهال مخاطي سائل غزير يحتوي على ما يشبه «حبات الرز». يشاهد بتنظير القولونات تقرحات غير وصفية تصيب المستقيم والقولون مع أغشية كاذبة، كما يمكن أن تصاب الأمعاء الدقيقة أيضاً. تتكاثر العنقوديات في لمعة الأمعاء وتستفرد بزرع البراز كما تشاهد بالفحص الجرثومي المباشر للبراز. وتنجم الاضطرابات الهضمية من جهة عن تأثير الذيفان في الأمعاء الدقيقة ومن جهة ثانية عن إصابة جدار القولون بالعنقوديات. الإنذار سيئ بالرغم تعويض السوائل واستخدام الصادات المناسبة وفق نتائج زرع البراز والتحسس الجرثومي.  

ج- الإشريكيات القولونية: تحتل الإشريكيات القولونية التي لا تغزو الجدار المعوي مكاناً مهماً بين الجراثيم المسببة للإسهالات الحادة لدى البالغين والأطفال على حد سواء وخاصة في إسهالات المسافرين.

ونميز في هذه المجموعة الجرثومية:

- الإشريكيات المفرزة للذيفان المعوي: تتمثل الأعراض بالإسهال والألم البطني. يكون الإسهال مائياً وغالباً ما يكون غزيراً وقد يشبه الهيضة، في ثلث المرضى تشاهد أعراض مرافقة كالغثيان والصداع والعرواءات مع الوهن، ونادراً ما تترافق الشكوى مع الحمى والقياء. تستمر الأعراض من دون معالجة وسطياً 4 أيام وقد تتأخر في بعض الحالات حتى أسبوعين.

يتم التشخيص بالزرع الجرثومي للبراز حيث تشاهد سيطرة واسعة للإشريكيات التي يمكن تعرف نمطها المصلي باختبارات التراص.

تتضمن المعالجة إماهة جيدة للمريض ومعالجة الأعراض المرافقة للإسهال وإعطاء الصادات وينصح بإعطاء trimethoprim-sulfamethoxazole أو الـ doxycycline.

ووقاية من إسهالات المسافرين ينصح بغلي ماء الشرب والحليب أو تناول مياه معدنية معروفة، وتقشير الفواكه وغسل الخضروات النيئة وتجنب المثلجات والأطعمة البحرية، كما ينصح وقائياً بتناول trimethoprim-sulfamethoxazole.

- الإشريكيات الممرضة للأمعاء: تسبب إسهالات وبائية تصيب حديثي الولادة والأطفال ممن هم دون 3 سنوات ويعتقد بأنها نادرة عند البالغين.

سريرياً تتصف الإسهالات بأنها شديدة ومديدة ومهددة للحياة بسبب التجفاف.

يتم البحث منوالياً عن الإشريكيات القولونية في براز صغار الأطفال المصابين بالإسهال وذلك بالزرع الجرثومي ومن ثم يمكن تحديد النمط المصلي المستفرد.

تتضمن المعالجة تعويض السوائل والشوارد وريدياً أو فموياً أما الصادات فليست ضرورية.

د- المطثيات العسيرة Clostridium difficile: عصيات لاهوائية إيجابية الغرام تشكل أبواغاً وهي العامل الممرض في التهاب القولون الغشائي الكاذب.

انتباه: يصادف التهاب القولون الغشائي الكاذب عند من هم قيد العلاج بالصادات.

تبدأ التظاهرات السريرية خلال أسبوع من تناول الصادات وقد تتأخر حتى 4-6 أسابيع بعد إيقافها إذ يشكو المريض من إسهال غزير مائي يحتوي على كمية وافرة من المخاط بلون أخضر أو مائل للأخضر عفن وكريه الرائحة ونادراً ما يكون الإسهال مدمى.

ومن الأعراض المرافقة الألم البطني الماغص والحمى والإيلام بجس البطن. في الحالات الشديدة والمتأخرة يلاحظ التجفاف واضطراب الشوارد وانخفاض الضغط.

مخبرياً: ينقص ألبومين المصل وتزداد الكريات البيض في البراز وأكثر المضاعفات النوعية الخطيرة هي توسع القولون السمي.

يسمح تنظير القولونات بمشاهدة الأغشية الكاذبة، بشكل أعداد كبيرة من صفائح متجاورة ومرتفعة تلتصق على المخاطية وتكون واضحة الحدود بلون أبيض مائل للاصفرار وبأبعاد متفاوتة تحيط بها مخاطية طبيعية أو متوذمة قابلة للنزف عند اقتلاع الصفائح، كما يمكن أن تشاهد نتحة قيحية مخاطية ناجمة عن انسلاخ مخاطية القولون المتنخرة.

إن الاستقصاء المخبري المعياري لتشخيص التهاب القولون الغشائي الكاذب هو معايرة ذيفان المطثيات في البراز ويمكن أن تتم المعايرة بطريقتين:

الأولى: هي المعايرة الحيوية للذيفان B في البراز وتتطلب مخبراً متطوراً مع كلفة باهظة، كما تتطلب 48-72 ساعة وهي تتميز بحساسية ونوعية ممتازة.

الثانية: هي معايرة الذيفان A وB بالـ ELISA في البراز وهي طريقة سريعة النتائج قليلة الكلفة وتتميز بحساسية ونوعية عالية وهي الطريقة المتبعة في أغلب المخابر.

تهدف المعالجة إلى إزالة الذيفان والمطثيات المفرزة له من القولون، والطريق الفموي هو المفضل لأنه يحقق كثافة دوائية عالية في اللمعة، وهو الشرط اللازم لتحقيق هدف المعالجة لأن المطثيات لا تغزو مخاطية القولون ولا تحدث تجرثم الدم.

تشير الدراسات إلى أن الفعالية العلاجية متساوية عند استعمال metronidazole أو vancomycin في الأشكال السريرية البسيطة والمتوسطة الشدة. ولأن (الميترونيدازول) دواء فعال وجيد التحمل وقليل الكلفة فهو يعد الدواء الأول في حالات التهاب القولون الغشائي الكاذب البسيط والمتوسط الشدة. في حين ينصح بإعطاء الـ vancomycin في الحالات الخطيرة والشديدة. وأيضاً في الحالات التي لاتستجيب (للمترونيدازول) سواء بسبب عناد المطثيات عليه أو بسبب عدم توفير كثافة علاجية كافية في القولون نتيجة امتصاصه في الأمعاء الدقيقة.

هـ- المطثيات الحاطمة والوشيقية Clostridium perfringens ,C. botulinum: تتظاهر الإصابة بالمطثيات الحاطمة والوشيقية بصورتين سريريتين مختلفتين كلياً بشدة الأعراض وخطورة الإنذار.

تتمثل الصورة الأولى بالانسمام الوشيقي والانسمام بالحاطمة من النوع A القادرة على إفراز ذيفان معوي. يحدث الإسهال بعد 10-12ساعة من تناول الطعام الملوث الذي هو عادة اللحوم التي تم تحضيرها مسبقاً وأعيدت إلى الثلاجة ليصار إلى استهلاكها لاحقاً. وهو إسهال مائي غير شديد وقصير الأمد. ونادراً ما يوضع التشخيص قبل اختفاء الأعراض وليست الصادات الحيوية ضرورية.

أما الصورة السريرية الثانية فهي تتمثل بالتهاب الأمعاء النخري وتسببه المطثيات الحاطمة من النوع C وهو يصيب الأطفال خاصة، وينجم عن تناول لحم الخنزير المطبوخ على نحو غير كافٍ، يتظاهر بإسهالات مدماة وعفنة مع قياء متكرر وآلام بطنية شديدة ومبرحة. وهذه الحالات كلها خطرة على حياة المصاب.

تتضمن المعالجة الإماهة مع الصادات «أمبيسيلين أو تتراسكلين» والمصل النوعي المضاد للمطثيات الحاطمة C. في غياب هذه المعالجة الفعالة والباكرة أو في حال إخفاقها تزداد حالة المريض سوءاً وتظهر أعراض وعلامات لمتلازمة تحت انسداد معوي.

ثانياً- الأسباب الفيروسية للإسهالات الخمجية:

هي أكثر أسباب الإسهالات الخمجية مصادفة في الدول الصناعية، فقد عرف أكثر من 100 نوع من الفيروسات الممرضة التي تنتقل مباشرة من إنسان إلى آخر أو من خلال الطعام والشراب الملوثين وتؤدي إلى حدوث التهاب معدة وأمعاء حاد بشكل جائحات أو حالات متفرقة.

تضم اللوحة السريرية تظاهرات عديدة فهي قد تجمع مع الإسهالات الحمى التي تتفاوت في شدتها والقياء والألم البطني والصداع والآلام العضلية وأحياناً التهاب البلعوم.

تم منذ وقت طويل تعرف فيروسات الروتا ROTA على أنها سبب أساسي واسع الانتشار عالمياً للإسهالات عند الأطفال فهي تسبب جائحات سنوية في الشتاء أو بداية الربيع، تصيب الأطفال بأعمار 4-5 سنوات وتتظاهر بإسهالات مائية انفجارية. وتصادف بشكل حالات متفرقة في بقية فصول السنة. وتشير دراسات حديثة إلى أن هذه الفيروسات يمكن أن تكون عاملاً مهماً للإسهال الخمجي حتى عند البالغين.

ومن الفيروسات الأقل مصادفة في إسهالات الأطفال الخمجية تذكر: الفيروسات العقدية المعوية enteric adenoviruses 40/41 والفيروسات الكأسية caliciviruses والفيروسات النجمية astroviruses، وأخيراً الفيروسات المعوية ومنها الكوكساكي Coxsackie المسؤولة عن جزء مهم من إسهالات الصيف.

وبالمقابل فإن فيروس Norwalk هو العامل الممرض الأهم عند البالغين وهو شديد الفوعة، يعد وحده مسؤولاً عن 90% من جائحات الإسهالات الخمجية عند البالغين في الولايات المتحدة، كما أنه يعد أحد الأسباب المهمة لإسهالات المسافرين.

ليست الاستقصاءات المخبرية ضرورية في الأخماج الفيروسية المعوية عادةً. وعندما يستطب التشخيص السببي فإن مستضد الروتا قابل للكشف في البراز باللاتكس والإليزا والأمر نفسه في الفيروسات العقدية 41/40، أما الأنماط الفيروسية الأخرى فيمكن تعرفها بالمجهر الإلكتروني أو بالزروع الفيروسية للبراز.

نظراً للأهمية الخاصة للإسهالات الناجمة عن الفيروس المضخم للخلايا cytomegalovirus عند المضعفين مناعياً تفضل دراسته بشيء من التفصيل:

- الفيروس المضخم للخلايا: ينتمي إلى عائلة فيروسات الحلأ البسيط، وهو واسع الانتشار بين السكان إذ تصادف أضداده النوعية في المصل عند أكثر من 80% من البالغين، تنتقل العدوى بالتماس المباشر والمديد أو بالانتقال العمودي من الأم إلى الجنين في أثناء الولادة، ونقل الدم، والاتصال الجنسي. وكجميع فيروسات الحلأ يبقى كامناً في النسج بعد الخمج الحاد ويتفعل ويعود للنشاط فقط عند المضعفين مناعياً كمرضى زرع الأعضاء المختلفة والمصابين بأمراض منهكة ومرض عوز المناعة المكتسب AIDS.

إن هذا الفيروس عامل ممرض للأمعاء الدقيقة والغليظة عند المثبطين مناعياً فهو يؤدي إلى إسهالات مائية ترافق أعراضاً أخرى وفقاً لتوضع الإصابة، فإصابة الأمعاء الدقيقة تسبب ألماً بطنياً وحمى ونقص وزن، وينجم عن إصابة القولون زحير ونزف هضمي وألم شرجي. ومن المضاعفات الهضمية الحادة يذكر: النزف، وانثقاب الصفاق.

يوضع التشخيص بالتنظير الهضمي والخزعة وتتفاوت الموجودات التنظيرية من شخص لآخر. وقد تكون المخاطية طبيعية. ومن المعروف اليوم أن الاستقصاء الأكثر حساسية للتشخيص هو تفاعل البوليراز التسلسلي (PCR)، ولا أهمية تشخيصية لمعايرة أضداد هذا الفيروس في المصل ولا لزرعه في البراز.

العلاج المقترح هو ganciclovir فهو يحسن الأعراض ولكن النكس هو القاعدة بعد إيقاف العلاج. ومن الأدوية الحديثة الواعدة يذكر Foscarnet.

ثالثاً- الأسباب الطفيلية للإسهالات الخمجية:

يمكن في حالات قليلة لأخماج الطفيليات كالمتحول الزحاري الأميبي والمتفطرات والديدان أن تتظاهر بإسهال حاد يقلد الإسهال الجرثومي الناجم عن إصابة القولون. ولكن القاعدة هي أن تبدو تظاهرات سريرية مزمنة تتمثل عادة بنقص الوزن وفقر الدم. وفيما يلي نبذة عن داء المتحولات والجيارديا والمستخفيات (الكريبتوسبوريديوم):

1- داء المتحولات أو الأميبات Amebiasis:

ينجم داء المتحولات عن الأميبات التي عرف لها عدة أنواع، نوع واحد منها فقط ممرض للإنسان هو المتحولة الزحارية الحالة للنسج والتي تصيب المعي الغليظ وتحدث فيه تقرحات عديدة تدخل في التشخيص التفريقي لأمراض الأمعاء الالتهابية. والمتحولة الزحارية هي ثالث أهم الطفيليات الممرضة في العالم بعد البلهارسيا والملاريا.

الفيزيولوجية الإمراضية: تبتلع أكياس المتحول الزحاري بالماء أو الطعام الملوثين أو بعد اتصال جنسي وتصل الأكياس إلى الأمعاء حيث يتحلل جدارها وتتحرر منه المتحولات النشيطة التي يمكن لها أن تغزو مخاطية القولون مسببة داء المتحولات أو أن تتحول مرة ثانية إلى أكياس تطرح مع البراز. إن وجود المتحولات الزحارية في القولون لا يشير بالضرورة إلى أنها غازية للجدار، فمن المعروف أن بعض الذراري ليست ممرضة كما أن بعضها الآخر يتطلب ليصبح ممرضاً وجود أنواع خاصة من الجراثيم أو الفيروسات.

يمكن لخمج المتحولات الحالَّة للنسج أن يأخذ أحد الأشكال التالية:

- حملة لاعرضيين: حيث تعيش الأميبة في الأمعاء ولا تغزو الجدار ولا يسبب وجودها أعراضاً، وتتحول إلى أكياس تطرح مع البراز.

- التهاب القولون بالمتحولات الزحارية: يزداد حدوثه مع التقدم بالعمر ويتظاهر بإسهال معتدل الشدة مع وجود الدم  والمخاط في البراز أو من دونه. يحدث الإسهال مع ألم بطني ماغص يأخذ أحياناً شكل الشعور بالتطبل والانتفاخ وعدم الارتياح. ويمكن للأعراض السابقة أن تكون أشد خاصة عند المثبطين مناعياً فتتحول شكوى المريض إلى إسهال قيحي مخاطي مدمى غزير مع ألم بطني شديد وارتفاع حرارة ونقص شهية ونقص وزن. وتكثر في هذه الحالات مشاهدة المضاعفات الحادة وأهمها: النزف الهضمي الغزير وانثقاب القولون مع التهاب الصفاق، وتوسع القولون السمي. أما المضاعفات المزمنة فهي تتمثل بتضيقات القولون.

- تظاهرات خارج معوية: أهمها خراج الكبد الزحاري الذي يصادف عادة عند الذكور اليافعين وتذكر نسبة مهمة منهم وجود أعراض معوية سابقة. يتظاهر الخراج بألم مخاتل أو مفاجئ في الربع العلوي الأيمن للبطن وينتشر نحو الكتف الأيمن مع عرواءات، حرارة وتعرق غزير، ونقص في الشهية. وتجس ضخامة كبدية مؤلمة وتظهر صورة الصدر ارتفاعاً في قبة الحجاب الأيمن مع انصباب جنب أو من دونه، كما يظهر تخطيط الصدى الخراج بشكل عقدة كبدية ناقصة أو غير متجانسة الصدى بأبعاد متفاوتة. يمكن للخراج الكبدي أن يختلط بالتهاب الصفاق أو تقيح التأمور.

يشخص الداء المعوي الأميبي بفحص البراز الطازج ورؤية الأتاريف النشيطة trophozoites التي تصادف في 33-50% من الحالات عند دراسة عينة واحدة وترتفع النسبة إلى 70% بعد دراسة 3 عينات من البراز تؤخذ في ثلاثة أيام متتالية.

يفيد تحري أضداد الأتاريف في المصل في الشكل المعوي والكبدي للداء الأميبي ويتم ذلك بعدة طرق تتفاوت في حساسيتها ونوعيتها ويبدو أن الرحلان الكهربائي المناعي المعاكس counterimmunoelectrophoresis يعطي نتائج سريعة مع حساسية ونوعية تصل إلى 99%.

تتوضع الأميبة بالدرجة الأولى في الأعور والقولون الأيمن وبدرجة أقل في المستقيم والسين والزائدة ونادراً ما تتوضع في اللفائفي النهائي. يمكن أن تشاهد نواشط الأميبة في الخزعات المأخوذة في أثناء التنظير من قرحات القولون أو في النتحة التي تغطي المخاطية في حين يكون البحث عنها سلبياً في البراز.

تستطب مضادات الأميبة الجهازية أو الموضعية لعلاج الداء المعوي الأميبي وربما الحملة اللاعرضيون للأكياس لأنهم قد يتحولون لاحقاً إلى الأشكال العرضية الأخرى كما أنهم قد ينقلون المرض للآخرين. الدواء الجهازي النوعي هو (المترونيدازول). يعطى فموياً للبالغين بجرعة 750ملغ 3 مرات يومياً مدة 10 أيام، ومن الأدوية الجهازية البديلة: tinidazole  وemetine وtetracycline.

ويضاف إلى المعالجة الجهازية دواء يؤثر موضعياً في الأميبة داخل لمعة القولون للتخلص من الأكياس الزحارية، وتضم قائمة الأدوية المؤثرة في اللمعة diloxanide furoate وparomomycin sulfate  وiodoquinol ويمكن استعمال أدوية هذه المجموعة منفردة من دون علاج جهازي لدى حملة الأكياس غير العرضيين.

2- الجياردية اللمبلية Giardia lamblia:

هي من الأوالي الشائعة، تشاهد أشكالها الناشطة في الأمعاء الدقيقة حيث تستوطن العفج والصائم، وهي كمثرية الشكل تلتصق على المخاطية وتتحول إلى أكياس بيضوية عند مرورها إلى القولون لتطرح مع البراز حيث يمكن مشاهدة الأشكال الناشطة والأكياس معاً. الأكياس هي الشكل المُخمج للجياردية وهي لا تتخرب عند معالجة الماء بالكلور. تتم العدوى بالطعام أو الماء الملوثين أو بالانتقال المباشر من شخص لآخر.

يزداد خطر الإصابة بوجود نقص أو غياب في الإفراز الحامضي للمعدة كما في فقر الدم الخبيث أو قطع المعدة الجراحي. يمكن أن تؤدي الجياردية إلى خلل في معاوضة بعض الأمراض الصامتة كما في الذَّرَب sprue وعوز الغلوبلين المناعي IgA وفرط التنسج اللمفاوي العقيدي.

تتظاهر الجياردية بأحد الأشكال السريرية الثلاثة التالية:

- حملة لاعرضيون وهم غالبية المخموجين.

- أعراض معتدلة الشدة: من ألم شرسوفي ومغص وعسرة هضم مع انتفاخ البطن وتطبله وإسهال مائي يتحول بعد عدة أيام إلى براز كبير الكمية رخو القوام كريه الرائحة.

- متلازمة إسهالات مزمنة: مع سوء امتصاص حقيقي وهنا يلاحظ وجود تبدلات مرضية واضحة بدراسة خزعة الأمعاء تتمثل بضمور تحت تام أو تسطح في الزغابات.

يتم التشخيص برؤية نواشط الجياردية في رشافة سائل أو خزعة العفج أو في براز المرضى المصابين بالإسهال. إن طرح الجياردية في البراز غير منتظم ولذلك فإن إيجابيتها في البراز أقل حساسية مما هي عليه في سائل أو خزعة العفج، فالتحري المباشر للنواشط بدراسة لطاخة البراز إيجابي عند 30-50% فقط ممن لديهم إصابة مؤكدة في العفج.

تسمح التقنيات المناعية مثل الـ ELISA بالتحري عن مستضد الجياردية في البراز. وتعد المعايرة بالتألق المناعي طريقة سريعة وأكيدة للتشخيص كما أنها تسمح بتقدير كمية الجياردية في العينة.

العلاج المفضل هو metronidazole أو quinacrine hydrochloride.

3- خفية الأبواغ Cryptosporidium:

هي من الأوالي القريبة للمقوسة Toxoplasma. تشاهد أكياسها بكثرة على سطح الماء وهي مقاومة للكلورة. تتحرر الأكياس المبتلعة في الاثني عشري وتكمل دورة حياتها في حويصلات سطحية تتوضع على الحافة الفرجونية للخلايا المعوية وتطرح مع البراز. تنتقل العدوى بالماء الملوث أو مباشرة من شخص لآخر.

تعد خفية الأبواغ مسؤولة عن العديد من الجوائح الواسعة المنتقلة بالماء. كما أنها من الأسباب الشائعة للإسهالات العابرة المحددة لنفسها عند الأشخاص الأسوياء مناعياً، فهي تشاهد في براز 2-8% من المصابين بالإسهال. كما تشاهد أضدادها المناعية عند نسبة عالية من الأشخاص اللاعرضيين وتزداد هذه النسبة مع التقدم بالعمر. تقدر فترة الحضانة بأسبوع وتستمر الأعراض وسطياً 12 يوماً حيث يشكو المصاب من إسهال مائي غير مدمى مع ألم بطني ماغص وشعور بالغثيان وعدم الارتياح.

تقييم الإسهال الخمجي الحاد وتدبيره

1- إجراء تقييم أولي للإسهال:

يهدف إلى تعرف صفات الإسهال والمظاهر السريرية المختلفة المرافقة له. فمن المهم معرفة كيف ومتى بدأ الإسهال، وما هي صفاته (مائي - مخاطي - مدمى)، وتواتره أو عدد مراته في اليوم، وكميته التقديرية، والأعراض المرافقة له (ألم - قياء - حرارة - زحير…)؛ الأمر الذي يمكن أن يوجه لمعرفة العامل المسبب، كما يهدف أيضاً إلى تعرف درجة التجفاف. يبدأ التقييم بقصة سريرية كاملة وفحص فيزيائي متأنٍ يسمح عند المريض المتعاون:

أ- بتحديد مكان الإصابة: ففي الإسهال الخمجي الناجم عن إصابة القولون يكون البراز غير متجانس القوام، ورائحته عادية، وعدد مرات التغوط كبيراً 5-10مرات باليوم، يطرح المريض في كل مرة كمية قليلة من البراز الذي يمكن أن يحتوي على المخاط والدم، ويترافق الإسهال عادة بالحمى والعرواءات مع ألم بطني متفاوت الشدة متوضع في المنطقة الخثلية كما تكثر مصادفة الأعراض الشرجية كالزحير والحرقة الشرجية. وبالمقابل يتصف الإسهال الخمجي الناجم عن إصابة الأمعاء الدقيقة بأنه متجانس القوام، كريه الرائحة، خالٍ من الدم والمخاط، كبير الكمية ويكون عدد مرات التغوط قليلاً 3-4 مرات باليوم، يحدث مع ألم بطني معمم أو متوضع حول السرة وتغيب عنه الأعراض الشرجية.

ب- بتعرف الأشخاص المثبطين مناعياً: يمكن لعوامل ممرضة خاصة أن تسبب لدى هؤلاء إسهالاً خمجياً.

ج- بالتوجه في التحري عن العوامل المسببة: ويتم ذلك وفقاً لمعطيات سريرية ووبائية (إسهالات الأطفال، الانسمامات الغذائية، سوابق لاستعمال صادات، إسهالات المسافرين).

د- بتمييز الإسهال الخمجي من التهاب المستقيم والشرج: وينجم هذا عن عوامل ممرضة منتقلة بالجنس عادة (المتدثرات، السيلان، الإفرنجي). كما يجب تمييز هذه الحالة أيضاً من التهابات الأمعاء النوعية كداء كرون والتهاب القولون القرحي ومن الأورام.

ونتيجة لهذا التقييم الأولي يمكن تمييز مجموعتين من المرضى:

- مرضى لديهم إسهالات مائية شاردية (إفرازية) وهم الغالبية العظمى للمرضى ويحتاجون إلى معالجة عرضية. ويقتصر طلب الاستقصاءات المتممة على الحالات التي يستمر فيها الإسهال أكثر من 5 أيام.

- مرضى لديهم حالة التهابية (حرارة أكثر من 38.5، دم مع البراز، زحير)، ويجب المباشرة لديهم بالاستقصاءات المخبرية لتحديد العامل الممرض.

2- المعالجة العرضية:

تتلخص بإعادة إماهة المريض التي يفضل أن تكون عن طريق الفم إن أمكن ذلك.

تعطى السوائل وفقاً لدرجة التجفاف. بوجود تجفاف شديد ناجم عن إسهالات تشبه الهيضة أو بوجود القياء المتكرر تتم الإماهة بالسوائل الوريدية. أما المصابون بالإسهال من دون تجفاف فيطلب إليهم الإكثار من السوائل المنكّهة كعصير الفواكه الممدد أو المياه الغازية والمشروبات المنشطة. وينصح عند وجود درجة معتدلة من التجفاف بالسوائل الجاهزة في الصيدليات والمعدّة خصيصاً لهذا الغرض، أو المحضرة في البيت بشكل كأسين بالتناوب: يحتوي الأول على ربع ليتر من عصير البرتقال أو التفاح أو أي عصير فواكه «لتعويض البوتاسيوم» مع نصف ملعقة من العسل وقليل من ملح الطعام. ويحتوي الكأس الثاني على ربع ليتر ماء مع ربع ملعقة من خميرة الخبز. وفي فترة تعويض السوائل يجب تزويد المريض بالطاقة الغذائية اللازمة للمساعدة على تجديد الخلايا المعوية وتستمد هذه الطاقة من أغذية متنوعة كالرز والبطاطا والمعكرونة والخبز، إضافة إلى الفواكه كالتفاح والموز.

ينصح بعدم تناول الحليب ومشتقاته لأن العوز الجزئي في خميرة اللاكتاز يفاقم شدة الإسهال. كما ينصح بتجنب استعمال مثبطات الحركة المعوية loperamide أو diphenoxylate في الإسهالات المدماة مع حمى وكذلك في الإسهالات التي يمكن أن تكون ناجمة عن غزو جرثومي للجدار المعوي والاقتصار على استعمالها في الإسهالات الإفرازية غير المترافقة بالحرارة وبأعراض شديدة.

يعالج القياء (بالميتوكلوبراميد) ويسكن الألم بمركبات الهيوسين برومايد.

3- اتخاذ تدابير تشخيصية لاحقة وفقاً للمعطيات السريرية والوبائية:

تهدف مجموعة الاستقصاءات إلى تعرف العامل المسبب وهي تتضمن: تحري الكريات البيض في البراز والزروع الجرثومية والفيروسية والمعايرات المناعية للأضداد ومعايرة الذيفانات والدراسة النسيجية وأخيراً التقنيات الجزيئية الحديثة.

ويقدم المخطط رقم (1) التالي اقتراحاً لمقاربة الإسهال الحاد:

المخطط (1)

 

 

علينا أن نتذكر

> الإسهالات الحادة هي من منشأ خمجي في الغالبية العظمى للحالات.

> إن أكثر من نصف حالات الإسهال الحاد محددة لنفسها وتستمر أقل من يوم واحد، وهي غالباً فيروسية المنشأ ولا تحتاج إلى تدابير خاصة.

> إن وجود الإسهال المخاطي المدمى مع ارتفاع الحرارة يدعو للتفكير بوجود عامل ممرض (غالباً جرثومي) يغزو الجدار المعوي.

> الجراثيم التي يمكن لها أن تغزو جدار الأمعاء هي: الشيغلات والسلمونيلات والعطيفات وبعض الأنماط المصلية من الإشريكيات القولونية، واليرسينيات.

> تنجم الإسهالات المائية الشاردية عن إصابة الأمعاء الدقيقة بجراثيم مفرزة للذيفان المعوي وأهمها: الهيضة والانسمام الغذائي بالسلمونيلات والانسمام الوشيقي وبعض الأنماط المصلية لللإشريكيات القولونية.

> عندما يطلب الزرع الجرثومي للبراز يجب أن تؤخذ العينة طازجة ويجب أن ينبه المخبر للتوجه السريري.

> الإماهة بالسوائل الفموية أو الوريدية هي حجر الأساس في علاج الإسهالات الحادة.

> لا يجوز استعمال الصادات منوالياً في الإسهالات الحادة.

> ينصح بعدم استعمال المثبطات الحركية المعوية (لوبيراميد أو دي فينوكسيلات الصوديوم) بوجود إسهال مدمى مع ارتفاع الحرارة.

> للتنظير الهضمي السفلي دور متزايد في تقييم الإسهالات الحادة التي تستمر أكثر من 5 أيام وتشخيصها.

 

 


التصنيف : أمراض المعي الدقيق والقولونات
النوع : أمراض المعي الدقيق والقولونات
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 212
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1104
الكل : 40573663
اليوم : 103478