تلفاز
Televising and television -



 التلفاز

محمد خالد شاهين

نشأة التلفاز

التطور التقاني للتلفاز

أنواع المستقبلات التلفزية

الآفاق المستقبلية للتلفاز

 

يقصد بالتلفازtelevision  (أو جهاز التلفاز television set أو المستقبل التلفزيّ television receiver) تجهيزة لاستقبال إشارات الصوت والصورة المرسلة بوساطة البث التلفزيّ، وإظهارهما على شاشة. ويتكوّن التلفازمن عدة مكوّنات، من أهمها: مستقبل راديوي، ودارة تحكم بالتوليف tuning، ومضخم أولي preamplifier، ومضخم، ووحدة معالجة فيديوية، ومظهار display.

أما التلفزة - والمصطلح الإنكليزي المقابل لها هو television أيضاً - فهي منظومة إلكترونية لإرسال الصور والأصوات سلكياً أو لاسلكياً. وتُعرّف أيضاً على أنها منظومة لإرسال صور مرئية وأصوات تجري إعادة إنتاجها على شاشات، وتُستخدم التلفزة عادة لبث برامج تلفزية ترفيهية وإخبارية وتعليمية.

وعليه، فإن التلفاز هو جزء من منظومة التلفزة، التي تشتمل أساساً على الكاميرا camera التي تحول الصورة والصوت إلى إشارة، وعلى المرسل التلفزيّ TV transmitter الذي يرسل الإشارة عبر الهواء (أو وسط آخر)، والمستقبل التلفزيّ (جهاز التلفاز في المنزل) الذي يلتقط الإشارة ويحولها من جديد إلى صورة وصوت.

نشأة التلفاز

كان أول من طرح فكرة التلفزة المخترع الأمريكي جورج أر كاري George R. Carey، وذلك في العام 1876، ثم نشرها في مجلة العلوم الأمريكية Scientific American في العام 1879.

وكان المهندس الأمريكي تشارلز فرانسيس جنكينز Charles Francis Jenkins أول من اقترح مخططاً لحل مشكلة إرسال الصور على مسافة بوساطة الكهرباء، ونشره في تموز/يوليو 1894 في مجلة المهندس الكهربائي The Electrical Engineer.

وقد مهدت عدة ابتكارات تقانية في أواخر القرن التاسع عشر لظهور التلفاز. وقد أدى اختراع صمام الأشعة المهبطيّة Cathode Ray Tube (CRT) من قبل الفيزيائي الألماني كارل فرديناند براون Karl Ferdinand Braun في عام 1897 دوراً حيوياً في نشوء التلفزة والتلفاز. وكان لهذا الصمام شاشة متفلورة fluorescent screen تُصدر ضوءاً مرئياً (على شكل صور) عند سقوط حزمة من الإلكترونات عليه.

الشكل (1) صمام الأشعة المهبطيّة الذي اخترعه براون.

أما الاختراع الرئيسي الآخر فكان قرص  نيبكو Nipkow disk (الشكل 2) الذي ابتكره المخترع الألماني بول يوليوس غوتليب نيبكو Paul Julius Gottlieb Nipkow في العام 1884؛ وهو ما جعل منظومات التلفزة الميكانيكية ممكنة؛ وقد حصل على براءة اختراع له. وقد كان قرص نيبكو الميكانيكي لعدة عقود الأساس لتجارب على إرسال الصور المرئية.

الشكل (2) قرص  نيبكو.

وفي العام 1907 استخدم العالم الروسي بوريس لفوفيتش روزنغ Boris Lvovich Rosing كلاً من صمّام الأشعة المهبطيّة ومنظومة المسح الميكانيكي في منظومة تلفزة تجريبية (الشكل 3). وقام بوضع صمّام الأشعة المهبطيّة ضمن المستقبل، واستخدم حزم إلكترونات مُبأَّرة focused لإظهار الصور، بإرسال نماذج هندسية خام crude على شاشة التلفاز.

الشكل (3) منظومة روزنغ التلفزية.

وتوالت الاختراعات والتحسينات على أجهزة التلفاز ومنظوماته منذ ذلك الحين حتى تاريخه. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ ولادة البث التلفزيّ في العام 1926 اعتمد بث القنوات التلفزيّة على استخدام الهواء وسيطاً لإرسال الإشارات التلفزيّة، إلا أن الإشارات آنذاك كانت سيئة وكثيرة الأعطال؛ كما كان الأشخاص في المناطق الجبلية والبعيدة جغرافياً محرومين من التلفزة. وبدأ البحث عن طرائق بديلة لإرسال الإشارات التلفزيّة إلى المناطق الريفية والنائية، وفعلاً نُفذت أول طريقة إرسال بديلة ناجحة في العام 1948 بالاعتماد على وسط سلكي، وقد عُرفت هذه التقانة بدايةً باسم التلفزة بهوائي مشترك Community Antenna Television (CATV)، ثم أُطلق عليها لاحقاً التلفزة الكبليّة cable TV.

التطور التقاني للتلفاز

تطورت أجهزة التلفاز كثيراً طوال الأعوام المئة عام المنصرمة؛ فما بدأ كصندوق كبير ذي ثلاث قنوات، وصور ذات مظهر حُبيبي grainy image، تطور إلى شاشات مسطحة flat screens عالية الدقة High Definition (HD) ذات أعداد هائلة من العناصر.    

وفي الستينيات من القرن التاسع عشر -أي قبل ابتكار التلفاز- اخترع الفيزيائي الإيطالي جيوفاني كازيلي Giovanni Caselli أول بانتلغراف pantelegrapgh، والاسم مشتق من دمج كلمتي بانتوغراف (المِنساخ) pantograph وتِلِغراف (المِبْرَقَة)، ويعدّ سلف آلة الفاكس fax machine. وكانت ترسل الصور بوساطته من مكان معين باعتماد الكيمياء الحيوية electrochemistry– وهي فرع من الكيمياء يهتم بدراسة التغيرات الناجمة عن مرور تيار كهربائي، أو بتوليد الكهرباء من الطاقة التي يحررها تفاعل كيميائي- ، ثم يُعاد إنتاجها في مكان آخر. وقد استُخدم البانتلغراف تجارياً في الستينيات من القرن التاسع عشر أول تجهيزة تسمح بإرسال كتابة يدوية وتواقيع ورسومات بأبعاد تصل إلى 15سم × 10سم. وباستخدام ميقاتيَّة (ساعة) ضابطة regulating clock ونواس pendulm لضمان قدرة الجهاز على صنع التيار لمغنطة منظماته regulators وقطعه، ولضمان المحافظة على التزامن بين إبرة (قلم) المسح في المرسل، وإبرة المسح في المستقبل. وكان المستقبل يعيد إنتاج الصورة باستخدام ورق مصنوع من الفري سيانيد البوتاسيوم  potassium ferricyanide الذي يصبح قاتم اللون عند مرور تيار كهربائي عبره. وقد شاع استخدام البانتلغراف للتحقق من التواقيع في المعاملات المصرفية.

الشكل (4) جهاز البانتلغراف.

وفي عام 1924 اخترع المهندس الاسكتلندي جون لوجي بيرد John Logie Baird أول تلفاز عامل باستخدام جميع المواد المتوافرة آنذاك من لوحات كرتونية ومصباح دراجة هوائية وشمع، وكان بمقدور أول نسخة منه إرسال صورة على مسافة أمتار قليلة. وفي عام 1926 قدم بيرد بياناً إيضاحياً لمنظومة تلفزة عملية باستخدام مسح صور ميكانيكي مع تضخيم إلكتروني في المرسل وفي المستقبل. وكان بالإمكان إرسال الصور راديوياً أو بوساطة خطوط هاتفية عادية. وفي العام 1929 غدا تلفاز بيرد (الشكل 5) أول تلفاز يباع تجارياً، وقد صُنع ألف جهاز منه.

الشكل (5) تلفاز بيرد.

وفي العام 1927 تمكن المخترع الأمريكي فيلو تايلور فارنزورث Philo Taylor Farnsworth من ابتكار التلفاز الإلكتروني (الشكل 6)، وحصل على براءة اختراع له في العام ذاته وتابع فارنزورث العمل على تحسين تلفازه، وأجرى بياناً عملياً لمنظومته أمام الصحافة في العام 1928. ونتيجة نجاح التلفاز الإلكتروني، بدأ تلفاز بيرد الميكانيكي بالانحسار؛ إذ أتاح التلفاز الإلكتروني ميْزاً أفضل، وسهولة أكبر في الإنتاج.

الشكل (6) تلفاز فارنزورث.

ويعدّ جهاز التلفاز ماركوني 702 Marconi 702 أقدم تلفاز ما زال عاملاً حتى الآن في بريطانيا وفي العالم. وقد صُنع من قبل شركة ماركوني في العام 1937، ولهذا التلفاز شاشة مقاسها 12 إنش، وكانت تعكس صورتها على مرآة مزودة بغطاء. وبيع جهاز التلفاز هذا بمبلغ 100 جنيه إسترليني، وكان يعادل متوسط الراتب السنوي آنذاك؛ لذا اقتصرت حيازته على الميسورين.

الشكل (7) التلفاز ماركوني 702.

وفي العام 1937 أيضاً طرحت شركة غراموفون المحدودة Gramophone Co. Ltd. البريطانية - في متاجرها المسماة إتش إم في His Master's Voice (HMV)- منظومة ترفيه منزلية كاملة. واشتمل النموذج 902 منها على مستقبل تلفزيّ قياسه 9 إنش يستخدم صمام الأشعة المهبطية، وغراموفون Gramophone- تجهيزة لإعادة إنتاج الأصوات المخزَّنة على أسطوانة فونوغرافية- ومستقبل راديوي متعدد المدى يغطي مسافات من 16.7 متراً إلى 2200 متر، ويعمل على أربعة مجالات موجيّة. وقد بيع هذا الجهاز في العام 1937 بمبلغ 120 جنيهاً استرلينياً؛ مما جعله غرضاً فاخراً مقصوراً على عدد محدود من المنازل. وصُنع منه في بريطانيا في ذلك العام قرابة عشرين ألف جهاز تلفزيّ فقط.

الشكل (8) التلفاز إتش إم فيو HMV 902.

وفي الأربعينيات من القرن العشرين، وبفضل انخفاض الأسعار ازدادت شعبية التلفاز في الولايات المتحدة الأمريكية بصورة هائلة في المدن، وكذلك في الأرياف حيث كان يباع مئة ألف تلفاز أسبوعياً في العام 1949، وخاصة التلفاز غولدن فيو Golden View (الشكل 9) مقاس 7 إنش، من صنع شركة موتورولا بنماذجه المختلفة، وفي طليعتها النموذج VT-73.

الشكل (9) التلفاز غولدن فيو VT-73.

وفي الخمسنيات من القرن العشرين، ومع الازدياد المطرد للعروض التلفزيّة والتحسينات التقانية ازداد انتشار أجهزة التلفزة بصورة ملحوظة، وخاصة النموذج ريثيون إم 1601 Raytheon M 1601 (الشكل 10).

الشكل (10) التلفاز ريثيون إم 1601.

وبعد تدشين أول منظومة بث تلفزيّ ملوّن في العام 1953 في الولايات المتحدة الأمريكية أنتجت شركة راديو أمريكا (أر سي إيه) Radio Corporation of America (RCA) الرائدة في صناعة الإلكترونيات مطلع العام 1954 أول جهاز تلفاز ملوّن أطلقت عليه الرمز CT-100 (الشكل 11). وكان قياس شاشته  12 إنش وكان ثمنه 1000 دولار، في حين كان ثمن التلفاز الأسود والأبيض آنذاك 300 دولار.

الشكل (11) التلفاز أر سي أيه RCA النموذج CT-100.

وشهدت الستينيات من القرن العشرين أيضاً بروز تصاميم إبداعية وغير مألوفة لأجهزة تلفزية، مثل مركز الترفيه المنزلي home entertainment center، الذي كان يشتمل عادة على جهاز تلفاز أسود وأبيض يمكن إخفاؤه بوساطة أبواب منزلقة عند عدم الاستخدام. أما سطح المنضدة فكان يتميز بغطاءين لهما مفاصل يكشفان عند رفعهما عن مستقبل راديوي ذي تعديل مطالي/تعديل ترددي من جهة، وفونوغراف (حاكٍ) مجسّم ذي أربع سرعات من الجهة الأخرى (الشكل 12).

الشكل (12) مركز ترفيه منزلي.

وفي منتصف الستينيات من القرن العشرين أصبح التلفاز الملوّن مجزياً. وعلى الرغم من إثبات التلفاز الملوّن شعبيته حينها بقيت أسعار أجهزة التلفاز الأسود والأبيض - مثل المستقبل التلفزيّ أحادي اللون من صنع شركة ماركوني فون Marconiphone (الشكل 13) - بمتناول جميع العائلات لانخفاض ثمنها، حتى إنه غدا بإمكانها شراء أكثر من جهاز.

الشكل (13) التلفاز ماركوني فون.

طرحت شركة غروب سيستم Group Systems (كيراكولور Keracolor) المحدودة  في العام 1970 جهاز تلفاز كروي الشكل من تصميم آرثور بريسغرديل Arthur Bracegirdle، وقد جسد هذا التلفاز روح الستينيات من القرن العشرين والحماس لسباق الفضاء وهبوط أول إنسان على سطح القمر في العام الذي سبق إطلاقه؛ مما يفسر تصميم التلفاز على شكل خوذة بذلة فضاء (الشكل 14). وكان يُنظر إليه على أنه تلفاز المستقبل، لكن الشركة أغلقت أبوابها في العام 1977، ووُضعت مخططات لإنتاج نموذج معاصر منه في العام 2007، لكنها لم تبصر النور.

الشكل (14) التلفاز كروي الشكل كيراكولور.

وفي العام 1978 طرحت شركة سانكلير Sinclair في الولايات المتحدة الأمريكية جهاز تلفاز محمولاً portable تحت مسمى مكروفيجين تي في 1 أيه Microvision TV1A (الشكل 15)، وهو نموذج مطوّر عن نموذج أولي prototype للتلفاز المصغر مكروفيجين  Microvision - الذي جرى تصميمه في العام 1966 وأخفقت عملية إطلاقه - ولتمييز النموذج الجديد من النموذج الأولي أُضيف الرمز TV1A.

الشكل (15) التلفاز المصغر مكروفيجين تي في 1 أيه.

ومع مطلع الثمانينيات من القرن العشرين أزاح التلفاز الملوّن بصورة شبه كاملة التلفاز الأسود والأبيض من الاستخدام.

وطرحت شركة سايكو Seiko اليابانية ساعة تلفازيّة TV watch دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية Guinness Book of World Records في العام 1982. وقد سمح هذا التلفاز بالاستمتاع بمشاهدة البرامج التلقزيّة في أي مكان وفي أي وقت. ويتميز هذا التلفاز بشاشة إظهار قياسها 1.2 إنش مع مولّف tuner وسمَّاعات، ووفر أيضاً إمكان الاستماع للبث الإذاعي بالتعديل الترددي. كما كانت الساعة التلفازيّة مزودة بمنبه وتقويم ومؤقتة مسجلة chronograph ووظائف أخرى. وقد ضمت الساعة التلفازيّة آخر ما توصلت إليه التقانة، مثل مِظْهار البلورات السائلة Liquid Crystal Display (LCD)، ودارات متكاملة واسعة النطاق Large scale integrated circuits (LSI) منخفضة الاستطاعة، وذات زمن استجابة ممتاز.

الشكل (16) الساعة التلفازيّة من سايكو النموذج 140.

وتقوم تقانة مِظهار البلورات السائلة LCD على وضع محلول بلورة سائلة –والبلورة السائلة هي حالة مادة لها في الوقت ذاته صفات الجامد البلوري (اللاتناحي)، وصفات السائل (المَيْع)- بين صفيحتي مواد استقطابية. وعندما يمر تيار كهربائي عبر هذه البلورات السائلة تتراصف align لتمرر الضوء أو تصده؛ مما يسمح بتصيير rendering الصورة على الشاشة.

وفي العام 1983 طرحت شركة سوني Sony Corporation اليابانية عائلة من أجهزة التلفاز الملوّن أطلقت عليها اسم ترينيترون Trinitron، وعدّت هذه الأجهزة الأفضل تصنيعاً لأكثر من عشرين عاماً. وكان تصميم هذه الأجهزة -المحمي ببراءة اختراع- يشتمل على ثلاثة صمامات أشعة مهبطية، وكانت عائلة أجهزة التلفاز ترينيترون أكثر سطوعاً brighter، وأكثر حِدَّة sharper، وأغلى ثمناً من منافساتها.

الشكل (17) التلفاز الملّون ترينيترون.

وبحلول أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن العشرين لم تعد أجهزة التلفاز -مثل جهاز فيليبس 20سي934 Philips 20C934- سلعة استهلاكية جديدة؛ إذ غدا التلفاز سلعة رئيسية في معظم المنازل، وتشير الإحصائيات إلى أن 60% من العائلات في أمريكا كان لديها تلفاز أو أكثر في العام 1989.

الشكل (18) التلفاز فيليبس 20سي934.

ثم اُخترعت لوحة الإظهار بلازما Plasma Display Panel (PDP) المكوّنة من خلايا صغيرة تتضمن بلازما؛ والبلازما حالة مادة شديدة التأين تشبه الغاز تكون فيها إيونات موجبة وسالبة بأعداد متساوية تقريباً. وقد أجرت شركة فوجيتسو Fujitsu اليابانية بياناً عملياً لشاشة إظهار بلازما قياسها 21 إنش في جامعة إلينوي Illinois في العام 1992. ثم طرحت أول شاشة بلازما قياس 42 إنش بميْز 852´480 في الأسواق. أما أول تلفاز ذي شاشة مسطحة flat-screen منزلي معتمد على تقانة البلازما فكان من صنع شركة فيليبس في العام 1997، وكان قياس شاشته 42 إنش (الشكل 19). وقد طرح في الأسواق بسعر 15 ألف يورو؛ مما جعله سلعة مستحدثة متاحة لقلة من الأشخاص.

الشكل (19) تلفاز فيليبس ذو الشاشة المسطحة قياس 42 إنش .

ثم حل التلفاز عالي الدقة High-Definition Television (HDTV) في العام 1995 في الولايات المتحدة الأمريكية مكان التلفاز بدقة معيارية Standard-Definition Television (SDTV). ويختلف التلفاز بدقة معيارية عن التلفاز عالي الدقة في ثلاث خصائص رئيسية، هي: النسبة الباعية Aspect ratio (AR)، وهي نسبة عرض الصورة إلى ارتفاعها، والميْز resolution وهو عدد البكسلات في الواحدة الخطية أو في واحدة القياس في صورة رقمية، ومعدل الإطار frame rate، وهو عدد المرات التي ينشئ فيها الجهاز صورة كاملة على الشاشة في الثانية ويعبر عنه بواحدة إطار في الثانية Frame Per Second (FPS). إذ إن النسبة الباعية للتلفاز بدقة معيارية SDTV هي 4:3 أي أربع وحدات عرضاً بثلاث وحدات ارتفاعاً، أما في التلفاز عالي الدقة HDTV فهي 16:9 أي أشبه بشاشة سينمائية. وفيما يخص الميْز في التلفاز بدقة معيارية فإن أخفض قيمة هي 704×480 بكسل (قريبة من تلك لجهاز التلفاز التماثلي analog TV set)، وأعلى قيمة هي 1920×1080 بكسل. في حين أن التلفاز عالي الدقة يمكن أن يظهر قرابة عشرة أضعاف عدد البكسلات مقارنة بجهاز التلفاز التماثلي. وأخيراً فيما يخص معدل الإطار، تنتهي معدلات الإطار في التلفاز بدقة معيارية بالحرف "إي" “I”، أو بالحرف "بي" “p”للدلالة على المسح المتضافر (المتحابك) interlaced أو المسح المتوالي (المتقدم) progressive على الترتيب. وثمة ثلاث قيم شائعة الاستخدام لمعدل الإطار: الأولى 24 إطاراً في الثانية 24fps، وهو المعيار للأفلام والعروض التلفازية، وقد حدد باعتماد السرعة الدنيا اللازمة لالتقاط الفيديو مع المحافظة على حركة واقعية. حتى إذا ما صّور فلم ما بمعدل إطار أعلى فإنه غالباً ما ينتج ويجري إظهاره عند معدل إطار 24 إطاراً في الثانية. أما القيمة الثانية فهي 30 إطاراً في الثانية،  وهو المعيار للتلفزة منذ بداياتها، وما يزال شائع الاستخدام، وتستفيد الفيديوهات التي تتضمن كثيراً من الحركة، مثل الرياضات من الأطر الزائدة. وأخيراً  القيم الأعلى من 60 إطار في الثانية، وتُستخدم بصورة رئيسية لإنشاء فيديو الحركة البطيئة أو تسجيل مشاهد مصّورة لألعاب فيديوية. ومع التطور المستمر للتقانات غدت أغلب أجهزة الهاتف الذكية smartphones قادرة على تسجيل معدل إطار أعلى من 60 إطاراً في الثانية.

وتجدر الإشارة إلى استخدام معيار آخر لتقييم أداء شاشات التلفاز، وهو معدل الإنعاش refresh rate. ويدل معدل الإنعاش على عدد المرات التي يجري فيها إنعاش المِظهار display ويقاس عادة بالهرتز. وكلما كان معدل الإنعاش أعلى كان الأداء أفضل؛ لأن الحركات ستكون أنعم smooth. ففي حين يعبّر معدل الإطار عن مدى تفاصيل الصورة التي تظهر لعين المشاهد يحدد معدل الإنعاش مدى نعومة الصورة كما تظهر للعين. وكذلككلما كان معدل إنعاش المظهار أعلى امكن للتلفاز أو المرقاب monitor إظهار عدد أكبر من الأطر في الثانية. وثمّة نوعان شائعان من معدلات الإنعاش هما 60 هرتز و 120 هرتز. لكن التلفاز ذا معدل إنعاش 60 هرتز منخفض التكلفة مقارنة بالتلفاز ذي معدل إنعاش 120 هرتز. وفي العام 2022 أعلنت شركتا تي سي إل TCL وسامسونغ عن أجهزة تلفاز ذات معدل إنعاش أصلي native قيمته 144 هرتز. وتلك المواصفة كانت متاحة منذ سنوات في المراقيب monitors الحاسوبية، حتى إن بعض  المراقيب تقدم معدلات إنعاش أعلى تصل إلى 360 هرتز.

ويتفوق التلفاز عالي الدقة على التلفاز بدقة معيارية من حيث الميْز العالي للصورة، والوضوح الأفضل، والحِدَّة (التباين) الأعلى، وزاوية الرؤية الأعلى. وتجدر الإشارة إلى توافر نوع آخر هو التلفاز ذو دقة محسنة (موسعة) Enhanced Definition Television (EDTV)، وهو مجموعة فرعية خاصة من معايير التلفزة الرقمية، لكنه يعدّ جزءاً من نسق التلفاز عالي الدقة HDTV format. وللإيجاز يوصف التلفاز بدقة معيارية –وهو مماثل للتلفاز التماثلي إلا أن الإرسال فيه رقمي- بالقيمة 480i، في حين يوصف التلفاز ذو دقة محسنة بالقيمة 480p، أما التلفاز عالي الدقة فله عدة قيم 720p و 1080i و 1080p، علماً بأن القيمة العددية تمثل الميْز الأفقي (أو عرض الصورة).

ومع الازدهار الكبير للإنترنت (الشابكة) في مطلع القرن الحادي والعشرين أدرك مصنعو أجهزة التلفاز ضرورة مواكبة الابتكارات التقانية وتنافسوا على الوصول إلى السوق أولاً. وبفضل الإمكانات غير المحدودة للإنترنت انتشرت ثقافة جعل كل شيء ذكياً من أصغر الهواتف الخلوية إلى أكبر أجهزة التلفاز.

وقد وفرت أجهزة التلفاز الذكي smart TV ضماً للتلفاز التقليدي ووفرة من خدمات الدفق streaming services المتزايدة. وقد طُرحت أولى نماذج التلفاز الذكي في العام 2005، وكانت تُعرف آنذاك باسم تلفاز الإنترنت Internet TV. وكانت شركة سوني اليابانية من الرواد في تصنيع تلفاز الإنترنت؛ إذ قدّمت في العام 2007 وصلة  فيديو بالإنترنت برافيا Bravia Internet Video Link (BIVL) (الشكل 20)، وهي مجتزأ مضاف add-on module يسمح لبعض نماذج تلفاز سوني برافيا (ماركة تجارية) بالنفاذ إلى المحتوى  المتآون (الموصول) on-line.

الشكل (20) تلفاز الإنترنت سوني برافيا.

وبدءاً من العام 2010 أصبحت أجهزة تلفاز الإنترنت تُعرف باسم أجهزة التلفاز الذكية (الشكل 21). والتلفاز الذكي هو ضم للحاسوب والتلفاز الاعتيادي مع سمات وب webوإنترنت متكاملة (واي فاي WiFi). وتتضمن وظائفه مشاهدة محتوً من مصادر مختلفة (تطبيقات)، وتصفح الإنترنت، والدفق الفيديوي والموسيقي، وكثيراً من الوظائف الأخرى.    

الشكل (21) تلفاز ذكي من شركة سامسونغ.

وأضافت شركات -مثل سوني Sony- بعداً جديداً إلى غرفة المعيشة بابتكارها أجهزة تلفاز ثلاثية الأبعاد، وذلك في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. إذ طرحت شركة سوني في العام 2010 جهاز تلفاز برافيا عالي الدقة ثلاثي الأبعاد بتقانة ديود مصدّر للضوء Light-Emitting Diode (LED) (الشكل 22)، مزود بمجتزأ واي فاي WiFi للنفاذ إلى فيديو إنترنتً برافيا وشاشة هائلة.

الشكل (22) تلفاز ثلاثي الأبعاد من شركة سوني.

وأجهزة التلفاز ذات تقانة ديود مُصدّر (باعث) للضوء LED هي نوع من أجهزة التلفاز ذات مِظْهار البلورة السائلة LCD، لكن الفرق بين التقانتين يكمن في حلول الإضاءة الخلفية المستخدمة؛ إذ يستخدم تلفاز مظهار البلورات السائلة مصباح تفلور ذا مهبط بارد Cold Cathode Fluorescent Lamp (CCFL) لتأمين الإضاءة الخلفية -المهبط البارد هو مهبط في صمام إلكتروني تصدر عنه الإلكترونات من دون تسخين وذلك إما بطريقة الإصدار الثانوي وإما بالإصدار الحقلي- أما مصباح التفلور فهو أنبوب زجاجي يولّد تأيّن الغاز الموجود فيه إشعاعاً ينشط الطبقة الفلورية الموجودة على سطح الأنبوب الداخلي. في حين يمكن تصنيف تقانات الإضاءة الخلفية في تلفاز الديود المُصدّر للضوء في مجموعتين: الأولى الإضاءة المباشرة direct-lit، والثانية الإضاءة الحافيّة edge-lit. ويمكن لشاشات البلورات السائلة المستخدمة في الإضاءة الخلفية المباشرة أن تكون بيضاء white أو حمراء وخضراء وزرقاء Red Green Blue (RGB). أما في الإضاءة الخلفية الحافيّة فتتوضع الديودات المصدّرة للضوء في الجوانب الأربعة للتلفاز بمواجهة الشاشة. وتمتاز الديودات المُصدّرة للضوء بكونها صغيرة الحجم، وذات استهلاك استطاعة أقل، وذات مستويات سطوع أعلى مقارنة بمصباح التفلور ذي المهبط البارد.

وفي العام 2010 أيضاً اخترعت شركة إل جي LG أول تلفاز ديود مصدّر للضوء عضوي Organic Light-Emitting Diode (OLED)، وكان له شاشة مسطحة رائعة وأنيقة قياسها 15 إنش (الشكل 23)، وقد حقّق نجاحاً باهراً. وتستخدم لوحة ديود مصدّر للضوء عضوي مواد عضوية أي معتمدة على الكربون carbon-based بوصفها مادة نصف ناقلة لإظهار الصور.

الشكل (23) تلفاز ديود مصدّر للضوء عضوي.

وتجدر الإشارة إلى أن تقانة الديود المصدّر للضوء العضوي ليست حديثة العهد؛ بل تعود إلى العام 1987 عندما طورتها شركة كوداك Kodak لكاميراتها الرقمية. ومع الألفية الجديدة أدركت شركات الإلكترونيات ما تحمله هذه التقانة في طياتها. وقامت شركة سوني في العام 2004 بالإعلان عن أول تلفاز ديود مصدّر للضوء عضوي، وخاضت كذلك شركات توشيبا وسامسونغ وباناسونيك في مسألة تصنيع لوحات باستخدام هذه التقانة. لكن مشاكل التأسيس وفي مقدمتها مدة الحياة القصيرة لهذه الأجهزة، والتكلفة المرتفعة كانت عائقاً أمام انتشارها.

أما فيما يخص التلفزة فائقة الدقة Ultra High Definition (UHD) فهي تطور طبيعي عن التلفزة عالية الدقة HDTV سعياً نحو معيار تلفزة ذي أمانة fidelity أعلى. وقد أُنشئ هذا المعيار لتقديم مزايا أفضل من سابقتها، وتتضمن: ميْزاً أفضل قدره 3840×2160 بِكْسِل، ومدىً ديناميكياً dynamic rangeأعلى- وهو مدى الفرق النغمي tonal difference بين الضوء المنير والسواد القاتم للصورة - وسلسلة لونية واسعة Wide Color Gamut (WCG)، ومعدلات إطار عالية High Frame Rates (HFR)، والجيل القادم للصوت Next Generation Audio (NGA). وكانت مخابر إن إتش كيه NHK للعلوم والتقنية في اليابان أول من صنع نموذجاً لتلفاز فائق الدقة UHD في العام 2012، علماً بأن هذه المخابر ممن سبقت أن طورت التلفاز عالي الدقة HD.

وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح التلفاز فائق الدقة ومصطلح التلفاز 4Kيستخدمان من قبل المُصنعين بصورة تبادلية، لكنهما يختلفان تقنياً؛ فالتلفاز 4K يكون مزوداً بميْز 4096×2160 بِكْسِل - مماثل للميْز المستخدم في الكَاميرات الرقمية- وهذا يعني أربع مرات ميْز المعيار السابق 1080. في حين أن التلفاز فائق الدقة يقدم ميْز إظهار 3840×2160، وهو أقل بقليل من الميْز اللازم ليُصنف على أنه 4K، ولكن - ولغايات التبسيط - يطلق عليه 4K. وفي العام 2012 طرحت شركة إل جي LG أول تلفاز فائق الدقة باستخدام المنظومة 4K (الشكل 24).

الشكل (24) تلفاز فائق الدقة من إل جي.

أما أجهزة التلفاز ذات الشاشة المنحنية curved فقد قُدمت أول مرة في العام 2013 في معرض متخصص بمدينة لاس فيغاس، وفيه ادعت شركتا إل جي LG وسامسونغ Samsung أسبقية إنشاء أول شاشة تلفاز ديود مصدّر للضوء عضوي منحنية curved OLED. وتباهت شركة سامسونغ بأن جهازها (الشكل 25) قد أوجد تجربة مشاهدة أكثر بانورامية (شاملة الرؤية) panoramic، وأكثر غمريّة immersive، وأنها حسّنت زوايا الرؤية من الجوانب.

الشكل (25) أول تلفاز OLED منحنٍ من سامسونغ.

وكان التطور اللاحق طرح شاشات مسطّحة ذات ميْز 8K؛ مما جعل الشاشات المسطّحة ذات الميْز 4K متقادمة. فالتلفاز 8K يوفر أربع مرات عدد بكسلات التلفاز 4K، و16 مرة عدد بكسلات التلفاز 1080p، وينجم عن ذلك صورة أكثر نقاءً وأكثر حدّة، ويمكن أن يصل ميْزها إلى 160 بكسل بالإنش؛ مما يوفر صورة ناعمة smooth وشديدة الوضوح crisp. وكانت شركة شارب Sharp أول من عرض تلفاز 8K في العالم، وذلك في العام 2015  (الشكل 26).

الشكل (26) تلفاز 8K من شارب.

وفي العام 2017 عرضت شركة سامسونغ الكورية أول تلفاز ديود مصدّر للضوء بنقط كُموميّة Quantum-Dot Light-Emitting Diode (QLED) باعتماد تقانة النقط الكُموميّة Quantum Dots (QDs) الخالية من الكادميوم Cadmium-free (الشكل 27)؛ مما سمح بتعزيز جودة الصورة وحجم الألوان إلى درجة رائعة. وتتألف النقط الكُموميّة في المقام الأول من مواد غير عضوية نصف ناقلة يراوح قطرها نموذجياً بين 2 و 10 نانومترات. وتركيبها وحجمها الصغير للغاية هما المسؤولان عن خصائصها البصرية والإلكترونية الفريدة المعتمدة على الشكل shape-dependent.

الشكل (27) تلفاز QLED من سامسونغ.

بعد ذلك عرضت شركة إنولوكس Innolux التايوانية أول تلفاز 16K (15360×8640) قياس شاشته 100 إنش (الشكل 28) في معرض تخصصي بتايوان في آب/أغسطس 2018. في حين عرضت شركة سوني شاشة 16K تجارية قياسها 19.5×5.5 متراً في معرض باليابان في العام 2019.

الشكل (28) تلفاز 16K من إنولوكس.

كشفت شركة بي أو إي BOE الصينية في منتصف العام 2023 عن أول تلفاز 16K قياس 110 إنش يشتمل على أكثر من 132 مليون بكسل (الشكل 29)، وكل بكسل صغير جداً إلى درجة أن العين البشرية لا تستطيع إدراكه، حتى لو كان الوجه ملاصقاً للشاشة.

الشكل (29) تلفاز 16K 110 إنش من بي أو إي.

ويمتاز هذا التلفاز 16Kبميْز قدره 15360×8640 (ويساوي 132710400 بكسل إجمالاً)، ونسبة ثابتة 1200:1، وسلسلة لونية تصل إلى 99% من فضاء ألوان البروتوكول الثالث من مبادرات السينما الرقمية Digital Cinema Initiatives - Protocol 3 (DCI-P3)، ومعدل إنعاش يصل إلى 60 هرتز؛ إذ إن القيم الأعلى تحتاج إلى استطاعة معالجة أعلى في المظهار.

أنواع المستقبلات التلفزية

يمكن تصنيف المستقبلات التلفزية في ثلاث فئات: الأولى هي المستقبلات التي تستخدم صمامات tubes في المراحل كلها، والثانية هي المستقبلات التي تستخدم تجهيزات ذات حالة صلبة solid-state، وترانزستورات ودارات متكاملة، والثالثة هي المستقبلات الهجينة hybrid التي تضم صمامات وترانزستورات.

من سمات المستقبلات التلفزيّة الصماميّة all tube أنها استُخدمت بصورة رئيسية في المستقبلات أحادية اللون monochrome القديمة (الشكل 30)، وأن جميع الوظائف يقوم بها قرابة 12 صماماً بما فيها عدة صمامات متعددة الأغراض ذات مرحلتين أو ثلاث في غلاف زجاجي واحد، وتراوح التغذية المستمرة لهذه الصمامات بين 140 و 280 فولط.

الشكل (30) المخطط الصندوقي لمستقبل تلفزيّ أحادي اللون.

أما المستقبلات التلفزيّة ذات الحالة الصُلبة solid-state فتكون جميع المراحل فيها - باستثناء صمام الصورة - ديودات نصف ناقلة وترانزستورات ودارات متكاملة (الشكل 31)، وتراوح التغذية المستمرة لهذه الصمامات بين 12 و 100 فولط، وتُؤمّن استطاعة المسخِّن heater من محول فتيليّ filament transformer منفصل.

الشكل (31) المخطط الصندوقي لمستقبل تلفزي تماثلي ذي حالة صلبة.

وفي المستقبلات التلفزيّة الهجينة hybrid تستخدم دارات الانحراف deflection عادة صمامات استطاعة، في حين تستخدم دارات الإشارات الترانزستورات والدارات المتكاملة (الشكل 32)، وتعتمد على مصدرين تغذية مستمرين، واحد للتجهيزات نصف الناقلة وآخر للصمامات.

الشكل (32) مثال على مخطط صندوقي لمستقبل تلفزي هجين.

مع أن المستقبلات التلفزيّة تختلف فيما بينها تبعاً للتقانات المستخدمة والمعايير المصممة لأجلها وعوامل عديدة أخرى، إلا فإنه ثمّة قواسم مشتركة كثيرة بين البنى المختلفة.

يبيّن الشكل (33) المخطط الصندوقي لمستقبل تلفزيّ رقمي موافق لمعيار البث الرقمي للخدمات المتكاملة Integrated Services Digital Broadcasting (ISDB) المستخدم في اليابان. ولا تقتصر وظيفة مُستقبِل البث الرقمي للخدمات المتكاملة على فك ترميز البث الصوتي/الفيديوي فحسب، بل على تأمين إمكانيات الاتصالات التفاعلية interactive، وتصفُّح الوِب web browsing بوساطة مِطراف إثرنت Ethernet موصول بالإنترنت.

الشكل (33) المخطط الصندوقي لمستقبل تلفاز رقمي وفق المعيار ISDB .

وفيما يأتي عرض لمكوّنات بنية هذا التلفاز.

1- كاشف التعديل demodulator:

يُغذى المبدل الثاني بإشارة التردد المتوسط الأول Intermediate Frequency (IF)-وقيمته 1غيغاهرتز- الواردة من المبدل/الهوائي الساتلي. وتذهب إشارة التردد المتوسط الثاني إلى دارة التكامل واسع النطاق Large Scale Integration (LSI)لكاشف التعديل الرقمي بإزاحة الطور ثماني المستويات 8-Phase Shift Keying (8-PSK). وتقوم هذه الدارة بإعادة توليد الميقاتيّة clock والتزامن، وتؤدي وظيفتي كشف الأخطاء وفك ترميز التحكم بتشكيلة التجميع والإرسال، ثم يُعاد بناء إشارة دفق النقل بنسق فريق خبراء الصور المتحركة Moving Picture Experts Group (MPEG).

أما فيما يخص الإشارة الأرضية فإن متطلبات المولّف tuner أعلى من المولّف التماثلي التقليدي بحيث يكون مستوى الدخل الأدنى أقل من -75 dBm. وتُغذى دارة التكامل واسع النطاق للتجميع المتعامد باقتسام التردد Orthogonal Frequency-Division Multiplexing (OFDM) بوساطة إشارة التردد المتوسط؛ حيث يُنفذ كشف تعديل إشارة التجميع المتعامد باقتسام التردد باعتماد حساب تحويل فورييه السريع Fast Fourier Transform (FFT). ويجري الحصول على إشارة دفق النقل بنسق فريق خبراء الصور المتحركة MPEGبعد إجراء عمليات فك التشابك deinterleaving، والتسوية equalization، وكشف ترميز التحكم بتشكيلة التجميع والإرسال، وتصحيح الأخطاء.   

2- منظومة النفاذ المشروط conditional access system:

تُبعثر محتويات البث الرقمي من قبل منظومة النفاذ المشروط إلى البث الساتلي Broadcast Satellite Conditional Access System (B-CAS)، ثم يُولد مفتاح فك التعمية decryptionبوساطة مجتزأ أمنيّ security module؛ ويُغذى هذا المجتزأ بمعطيات رسالة التحكم بالأهلية entitlement لمفتاح التعمية ولمعلومات البرنامج، وكذلك بمعطيات رسالة إدارة الأهلية لمعلومات المشترك الشخصية. بعدها يُغذى مزيل البعثرة descramblerفي دارة التكامل واسع النطاق لنسق فريق خبراء الصور المتحركة في مستقبِل التلفزة الرقمية بمفتاح إزالة البعثرة المعاد توليده من قبل المجتزأ الأمنيّ. وبهدف حماية الحقوق وإدارتها تُبعثر البرامج التلفازيّة الرقمية جميعها بوساطة منظومة النفاذ المشروط إلى البث الساتلي، ويُطلب من المشاهدين إدراج بطاقة المنظومة عندما يرغبون بمشاهدة تلك البرامج.

3- مُفرِّق تجميع النقل transport demultiplexer:

في منظومة فريق خبراء الصور المتحركة MPEG يُقسم الدفق الأولي elementary stream لإشارة الصوت/الفيديو إلى دفقات أولية مرزّمة packetized، وتُجمَّع في رزم دفق نقل بنسق فريق خبراء الصور المتحركة MPEG ليكون طول الرزمة 188 بت. ويقوم مفرِّق النقل في دارة التكامل واسع النطاق بنسق فريق خبراء الصور المتحركة MPEG بقراءة معرِّف الرزمة لكل رزمة دفق نقل، وينتقي الدفقات الأوليّة المرزّمة الصوتية/الفيديوية، ومعلومات الخدمة، ودليل البرامج الكهربائي electrical program guide، ومحتويات بث المعطيات. ثم تُحول الدفقات الأوليّة المرزّمة الصوتية/الفيديوية إلى دفقات أولية، ويُغذى مفكك ترميز الفيديو، ومفكك ترميز الصوت بتلك الدفقات الأولية. وتُخزن المعطيات الأخرى في ذاكرة المنظومة، وتُعالج من قبل وحدة المعالجة الصِغريَّة. كما ينقل دفق النقل إلى تجهيزات تخزين خارجية.

4- مفكك ترميز الصوت/الفيديو audio/video decoder:

يقوم مفكك ترميز الفيديو بنسق فريق خبراء الصور المتحركة MPEG بفك ترميز إشارة الدخل سواء أكان نسقها 1080i أم 720p أم 480p أم 480i. وتُحول إشارة الخرج الفيديوي إلى أي من الأنساق الأربعة الأخرى. ويُرمَّز البرنامج الصوتي وفق منظومة الترميز الصوتي المتقدم Advanced Audio Coding (AAC) متعدد القنوات 5.1 5.1 Channel؛ وهي منظومة صوت محيطي surround sound تستخدم خمس قنوات صوتية وقناة مجهار لتضخيم الترددات المنخفضة subwoofer. في حين يُفك ترميز إشارة الصوت بوساطة مفكك الترميز الصوتي بالاعتماد على وحدة المعالجة الصِغريّة. وتقوم المستقبلات التلفزيةّ عادة بمزج خافض للصوت 5.1 إلى صوت مجسّم stereo لمجاهيرها الخاصة، وتنتج دفقات صوتية 5.1 لمنظومات الصوت المحيطي الخارجية.

5- معالجة إظهار البيانيَّات graphics display processing:

في البث المعطياتي يجري إظهار الغرض object (نص أو صور ثابتة أو صوت أو غيرها) مع الصور التلفزيّة الرئيسية. وتُوصّف الأغراض بلغة تأشير البث Broadcast Markup Language (BML)، وحجم الإظهار الرئيسي فيها هو 960×540 بِكسل. يتكوّن نموذج مستويات الإظهار من ثلاثة مستويات هي: مستوي الصورة المتحركة، ومستوي الصور الثابتة، ومستوي النصوص والأرقام. ويجري ابتدال switching مستويي الصور المتحركة والصور الثابتة، ثم تخضع لمزج ألفا alpha blending – وهي عملية دمج صورة مع خلفية لإنشاء مظهر شفافية transparency جزئية أو كاملة - مع مستوي النصوص والأرقام.

6- المعالجة القفويّة back-end processing:

يتوجب على المستقبل التلفازيّ الرقمي قيادة مظاهير مختلفة، مثل صمام الأشعة المهبطية CRT، أو لوحة الإظهار بلازما PDP، أو شاشة البلورات السائلة LCD. ولهذه المظاهير أعداد بكسلات متنوعة؛ لذا ينبغي إجراء تحويل حجم صورة عشوائي. من ناحية أخرى ثمّة أنساق دخل فيديوي متنوعة للتلفاز بدقة معيارية SDTV، وللحواسيب الشخصية، ولتنفيذ تحويلات الأنساق هذه يجري تنصيب كل من وظيفة التدريج scaling الأفقي والشاقولي، والتحويل التضافري-المتوالي I/P في دارات التكامل واسع النطاق للمعالجة القفوية.

7- الواجهات الخارجية external interfaces:

- الواجهة المعيارية IEEE1394: يُسجل دفق النقل في مسجلة المنظومة المنزلية الفيديوية Video Home System (VHS) الرقمية عبر الواجهة IEEE1394، وتُستخدم فيها منظومة حماية محتوى الإرسال الرقمي Digital Transmission Content Protection (DTCP).

- واجهة بطاقة الذاكرة Memory card interface: تُنصب واجهات لعدة أنواع من الذواكر. ويمكن تسجيل المحتوى التلفزيّ في بطاقات الذواكر، وإظهار صور الكاميرا الثابتة الرقمية على شاشة التلفاز بوساطة هذه الواجهات.

- مِطراف الإثرنت: للمستقبل التلفزي ISDB-T مطراف إثرنت Ethernet terminal من أجل الشبكة المحلية. وتُنفذ الاتصالات التفاعلية وفق طقم البروتوكولات -بروتوكول التحكم بالإرسال/بروتوكول الإنترنت  Transmission Control Protocol/Internet Protocol (TCP/IP)- عالية السرعة بوساطة الشبكة عريضة المجال. وباستخدام مطراف الإثرنت يكون بالإمكان تنفيذ تصفح الوب، وتبادل البريد الإلكتروني والتشبيك المنزلي.  

8- تحميل البرمجيات software downloading:

في منظومة البث الرقمي للخدمات المتكاملة ISDB يمكن تحميل برمجيات المستقبل عبر قناة البث؛ إذ يُرسل جدول قدح trigger table تحميل البرمجيات إلى كل المستقبلات. ويتضمن جدول قدح تحميل البرمجيات: اسم المُصنّع، ونوع المنتج، ومعرّف الخدمة، وجدول التحميل. ويخزن المستقبل معطيات جدول قدح تجميل البرمجيات في أثناء الاستقبال التلفزيّ، وعندما يوقف المستخدم تشغيل التلفاز بوساطة وحدة التحكم من بعد يقوم المستقبِل آلياً بتغيير القناة إلى القناة المحددة، وينتظر إلى أن تصل معطيات التحميل. وبغية الحفاظ على المستقبِل في نمط التأهب standby ينبغي أن يبقى المبدال switch الرئيسي للمستقبل في حالة وصل، وعندما يعثر المستقبِل على المعطيات المستهدفة يقوم بتحميلها إلى ذاكرة صوان (دارئ) buffer، وبعد التحقق من نجاح التحميل يقوم المستقبِل بإعادة كتابة برمجيته الخاصة استناداً إلى البرمجية الجديدة. وتُستخدم هذه الوظيفة من أجل ترقية إصدار برمجية المستقبِل.

وتجدر الإشارة إلى أن موسطات بعض تشكيلات أنماط الإرسال المستخدمة في منظومات التلفزة الرقمية الشائعة الاستخدام هي: عرض مجال 6 ميغاهرتز، وشاشات إظهار ذات ميْز 4K (أي 3840×2160 بكسل)، أو 8K(أي 7680×4320 بكسل)، ومجال حماية 1/16، وعدد مقاطع 1 (للطبقة أيه A)، و 12 (للطبقة بي B)، وتعديل رقمي تعامدي بإزاحة الطور (للطبقة أيه)، وتعديل تعامدي مطالي ذو 64 مستوىً (للطبقة بي)، وترميز تلافي 2/3 (للطبقة أيه)، و 3/4 (للطبقة بي)، ومشذّر interleaver زمني 1000 ميلي ثانية (للطبقة أيه)، و 500 ملي ثانية (للطبقة بي)، ومعدل إرسال 0.44056 ميغا بت/ثا (للطبقة أيه)، و 17.8416 ميغا بت/ثا (للطبقة بي).

الآفاق المستقبلية للتلفاز

تتأهب التقانات الجديدة والبارزة للارتقاء بتجربة المشاهدة إلى مستويات أعلى من المستويات الحالية. فخدمات الدفق الفيديوي video streaming والمحطات التي تشغَّل صوتياً من بعد voice-activated تُحسّن التفاعلية interactivity، وتصوغ مستقبل التلفاز، وتنشئ تجربة مشاهدة غَمريّة للمشاهدين. ولعل أحد التغييرات في السنوات الأخيرة وجود خدمات الدفق، ولجعل هذه الخدمات أكثر إقناعاً عمل مصنعو أجهزة التلفاز على مكاملة هذه الخدمات مباشرة في أجهزتهم. ومن ثمّ لا يتطلب من المشاهدين استخدام تجهيزة خارجية للنفاذ إلى منصات الدفق المفضلة لديهم، ويمكنهم عوضاً عن ذلك ببساطة انتقاء التطبيق من شاشة تلفازهم المنزلي وبدء المشاهدة. وما تزال مكاملة خدمات الدفق مع أجهزة التلفاز في بداياتها. وستقوم الموجة الجديدة من التقانات البارزة على تحويل تجربة المشاهدة إلى مستويات أعلى من الحالية.

وفي طليعة الآفاق الواعدة للتلفزة في الأعوام القادمة تقانة الحقيقة الافتراضية virtual reality، وهي تقانة تنشئ تجربة اندماج كلي تنقل المشاهد إلى عالم افتراضي؛ بحيث يمكنه استخدام الحقيقة الافتراضية للشعور وكأنه جزء من الحدث في لعبة رياضية.

ومن التقانات الأخرى المهمّة الذكاء الصنعي artificial intelligence، الذي يمكن استخدامه لإضفاء طابع شخصي على تجربة المشاهدة بتزكية العروض والأفلام بالاعتماد على اهتمامات المشاهد وسجل مشاهداته، كما يمكن استخدام الذكاء الصنعي لتحسين تجربة المشاهدة بتحليل معطيات المشاهد من أجل رفع جودة الصورة والصوت.

وأخيراً وليس آخراً تعمل تقانات الألعاب الفيديوية video games على التطوير المستمر لأجهزة التلفاز؛ إذ تسمح مكاملة قدرات الألعاب مع التلفزة بانتقالات سلسة بين العروض الدفقية ولعب الألعاب. 

 

مراجع للاستزادة:

- K. Blankenbach, et al., Handbook of Visual Display Technology, Springer, 2020.

- R. R. Gulati, Monochrome and Colour Television, New Academic Science, 2020.

- R.G. Gupta, TV Engineering and Video Systems, McGraw Hill, 2017.

- S. Mozar et al., Digital Television Fundamentals, IET, 2023.

- C. Johnson, Online TV, Routledge, 2019.

 


- التصنيف : كهرباء وحاسوب - النوع : كهرباء وحاسوب - المجلد : المجلد العاشر، طبعة 2025، دمشق مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1