logo

logo

logo

logo

logo

الانهيارات الأرضية

انهيارات ارضيه

Ground failier - Glissements de terrain

الانهيارات الأرضية

محمد عبيدو

أسباب الانهيارات الأرضية وأنواعها

الانزلاقات الأرضية

الانخسافات الأرضية

 

يشير مصطلح الانهيارات الأرضية landcollaps أو ما يسمى أحياناً بالفشل الأرضي ground failure إلى مختلف أشكال اِنهيال أو انزلاق الصُّخُور أو الأتربة على المنحدرات، كما ينضوي تحت هذا المصطلح عمليات تميع التربة soil liquefaction وتدفقها flow أو انتشارها الجانبي lateral spread، يؤثر أي فشل أرضي تحدثه الهزات الأرضية في استقرار الأرض وتغيير طبوغرافيتها بما في ذلك انخسافها land subsidence وهبوطها settlement. ويتمثل الانهيار الأرضي في حركة وانزلاق مفاجئين إلى أسفل المنحدر لجز من التربة أو الصخور المفككة المتوضعة على السفوح في المناطق الجبلية أو الميول الترابية الصُنعية، ويُعدّ خطورة جيولوجية في معظم أرجا العالم.

تتفاوت أحجام الانهيارات الأرضية من صخرة منفردة ساقطة إلى انهيار كتل كبيرة جداً من الركام مع كميات من الصخور والأتربة. وتحصل معظم الانهيارات الأرضية من دون إنذار؛ إذ إن بعضها يأخذ حركة الزحف البطي (مليمترات/السنة) في حين يحدث بعضها على شكل زحف سريع (1.5 م/ يوم)، وآخر تصل سرعته إلى عشرات الأمتار في الثانية. ومن الأهمية بمكان ملاحظة علامات التحذير والعمل بسرعة لتفادي أخطار هذه الانهيارات.

أسباب الانهيارات الأرضية وأنواعها:

تحدث الانهيارات الأرضية بسبب عوامل طبيعية أو صُنعية تؤثر في الترب أو الصخور المستقرة كحدوث الهزات الأرضية أو بفعل الأمطار الغزيرة أو تغير منسوب المياه الجوفية أو عمليات الحفر والقص للأغراض الهندسية أو إزالة الأشجار والنباتات من على المنحدرات؛ الأمر الذي يؤدي إلى انهيار تلك المواد عليها.

تُقسم الانهيارات الأرضية كما يلي:

1- الانزلاقات الأرضية

وهي أحد أنواع حركات الكتل mass movements التي تنجم عن تحرك كتل صخرية أو ترابية على المنحدرات الجبلية بفعل عوامل قوة الجاذبية الأرضية أو الأمطار الغزيرة أو اهتزاز الأرض بالزلازل أوالنشاطات البشرية التي تؤثر في استقرار هذه الكتل. ويؤثر كل من الوضع الجيولوجي والعوامل الهدرولوجية والطبوغرافية والمناخية واستعمال الأرض في استقرار الميول وخصائص الانزلاقات. وتُعدّ الانزلاقات الأرضية من الظواهر التي تهم العاملين في هندسة التصميم والتنفيذ، وفي مجال الأمن والسلامة في المشاريع الهندسية وخاصة في مناطق الهضاب والجبال.

تتباين الانزلاقات في سرعتها من زحف بطي للتربة وركام السفوح وحطام الصخور على طول المنحدرات؛ بحيث لا يمكن مشاهدتها إلا بدراستها عن كثب ولمدة طويلة من الزمن؛ إلى انزلاق مفاجئ يتمثل في تدفق كميات من المواد الطينية المتشبعة بالمياه تدفقاً سريعاً، وانهيار المفتتات الجليدية على سفوح شديدة الانحدار بسرعة قد تصل إلى 240 كم/سا، ومن أنماطها تبعاً لسرعة حركتها وطبيعة المادة المتحركة (الشكل 1):

الشكل (1) الأنماط المختلفة للانزلاقات بحسب طبيعة موادها وحركتها.

أ- سقوط كتل صخرية متفاوتة الأحجام فوق السفوح شديدة الانحدار (40 درجة)؛ حيث تسقط الكتل الصخرية وتصطدم بالأرض من دون تعرضها للتدحرج أو الانزلاق، ويتسم هذا السقوط بالحركة السريعة أو الانهيار المفاجئ للكتل الصخرية بطريقة السقوط الحر من الجروف الصخرية cliffs (الشكل 2).

الشكل (2) انزلاق جلمود صخري.

ب- انزلاق كتل صخرية وفق سطح معين، وهي أكثر حالات الانهيار مصادفة، ومنها الانزلاق الانتقالي transitional الذي يحدث على طول سطح التطبق في أماكن التصدعات والفوالق من دون أن يغير كثيراً في كتل بقية المنحدر، ويكون سطح الانزلاق في الغالب موازياً لسطح المنحدر، ومنه انزلاق الكتل وانزلاق الصفائح. والنوع الآخر هو الانزلاق الدوراني rotational الذي يتميز بانهيار كتل من التربة على طول سطح انزلاق محدد، ويحدث على نحو خاص في حالة الترب الغضارية والترب المتماسكة الطرية.

ج. انجراف المواد الطينية (الموحلة) بما فيها من أنقاض والترب السلتية أو المفككة الناعمة بفعل المياه من المنحدر وجريانها على منطقة منبسطة (الشكل 3).

الشكل (3) انجراف المواد الطينية وتدفقها.

تحدث الانزلاقات الأرضية في المناطق الحضرية والطبيعية على السوا ، وتتسبب بأضرار كبيرة تفوق في أحيان كثيرة أضرار الزلازل؛ كما حدث في زلزال آلاسكا 1964، حيث قُدّرت الأضرار الناجمة عن الانزلاقات بسب الزلزال بنحو 56% من قيمة الأضرار الكلية. وفي اليابان قُدّر أن أكثر من نصف الوفيات حدثت نتيجة الزلازل الكبيرة بين عامي 1964 و 1980 بسبب الانزلاقات الأرضية. ومن أشهر الانزلاقات الأرضية تلك التي حدثت في الفيليبين؛ حيث أدى سقوط الأمطار الغزيرة والمتواصلة عام 2006 إلى حدوث انهيار طيني؛ ما أودى بحياة نحو 300 شخص، فيما عُدَّ نحو 1500 شخص مفقوداً، وقد دُفنت مئات المنازل في إحدى القرى تحت الطمي. وفي المنطقة العربية أدى الانزلاق الذي حدث في قرية الظفير الجبلية في اليمن عام 2005 إلى وفاة 50 شخصاً على الأقل ودمَّر القرية، كما أودى انهيار الدويقة في جبل المقطم في مصر عام 2009 بحياة عدد كبير من الأشخاص ودُمّر العديد من المنازل (الشكل 4).

الشكل (4) انزلاق الصخور في الدويقة، جبل المقطم، مصر.

يُلجأ للحد من أخطار الانزلاقات إلى إعداد خرائط لمواقعها المحتملة باستخدام التقنيات الحديثة في رصد المناطق الخطرة؛ بما في ذلك تحديد احتمالات حدوثها، كذلك يُعتمد على الأعمال الهندسية لزيادة استقرار المنحدرات؛ كإنشا قنوات لتصريف مياه الأمطار بغية منعها من الوصول إلى الكتل الصخرية أو الترابية الآيلة للسقوط، وتسوية المنحدرات وتحويلها إلى مدرجات وتشجيرها وتجنب البنا قرب المنحدرات، وإزالة الكتل الصخرية التي تهدد الأبنية الموجودة أسفل المنحدرات، وإخلا المنازل التي تعرضت للتشقق نتيجة تساقط الكتل الصخرية.

2- الانخسافات الأرضية

تنخسف الأرض نتيجة فقدان المواد الداعمة تحت سطحها فتضعف الطبقة السطحية منها وتهبط على نحو مفاجئ، ويُعَّد الانخساف الأرضي أو هبوط الأرض من أكثر أشكال الانهيارات الأرضية شيوعاً، ويراوح في حجمه بين انهيار موضعي (بالوعة) sinkhole إلى كبير يعود أساساً إلى أسباب مرتبطة بالنشاطات البشرية. تتنوع أسباب انخساف الأرض؛ فمنها ما ينجم عن تجفيف المستنقعات، ومنها ما يعود إلى انحلال المواد الذوابة في الحوامل المائية الكلسية limestone aquifers (الكارست karst)، ومنها ما يحصل بسبب ابتلال المواد المفككة ذات الكثافة الظاهرية المنخفضة hydrocompaction، أو الانضغاط الطبيعي، وتميع التربة، وتشوه قشرة الأرض، وأعمال المناجم، واستنزاف المياه الجوفية، وأعمال استخراج النفط والغاز. ومن أنواع الانخسافات الأرضية:

المنخفضات الأرضية الطبيعية كالجوبات dolines (مفردها جوبة) وتسمى أيضاً بالبالعة أو القمع الكارستي، وتنجم أساساً عن انحلال الصخور الكلسية في منطقة ليهبط سطح الأرض فيها عن مستواها الطبيعي، وتشاهد هذه الظاهرة في مناطق انتشار الصخور الكلسية كما في سلسلة الجبال الساحلية، ومنها جوبة برغال التي تُعَّد من أكبر جوبات المنطقة الساحلية السورية، وبالتحام عدد من الجوبات المتجاورة يتشكل منخفض واسع يعرف بالأوفالا uvala. وقد ينشأ بعض المنخفضات من انخساف سطح الأرض عند تأثرها بظاهرتي الالتوا والشد المرافقتين للنشاط التكتوني، كمنخفض القطارة في مصر ومنخفض وادي سرحان بين السعودية والأردن ومنخفض السلمان في العراق. كما يمكن أن تنشأ الانخسافات من أسباب طبيعة وبشرية؛ منها ما هو مستمر ينتج من تأكل الحجر الجيري وتذويبه dissolution of limestone وينجم عنه هبوط subsidence trough واسع في سطح الأرض، أو انهيار ارضي محدود ينتج من تكهّف أرضي حيث تنهار الأرض فوقه عند تحميلها (الشكل 5). وتتسبب حركة المياه تحت سطح الأرض في مناطق الترسبات الفتاتية غير القابلة للذوبان في تكوين أنابيب وتجاويف وانخساف مواد سطح الأرض. وتنتشر هذه الظاهرة في مناطق ترسبات السلت والرماد البركاني والترسبات المائية ذات التركيب الناعم كالطين والطفل.

الشكل (5) انخفاس أرضي محدود في الصين.

من الأمثلة الشهيرة على هبوط سطح الأرض نتيجة للضخ المكثف للمياه الجوفية ما حدث في مدينة البندقية Venice في إيطاليا؛ إذ هبط سطح الأرض فيها نحو 15 سم في الفترة بين عامي 1930-1973، كذلك الأمر في مدينة المكسيك Mexico City حيث هبطت الأرض في بعض مناطق المدينة نحو 8 أمتار منذ بد عمليات الضخ عام 1938، وسجلت حالات مماثلة في عدة مدن أمريكية منها مدينتي توسان Tucson (الشكل 6) وباتنروج Baton Rouge في ولايتي أريزونا ولويزيانا الأمريكيتين، ووصل الهبوط إلى 8.5 م في منطقة سان جواكين San Joaquin بكاليفورنيا (بمعدل 0.5 م/السنة). وفي المنطقة العربية حدثت حالات هبوط سطح الأرض نتيجة الإفراط في ضخ المياه الجوفية في مناطق مختلفة كالسرير في جنوبي ليبيا.

الشكل (6) هبوط سطح الأرض بسبب الضخ المكثف للمياه الجوفية في جنوبي ولاية أريزونا.

يؤدي تجفيف الأهوار والمستنقعات والدلتات إلى انخفاض في كثافة تربها فتصبح أكثر عرضة للهبوط وتنخسف بعض مواضعها؛ بالمقابل يؤدي غمر الأراضي بالمياه إلى حدوث انخسافات في الأراضي ذات التكوينات السطحية المفككة غير المتماسكة؛ فإذا تشبعت بالما انخفضت متانتها فتلتحم حبيباتها وتهبط في المستوى. ويمكن أن تحدث الانخسافات في طبقات الأرض العميقة نتيجة النشاط الزلزالي الناجم عن اختلال في طبقات القشرة الأرضية، كذلك عند استخراج النفط والغاز الطبيعي بكميات كبيرة أو هجرة المياه تحت السطحية من منطقة إلى أخرى كما في الخُبر والدمام في المملكة العربية السعودية. وتسهم عمليات التعدين في تكوين الانخسافات من خلال حفر أنفاق المناجم حيث يعيد سطح الأرض تموضعه فوق الأنفاق.

يؤثر انخساف الأرض اقتصادياً وبيئياً، ويُلجأ عادة إلى الحد من مخاطر الظاهرة بتحديدها من خلال برامج الرصد والتحقق وإنشا الخرائط باستعمال منظومات المعلومات الجغرافية وأنظمة الرادار في السواتل الصنعية إذ يمكن من خلالها قياس تشوهات سطح الأرض ورصدها، وبالتالي رسم خرائط استعمالات الأراضي بما يكفل تجنب المناطق الخطرة المعرضة للهبوط ومناطق المنحدرات في أعمال البنية التحتية وإنشا المناطق السكنية وتوعية الناس بهذه المخاطر.

مراجع للاستزادة:

- P. Allen, Earth Surface Processes, Wiley-Blackwell, 1997.

- M. Jefferies and K. Been, Soil Liquefaction: A Critical State Approach, CRC Press, 2006.


التصنيف : البيئة
النوع : البيئة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1059
الكل : 40603602
اليوم : 133417